اعفاءات من رسوم السكن والتسجيل بالداخليات لأبناء الشهداء والمشاركين في معركة الكرامة    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    حميدان التركي يعود إلى أرض الوطن بعد سنوات من الاحتجاز في الولايات المتحدة    الكشف عن المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2025    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    عزيمة وصمود .. كيف صمدت "الفاشر" في مواجهة الهجوم والحصار؟    مناوي يُعفي ثلاثة من كبار معاونيه دفعة واحدة    فترة الوالي.. وفهم المريخاب الخاطئ..!!    نادي الشروق الأبيض يتعاقد مع الثنائي تاج الاصفياء ورماح    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. جمهور مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان يسخر من الفنان محمد بشير بعد إحيائه حفل "ختان" بالعاصمة المصرية القاهرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يصل مطار القاهرة الدولي    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم الهجرة الى الشمال – في هجرة الاجئين الى المانيا .. بقلم: د.امير حمد–برلين -المانيا
نشر في سودانيل يوم 04 - 10 - 2015

من كان يتوقع بأن تفتح ألمانيا أبوابها لهجرة اللاجئين بأعداد ضخمة قرابة المليون في عام كما في الوقت الراهن ؟
يقول أكثر من محلل سياسي بأن السياسة الألمانية استغلت فرصة انتشار "دولة داعش" وسقوط النظام السوري لتستقطب أكبر عدد من اللاجئين السوريين، لاسيما الكوادر المؤهلة منهم لسد العجز الديموجرافي ونقص الأيدي العاملة في بعض مجالات العمل.
يقول رئيس الغرفة التجارية الألمانية بأنه يتوجب على السياسة الاستفادة من الكوادر الجديدة لوجود وظائف شاغرة كثيرة في سوق العمل، كما يجب عليها تدريب الشباب، وهي معنية بذلك لحوجة ألمانيا إليها! .. وذهب أكثر بأن اذ طالب ألا يُسفر اللاجئ المؤهل أو الذي تم تدريبه، أي وضع قانون جديد للأجانب و الهجرة وإلحاقة بالدستور.
هاهي ألمانيا تشهد لأول مرة في تاريخها هجرة أجانب ضخمة من سوريا وأفغانستان وإرتريا والعراق ودول أخرى. هجرة خرقت حاجز المليون لاجئ إلى نهاية هذا العام.
اتفاقية دبلن المعنية باللاجئين
من المعلوم بأن اتفاقية دبلن تنص على منح اللاجئ "حق الإقامة" في أول دولة وصل إليها، وليس دول الممر أو المطاف. يقول وزير داخلية اليونان بأن هذه الاتفاقية مجحفة منذ البدء لأن دول جنوب أوروبا هي الدول المعرضة بادئ ذي بدء لهجرة الأجانب السرية لقربها من شواطئ شمال افريقيا ، واستشهد بتصريحه هذا بهجرة اللاجئين الراهنة التي راح ضحيتها آلاف اللاجئين غرقا في البحر المتوسط واحتدام وتوسع شبكة مهربي اللاجئين.
ما يهمنا في طرحنا هذا هو أن المستشارة ميركل قد اعتبرت بأن هجرة اللاجئين الضخمة إلى ألمانيا هذه حالة استثنائية وافقت عليها لأسباب إنسانية، لاسيما وقد تعرض اللاجئين الجدد من سوريا لحروب باسم الإسلام من قبل داعش وتهديد سلطة النظام السوري، هذا كما أن حوادث غرقهم في البحر بلغت ذروتها .
يقول "زي هوفر" زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي csu بأن التعاطف الانساني مع اللاجئين تعاطف محدود لا يمكن أن يفتح باب الهجرة للاجئين لمجرد أن تغرق طفلة أو طفل أو امرأة ويلقي بها الموج إلى الشاطئ. وقال مستدركا، بأنه تألم لهذا المشاهد ولكنه كسياسي توجب عليه احترام وتطبيق البنود المشروطة على كل اللاجئين دون استثناء، وأثنى "زي هوفر" على سياسة تقنين بعض الدول الأوروبية لهجرة اللاجئين مثل إيطاليا التي كثفت طرد اللاجئين ورفض طلبات لجوءهم.
