شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    مساعد البرهان يتحدث عن زخم لعمليات عسكرية    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات 2010 ترسيخ لبنية ذهن التهميش وآلياته ... بقلم: الفاضل الهاشمى
نشر في سودانيل يوم 28 - 12 - 2009

لم تتعلّم نُخب المؤتمر الوطنى الحاكمة شيئاً ولم تنس شيئاً
[email protected]
من المفيد ايراد هذاالمقتطف الطويل من مقاربة ا.إ ابوشوك والفاتح ع. عبد السلام عن الانتخابات "كآلية تستخدم فى النظم الديمقراطية والنظم الشمولية على حد سواء لتحقيق مقاصد وظيفية متباينة، تجمع بين الايجاب والسلب" اذ يعكس طرفها السالب الذى نحن بصدده "تزوير ارادة الشعب عن طريق انتخابات صورية، تفتقر الى مقومات الانتخابات التنافسية والنزيهة، الا انها تسهم فى شرعنة النظم الشمولية التى تحاول من خلالها ان تمتص ضغوط المعارضين المطالبة بالصلاح، والداعية لاحترام حقوق الانسان ومرجعية الشعب صاحب السلطة الحقيقية. وعند هذا المنعطف التلفيقى يسقط مبدأ المحاسبة وفق معايير ديمقراطية ومؤسسية، وتضحى العلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة تبعية مستبدة، مطرقتها الخوف من جور السلطان، وسندانها الطمع فى عطائه المادى ودفعه المعنوى. بيد ان هذه المساحيق الانتخابية لا تزين عاهات النظم الشمولية الخلقية الدائمة لأنها لاتستند الى دستور اجازه ممثلون منتخبون عبر مؤسسات نيابية ومهنية، وتواضعوا على مرجعيته فى حل مشكلاتهم العامة." (الانتخابات البرلمانية فى السودان 1953-1986احمد ابراهيم ابوشوك والفاتح عبدالله عبدالسلام ،اغسطس 2008) أورد هذا المقتطف الطويل لأنه يسلّط الضوء على جوهر مساعى المؤتمر الوطنى لافراغ الانتخابات الحالية كآلية من آليات التدافع السياسي وتداول السلطة من محتواها المطلوب.
هذا على سبيل مشهد السياسة العام أما على مشهد السودان الذى يعيش تنمية شائهة مقلوبة السرج وسوء فى توزيع السلطة والثروة الممركزتين وتاريخ دموى مأساوى طويل ، فان الانتخابات الحالية التى نشهد نهاية التسجيل لها فى اوائل ديسمير 2009 والتى فرضت دستورها واتفاقياتها قوىً محلية واقليمية وعالمية بعصى غليظةٍ وشيئٍ من جَزَرة تلتهمها الآن سلطة بين يديها ومن خلفها مهارة بيوت خبرات إمبريالية قانونية ومالية ، سلطة تتكئ على أرائك بترودولار سودانى/صينى/خليجى/هندى ومصارف اسلامية وغير اسلامية عالمية وترسانة اسلحة صينية وسوفيتية ومشهد توازن قُوى عالمى نيولبرالى يسيل فيه لعاب بورصات الغرب الى ادخارات الصين فى الشرق المرشّحة لامتصاص الأزمة الراسمالية الخ...
فوق خشبة هذا المسرح العشوائى نتابع مشاهداً لا عقلانية محمومة تُخرج فى شكل "ظار" وجودى تجهّز حلقاته نخب المؤتمر الوطنى برأسمالهم المالى وتجّارهم وعقاريّوهم وشركائهم الأسيويين وجلاّبته الإنفصاليين العربسلاميين عُمييٌ كما الكلاب الرضيعة ساعة ولادتها تجوس كأنّ بها مسٌّ من جنون لاترى حتى مثقالَ ذرّةٍ حول أرنبة أنفها. ياله من حشَفٍ وسُوء كِيلة تعيد فيه النخب الحاكمة تشغيل طواحين اللاعقلانية لاشعال حريق قياموى لن يتسنى لها الحياة بعده حتى ولو كانت العنقاء.
