في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    ((المدرسة الرومانية الأجمل والأكمل))    من يبتلع الهلال… الظل أم أحبابه؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالفيديو.. رجل سوداني في السبعين من عمره يربط "الشال" على وسطه ويدخل في وصلة رقص مع الفنان محمد بشير على أنغام الموسيقى الأثيوبية والجمهور يتفاعل: (الفرح والبهجة ما عندهم عمر محدد)    كامل إدريس يصدر توجيهًا بشأن الجامعات.. تعرّف على القرار    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم كان رسالة .... صار هبالة .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 28 - 03 - 2016

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
من الامثال في امدرمان ، عندما يبحث الانسان عن الحقيقة ، او يطالب بالحق ، يقول ,, اديني تقرير النخيل . النخيل كانت المرأة التي تجلس امام مدرسة بيت المال وتبيع التسالي ، الفول والتمر والنبق واشياء اخري يحبها الاطفال .
القانون كان في كل الوظائف ، ان يمكث الانسان لمدة 3 سنوات لكي يحدث تجديد وتنشيط . مفتش تعليم جديد نقل الي امدرمان ذهب الي مدرسة بيت المال واتي بتقرير نظيف خالي من اي مشاكل وكأن المدرسة هي المدينة الفاضلة . فقالوا له . امشي جيب لينا تقرير النخيل .
النخيل جلست امام المدرسة لاكثر من عشرين سنة . كانت تعرف كل كبيرة وصغيرة . من فاز بعطاء البوفيه ومن من المدرسين يتغيب وشكوي الاطفال من تعنت بعض المدرسين وميلهم للعقاب الشديد ... الخ وكانت حبوبة نعيمة الرباطابية امام مدرسة الاحفاد في شارع الموردة والصبر امام الارسالية وحواء في الاحفاد العرضة وامام كل مدرسة هنالك مثل النخيل . والمفتشون يطبون علي المدارس بدون علم الناظر ولا يحابون ويهمهم حال التلاميذ في المكان الاول . والجميع يؤدون رسالة . والنخيل كان يهمها الاطفال في المكان الاول فهي من الحي . ولا تتغول اي امرأة اخري علي امكانهن .
الدكتور محمد محجوب عثمان طيب الله ثراه واجه حكم الاعدام في محاولة انقلاب علي حامد وعبد البديع . وتحول الحكم الي مؤبد بسبب صغر سنه . وكان معهم في سجن كوبر ناظر مدرسة فاتح اللون حكم عليه بالسجن لمدة سبعة سنوات لانه قد قام ببيع بعد البطاطين في مدرسته الداخلية في دارفور . ومن العادة ان يعطي التلميذ اربعة بطاطين سميكة من الصوف في ايام البرد . وتصادف وجود برد غير عادي كما يحدث في دارفو ومات بعض الاطفال من البرد . الناظر كان يجد الاحتقار والضرب في بعض الاحيان من المجرمين في السجن .
لقد كنا نحس بأننا شئ مهم وثمين فآلاف الكبار يهتمون بتعليمنا وامورنا . كان الرئيس الازهري احد آباء الوطن يحضر يوم الآباء في مدرسة بيت الامانة . ويهني الفائزين ويشجع الآخرين . نذهب الي المدرسة في بداية العام ونجد الكتب والكراسات والمدرسين . ووقتها كانت ميزانية التعليم والعلاج تساوي 25 من ميزانية الدولة . وعندما احتج وكيل وزارة المعارف البريطاني علي التوسع السريع والصرف الكبير علي التعليم قام الوزير عبد الرحمن علي طه بطرده من الخدمة في الاربعينات ولم يعترض البريطانيون. وكل شئ كان مجانيا . بل يحثون ويرغبون الناس لارسال ابناءهم للتعليم والعلاج والتطعيم . ومكتوب علي ظهر شهادة الميلاد.. ان اي اب يفشل في تقديم طفلة للتطعيم لاكثر من 6 اشهر بعد الميلاد ، يعرض الاب للغرامة او السجن او العقوبتين معا . والآن يأتي الدواء المضروب بعلم بعض المتنفذين .

