منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: المدنيون في الفاشر يكافحون بالفعل من أجل البقاء على قيد الحياة    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث عن المثقف والسلطة فى رحاب ذكرى أديبنا الطيب صالح ... بقلم: الياس الغائب
نشر في سودانيل يوم 23 - 02 - 2016

لقد إستمعت إلى الجلسة الإفتتاحية للدورة السادسة لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابى منعلى البعد عبر فضائية النيل الأزرق وتابعت الندوة العلمية التى كان موضوعها "العلاقة بين المثقفوالسلطة" ، وحديث الأساتذة الأجلاء د. عبدالله على إبراهيم، د. محمد محجوب هارون والروائى المصرىمحمد المنسى قنديل .
ثمة علاقة ملتبسة بين المثقف والسلطة، وهي علاقة يحكمها الشك وعدم الثقة وأحياناً التعارضوالتناقض. نلاحظها في الصراع التاريخي بين المثقف والسلطة، وقد إنعكست في كتابات المفكرينوالأدباء والمثقفين إبتداءً بابن المقفع، مروراً بابن خلدون، كارل منهايم، انطونيو غرامشى، ادوارد سعيد،إلى أن يقول إبراهيم الحيدرى ".. حين تهيمن الدولة على الثقافة وتتسلط على المثقف يتحول المثقف بدورهالى متسلط من جهة والى مقموع مهزوم من جهة أخرى.."
جاء الجمهورإلى الندوة بخلفية أن هناك حواراً وطنياً يجرى ويرجى منه أن ينتج تحولاً ديقراطياً و حلاً عادلاً وتسوية شاملة للأزمة الوطنية المستفحلة التى لازمت النظام السياسي . و على الرغم من أن هذا الحوار لم يكن الوحيد من نوعه وأن السلطة قد تحاورت حول قضايا وقتلتها بحثاً حتى لا يتصور عاقل أن تأتى بجديد وأصبح الحل واضحاً بلا مواربة ولا مناورة إلا أن التمادى فى نقض العهود والمواثيق اصبح من ديدنها.
جاؤا وهم فى حيرة من أمرهم؛ لأن الحوار الذى يجب أن تتوفر له الإرادة السياسية وأن يكون بيننقيضين مختلفين وهما فى هذه الحال السلطة الحاكمة القابضة والمعارضة الفاعلة لم يكن وإنما الذى تم فى الساحة الآن هو لقاء فقط للأحباب والمؤلفة قلوبهم ، وبشرط تعجيزى وهو أن لا يكون الإتفاق ملزماً إلا إذا حصل على نسبة 90%. ومما زاد فى حيرتهم وأرق مضاجعهم أن مجموعة مقدرة من المثقفين باركته و تغنت به ومشت فى ركبه بل وتقدمته وتفاءلت بالخلاص على يديه. وبالتالى أصبحت حيرتهم فى المثقف أكبر و صدمتهم أعمق؛ لذا جاؤا ليقفوا على حقيقة هذا المثقف وكنهه وكيفية تعامله مع السلطة.
تحدث الأساتذة الأجلاء حديثاً أكاديمياً راقياً سبحوا به فى بحور عميقة وهاموا فى فضاءات واسعة تاه فيها الحاضرون. وتحدث إليهم د. عبدالله -و أبحر كثيراً كعادته فى دروب المعرفة وأفكار الآخرين - وقدم لهم بحثاً قيماً ثراً بذل فيه جهداً مقدراً. عرضه عليهم بإسلوب شيق جذاب شد إنتباه الحضور. قال لهم إن السلطة هى القوة الفاعلة والمؤثرة وهى ما اصطلح عليه بمفهوم الشوكة وهى فى الحقيقة سلطات وليست سلطة واحدة، هذا ماتقول به مصادره وكتبه وقراءاته، فهناك سلطة الأب والقبيلة والمجتمع والحزبوالسلطة السياسية وهكذا ... وأضاف إليها د. محمد محجوب هارون القدرة ويعنى بالقدرة الإستطاعة الكاملة على الفعل والتأثير. وبالتالى فإن السلطة التى لا تتوفر لديها القدرة لا نفوذ لها ولا تأثير. وبهذا المفهموم فإن السلطة التى تمتلك القدرة معنوياً ومادياً ويمكنها أن تبطش وتقمع وتأذى وتزهق الأرواح والتى تهابها الشعوب هى السلطة السياسية. فإن أول ما يتبادر إلى ذهن المستمع وهو يستمع إلى هذاالحديث ، خاصة إذا كان هذا المستمع جالساً فى قاعة الصداقة ذات المكان الذى بشرت فيه السلطة الحاكمة بالحوار الوطنى،هى السلطة السياسية القابضة القامعة و التى لا مجال فيها للآخر المسالم.وبمثلما تتبادر إلى الأذهان السلطة السياسية، يتبادرإليها أيضاً المثقف العضوى ، ذلك المثقف الإنسانالمتواضع، اللصيق بهموم الناس، الذى يتفاعل مع محيطه و قضايا وطنه تأثراً وتأثيراً والذى يتطلع إلى وطن حر ديقراطى يعم السلام ربوعه والرخاء أهله. و قد يتساءلون أليس للمثقف سلطة ؟ أليس له تأثير ؟