أيهما تُفَضَّل، الأمن أم الحرية؟؟    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم كان رسالة .... صار هبالة .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 28 - 03 - 2016

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
من الامثال في امدرمان ، عندما يبحث الانسان عن الحقيقة ، او يطالب بالحق ، يقول ,, اديني تقرير النخيل . النخيل كانت المرأة التي تجلس امام مدرسة بيت المال وتبيع التسالي ، الفول والتمر والنبق واشياء اخري يحبها الاطفال .
القانون كان في كل الوظائف ، ان يمكث الانسان لمدة 3 سنوات لكي يحدث تجديد وتنشيط . مفتش تعليم جديد نقل الي امدرمان ذهب الي مدرسة بيت المال واتي بتقرير نظيف خالي من اي مشاكل وكأن المدرسة هي المدينة الفاضلة . فقالوا له . امشي جيب لينا تقرير النخيل .
النخيل جلست امام المدرسة لاكثر من عشرين سنة . كانت تعرف كل كبيرة وصغيرة . من فاز بعطاء البوفيه ومن من المدرسين يتغيب وشكوي الاطفال من تعنت بعض المدرسين وميلهم للعقاب الشديد ... الخ وكانت حبوبة نعيمة الرباطابية امام مدرسة الاحفاد في شارع الموردة والصبر امام الارسالية وحواء في الاحفاد العرضة وامام كل مدرسة هنالك مثل النخيل . والمفتشون يطبون علي المدارس بدون علم الناظر ولا يحابون ويهمهم حال التلاميذ في المكان الاول . والجميع يؤدون رسالة . والنخيل كان يهمها الاطفال في المكان الاول فهي من الحي . ولا تتغول اي امرأة اخري علي امكانهن .
الدكتور محمد محجوب عثمان طيب الله ثراه واجه حكم الاعدام في محاولة انقلاب علي حامد وعبد البديع . وتحول الحكم الي مؤبد بسبب صغر سنه . وكان معهم في سجن كوبر ناظر مدرسة فاتح اللون حكم عليه بالسجن لمدة سبعة سنوات لانه قد قام ببيع بعد البطاطين في مدرسته الداخلية في دارفور . ومن العادة ان يعطي التلميذ اربعة بطاطين سميكة من الصوف في ايام البرد . وتصادف وجود برد غير عادي كما يحدث في دارفو ومات بعض الاطفال من البرد . الناظر كان يجد الاحتقار والضرب في بعض الاحيان من المجرمين في السجن .
لقد كنا نحس بأننا شئ مهم وثمين فآلاف الكبار يهتمون بتعليمنا وامورنا . كان الرئيس الازهري احد آباء الوطن يحضر يوم الآباء في مدرسة بيت الامانة . ويهني الفائزين ويشجع الآخرين . نذهب الي المدرسة في بداية العام ونجد الكتب والكراسات والمدرسين . ووقتها كانت ميزانية التعليم والعلاج تساوي 25 من ميزانية الدولة . وعندما احتج وكيل وزارة المعارف البريطاني علي التوسع السريع والصرف الكبير علي التعليم قام الوزير عبد الرحمن علي طه بطرده من الخدمة في الاربعينات ولم يعترض البريطانيون. وكل شئ كان مجانيا . بل يحثون ويرغبون الناس لارسال ابناءهم للتعليم والعلاج والتطعيم . ومكتوب علي ظهر شهادة الميلاد.. ان اي اب يفشل في تقديم طفلة للتطعيم لاكثر من 6 اشهر بعد الميلاد ، يعرض الاب للغرامة او السجن او العقوبتين معا . والآن يأتي الدواء المضروب بعلم بعض المتنفذين .

