و يضرب المثل السوداني (ما بريدكِ وما بحمل براكِ ) للذى يكره شخصا ولكنهلايستطيع فراقه،وينطبق المثل تماما علي حالة الرئيس السوداني عمر البشير ،،والبشير الذي يكره الجنوبيين لدرجة أنه وصفهم ذات مرة ب( الحشرات)،وشكل هذا الوصف وقتها إدني درجة إنحطاط إخلاقي لا يمكن أن يصل إليها إي شخص تافه ، دعك عن رئيس دولة عضو في منظومة الاممالمتحدة التي يتساوي عندها البشر غض النظر عن لونهم أو عرقهم أو دينهم. ولكن المتابع من خلال التصريحات والمواقف يلاحظ أن البشير يكاد يكون من أكثر الشخصيات السودانية بعد خاله الطيب مصطفي مؤسس صحيفة(الأنتباهة)، كراهيةً للجنوب،ويبدو أن البشير وهو يدير العلاقة بين نظامه والجنوب يعاني من حالة (سايكوجية الشخص المهزوم) ،لذلك يمارس "سلوك تعويضي" عند إدارته لهذه العلاقة، بمعني أن البشير يحاول أن يحقق إنتصارعلي الجنوب ويتماسك نفسياً لتعويض هزائم تلقيها في الجنوب ومن الجنوبفي أوقات سابقة. ومن حكاوي وقصص المؤسسة العسكرية السودانية أن البشير هرب دون أن يبدي أي مقاومة منتصف ثمنينات القرن الماضي من حامية (ميوم) في هجوم مفأجي نفذه الجيش الشعبي لتحرير السودان وكان البشير وقتها ضابط برتبة (العميد) وقائداً للمنطقة العسكرية ،والهزيمة الثانية هي أن الجنوب بددّ أحلام وطموحاته الأسلاميين- الذي يتوهم البشير أنه يتزعمهم- بتوسع مشروعهمالأسلاموعروبي جنوبا حتي "يوغندا " حسب مقررات قمة المؤتمر الاسلامي العالمي التي إنعقدت بالخرطوم منتصف التسعينيات، فضلا علي أن البشير يتحمّل تاريخيا وزر انفصال جنوب السودان،لإعتماده علي مشروعية العنف في معالجة خصوصية جنوب السودان وإنتهاجه وبشكل ممنهج سياسة الفرز العنصري التي لا تراعي ولا تحترم وجود مكونات غير عربية واسلامية في السودان،هذه الاسباب وغيرها ساهمت في أختيار الجنوبيين الانفصال عن السودان وتأسيس دولتهم وهذا الانفصال شكل هزيمة أخري للبشير،يسعي الي تعويضها من خلال تدخله المستمر في شئون الجنوب وزعزعة إستقراره. ورغم ذلك ليس أمام البشير خيار سوي التعاون مع الجنوب ، فهو ك (خادمالفكي المجبورة على الصلاة). ويبقي فتح الحدود مع دولة جنوب السودان تطور إستخباراتي متوقع من الخرطوم في اعقاب بدء سريان تنفيذ أتفاقية السلام الموقعة بين حكومة دولة جنوب السودان والمعارضة المسلحة بزعامة الدكتور رياك مشار،أيضا فتح الحدود جاء نتيجة لشلل أقتصادي هدد بقاء النظام السوداني،الذي لا توجد في ميزانيته اي من الصادرات التي تستطيع توفير ما يحتاجه من عملة أجنبيةوالتي بسببها توقف أكثر من 80% من المصانع لعدم وجود قطع غيار،فضلا علي أن إكثر من (131) سلع منتجة في السودان لا تباع في أي من أسواق عالمية ،لذلك تشكل دولة جنوب السودان رغم أنف البشير أكبرسوق للبضائع السودانية ،وبحسب المعلومات المتداولة فأن أجتماعاً عقده البشير مع المكتب التنفيذي لأتحاد اصحاب العمل السوداني بحضور وزراء النفط و المالية والتجارة الخارجية ومحافظ البنك المركزي ومدير جهاز الامن والمخابرات لمناقشة تدارك الكارثة الأقتصادية، أوصي هذا الأجتماع بضرورة الأسراع في تخفيضرسوم عبور نفط جنوب السودان لتشجيع قادة الجنوب علي إستئناف ضخ البترول ،مع وضع خطة جديدة ومحكمة لسرقة هذا النفط ،خاصة أن السودان يحتاج الي حوالي (28) مليون و(370) ألف برميل لتغطية إحتياجاته من النفط للعام 2016م،مع الأخذ في الاعتبار أن خزانته العامة خسرت (25) مليار جنيه العام الماضي بسبب دعم المحروقات في غياب (السرقة) بعد توقف نفط الجنوب. والسودان الذي وصل مرحلة الكساد التضخمي نتيجة لإستمراره في عمليات الإستدانة من النظام المصرفي،كان مخرجه الوحيد في القروض، الا أن السودان مصنفا من أكثر الدول ديناً متجاوز نظام ( الهيبك) بحوالي 200%، ووصلت ديونه الخارجية الي (43) مليار دولار، كما أن تصنيفه في المرتبة رقم (154) في قائمة البنك الدولي أحجمت عنه المستثمرين،لذلك فأن البشير مجبور - مع الكراهية - التعاون مع دولة جنوب السودان التي تحتفظ بأحتياطي نفطييقدر ب(5) مليار برميل ، وفقا لإحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. والجنوب الذي رحب بقرار البشير بفتح الحدود لإستئناف حركة التجارة بين البلدين، يعلم أن السودان لديه أكثر من (42) ألف شركة تجارية مسجلة معظمها تابع لإجهزة الأمن والمخابرات السودانية، وهذه الشركات سوف تبدأ في دخول الجنوب عبر بوابات ( الليري،كاكا تجارية،الخرسانة،الرنك،جودة) وفقاً لمحضر الأمن المسرب لاجتماع البشير مع ولاة ولايات السودان بديوان الحكم الأتحادي في الحادي عشر من أكتوبر 2015م. ولكن علي كل حال نرحب بهذا الخطوة طالما أنها ستسهم في تخفيف المعأناة عن المواطن الجنوبي الذي عاني من غلاء الأسعار في الدولة الوليدة. كاتب صحفي سوداني معارض
Chatigo Amoja Delman عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.