أثارت زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما الى كوبا في العشرين من مارس اهتمام الكتاب والمحللين في العالم ولم يكن السودان استثناء من هذا الاهتمام ، فقد قرأت تحليلا للدكتور عادل حسن محمد احمد وهو رئيس مركز العلاقات الدولية ومن خلال متابعات كتابات الدكتور فهو مهتم بالشأن الدولي خاصة فيما يتعلق بهذه العلاقات الدولية بالشأن السودان ومايليها من تأثيرات به او عليه، واعتبر زيارة اوباما للعاصمة الكوبية هافانا بعد سنوات من العداء تعدت الخمسين عاما خطوة مهمه حيث اعلن اوباما رغبته بلاده في عودة العلاقات وتطبيعها بين واشنطن وهافانا ،ووقف العقوبات ورفع اسم كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولم يتجاوز الدكتور عادل في تحليله عن هذه الزيارة وربطها بالسودان ،وقد تكون العلاقة التي حاول الربط بين السودان وكوبا هي في الاصل اوجدتها الولايات المتحدةالامريكية حيث ادخلت السودان وكوبا في قائمة الدول الراعية للإرهاب والتي ضمت دول منها ايران ، وسوريا ، وكوريا الشمالية ، والسودان، والعراق ،وكوبا ،وليبيا . وكما هو معروف فقد تبنت الأممالمتحدة، منذ أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، عدة قرارات تناولت فيها الإرهاب الدولي، وتركزت أساساً في أعمال الاستيلاء على الطائرات وتحويل مسارها وتهديد ركابها، التي كانت سائدة في ذلك الوقت، ودعت الدول والمنظمات الدولية المعنية إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمكافحة الأعمال الإرهابية ومعاقبة مرتكبيها. أما في فترة التسعينيات وحتى ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001، فقد اختلف الأمر، حيث انتهت الحرب الباردة وسيطرت الولايات المتحدةالأمريكية على مجلس الأمن، وبسيطرة الولايات المتحدة على مجلس الامن حاولت استغلال هذا الامر ووضعت قائمة لدول زعمت بانها ترعى الارهاب وفرضت عليها عقوبات تجدد سنويا ومن هذه العقوبات. حظر صادرات ومبيعات الأسلحة التي لها علاقة بالعمليات الإرهابية ضرورة إخطار الكونغرس بأي تصريح يصدر للسماح بتصدير أي شيء يمكن أن يسهم بشكل كبير في القدرات العسكرية للدولة الراعية للإرهاب أو تعزيز قدراتها على دعم أعمال الإرهاب الدولي منع تقديم أي معونات خارجية إلى الدول التي ترعى الإرهاب فرض قيود متفرقة أخرى من بينها قيود مالية، وتشمل معارضة الولايات المتحدة لمنح الدول الراعية للإرهاب قروضا من البنك الدولي أو أي مؤسسة مالية دولية أخرى السماح باستثناء هذه الدول من الحصانة السيادية بحيث يُسمح لأسر ضحايا الإرهاب برفع دعاوى مدنية ضد هذه الدول أمام المحاكم الأميركية. فرض قيود على منح الإعفاءات الضريبية على الدخول التي يتم جنيها في الدول الراعية للإرهاب عدم تطبيق الإعفاءات الجمركية على السلع المصدرة منها إلى الولايات المتحدة حظر عقد صفقات معينة لوزارة الدفاع الأميركية مع الشركات التي تسيطر عليها الدول الراعية للإرهاب. واذا نظرنا الى هذه الدول التي ضمتها القائمة الامريكية نجد ان هذه الاتهامات برعاية الارهاب لم تقم على اساس قوي ومقنع ومنطقي والا كانت الولايات المتحدة قد اقنعت المؤسسة الدولية بتبني الامر ولمن امر المدافعة التي تجده امريكا من اصدقاء هذه الدول فضلت ان يكون أمر هذه القائمة امريكيا خالصا . اما اتهامات الامريكية لليبيا فقد كانت بسبب اتهام طرابلس بتنفيذ اعمال ارهابية ودعم الجماعات الارهابية التي تنفذ اعمالا خارج ليبيا منها حادث لوكربي والملهى الليلي ،وسعت ليبيا الى حل هذا الاشكال بدفع تعويضات لأسر الضحايا في الحادثين، ولم تتوقف الولايات المتحدة باتهام ليبيا في دعم الارهاب ، وفرضت عليها كما ادعت التخلص من اسلحة الدمار الشامل وتقنيات الصواريخ غير الخاضعة لنظام ضبط الصواريخ ، وظلت ليبيا في دوامة العقوبات ،وهي ذات الاسباب التي دخلت فيها العراق وانتهى الامر بزوال نظام صدام وفي بزوال نظام القذافي واصبح الوضع فيهما أسوأ مما كانت تعتقد واشنطن ، اما تهمة ايران فقد قامت بدور كبيركما تدعي واشنطن في التشجيع على ارتكاب أعمال إرهابية ضد إسرائيل، سواء بالقول أو الفعل. فقد أشاد الزعيم الروحي الأعلى خامنئي بالعمليات الإرهابية الفلسطينية، كما قدمت إيران لجماعة حزب الله ولجماعات فلسطينية إرهابية -- كحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وكتائب شهداء