الاباء والامهات كانوا يقولون بإفتخار الولد السنة دي عنده لجنة . واللجنة هي الامتحان في نهاية السنة الرابعة قبل الانتقال الي المرحلة التالية . ولا دخل للمدرسة بقريب او بعيد مع الامتحان . كنا في مدرسة بيت الامانة الاولية بالقرب من بيت الخليفة . وفي السنة الرابعة بدأ التحضير للجنة . وسلمونا فورمات لكي يقوم اهلنا بتعبئتها بالبيانات التي تسلم للجنة المسئولة في وزارة المعارف ومكتب التعليم. وعلي اهل الطالب اختيار المدرسة المتوسطة التي يفضلونها . وكان الخيار الاول هي مدرسة امدرمان الاميرية او الكلية او مدرسة الساعة التي كانت من طابقين. وكانت تبدوا كصرح مهيب . والخيار الثاني كان مدرسة حي العرب وارجعت لنا المدرسة شهادات الميلاد التي كانت تحتفظ بها لاربعة سنوات، لكي نرفقها مع الطلبات .
وكنا 72 طالبا في فصل واحد . وقسمونا الي فصلين لكي نجلس بعيدا عن بعضنا البعض لتجنب الغش . وسرنا في طابور منتظم الي الكلية . واتت مدارس اخري وعشرات المدرسين والمسئولين وتحسسنا بعظمة المناسبة وكنا نحن الصغار محل الاهتمام والترحيب والتشجيع من كل الرجال المهمين . ويبدوا انهم دقيقون . فلقد فصلوا علي جاد الله من شقيقة بابكر جاد الله . وفصلوا عباس حسيب عن شقيقه ربيع حسيب وكان علي جاد الله في الطابق العلوي . وكانت اول مرة نتواجد في مبني من طابقين . واحسسنا باهميتنا وعزتنا ومناعتنا وقيمتنا .
من من شارك من مدرستنا حبيب عبد الله دلدوم والفاتح عبد العزيز حسن كديس . عمر احمد العبيد ومزمل المغربي ونعمان سعد خضر وسمير خليل عكاشة وخالد عفان الخ وكان من يتعامل معنا ويراقب سير الامتحان رجال غرباء لم نقابلهم من قبل . وكانوا في منتهي الكفاءة . وتميزوا بطول البال . واوراق الامتحان كانت تاتي بطريقة مضمونة ولا تفتح الا قبل وضعها امام التلميذ . ولا يعرف اي بشر ما الذي بداخلها . والامنحان موحد .
لجنة الالتحاق بالمدراس الثانوية كانت اكثرمهابة . وكان ممثلي جامعة كيمبريدج واكسفورد يحضرون الي السودان . والإمتحانات حظيت باهتمام كبيرجدا وكانها حرب مقدسة . ولقد خضناها في مدرسة ملكال الاميرية . ونقلت الادراج الي قاعة الطعام الضخمة بعد ان اخرجت طاولات الأكل والمقاعد . وكنا 25 طالبا من الاصليين و12 عشر طالبا من الذين اعادوا المحاولة للمرة الثانية . واتو من الشمال منهم الشاعر والصحفي والاديب احمد محمد الحسن وفاروق طه وسماحة واسماعيل . ومن الاصليين مجذوب يوسف ويخاري محمد علي وعبد الله خيري ومصباح عبد العليم وفاروق دينق .محمد نور بابكر نميري وابو القاسم والحسيني و اجوت الونج اكول وفقوق نقور ابراهيم الحاج ابراهيم وجعفر عبد الرحمن سليمان واسماعيل حامد وعيسي عبد الرحمن سولو واوشي و الباقر ابو دقن وعبد المنعم رستم ومحمود حاج منزو وعلي عبد الله . انا اورد هذه الاسماء لان فيهم من غادر هذه الدنيا ولهم احفاد اليوم يذكرونهم ويفتخرون بهم. واريد ان اوضح كيف جمعنا التعليم الذي كان رسالة تؤدى . وكان اوشي واسماعيل من حلفا واسماعيل حامد من كجي كجي او كاجو كاجي كما يقول البعض والباقر من الباوقة وحسن شبور من الابيض ومحمود من خور شمام خارج واو وعلي عبد الله من واو وعيسي سولي من جوبا . وكانت بعدنا دفعة رائعة منهم الاديب السفير علي حمد ابراهيم والطبيب عبد السلام عكاشة والبروفسر احمد سلمان طيب الله ثراه وربيع مكي وتعبان مايكا وآخرون . والإهتمام الذي اعطتنا له الدولة جعلنا نترابط بعد اكثر من نصف قرن . فالحب والاهتمام يخلق نساء ورجالا اسوياء . يكفي ان خميس الممرض يأتي كل صباح للمدرسة بدراجة الحكومة من المستشفي لتفقد حالنا ويغير علي الجروح.