لقد تقبلت ألمانيا 40% من تعداد اللاجئين وطالبت دول الرابطة الأوروبية بفرض نسبة لتقبل اللاجئين إذ وافقت فرنسا واسبانيا والنمسا ودول أخرى، غير أن إنجلترا ظلت رافضة لعرض نسبة عليها وكل ما فعله "كميرون" رئيس وزرائها هو أن أعلن حزنه على الطفلة اللاجئة الغريقة وأعلن اتاحة تقبل 1000 لاجئ كشعار انساني. يقول كميرون أن انجلترا موطن يحترم الأجانب ويتعايش معهم وعرفهم قبل الاستعمار وبعده، وسجلت رقما قياسيا في التعامل الراقي والمنصف معهم. ومثلما رفض وقلص كميرون هجرة مواطني شرق أوروبا إلى بلاده لاستغلالهم للخدمات الاجتماعية وخرق القانون الانجليزي بارتكاب الجرائم المختلفة.
كذلك رفضت دول شرق أوروبا كبولندا وبلغاريا تقبل نسبة معينة من اللاجئين بل وشيدت المجر جدارا لإيقاف هجرة اللاجئين عبر صربيا وقامت الدانمرك بتقليص الخدمات الاجتماعية للاجئين بمعدل النصف، وأذاع الحزب اليميني الفرنسي الراديكالي على لسان رئيسته بأن ميركل فتحت باب هجرة الأجانب إلى ألمانيا لتستغلهم كعبيد بأجور زهيدة لدفع عجلة الاقتصاد الألماني.
وصلت بعض قطارات اللاجئين إلى ألمانيا عبر النمسا بعد أن تعرض اللاجئين في المجر إلى إهانة وضرب. ظل اللاجئون يهتفون " إلى ألمانيا.... إلى ألمانيا...تعيش ماما ميركل.."
لقد استقطبت ولاية بايرن المتاخمة للنمسا جزءا من اللاجئين قرابة 10000 لاجئ. وكذلك ولاية بادن فيرتمبرج الثرية وولاية "نورد راين فستفالن" أكبر ولاية ألمانية زاخرة بالأجانب. أما ولاية برلين فقد أحالت اللاجئين إلى ضواحيها الشرقية إذ واجه اللاجئين الكره والإساءة وتعرض بعض دورهم للحرق. تقول ميركل مثنية على العمل الطوعي وتسكين اللاجئين في دور الألمان والمواطنين الأجانب بأن هذه الصورة هي صورة ألمانيا المنشودة وليس أعمال العنف والكراهية التي يواجهها اللاجئين، وتوعدت بجر الجناة الراديكاليين إلى القضاء ومحاسبتهم بشدة. وأثنى كثير من المعارضين على سياسة ميركل هذه تجاه الأجانب اللاجئين فيما انتقدها شريكها في الحكم الحزب المسيحي الاجتماعي لميولها اليسارية وتمنى أن تعود إلى أصولية الحزب، كما كان "فرانس جوزيف شتراوس" رئيس الحزب سابقا والذي حول ولاية بايرن من مجتمع زراعي بحت إلى ولاية صناعية وأغنى ولايات ألمانيا.
موسم الهجرة إلى الشمال
كان وقد تنبأ موللر الكاتب المسرحي الألماني بهيمنة وغزو الحضارة والثقافة الأفريقية لأوروبا لثرائها وزخمها الروحي، وفي المقابل موت حضارة الغرب البطيء وتفككه المعنوي، لاسيما وشائجه الاجتماعية. ها هم الأجانب اللاجئون يكتسحون حصن أوروبا فيتلقاهم الأوروبيين بغضب وتردد من ناحية لعدم معرفتهم بهم وفقر تاريخهم الاقليمي البعيد عن حضارة الآخر المختلف، أو يقابلوهم بالترحاب والهدايا لأطفالهم كما فعلت بعض مدن ولاية نورد راين فستفالن الألمانية.