شكرا لنقطة ضوء أفريقية تتلألأ فى نهاية الأفق من بعيد، تشرب من زيت لا ماء فيه، من مجلس أمن وسلم الاتحاد الأفريقى. وبالتحديد من الفريق رفيع المستوى بقيادة ثابو أمفوييلوا مبيكى. توصّل تقرير لجنة ثابو مبيكي الى رؤية فى غاية الأهمية الاستراتيجية حول مشكلة الحرب فى دارفور وهى "أن أهداف السلام والمصالحة والعدالة في دارفور هي أهداف مترابطة يتوقف بعضها على البعض الآخر ويتعين تحقيقها جميعا. وعليه، يتعين متابعتها على نحو يتسق مع الحاجة إلى تحقيق التحول الديمقراطي والاجتماعي والاقتصادي في السودان" ( من تقرير الفريق الرفيع المستوى للاتحاد الأفريقى بشأن دارفور 29 اكتوبر2009، ابوجا نيجيريا بعنوان دارفور: المساعي من أجل السلام والعدالة والمصالحة ، ص III)
وهى رؤية تعكس حكمة وألمعية افريقيتيْن تنظر الى الأمر فى شموليته كاشكال تنموى بعيد عن التهويم فى زوايا اثنوثقافية ضيقة. أقول الحكمة الأفريقية ليس بحكم البُعد الجيوبولوتيكى للقارة لأن التقرير قد استصحب واستشار واستنطق الجميع فى كافة خبرات العالم بمافيه رأى النازحين بخبرة فريق كوكبى وموارد رمزية ومادية كوكبية.
مايهمنا من احتفاءنا بتلك الرؤية هو نظرته الشاملة الى قضايا السلام والمصالحة والعدالة وربطها بالتحول الديمقراطى والاجتماعي والاقتصادي. ومن هنا أهمية الانتخابات كآلية للتحول الديمقراطى لأنها جزء من هذا الترابط والتفاعلات والتشابك. للأسف فان العملية الانتخابية منذ مراحلها الاولى الخاصة بالتعداد السكانى والتسجيل ليس لها علاقة بنظرة ثاقبة الى جوهر الأزمة السودانية ، وانما تستخدم العملية الانتخابية بنفس بنية ذهن السودان القديم التى أفرزت الأدواء والأزمة وضمنها إعادة تقسيم الكيكة وكأن أنهار دم دفّاق لم تمر تحت الجسر.
لقد توّصل تقرير ثابو مبيكى الى "أنه توجد بالفعل اتفاقات (يقصد اتفاق السلام الشامل واتفاق الشرق واتفاق درفور للسلام) يمكن أن تيسر الأمور شريطة أن يتم إشراك الشعب في السودان ككل فى تحديد مستقبل البلاد. إن تنفيذ مثل هذه العمليات الاستشارية الشعبية من شأنه أن يكفل استدامة الاتفاقات التي تم التوصل إليها وأن يسهم، على نحو حاسم، في الحفاظ على التماسك الوطني في السودان. (ص x) (التخطيط من عندى) تتم العملية الانتخابية وليس فى الخاطر اشراك الشعب وانما بالإنفراد برأى واحد. كل مساعى المؤتمرالوطنى الحالية لتزوير الانتخابات وضمان استمرار هيمنته لا تستهدف اشراك الشعب فى تحديد مستقبله ولا يهم المؤتمر التماسك الوطنى والوحدة. وبوضوح شديد يؤكد التقرير "أنه يتعين حشد جميع القوى السياسية والاجتماعية السودانية، دون استثناء، للمساهمة في المهمة التاريخية الأساسية المتمثلة في تجديد السودان" (ص x) و"أن السودان بحاجة إلي قيادة جماعية قوية ومتماسكة تتمتع بالثقة اللازمة من الدوائر الانتخابية التي تديرها، لضمان مشاركة جدية لهذه الدوائر كعامل للتغيير في عملية ولادة سودان جديد" (ص x و xi ) . يقر التقرير انه من "الحاسم جدا أن يتم الإتاحة للمواطنين السودانيين في دارفور المشاركة بشكل كامل في الانتخابات العامة الحرة والنزيهة المزمع تنظيمها" ( ص2) ثم يؤكّد التقرير "من المهم جدا أن تتاح لأهل دارفور فرصة المشاركة علي نحو كامل في الانتخابات المقرر تنظيمها وفي أية قرارات قد تنشأ عن الاستفتاء بشأن جنوب السودان." (ص 4)