الاباء والامهات كانوا يقولون بإفتخار الولد السنة دي عنده لجنة . واللجنة هي الامتحان في نهاية السنة الرابعة قبل الانتقال الي المرحلة التالية . ولا دخل للمدرسة بقريب او بعيد مع الامتحان . كنا في مدرسة بيت الامانة الاولية بالقرب من بيت الخليفة . وفي السنة الرابعة بدأ التحضير للجنة . وسلمونا فورمات لكي يقوم اهلنا بتعبئتها بالبيانات التي تسلم للجنة المسئولة في وزارة المعارف ومكتب التعليم. وعلي اهل الطالب اختيار المدرسة المتوسطة التي يفضلونها . وكان الخيار الاول هي مدرسة امدرمان الاميرية او الكلية او مدرسة الساعة التي كانت من طابقين. وكانت تبدوا كصرح مهيب . والخيار الثاني كان مدرسة حي العرب وارجعت لنا المدرسة شهادات الميلاد التي كانت تحتفظ بها لاربعة سنوات، لكي نرفقها مع الطلبات .
وكنا 72 طالبا في فصل واحد . وقسمونا الي فصلين لكي نجلس بعيدا عن بعضنا البعض لتجنب الغش . وسرنا في طابور منتظم الي الكلية . واتت مدارس اخري وعشرات المدرسين والمسئولين وتحسسنا بعظمة المناسبة وكنا نحن الصغار محل الاهتمام والترحيب والتشجيع من كل الرجال المهمين . ويبدوا انهم دقيقون . فلقد فصلوا علي جاد الله من شقيقة بابكر جاد الله . وفصلوا عباس حسيب عن شقيقه ربيع حسيب وكان علي جاد الله في الطابق العلوي . وكانت اول مرة نتواجد في مبني من طابقين . واحسسنا باهميتنا وعزتنا ومناعتنا وقيمتنا .
من من شارك من مدرستنا حبيب عبد الله دلدوم والفاتح عبد العزيز حسن كديس . عمر احمد العبيد ومزمل المغربي ونعمان سعد خضر وسمير خليل عكاشة وخالد عفان الخ وكان من يتعامل معنا ويراقب سير الامتحان رجال غرباء لم نقابلهم من قبل . وكانوا في منتهي الكفاءة . وتميزوا بطول البال . واوراق الامتحان كانت تاتي بطريقة مضمونة ولا تفتح الا قبل وضعها امام التلميذ . ولا يعرف اي بشر ما الذي بداخلها . والامنحان موحد .
لجنة الالتحاق بالمدراس الثانوية كانت اكثرمهابة . وكان ممثلي جامعة كيمبريدج واكسفورد يحضرون الي السودان . والإمتحانات حظيت باهتمام كبيرجدا وكانها حرب مقدسة . ولقد خضناها في مدرسة ملكال الاميرية . ونقلت الادراج الي قاعة الطعام الضخمة بعد ان اخرجت طاولات الأكل والمقاعد . وكنا 25 طالبا من الاصليين و12 عشر طالبا من الذين اعادوا المحاولة للمرة الثانية . واتو من الشمال منهم الشاعر والصحفي والاديب احمد محمد الحسن وفاروق طه وسماحة واسماعيل . ومن الاصليين مجذوب يوسف ويخاري محمد علي وعبد الله خيري ومصباح عبد العليم وفاروق دينق .محمد نور بابكر نميري وابو القاسم والحسيني و اجوت الونج اكول وفقوق نقور ابراهيم الحاج ابراهيم وجعفر عبد الرحمن سليمان واسماعيل حامد وعيسي عبد الرحمن سولو واوشي و الباقر ابو دقن وعبد المنعم رستم ومحمود حاج منزو وعلي عبد الله . انا اورد هذه الاسماء لان فيهم من غادر هذه الدنيا ولهم احفاد اليوم يذكرونهم ويفتخرون بهم. واريد ان اوضح كيف جمعنا التعليم الذي كان رسالة تؤدى . وكان اوشي واسماعيل من حلفا واسماعيل حامد من كجي كجي او كاجو كاجي كما يقول البعض والباقر من الباوقة وحسن شبور من الابيض ومحمود من خور شمام خارج واو وعلي عبد الله من واو وعيسي سولي من جوبا . وكانت بعدنا دفعة رائعة منهم الاديب السفير علي حمد ابراهيم والطبيب عبد السلام عكاشة والبروفسر احمد سلمان طيب الله ثراه وربيع مكي وتعبان مايكا وآخرون . والإهتمام الذي اعطتنا له الدولة جعلنا نترابط بعد اكثر من نصف قرن . فالحب والاهتمام يخلق نساء ورجالا اسوياء . يكفي ان خميس الممرض يأتي كل صباح للمدرسة بدراجة الحكومة من المستشفي لتفقد حالنا ويغير علي الجروح.