في حوار بثه الاعلام الامريكي مع "هيرسي أنان" الكاتبة الصومالية صرحت بأن الحل الأمثل لمكافحة الارهاب الاسلاموي "داعش" هو الدعم العسكري والمالي المباشر للدول الاسلامية. يقول أكثر من ناقد لهذا التصريح بأن توجه كهذا لا يعني أكثر من الاستعمار الحديث المبطن، أي اقامة دولة الغرب في الشرق الاسلامي. نعم لا يزال الشرق الاسلامي فريسة مستضعفة أمام الغرب المدجج بالسلاح وفقا لخطط استراتيجية بتقنية عالية، إلا أن استباحة خريطته وأمنه الداخلي كما تفعل اسرائيل بقطاع الضفة الغربية ومشروع إجلاء كل الفلسطينيين منه بغضون العشرة سنوات القادمة فأمر يستدعي الانتباه والاحتجاج.
لقد أصبح تقسيم العراق لدول ثلاثة سنية وشيعية وكردية أمر واقع، كما هو الحال الآن مع سوريا. يقول محلل سياسي في تلفزيون "فون اكس" بأن أوروبا وأمريكا مهدا لتقسيم الشرق بتمزيق شعوبه استنادا إلى المعتقد الديني وهيمنة الأغلبية على الأقلية، كحال الأكراد. مهد لهذا التمزق حتى أصبح واقع التقسيم مبررا، وكذلك فتح باب هجرة اللاجئين كدليل قاطع على عجز حكومات الشرق المسلم على قيادة دفة الحكم.
يقول ديفيد كميرون بأن الطيران الإنجليزي الحربي وطائرات بلا طيار ظلت تطير في الأجواء السورية وقتلت بعض زعماء داعش وقال مواصلا بأن بلاده ستظل تتدخل في شؤون الشرق الداخلية ما أن خدمت مصالح انجلترا ، هؤلاء الاسلامويون قادوا عمليات ارهابية في بلاده، ومن جانب آخر استدرك في خطاب برلماني آخر بأن بلاده ستستقطب 20 الف سوري لاجئ لاسيما الأطفال واليتامى بعد تأكد تام من وضعهم. كان وقد صرح كميرون بأن بلاده ستستقطب 1000 لاجئ في الوقت الراهن لتردي الوضع في سوريا.
أما فرنسا فقد أعلنت تدخلها العسكري المباشر في سوريا دون استشارة روسيا الوصي عليها. يقول أولاند رئيس وزرائها بأن تقبل فرنسا ل 25 ألف لاجئ يقتضي عليها فرض شروطها على سوريا لإيقاف هجرة اللاجئين واستتباب الأمن. أما رئيسة الحزب اليميني المتطرف فترى بأن الأجانب عبء مالي وليس اندماجا ناجحا وإضافة. صعدت نسبة ترشيح هذا الحزب فيما انخفضت نسبة الأحزاب الاجتماعية والديمقراطية.
تقول منظمة "برتلسمان" الألمانية بأن الشريحة الكارهة للاجئين في فرنسا وألمانيا متقاربة جدا إذ أن معظمهم من أصحاب الدخل المنخفض والعاطلين عن العمل.
صورة جديدة
ربما تتحول صورة ألمانيا إيجابيا بعد أن عرف عن الألمان كرههم للأجانب والتصاقهم بتاريخ النازية الدموية. ها هي مجلة "نيوز ويك" الأمريكية تنشر صور ميركل وسط اللاجئين وشعارات ماما ميركل .. تعيش ماما ميركل. كان وقد نشرت هذه المجلة كاريكاتير لميركل من قبل بشارب هتلر القائد النازي. غير أنها رأت كما يبدو رضوخ ميركل إلى طلبات اليسار والانفتاح على الأجانب باستقطابها لهذا العدد الضخم، قرابة مليون لاجئ إلى نهاية هذا العام. أما أمريكا فقد استقطبت 1500 لاجئ فحسب ! صرحت ميركل بأن ستمنح الولايات الألمانية 3 مليار يورو كميزانية للاجئين، إلا أن ولاية براندنبوروج مثلا اعترضت على هذه الميزانية الزهيدة لاستقطاب الأجانب بشكل جيد. لقد نُصبت خيام ووسعت دائرة العناية الصحية والأمنية للاجئين في برلين وبراندنبورج وسط احتجاجات كثير من السكان الذين يعانون أصلا من أزمة السكن والبطالة.
