((منتظرين شنو أقطعوا العلاقات واطردوا سفيرهم؟؟))    شاهد بالفيديو.. عريس سوداني يغمر المطربة مروة الدولية بأموال النقطة بالعملة المصرية وساخرون: (الفنانة ما بتغني بمزاج إلا تشوف النقطة)    تركيا تعلن استنكارها استهداف المرافق الحيوية ببورتسودان وكسلا بمسيرات المليشيا المتمردة    كيف سيواجه السودان حرب الصواريخ والمسيّرات؟!    494357480_1428280008483700_2041321410375323382_n    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط سخرية الجمهور.. خبيرة تجميل سودانية تكرم صاحبة المركز الأول في امتحانات الشهادة بجلسة "مكياج"    قرار حاسم بشأن شكوى السودان ضد الإمارات    شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع بقيادة "لواء" يمارسون كرة القدم داخل استاد النهود بالزي الرسمي والأسلحة على ظهورهم والجمهور ينفجر بالضحكات    شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع بقيادة "لواء" يمارسون كرة القدم داخل استاد النهود بالزي الرسمي والأسلحة على ظهورهم والجمهور ينفجر بالضحكات    عبد الماجد عبد الحميد يكتب: معلومات خطيرة    باكستان تجري تجربة إطلاق صاروخ ثانية في ظل التوترات مع الهند    تشفيره سهل التحرش بالأطفال.. انتقادات بريطانية لفيسبوك    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ((آسيا تتكلم سعودي))    "فلاتر التجميل" في الهواتف.. أدوات قاتلة بين يديك    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شي من دفتر الطفولة .. بقلم: عثمان يوسف خليل/ المملكة المتحدة
نشر في سودانيل يوم 23 - 02 - 2016

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
لعلك لاحظت انني قد لامست البدايات الأولي لطفولتي لمسا وقد قصدت من ذلك ان يكون مدخلا للكتابة عن بدايات حياتي وحياة بعض اهلي الاجتماعية في قريتنا واصدقكم القول ان طفولتي لا تختلف كثيرا عن طفولة اترابي واندادي في شي فأنا اكل كما ياكلون واشرب كما يشربون وكانت الحياة بسيطة والروتين واحدا وهي تشابه حياة كل اهل منطقتنا تقريبا والتي بالتأكيد لا تختلف كثيرا عن بقية المناطق على طول امتداد مشروع الجزيرة وقراها..وعندما راجعت للمقال السابق ادركت انني في حاجة الي الغوص داخل النفس اكثر وفلفلتها حتى تتكشف الصورة الحقيقية لحياتي وللحياة في بلدتنا الصغيرة التي ترقد في احضان مشروع الجزيرة تحفها عيدان القطن وسيقان القمح ..
تأسست قريتنا في مساحة صغيرة كانت هي نفس الارض التي كان اجدادي ويبدو انها كانت مكان ظعنهم في زمن الخريف ويبدو انها كانت وما زالت ارض غنية التربة لذا اتخذوها بلدات (ارض تحتكر للزراعة المطرية) خاصة لزراعة الذرة بالتحديد من نوع الفتريتة سريعة النموء وكثيرة الانتاج اما الخضروات وغيرها فقد كانت تزرع في الجروف على النيل الأزرق..تعود أصول معظم اهلي الي قرية البشاقرة غرب وهي قرية تقع على النيل الأزرق وقيل بأنها سميت بذلك نسبة لجدهم أب بشقر وهم في الأصل قبائل عربية رفاعية مع العلم ان اهلي من البشاقرة غرب اختلط بهم اهلنا المحس وتزاوجو معهم ليكونوا خليط من العرب المحس ان صح المصطلح ..