التعليم كان مجانيا الا للمقتدرين . وكنا نزود بسرير متين وناموسية ودولاب جميل وبطانييتن وصابونتين وظهرة كل يوم خميس . وتجهز المكاوي بالجمر لكي الملابس . وتقدم ثلاثة وجبات والشاي بالحليب في الصباح وبدون حليب في الظهر ويقدم الحليب بعد العشاء . ويزود الطالب بتذكرة سفر بالباخرة والقطار ثم الشاحنات وقد تتضمن الرحلة سركي ركوب جمل . يستلم الجمال السرك ويصرفه عند اقرب صراف في كل السودان . بدون تزوير او تلاعب . واذكر الاخ حسن شبوريستلم الزاد للرحلة ويقوم بتقسيمه علي المسافرين . الكمية حسب طول الرحلة . والكل مسئولية الدولة . وهذا ما تمتع به الكيزان قبل حرمان الآخرين .
عندما تحط اللجنة رحالها في المدرسة ، تصير لها السلطة المطلقة . اللجنة التي اتت الي ملكال . اشارت لنا انها ستشير في تقريرها أن الغر بان كانت تسبب ازعاجا غير طبيعي في ايام الامتحان ، خاصة وان السقف من الزنك . كما اشارت الي ان نطق استاذنا فيليب مضوي كومي في الاملاء الانجليزية لم يكن واضحا . وكان يمنع مدرس اللغة الانجليزية من القاء الاملاء علي طلبته . ويشترط ان يكون المشارك استاذا مختلفا . لأننا سنذب الي المدرسة الثانوية حيث يتم التعليم بالانجليزية من عدة مدرسين ، فيما عدي الدين الاسلامي واللغة العربية . كانت هنالك قوانين ولوائح لا يستطيع اي انسان ان يتخطاها والا وجد نفسه في الشارع .
المعدات كانت تصنع في المخازن والمهمات في الخرطوم بحري وتشحن لكل اطراف السودان . وكانت الدولة توظف اصحاب الاحتياجات الخاصة . منهم الكفيفون لعد الكراسات والكتب والاقلام والطباشير الخ وتعبئنها في كراتين وصناديق . والآن لا يجد بعض حملة الشهادات العليا عملا .
لجنة الدخول الي الجامعة كانت اكثر انضباطا والامتحان يأتي من جامعة كيمبريدج وهو نفس الامتحان الذي يتلقاه الطالب البريطاني الغاني او الكيني او السنغافوري . ولقد نحصا بعض السودانيين علي الرقم القياسي الذي كان يضرب به المثل وتفوقوا علي البريطانيين منهم عبد الخالق محجوب طيب الله ثراه وصديقه فاروق الطيب ميرغني شكاك . النتيجة كانت الامتياز في تسعة مواد . وكان يكفي الحصول علي النجاح في 6 مواد لدخول الجامعة . ووقتها لم تقسم المدارس الي علمي وادبي .