الأقصى، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة -- التمويل والملاذ الآمن والتدريب والأسلحة ، ثم جاءت قضية المفاعل النووي الايراني والذي دخلت فيه طهران مفاوضات طويلة ومعقدة ، انتهت بالتوصل الى اتفاق بين الغرب وايران حيث اصبحت العلاقة بين اوربا وايران وامريكا في طريقها الى التطبيع الكامل بعد اقتناع دول الغرب بأهمية ايران في حل الاوضاع في العراق وسوريا ولبنان ،وبالتالي نظريا تكون ليبيا والعراق وسوريا بعد تطورات الاحداث فيهما قد خرجتا من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وبعد زيارة اوباما لكوبا ،وتحسن علاقة الغرب بإيران ، لم يبق غير السودان وكوريا الشمالية . ورغم ان كوريا الشمالية طرف في ست معاهدات وبروتوكولات دولية متعلقة بالإرهاب، لم تتخذ بيونغ يانغ خطوات هامة للتعاون في جهود محاربة الإرهاب الدولي ، الا ان هذه الامر كاف لجعلها في قائمة الارهاب بالإضافة الى العداء مع جارتها الجنوبية حليف الولايات المتحدةالامريكية وأيدولوجيتها الشيوعية . اما السودان فقد دخل قائمة الارهاب الامريكية بسبب دعمه القضية الفلسطينية وهو من الاسباب التي ادخلت ايران وسوريا هذه القائمة ،واستضافته لقيادات من حماس والقاعدة وقيادات من ارتريا قبل استقلالها في عام 1991م، ورغم التعاون السودان الكبير في مكافحة الارهاب وبشهادة الولايات المتحدةالامريكية نفسها فقد رفعت الحكومة الأميركية للكونغرس قائمة ببلدان شهدت انها لا تتعاون تعاونا تاما في الجهود الأميركية لمكافحة الإرهاب. وللمرة الأولى خلال فترة عدة سنوات، لم تشمل القائمة السودان، وقد اتخذت حكومة السودان من قبل خطوات لتعزيز تشريعاتها واجراءاتها الإدارية لمحاربة الإرهاب. ، شارك السودان في استضافة ورشة عمل حول التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب ومحاربة الجريمة المنظمة عبر الحدود بالتعاون مع مكتب مكافحة المخدرات للأمم المتحدة. وقد حضرت ورشة العمل دول مجاورة من القرن الافريقي ودول اعضاء في "ايقاد" (سلطة التنمية ما بين الحكومية). واختتمت أعمال الورشة ب"إعلان الخرطوم حول الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الحدود" وهو الإعلان الذي أكدت فيه دول إيقاد مجددا التزاماتها بمحاربة الإرهاب. وقد ركز إعلان الخرطوم على احتياجات دول ايقاد من المساعدات الفنية في ما يتعلق بتنفيذ المعاهدات والبروتوكولات الدولية الاثنتي عشرة ضد الإرهاب. ورغم الجهد الكبير الذي بذله السودان في مكافحة الارهاب وتشهد عليه الدول والمؤسسات الدولية المعنية بالأمر الا ان الولايات المتحدة لاتزال تجدد اسم السودان في قائمة الارهاب سنويا ، وقد اعترف الدول الاوربية بأهمية السودان في امر لا يقل أهمية من مكافحة الارهاب وهو الدور السودان في مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تضررت منها اوربا على وجه الخصوص ،ولقد ادت التفجيرات التي في فرنسا واخيرا في بلجيكا على التشديد في مكافحة الهجرة غير الشرعية والتي أكدت انها واحدة من اسباب العمليات الارهابية ، واعتقد ان جهود السودان الكبيرة في مكافحة الارهاب والذي شهدت به امريكا ودوره الكبير ايضا في مكافحة الهجرة غير الشرعية لاروبا والتي تكون اساسا لأي محاورات سودانية اوربية مثل اللقاءات السودانية البريطانية والالمانية والنرويجية والبولندية التي تمت مؤخرا . فان هذا الجهد كفيلا بان يرفع اسم السودان من قائمة الارهاب بل يتعداه لأكثر من ذلك ،بان يتوج هذا الجهد السوداني بزيارة للرئيس الامريكي للسودان ،خاصة ان الولايات الامريكية قد رفعت الحظر من بعض الشركات السودانية مثل شركة كنانة وشركة اسمنت عطبرة ورفع الحظر من تصدير الصمغ العربي لأمريكا ،وبدء مرحلة جديدة من العلاقات مع الخرطوم كما فعلت بريطانيا ببدء علاقات استراتيجية جديدة مع السودان وهو اعتراف ثان من حليف مهم لأمريكا مثل بريطانيا بأهمية العلاقة مع السودان . ومهما كانت منطقية القراءات التي ذكرها الدكتور عادل حسن في تطورات العلاقات بين الولايات المتحدةوكوبا ومقارنتها بحالة السودان ، اعتقد ان دور السودان في مكافحة الارهاب والحد من الهجرة غير الشرعية وتطور العلاقات الاقليمية والدولية كفيلة بان ترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ،وان يضع اوباما رجليه في أرض النيلين . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.