التعليم كان مجانيا الا للمقتدرين . وكنا نزود بسرير متين وناموسية ودولاب جميل وبطانييتن وصابونتين وظهرة كل يوم خميس . وتجهز المكاوي بالجمر لكي الملابس . وتقدم ثلاثة وجبات والشاي بالحليب في الصباح وبدون حليب في الظهر ويقدم الحليب بعد العشاء . ويزود الطالب بتذكرة سفر بالباخرة والقطار ثم الشاحنات وقد تتضمن الرحلة سركي ركوب جمل . يستلم الجمال السرك ويصرفه عند اقرب صراف في كل السودان . بدون تزوير او تلاعب . واذكر الاخ حسن شبوريستلم الزاد للرحلة ويقوم بتقسيمه علي المسافرين . الكمية حسب طول الرحلة . والكل مسئولية الدولة . وهذا ما تمتع به الكيزان قبل حرمان الآخرين .
عندما تحط اللجنة رحالها في المدرسة ، تصير لها السلطة المطلقة . اللجنة التي اتت الي ملكال . اشارت لنا انها ستشير في تقريرها أن الغر بان كانت تسبب ازعاجا غير طبيعي في ايام الامتحان ، خاصة وان السقف من الزنك . كما اشارت الي ان نطق استاذنا فيليب مضوي كومي في الاملاء الانجليزية لم يكن واضحا . وكان يمنع مدرس اللغة الانجليزية من القاء الاملاء علي طلبته . ويشترط ان يكون المشارك استاذا مختلفا . لأننا سنذب الي المدرسة الثانوية حيث يتم التعليم بالانجليزية من عدة مدرسين ، فيما عدي الدين الاسلامي واللغة العربية . كانت هنالك قوانين ولوائح لا يستطيع اي انسان ان يتخطاها والا وجد نفسه في الشارع .
المعدات كانت تصنع في المخازن والمهمات في الخرطوم بحري وتشحن لكل اطراف السودان . وكانت الدولة توظف اصحاب الاحتياجات الخاصة . منهم الكفيفون لعد الكراسات والكتب والاقلام والطباشير الخ وتعبئنها في كراتين وصناديق . والآن لا يجد بعض حملة الشهادات العليا عملا .
لجنة الدخول الي الجامعة كانت اكثر انضباطا والامتحان يأتي من جامعة كيمبريدج وهو نفس الامتحان الذي يتلقاه الطالب البريطاني الغاني او الكيني او السنغافوري . ولقد نحصا بعض السودانيين علي الرقم القياسي الذي كان يضرب به المثل وتفوقوا علي البريطانيين منهم عبد الخالق محجوب طيب الله ثراه وصديقه فاروق الطيب ميرغني شكاك . النتيجة كانت الامتياز في تسعة مواد . وكان يكفي الحصول علي النجاح في 6 مواد لدخول الجامعة . ووقتها لم تقسم المدارس الي علمي وادبي .