وفي سنه 1962 بعد ان قررت اللجنة قفل باب
مدرسة الاحفاد بدقائق اتي الطالب المعز مالك ابراهيم مالك متأخرا لبضع دقائق ورفض الفراش محمد ان يسمح له بالدخول بالرغم من انه يعرفة ويعرف انه حفيد بابكر بدري . الاوامر كانت ان لا يدخل او يخرج اي بشر بعد قفل الباب . وركض المعز لمنزله الذي كان علي مرمي حجر من المدرسة واتي بوالدة المحامي مالك ابراهيم مالك . وسمحت لهم اللجنة بالدخول بعد تدوين الواقعة والظروف الاستثناءية . وذهب المعز الي جامعة الخرطوم ثم جامعة سانت باربرا في كالفورنيا وحصل علي الدكتوراة وعمل في وزارة المالية لسنين عديدة ولا يزال يقدم للوطن . وكان من الممكن ان يحرم من الجلوس للإمتحان . كان هنالك ظبط وربط . وصوت القانون يعلي ولا يعلي عليه .ولهذا كان للسودان والسودانيين سمعة كالذهب . والان ........
الامتحان في مدرسة الاحفاد كان يحدث في قاعة الاسمبلي الضخمة والادراج متباعدة . واسم الطالب وصورته واسمه علي الدرج . وليس هنالك مجال للغش او استعمال ,,البخرة ,, وهي الاوراق المكتوبة في قصاصات صغيرة . والمراقبون يتحركون بين الطلاب ويلاحظون كل حركة .
الدكتور منصور نصيف الرجل العظيم صاحب الابتسامة العذبة والوجه الصبوح والشنب الاشقركان يتخصص في براغ . وكانت زوجته تعمل في المدرسة العربية التي انشأها الشيك في ميدان ,, لتنا ,, لابناء العرب من دبلوماسيين وغير دبلوماسيين . وفي يوم الامتحان تفاجأت السيدة السودانية بأن بعض الكبار يجلسون مع بعض الاطفال . ولانها قد تعودت علي الانضباط في السودان . وامتاز اهلنا الاقباط بالدقة والاخلاص في عملهم ، احتجت علي تواجد الكبار . وكان الرد... ان هذا ابن القنصل وهذا له صله بالسفير او الملحق العسكري ... الخ ويجب ان ينجحوا للإنتقال الي المرحلة التالية . فقامت بطردهم وعندما رفضوا الخروج قالت انها لن تشارك في جريمة تزوير . وتركت العمل .
في كثير من الدول العربية يكون الغش جزء من الحياة العادية . ويعتبر نوع من الفهلوة والذكاء المحمود . ويبدو ان العدوى قد انتقلت اخيرا الي السودان . قديما كان السودان بستقبل العسكريين من بعض الدول العربية لمدرسة الاركان . وهذا يمثل التخصص عند الاطباء او الزمالة عند المحاسبين القانونيين والمهندسين . واهل الامارات كانوا يقولون لابناءهم لن تذهبوا الي مصر لكي تسهروا في شارع الهرم وتعودون بالشهادة . الخيار هو الاردن او السودان وبعدها سيعترف بهم . الفريق فابيان اقامالونق رئيس مدرسة الاكان في جبيت قال لي ان قريبي الظابط ع . م . غ . قد فشل اكثر من مرة في الامتحان بالرغم من اجتهاده.ولقد انتهت فرصه . الناطق الرسمي يإسم الخارجية السفير فاروق عبد الرحمن استضاف قريبته للسكن معه في الخرطوم . لانها جلست لامتحان الإلتحاق بوزارة الخارجية . ولم تنجح . ولم يكن عنده الرغبة او الاستطاعة في ان يساعدها . ولم تكن عند وزارة الخارجية اي صله بالامتحان . الامتحان كان مسئولية جامعة الخرطوم لأن لها الآلية وادوات تحديد مواد الامتحان والمحافظة عليه واجراءعملية التصحيح . واليوم يقول رجال الخارجية انها اصبحت مكب لزبالة الانقاذيين .