اما العديد فان قدر لك ان تزورها اليوم فحتما ستجدها، ومع الزياده السكانية الشديدة انها قد ضاقت باهلها حتى ان بعض سكانها اتجه للبناء الراسي .. ونظرة الي الموقع الجغرافي للعديد نجد انها تتوسط ثلاث ترع كانت في زمان مضى مصدر سقيا للناس وحيواناتهم عندما لم يكونوا يعرفوا النظام الحديث لوابور المياه الي كان اليوم الذي دخلت عليهم هذا المارد الهادر وحين عرفوه وبدوا في التعامل معه تغيرت حياتهم تماما فقد بدأت ثقافة جديدة تطل عليهم مثلا كانت اللقاات تتم عند البسترة بين الشباب ودخلت البسترة قاموس الناس هذه من الجانب الاجتماعي اما من الناحية الصحية فقد عرف الناس العافية وقلت وفيات الأطفال وامراض كثيرة خفت مثل البلهارسيا وامراض الكلى فقد كان الناس يردون الماء من بئرين بالقرية الا ان مياه هذين البئرين كانت مالحة وفي بداية ولأجل هذا كان الناس يتجهون الي الترع والتي كانت مياهها هي الاخرى لاتصلح لانسان خاصة في فصل الصيف..اذكر ونحن صغار كان الرجال والأطفال يتجمعون عند البئر وذلك قبل المغيب ويحضر عمنا وجارنا عمر عبدالله علي وهو رجل طيب الخلق داكن البشرة فكه وممزاح.. وكان يتحزم ويربط بحبل سلبه ثم ينزل الي البير وهي على فكرة عميقة عمق مخيف ولكنه عّم عمر الرجل الهميم الصبور وكانت مهمته هو ماكان يسمى بتكحيل عيون البئر وهي عيون مياه تنضب بمرور الزمن وكانت تلك هي طريقة فنية يعرفها هو وحده وبعد مدة ليست بالقصيرة والأنفاس مكتومة يشد على الحبل او السلبة وهو كالمارد والعرق يتصبب من كل جسمه ويقابله الناس بالكواريك فرحا معلنين عودة الحياة ألب البئر.. وكان يقوم بهذه المهمة خالي عبدالله احيانا.. وكما أشرنا انه في الستينات صحت القرية على دخول شاحنات ضخمة وهي تحمل معدات عرفنا منها انها معدات بعمل البيارة الجديدة..
وعودة الي الحكي عديد البشاقرة فالقول لن ينضب ولا الحكي وهل لانسان الجراة ان يخلع جلده ويستبدله بجلد اخر؟ لا أخال ان ذلك ممكن ولن يخطر ذلك على بالي في وقت من الأوقات.. فلها قريتي ومسقط راسي،لها عندي من الحب والود ما ان وزعته على كل الدنيا لكفاها..ومن فرط هذا الحب الشديد تجدني أتأمل قيمة هذا الارتباط الشديد رغم أني لم اعش بها كثيرا فقد خرجت منها وانا صبي يافع ولكن احيانا تستوقفني أشياء لا اعرف لها كنها كيف حدثت ولم حدثت لا ادري وسأحاول قدر استطاعتي انا اشحذ ذاكرتي العجوز وأسجل بعض منها فاعذرني رحمك الله ان لمحت..ويا لها من قرية ساحرة جمعت في جوفها كل المتناقضات الاجتماعية والسياسية والاجتماعية كبقية قرى في السودان الأوسط ، اما الأمور السياسية فقد كان اول من مارسها ابن القرية الخال الباقر فقد كان رجلا محبوبا بين أهله وخطيبا مفوها اتخذ منبر المسجد الكبير ايام الجمع ويقف ليخاطب الناس عن قضايا سياسية والعجب ان غالبية مستمعيه لا يعرف فك الخط ولا يعلمون ماذا يقول لكنه الحب الأعمى.. والخال هو من تولاني رعاية وتوجيها من طفولتي وحتى الجامعة وكنت ارى فيه الشخصية المثالية والأب الروحي(مش الخال شريك الوالد).. وعودة للقرية وحكاويها، ففيها نشأت حركة صوفية ذات اثر قوي، ويمثل هذه الحركة ذاك الشيخ الورع نديدي وصديقي منذ ايام الصبا الامين يوسف هذا الرجل جمع بين الحداثة والتقليد وأسس لنفسه ثقة بين الناس لم تتوقف عند العديد وبين أهله ولكن تجذرت الي اصقاع بعيدة وشيخ الامين يوسف اختار لنفسه ان يكون طريق التصوف وعلى يد شيوخه من الطريقة السمانية وقد فتح الله عليه وقام ببناء مسيدا ومسجدا وسريعا ما هوت اليه نفوس من