وفي سنه 1962 بعد ان قررت اللجنة قفل باب
مدرسة الاحفاد بدقائق اتي الطالب المعز مالك ابراهيم مالك متأخرا لبضع دقائق ورفض الفراش محمد ان يسمح له بالدخول بالرغم من انه يعرفة ويعرف انه حفيد بابكر بدري . الاوامر كانت ان لا يدخل او يخرج اي بشر بعد قفل الباب . وركض المعز لمنزله الذي كان علي مرمي حجر من المدرسة واتي بوالدة المحامي مالك ابراهيم مالك . وسمحت لهم اللجنة بالدخول بعد تدوين الواقعة والظروف الاستثناءية . وذهب المعز الي جامعة الخرطوم ثم جامعة سانت باربرا في كالفورنيا وحصل علي الدكتوراة وعمل في وزارة المالية لسنين عديدة ولا يزال يقدم للوطن . وكان من الممكن ان يحرم من الجلوس للإمتحان . كان هنالك ظبط وربط . وصوت القانون يعلي ولا يعلي عليه .ولهذا كان للسودان والسودانيين سمعة كالذهب . والان ........
الامتحان في مدرسة الاحفاد كان يحدث في قاعة الاسمبلي الضخمة والادراج متباعدة . واسم الطالب وصورته واسمه علي الدرج . وليس هنالك مجال للغش او استعمال ,,البخرة ,, وهي الاوراق المكتوبة في قصاصات صغيرة . والمراقبون يتحركون بين الطلاب ويلاحظون كل حركة .
الدكتور منصور نصيف الرجل العظيم صاحب الابتسامة العذبة والوجه الصبوح والشنب الاشقركان يتخصص في براغ . وكانت زوجته تعمل في المدرسة العربية التي انشأها الشيك في ميدان ,, لتنا ,, لابناء العرب من دبلوماسيين وغير دبلوماسيين . وفي يوم الامتحان تفاجأت السيدة السودانية بأن بعض الكبار يجلسون مع بعض الاطفال . ولانها قد تعودت علي الانضباط في السودان . وامتاز اهلنا الاقباط بالدقة والاخلاص في عملهم ، احتجت علي تواجد الكبار . وكان الرد... ان هذا ابن القنصل وهذا له صله بالسفير او الملحق العسكري ... الخ ويجب ان ينجحوا للإنتقال الي المرحلة التالية . فقامت بطردهم وعندما رفضوا الخروج قالت انها لن تشارك في جريمة تزوير . وتركت العمل .
في كثير من الدول العربية يكون الغش جزء من الحياة العادية . ويعتبر نوع من الفهلوة والذكاء المحمود . ويبدو ان العدوى قد انتقلت اخيرا الي السودان . قديما كان السودان بستقبل العسكريين من بعض الدول العربية لمدرسة الاركان . وهذا يمثل التخصص عند الاطباء او الزمالة عند المحاسبين القانونيين والمهندسين . واهل الامارات كانوا يقولون لابناءهم لن تذهبوا الي مصر لكي تسهروا في شارع الهرم وتعودون بالشهادة . الخيار هو الاردن او السودان وبعدها سيعترف بهم . الفريق فابيان اقامالونق رئيس مدرسة الاكان في جبيت قال لي ان قريبي الظابط ع . م . غ . قد فشل اكثر من مرة في الامتحان بالرغم من اجتهاده.ولقد انتهت فرصه . الناطق الرسمي يإسم الخارجية السفير فاروق عبد الرحمن استضاف قريبته للسكن معه في الخرطوم . لانها جلست لامتحان الإلتحاق بوزارة الخارجية . ولم تنجح . ولم يكن عنده الرغبة او الاستطاعة في ان يساعدها . ولم تكن عند وزارة الخارجية اي صله بالامتحان . الامتحان كان مسئولية جامعة الخرطوم لأن لها الآلية وادوات تحديد مواد الامتحان والمحافظة عليه واجراءعملية التصحيح . واليوم يقول رجال الخارجية انها اصبحت مكب لزبالة الانقاذيين .