اليمنيون من حضرموت والجنوب كانوا يعرفون كل المقرر الذي درسناه لانهم يتبعون مقرر بخت الرضا . وكان الطالب الذي يجتهد يرشحونه للذهاب الي السودان . وكانوا يحضرون عشرة من الطلاب للدراسة الثانوية، ثم صاروا عشرين طالبا . نجح تالبعض منهم في دخول جامعة الخرطوم . وهؤلاء من شارك في حكم اليمن الجنوبي . وكان الصوماليون والارتريون والاثيوبون وجنسيات اخري يحضرون الي السودان للدراسة في كلية الشرطة الاطفائية ،السجون ، مدرسة الصحة وبخت الرضا . ولفترة درس الملك خالد والملك عبد الله في بخت الرضا . ولقد اورد السفير فاروق عبد الرحمن في سفره الرائع نصف قرن لم يكتمل و الذي يجب ان يقرأه الجميع ، ان والدته كانت تقدم الشاي بالحليب مع اللقيمات للتلميذين السعوديين وقتها في بخت الرضا .
قبل بضع سنوات ارادت الامم المتحدة ان تجعل السودان مركزا لتدريب الكادر الطبي لكل المنطقة من ايران الي المحيط . وبعد دراسات وقع اختيارهم علي جامعة الاحفاد . وبينما قاسم بدري في اجتماع مع مسئولي الامم المتحدة ارسل الكيزان قوة مسلحة لاحضار قاسم فتبرع الدكتور اشرف بدري بمرافقة الجنود . ولكن المسئول الذي كان في الخارج قال للعسكر .. ده ما العميد .. العميد طويل . واقتحم العسكر الاجتماع . واخرجوا قاسم بتهمة عدم دفع الزكاة .وتصدي لهم الطالبات من الجنوب ودارفور وهن يصرخن ويهاجمن الجنود ويقلن يدفع ليكم من وين ... انحنا بنقرا بالمجان . واسقط في يد الكيزان عندما عرفوا ان الاحفاد منذ بابكر بدري مسجلة بإسم الشعب السوداني وقاسم موظف بواسطة مجلس امناء . وافشلوا فرصة للسودان لان يكون منارة للعلم . وهولاء لا يعرفون الرسالة بل الهبالة . اذكر ان الطيب صالح طيب الله ثراه كتب موضوعا جيدا عن الحادثة التي قد نسيها الناس وسط خضم محن الكيزان .
الدكتور فوزي خطاب الفلسطيني تحصل على الجواز السويدي وقرض للدراسة وذهب الي بريطانيا .وعلي نصيحة بعض العرب طلب منه ان يلتصق بالسودانيين . وذكر لي وآخرون مثله انهم شقيوا لاكثر من سنة لدراسة اللغة الانجليزية . ولكن السودانيون منذ اول يوم ,, ينزلون ,, في البرفسيرات مناقشة وبعض الاحتجاج ويطرحون وجهة نظرهم ، مما يحير الطلبة العرب الذين كانوا بتحسسون مواقع اقدامهم . وكان فوزي يقول لي ان السودانيين في السبعينات قد ساعدوه كثيرا وساعدوا الكثير من العرب .
الربضي الاردني لم يكن جيدا في دروسه وهو في براغ . عرفت ان سبب تردده علي الاخ حسن ابا سعيد الذي كان يعمل في الاذاعة التشيكية القسم العربي ، كان لانه يساعده وآخرين علي كتابة اطروحته . الربضي كان يدرس بالانجليزية لانه لم يستطح اتقان اللغة التشيكية . ولقد ساعد السودانيون كثير من العرب في براغ خاصة طلبة الدراسات العليا بالانجليزية، وحتي في امريكا .
وكان الاطباء الاردنيين يقولون للمرضي السودانيين لماذا تحضرون للأردن ؟ عندما كنا نتخصص في بريطانيا كان السودانيون هم الاحسن من الجميع . .... مين الطفا النور ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.