لكن ماتم بشأن عملية التحوّل الديمقراطي حتى الآن هو سعى حثيث من المؤتمر لتفتيت السودان وانقسامه. كيف؟
أكثر من مليونين من النازحين فى دارفور هم الآن واقعياً خارج العملية الانتخابية كونهم/ن خارج مناطق سكنهم المحتلة الآن بغيرهم من السكان. قانون الإنتخابات يكرّس لذلك التهميش كونه يشترط على المواطن أن يكون قاطناً بالمنطقة لمدة ثلاثة أشهر حتى يتأهّل للتسجيل والمشاركة فى العملية الانتخابية. وطبقاً لهذا الواقع كان على عملية اعادة التوطين أن تبدأ فى أغسطس 2009 حتى يتمكّن النازحون من المشاركة فى التحوّل الديمقراطى (راجع تقرير السودان: منع الإنهيار من الداخل، تقرير مجموعة الأزمات ، 17 ديسمبر 2009) . تخوّف النازحون من عملية تسجيل اسماءهم للانتخابات فى المعسكرات التى ستفقدهم حقّهم فى التصويت حين عودتهم الى قراهم ، وتوجّسوا من أنهم ربما فقدوا أيضاً الحق فى استعادة ملكية أراضيهم عند العودة الى مناطقهم حسب نفس التقرير. وقد عبّروا صراحةً للجنة ثابو مبيكى أن التعداد السكانى لم يشملهم (تقرير الفريق الرفيع المستوى للاتحاد الأفريقى، ص 33). لقد عبّر كثير من النازحين فى معسكرات ابو شوك، زمزم وكلمة انهم لا يودّون الاشتراك فى عملية انتخابية تهدف الى حصول عدوّهم على شرعية دستورية. هكذا اصبح 2 مليون دارفورى خارج العملية السياسية الانتخابية فى حين أنهم علموا أن من احتل اراضيهم قد سجّلوا فيها. لاحظ أن معظم نازحى دارفور وكذلك الجنوبيين ليس بحوزتهم اوراق ثبوتية كونهم خرجوا فارين من ديار ودور محروقة. يحتج المؤتمر الوطنى بأن الانتخابات فى دارفور معقولة ومقبولة حيث 70% من سكان دارفور (فى جنوب دارفور) قد تمّ الوصول اليهم. واضح ان تلك المجموعات لو صدّقنا الاحصائية هم من استوطنوا فى جنوب دارفور وغربه ومعروف ولاءهم للمؤتمر (منع الإنهيار من الداخل). نسبة التسجيل فى الانتخابات فى شرق السودان وفى شمال وجنوب كردفان ودارفور وفى معظم ولايات الجنوب ضعيفة نسبياً (بيان أولى من مركز كارتر 30 نوفمبر 2009) . تابعنا جميعاً شكوى المواطنين بضعف الاعلان والترويج لمراكز التسجيل حتى فى مراكز الاستنارة فى العاصمة حيث اعلنت المراكز قبل يوم واحد من بداية التسجيل ، وفى منتصف عدد جريدة سودانية ، ثم ان بعض المراكز يصعب ايجادها والوصول اليها كما قالت صحف الخرطوم. زد على ذلك ان بعض المراكز فتحت لثلاثة او اربعة ايام فقط!! وفى ذلك خرق واضح لقانون الانتخابات الذى حدّد شهراً كاملاً للتسجيل. ولكننا فجأة علمنا أن نتائج التسجيل أصبحت عالية !! من ياترى سجّل هذه الأصوات؟ ومصلحة مَن مِن القوى؟