اليمنيون من حضرموت والجنوب كانوا يعرفون كل المقرر الذي درسناه لانهم يتبعون مقرر بخت الرضا . وكان الطالب الذي يجتهد يرشحونه للذهاب الي السودان . وكانوا يحضرون عشرة من الطلاب للدراسة الثانوية، ثم صاروا عشرين طالبا . نجح تالبعض منهم في دخول جامعة الخرطوم . وهؤلاء من شارك في حكم اليمن الجنوبي . وكان الصوماليون والارتريون والاثيوبون وجنسيات اخري يحضرون الي السودان للدراسة في كلية الشرطة الاطفائية ،السجون ، مدرسة الصحة وبخت الرضا . ولفترة درس الملك خالد والملك عبد الله في بخت الرضا . ولقد اورد السفير فاروق عبد الرحمن في سفره الرائع نصف قرن لم يكتمل و الذي يجب ان يقرأه الجميع ، ان والدته كانت تقدم الشاي بالحليب مع اللقيمات للتلميذين السعوديين وقتها في بخت الرضا .
قبل بضع سنوات ارادت الامم المتحدة ان تجعل السودان مركزا لتدريب الكادر الطبي لكل المنطقة من ايران الي المحيط . وبعد دراسات وقع اختيارهم علي جامعة الاحفاد . وبينما قاسم بدري في اجتماع مع مسئولي الامم المتحدة ارسل الكيزان قوة مسلحة لاحضار قاسم فتبرع الدكتور اشرف بدري بمرافقة الجنود . ولكن المسئول الذي كان في الخارج قال للعسكر .. ده ما العميد .. العميد طويل . واقتحم العسكر الاجتماع . واخرجوا قاسم بتهمة عدم دفع الزكاة .وتصدي لهم الطالبات من الجنوب ودارفور وهن يصرخن ويهاجمن الجنود ويقلن يدفع ليكم من وين ... انحنا بنقرا بالمجان . واسقط في يد الكيزان عندما عرفوا ان الاحفاد منذ بابكر بدري مسجلة بإسم الشعب السوداني وقاسم موظف بواسطة مجلس امناء . وافشلوا فرصة للسودان لان يكون منارة للعلم . وهولاء لا يعرفون الرسالة بل الهبالة . اذكر ان الطيب صالح طيب الله ثراه كتب موضوعا جيدا عن الحادثة التي قد نسيها الناس وسط خضم محن الكيزان .
الدكتور فوزي خطاب الفلسطيني تحصل على الجواز السويدي وقرض للدراسة وذهب الي بريطانيا .وعلي نصيحة بعض العرب طلب منه ان يلتصق بالسودانيين . وذكر لي وآخرون مثله انهم شقيوا لاكثر من سنة لدراسة اللغة الانجليزية . ولكن السودانيون منذ اول يوم ,, ينزلون ,, في البرفسيرات مناقشة وبعض الاحتجاج ويطرحون وجهة نظرهم ، مما يحير الطلبة العرب الذين كانوا بتحسسون مواقع اقدامهم . وكان فوزي يقول لي ان السودانيين في السبعينات قد ساعدوه كثيرا وساعدوا الكثير من العرب .
الربضي الاردني لم يكن جيدا في دروسه وهو في براغ . عرفت ان سبب تردده علي الاخ حسن ابا سعيد الذي كان يعمل في الاذاعة التشيكية القسم العربي ، كان لانه يساعده وآخرين علي كتابة اطروحته . الربضي كان يدرس بالانجليزية لانه لم يستطح اتقان اللغة التشيكية . ولقد ساعد السودانيون كثير من العرب في براغ خاصة طلبة الدراسات العليا بالانجليزية، وحتي في امريكا .
وكان الاطباء الاردنيين يقولون للمرضي السودانيين لماذا تحضرون للأردن ؟ عندما كنا نتخصص في بريطانيا كان السودانيون هم الاحسن من الجميع . .... مين الطفا النور ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.