الحيران والحفظة من أقاصي دارفور يطلبون تعلم القران والتقرب الي الله وكان لهم ما اشتهوا، ومن نفس الطريقة خرج شيخ اخر سمح الخصال طيب النفس لاترى في وجهه الا الابتسامة وذلكم هو الشيخ عبدالله علي.. وضجت القرية بتلاوة القران وأصوات النوبة والصلاة على الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.. وحري بي ان اذكر ان الشيخين الجليلين لم يخرجا من فراغ فشيخ الامين ابن مولانا الفكي يوسف امام المسجد الكبير بالقرية وكانت أسرته ومازالت القيمة على هذا المسجد العتيد اما جده فهو الفكي ود ابصالح اول من دفن بمقابر القرية والي وقت قريب كانت المقابر في القرية تسمى باسمه ومن شيوخ القرية جدنا الفكي ابراهيم (الحفيان) وهو خال للوالدة واستاذها وقد كانت له مجالس تعليم لنساء القرية تنتعش في رمضان وتعلمت أمي وصويحباتها الفرائض الواجب تعلمهاوالحلال والحرام مع التركيز على فقه النساء ويمقن بحفظ قصار السور من القران..وكانت إحداهن لها مع امي قرابة وجيرة ومنهن بنت خالها وزوجة اخيها بكري الخالة خديجة تلك الإنسانة الطيبة والتي كانت أمي دائماً توصيني بأنها امي الثانية وأنها شاركتها في حملي وانا رضيع.. كانت الخالة خديجة متعثرة جدا في الحفظ والاستيعاب ولها بنت شقية(نعمات) ما ان نجتمع في الأمسيات في بيتهم الا وتصر على أمها ان تقرا لنا من سورة الفيل وبعد اصرار وعناد تردد الم تكاريفا (الم تَر كيف) لهن الرحمة جميعا الفرائض الواجب تعلمها وحفظن القصار من سُوَر القران..
أرسلني اهلي الي خلوة الفكي احمد ود ابمر والذي كان امام المسجد الكبير وكان رجل محترم وخافت الصوت وهادي الطبع ضعيف السمع الا انه اذا غضب فانه يصبح إنسانا اخر ..ولم أمكث بالخلوة كثيرا فقد احسست بالكآبة والشغب مع الجفوة الشديدة بين الحيران (جمع حوار وهو اسم يطلق على طالب القران) والذي يتحول احيانا الي عراك وضرب بالألواح ورفضت نفسي هذا الجو القاسي وكان هذا اول تمرد لي في حياتي ولا يفوتني هنا ان أشير الي ان ذلك كان قبل التحاقي بالمدرسة الأولية وكما حكيت لكم في السابق ان شخصيتي التي تركن الي الهدوء والبعد عن العراك والشغب والتي هي اقرب لروح الوالد عليه رحمة الله والذي لم اسمعه يصيح او يتعارك مع احد أبدا مما أكسبه محبة الناس.. العجيب ان والدي لم يصرا على عودتي للخلوة تلك وعندي ان الوالدة كان لها التأثير في ذلك وكنت مقربا لها..
عندما أتأمل الي اسم عديد البشاقرة فلا اخبا سرا بان هذا الاسم دائماً كان يستفذني ولقد اشرت الي ذلك في الحلقة الاولى وهذا السؤال ينطبق على العديد من اسماء القرى والمدن في السودان والسؤال الذي يجب ان نبحث في الإجابة عنه هو من ذَا الذي يختار هذه الأسماء فبديهي انها لا تأتي من فراغ، بمعنى اخر أليس واقع الناس في السودان غير؟ فهو بلد زراع-رعوي مع تباين المناخات وعليه قد يكون ذلك حسب اعتقادي يأثر على الشخصية السودانية والتي صارت تتسم بالصرامة والجفوة خاصة في القرى والاصقاع.. وبيئة كهذه حري بها ان تجعل من حياة الناس مليئة بالسخرية والتهكم فلو نظرت لبعض اسماء الناس وقراهم وفرقانهم ومدنهم فستندهش ايما اندهاش..ولم تحتل دواخلي هذه الدهشة الا عندما أدركني الوعي الاجتماعي مما استرعاني ان كيف وصلت هذه الأفكار الي هؤلاء الناس..
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.