يقول "سيجموند جابريل" نائب ميركل بأن حكومته ستوسع طاقم المسؤولين عن اللاجئين إلى قرابة 20000 موظف، سيهتم بوضعهم الصحي وأمنهم واندماجهم ومن ثم تعليمهم وتدريبهم المهني للدخول مباشرة إلى سوق العمل. من جانب آخر صرح "دي ميزير" وزير الداخلية بأن وضع قانون للأجانب أصبح واقع وحقيقة لا مفر منها وربما أدرج في الدستور. كان قد اعترض هذا الوزير من قبل على إدراج تغييرات على لوائح الأجانب المتفرقة ووُجه بنقد حاد من قبل الحزب الاشتراكي الديمقراطي وكذلك حزب اليسار.
تقول ميركل يمكن دعم دول جنوب أوروبا الموطن الأول لدخول اللاجئين ماديا لاستقطابها للاجئين وضبط تسجيلهم حتى لا ينتقلوا إلى دول أخرى (الممر والمطاف).
ها هم اللاجئون الأجانب يطئون أوروبا بين فرح بالعالم الجديد وبين منتقم لتحطيم حضارته التي أسهم الغرب في تقويضها بالدعم المباشر بالسلاح أو بالصمت على الفوضى والاضطهاد. يقول مصطفى سعيد بطل رواية موسم الهجرة إلى الشمال للأديب الطيب صالح "لقد أتيتكم غازيا في عقر داركم".
الاستعمار والاستعمار المبطن
جاء في تقرير منظمة حقوق الإنسان الحالي بأن الحرب والفقر والبطالة هي الأسباب الأساسية لهجرة اللاجئين، هذا كما تعرض التقرير إلى مأساة واضطهاد اللاجئين ومعاملتهم بوحشية في جزيرة كيراس اليونانية. كان وقد تحدث أحد الناشطين الطوعيين في اذاعة إنفو عن احتدام هجرة اللاجئين إلى اليونان وشواطئ جنوب أوروبا ومن ثم إلى السويد وألمانيا، أكثر دول الرابطة تقبلا للاجئين، فأشار إلى ضرورة تطبيق نظام النسبة لتقسيم تعداد اللاجئين في دول الرابطة. وكما جدرت الاشارة سابقا فإن قدوم 1000 لاجئ يومي إلى ألمانيا، مليون إلى نهاية هذا العام، 40% من نسبة اللاجئين في أوروبا. لا يعادل نسب اللاجئين في دول شرق أوروبا بالرابطة الأوروبية البتة، مثلا ألف لاجئ فقط في بولندا ! هذا كما أن أمريكا استقطبت 1500 لاجئ فقط !.
يقول محلل في نيويورك تايمز بأن تقبل أمريكا لهذا التعداد القليل ناجم عن بُعد مناطق اللاجئين عن أمريكا، ورغبة الحكومة الأمريكية في إبقاء اللاجئين في دول مجاورة لسوريا مثلا لتشابه ثقافاتهم ومعتقدهم، هذا كما أن أمريكا لم تزل تهاب وتحذر من الارهابيين الاسلامويين.
لقد ورد في صحيفة اسرائيلية بأن أمريكا وروسيا يحاولان القضاء على "دولة داعش" معا غير أن خوف قتل المواطنين الأبرياء جراء القصف الجوي يعطل هذه المهمة، الأمر الذي يدعو إلى دعم قوات البرية المعارضة عسكريا وهذا ما لا توافق عليه روسيا. يقول أوباما بأن أمريكا تحاول إيقاف هجرة اللاجئين، حل المشكلة من جذورها غير أنها لن تضحي بإرسال جنودها إلى ساحة القتال.