ولكن هل للمثقف قدرة تمكنه من أن يرسل رسالته ويسمع صوته و هناك من يقف له بالمرصاد، سلباًللحريات وتكميماً للأفواه ؟؟؟ ولكن أليست قدرته تكمن فى ثباته على المبدأ وصبره على الأذى وبتعاونهوتلاحمه مع الوطنين الشرفاء. وهذا ما حدث، ساد القاعة هدوء شامل واشرأب الحضور بأعناقهم نحو المتحدثين وكلهم أذان صاغيات لوصفة سحرية رنت إليها أفئدتهم وتطلعت أشواقهم تعالج لهم قضية المثقف السودانى والحكومة التى تدير البلاد والتى تلف وتدور لأكثر من ربع قرن من عمر الزمان ولم تبارح مكانها. و لكن يبدو عليهم أنهم أصيبوا بخيبة أمل؛ ويظهرذلك جلياً من مداخلات بعضهم التى إتسمت بالخيبة واليأس. فى واحدة من المداخلات إختلف أحد الحاضرين مع د. عبدالله فى أن الضحكبسبب المفارقات التى يحدثها السحرة يكون بفعل الخوف والإرهاب وليس بفعل الإرادة الحرة . وقد أصيبد. عبدالله بالدهشة للمعلومة التى أتى بها المتداخل بكل بساطة وجرأة وثقة من يملك لها دليلاً ومصدراًفإذا به يرد علية مباشرة بأن هذا الحديث الذى ألقى به عن المثقف و السلطة هو نتيجة جهد وسهر وتنقيبواستغرب لمن يدحضه بلا جهد أو إجتهاد يذكر. ومن ضمن ما ذكر من ظواهر تتوفر فيها الحرية والإرادةللأفراد بالرغم من أن ا لمحيط الذى يتواجدون فيه لايسمح بها ، أن أحد الملوك كان يختبئ فى يوم الرعيةحتى يتسنى لرعيته أن تعيش يومها بحرية كاملة كما أن هناك بعض المجتمعات تسمح للنساء بيوم فىالسنة لإدارة شؤون الحياة والعباد بينما يقبع الرجال فى البيوت0 أما فى السودان فبالإضافة إلىالسحرة ومفارقاتهم فهنالك ظاهرة مظاهرة مارس الشهيرة وأبطالها طلاب جامعة الخرطوم والتى تبدأ بعدمنتصف آخر ليلة فى فبرايرعند الثانية الأولى فى أول مارس وتنتهى عند الفجر. فى تلك المظاهرة تتمالبيعة لأكثر الطلاب إعادة وسسنين دراسة، عمدة "للبركس" بعد أن يلقى العمدة المنتهية ولايته والذىسوف يتخرج، خطاب دورته وولايته أمام قاعة الإمتحانات الشهيرة فى حشد من الطلاب وقد تدثروا بملابس ممزقة بالية ومتسخة تعبيراً عن رفضهم لكل القيم والمفاهيم واللوائح التى تسنها الجامعة والتىمن بينها الإمتحانات و خاصة إمتحانات نهاية العام التى تنشر جداولها وتعلق على لوحات إعلاناتالكليات فى الأول من مارس من كل عام ولكأن لسان حالهم يقول اليوم يومنا ولامكان للنوابغ والأذكياءبيننا فنحن نرفض هذه الإمتحانات ونرفض كل ما يفرق بيننا ويكشف حالنا ويعرينا؛ لذا سميت هذهالظاهرة أو التظاهرة بمظاهرة مارس شهر الكوارث، وكارثتهم الوحيدة فى ذلك الزمان كانت الإمتحاناتوقد تتداعى أحياناً وتشمل السلطة إن كانت شمولية.
بعد بيعة عمدة "البركس" الجديد تتوجه جموع الطلاب بملابسهم الرثة المتسخة وهم الذين إعتادوا على الأناقة وتخير أجمل و أفضل ما عندهم عند لقائهن إلى داخلية الطالبات وهم يهتفون ويتغنون بأهازيجومفردات لايتجرأون على ذكرها أمامهن فى الأيام العادية مثل" بنات الجامعة بايرات ..." أو" يالمحجوزاتللخريجين ..." وهن بدورهن يرقصن ويغنين من خلال نوافذ الداخلية" أمشوا ياطراحات ..." حيث كانقمة ما يطمح إليه الواحد من زميلته هو أن تسمح له بمرافقتها وتوصيلها إلى الداخلية. هذه الظاهرةإندثرت الآن لذا تبرع د. عبدالله على إبراهيم بدعم أية بادرة تتناولها بالبحث و الدراسة. وهنالك ظاهرةأخرى- لايسمح المجال بذكر تفاصيلها - تحدث فى رمضان عند السحور من كل عام. مسرحها مدرسةخورطقت الثانوية وأبطالها طلاب السنة النهائية. كتبت عنها فى مجلة الشباب والرياضة بمناسبة اليوبيلالفضى للمدرسة فى منتصف سبعينات القرن الماضى. أرجو أن توليها جامعة كردفان بعض الإهتمام.
وأخيراً، وفق محمد المنسى قنديل الأديب الروائى القادم من شمال الوادى فى وصف السلطة السياسيةفى الوطن العربى وشبه القائمين عليها بالظواهر الطبيعية فى خلودهم وحبهم للخلود كالشمسوالجبال. و تحدث حديثا شفيفاً لامس شغاف القلوب وبأسلوب سهل لفت إنتباه الجمهور عن وطنه مصروهو القائل بكل تواضع مبتدراً حديثه بأنه ليس سياسياً وإنما روائياً ليس إلا.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.