كثير من القصص الاستبعادية حول التسجيل مبذولة للجميع. هناك اناس ذهبوا لمكتب مفوضية الانتخابات التى لا تدرى بالتحديد عنوان مكان التسجيل فى بعض الأماكن. رصدت المعارضة حكاوى عن أعضاء اللجان الشعبية فى الاحياء سجّلت البيوتات التى ستصوّت للمؤتمر وانها ستدفع للأسر التى لم تحدّد بعد لمن ستصوّت مبلغ 10الف جنيه سودانى (تقرير السودان: منع الانهيارمن الداخل). وقد تمت زيارة محسوبى المؤتمر وحدد لهم زمان ومكان التسجيل. ومن أحد أمثلة تخويف ممثلى الأحزاب والمجتمع المدنى والتحرّش بهم مشهد معبّرعن ملهاة الانتخابات فى ولاية غرب دارفور حيث تمّت مشادة بين ابوالقاسم امام والى ولاية غرب دارفور الذى هدّد باعتقال رئيس لجنة الانتخابات أمام عشرات الأشخاص بالولاية حين رفض الأخير تدخّل الوالى فى اختصاصاته الانتخابية (الصحافة 4 نوفمبر 2009)
أما بالنسبة لنا فى الخارج لا نشك حول سعى المفوضية القومية للانتخابات الحثيث لحجب المعلومات عنا حول التسجيل للانتخابات ؛ أقول ذلك كونى عضو لجنة السودانيين الكنديين المنسقين بولاية اونتاريو وقد أرسلنا خطاباً بعد خطاب الى مولانا ابيل الير رئيس المفوضية الذى لم يكلّف نفسه عناء الرد على تساؤلاتنا بضرورة اتاحة اكثر من مركز واحد لتسجيل السودانيين فى كندا وهى بلد بحجم قارة ، لذلك ضاعت الاف الاصوات فى العملية الانتخابية بسبب تجاهله المقصود لطلباتنا وألاف تلك الاصوات لاخوة واخوات من الاقليم الجنوبى الذين واللواتى ليس بحوزتهم/ن اوراق ثبوتية بطبيعة ظروف التشريد الذى تم لهم/ن. وقد مارست سفارة السودان فى اتاوا خدعة عرفناها لاحقاً حين اجتمعنا بمدير مجموعة Sudan Task Force فى وزارة الخارجية الكندية السيد دوقلاس سكوت براودفوت فى 17 ديسمبر 2009 فى مركز الجالية السودانية بتورنتو حيث قال لنا بالحرف الواحد ان السفارة السودانية باتاوا لم تطلب من الحكومة الكندية السماح لها بتهيئة مراكز للتسجيل خارج العاصمة اتاوا. قال ذلك المسئول الرفيع فى وزارة الخارجية الكندية كوننا أكّدنا له أنه نما الى علمنا ان الكنديين من أصل افغانستانى وعراقى ومن تيمور الشرقية قد هُيئت لهم مراكز فى تورنتو للمشاركة فى العملية الانتخابية فى بلدانهم فلماذا لم تُتح لنا نفس الفرصة ، فما كان منه الا ان وضّح ان سفارة السودان بأتوا لم تطلب ذلك وانما استغلت Blanket regulation ، حسب تعبير مستر سكوت، صاغته كندا حفاظا للامن والسلامة ولكنها تمنحه حسب رغبة تلك السفارات. وفى بحر اسبوع 19 ديسمبر 2009 شارك السيريلانكيون الكنديون فى تورنتو فى عملية انتخابية مهمة فى بلدهم من ذلك المنطلق.
من الموثّق أن مفوضية الانتخابات قد خرقت قانون الانتخابات كونها سمحت لمجموعات من القوات المسلحة والشرطة والمليشيات بالتسجيل فى اماكن عملهم وليس فى اماكن السكن كما عبّرت عن ذلك شكاوى متعدّدة من منظمات المجتمع المدنى والأدهى والأمر انهم استعملوا اوراقهم الثبوتية العسكرية التى تصدرها تلك الوحدات عند التسجيل ولم يستعملوا الأوراق التى حدّدها مسجّل الانتخابات وبذلك يستحيل الطعن في تسجيلهم.