تقول الصحيفة الاسرائيلية بأن أمريكا ترغب في ازاحة نظام الأسد لكونه نظام قهري لا يحترم حقوق الانسان والأقليات وداعم لحزب الله ، اليد اليمنى لإيران والمكروه والمحارب من قبل المنظمات السنية المسلحة لكونه مهدد لأمن المنطقة وسريع التفشي ومناقض لأصول الإسلام نفسه، هذا كما أنه مهدد لأمن اسرائيل. أما بوتين وروسيا فلا يريا غير نظام الأسد في سوريا صماما لأمن المنطقة وعدم تقسيمها كما سيحدث غالبا.
من المعلوم بأن أكبر نسبة لاجئين سوريين موجودة في تركيا التي تسعى لتحقيق مصالحها في الشرق العربي وتحقيق عودة وهيمنة الامبراطورية العثمانية بدءً بإسقاط نظام الأسد ومناهضة إيران في المنطقة مع دول الخليج. يقول أردوغان بعد احتدام اشتباكات المعارضة الكردية التي راح ضحيتها الكثير من الجنود الأتراك بأن الرابطة الأوروبية تتذرع بحقوق الانسان و حرية الرأي واضطهاد الأكراد في تركيا لإقصائها عن الانضمام إليها، غير أن تركيا ليست بحوجة في الوقت الراهن للانضمام للرابطة الاوروبية التي تحلم بانتعاش تركيا اقتصاديا. وذكر مواصلا بأن تقبل الرابطة الأوروبية ولاسيما اللاجئين لا يقارن بنسبة تقبل تركيا لهم ، ووجه نقدا حادا لاتهام تركيا بدعم داعش الارهابية وخزعبلات اضطهاد الأكراد وحزبهم في البرلمان التركي الحالي.
بالعودة إلى ألمانيا محور حديثنا يواجهنا "شويبله" وزير المالية برفضه البات لاستدانة الدولة بعد أن حافظ على خطته بعدم التدين وإدخالها في الدستور ، لقد اعترضت المعارضة حزب اليسار والخضر على رفض شويبله هذا. يقول رئيس حزب اليسار المعارض بأن رفض وزير المالية هذا يعني تدني خدمات اللاجئين بل وتقليصها إلى أبعد حد. فالديون المقترحة هي استثمار في المستقبل وتأمين لخدمات اللاجئين الصحية والأمنية والسكن وتعليمهم واندماجهم. وصرحت وزيرة التعليم ا في هذا الصدد بأنه يجب توسيع ميزانية تعليم ودمج اللاجئين الجدد، المستقبل المنتج الجديد، وأشارت إلى ضرورة محو الأمية في ألمانيا 7 مليون مواطن ألماني لا يستطيعون الكتابة والقراءة وسيزداد تعدادهم بقدوم اللاجئين.
توجهت الأنظار والاهتمام باللاجئين السوريين وأهمل لاجئي "ارتريا" المعانين من الفقر والبطالة واضطهاد الحكومة الاريترية لهم، وكذلك لاجئي أفغانستان والعراق ودول أفريقيا.
هذا هو عالم اليوم مليء بالحروب والفقر والبطالة وتشويه صورة الإسلام، وفي المقابل جشع الغرب وطموح توسيع هيمنته على الشرق وتأمين أمن وحدود إسرائيل.
يقول مصطفى سعيد بطل رواية موسم الهجرة إلى الشمال بينما أمتثل لمحكمة "الأولد بيلي" مخاطبا الاستعمار(المبطن الحديث) "البواخر مخرت عرض النيل أول مرة تحمل السلاح والمدافع لا الخير للناس". "علمونا أن نقول نعم بلغتهم".
وكلما تمعنت في الشأن السوري أتذكر قول الشاعر ابو البقاء الرندي في رثاء الأندلس:
لكل شي اذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شانُ
*************************
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
ألا نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
-نشر هذا المقال في مجلة الدليل الالمانية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.