وامعاناً فى استبعاد اهل الهامش من جنوبيين ودارفوريين من العملية الانتخابية ؛ فقد اعلنت المفوضية فى 3 نوفمبر 2009 لستة من الدول يحق للسودانيين بالخارج فيها التسجيل والتصويت (الكويت، الامارات، السعودية، مصر، قطر، عمان، البحرين، ليبيا، بريطانيا وبلجيكا، وامريكا) لم تشمل الدول المجاورة التى يسكنها الجنوبيين والدارفوريين (طبعاً استثنت منها مصر) . لاحظ ان قانون الانتخابات قد همّش هؤلاء أصلاً فى صلب مطالبته بأن يبرز السودانى باسبورت سودانى فقط كونهم لا يحملون كهاربين من مناطق حرب وثائق ثبوتية اللهم الا من فصدٍ ووشم فى جباههم/ن وخدودهم/ن تحدّد هويتهم/ن .
ذكر تقرير منع الانهيار من الداخل العديد من الأمثلة التى هيمنت فيها مؤسسات المؤتمر الوطنى على صياغة القرارات القانونية التى تتدّعى فيها وجود عملية انتخابية وتحوّل ديموقراطى حر ونزيه حيث يطرح المؤتمر الوطنى المسودات النهائية فقط فى المجلس الوطنى (البرلمان) ثم يستخدم آلية الأغلبية الميكانيكية لاجازة تلك القوانين الجاهزة. لذلك اضطر نواب الحركة الشعبية الانسحاب من البرلمان فى 18 اكتوبر 2009 احتجاجا على عدم الشفافية التى يصوغ بها رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر أجندة البرلمان. وهكذا عطّلت اجازة عدة قوانين تتعلق بالحقوق الاساسية كحرية التعبير والتظاهر والتحرّك والرقابة على الخدمات الأمنية.
نأمل أن تتحرّر الأحزاب السودانية من تقصير لازمها منذ استيلاء "الانقاذيين" على السلطة وهو انتظار الضغط المستمر من المجتمع الدولى ومؤسساته دون أن تلتحم مع الجماهير باكراً وتملك زمام امرها الا مؤخراً عند قيادة الشارع السودانى فى 7 و14 ديسمبر 2009 للمطالبة بمزيد من الحريات السياسية والتى بدونها يستحيل قيام انتخابات نزيهة. ان مشاركة الحركة الشعبية وفصيل حركة مناوى (كشريكين فى السلطة والمعارضة) فى المسيرتين الشعبيتين السلميتين اللتين تعرضتا لبطش سافر ، ثم تململ الشريكين الدائم من مصير شراكتهما يفصحان عن ان قضايا الهامش لم تبرح مكانها ، وان تجنّب المؤتمر الدائم تطبيق اتفاقية نيفاشا يعكس مدى عدم جديّة والتزام السلطة العربسلامية بضرورة اعادة توزيع الثروة والسلطة. ملاحظة اخرى حول مشاركة حركة مناوى هى ان فعاليات دارفور تتمسّك مادياً ومعنوياً ونفسياً بتلابيب نجاحات الحركة الشعبية (او قل دعم العالم الخارجى) وان فشل نيفاشا سيسوقها الى نهاية النفق. يرى بعض الباحثين الرومانسيين ان اتفاقية نيفاشا صدرت من قلب المؤسسة العربسلامية وعقلها وبرضاها حول ضرورة قسمة العصيدة السودانية ، لكن المشهد السياسى ينم عن شر مستطير كون زمبلك المبادرة السياسية السودانية تتحكّم فيه الى حد بعيد قوى خارجية. شكرا لحراك الشارع السودانى الأخير (والذى هو جزء من صنيع العمل الحزبى طبعاً) الذى ربما حسم امر انتهازية الحزبين الكبيرين وانتظارهما المدد من حضْرة تتنزّل من خارج الحدود كونه يأتى دوماً متلبّساً بأجندة الخارج وشروطه المعولمة.
على القوى السياسية اليوم أن تراجع دروس باكِرْ (غداً) وهى إتخاذ موقف جماعي موحّد بسرعة من مهزلة إنتخابات قُدّ قميصها من دُبرٍ ومن صدْرٍ . أحد مفاتيح الصراع الملتهب انتخابات موثوق بها تقود الى حل مشكلة دارفور والشرق والشمال ، وربما يكون فى تأجيلها ريثما تنعدل القوانين وترتق الخروقات من مصلحة التأكد من نزاهة عملية التحوّل الديمقراطى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.