الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالفيديو.. تاجر خشب سوداني يرمي أموال "طائلة" من النقطة على الفنانة مرورة الدولية وهو "متربع" على "كرسي" جوار المسرح وساخرون: (دا الكلام الجاب لينا الحرب والضرب وبيوت تنخرب)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة الإسلامية السودانية: مطالعة فى سجلها كثورة (2/2) .. بقلم: إسماعيل إدريس نواي
نشر في سودانيل يوم 25 - 04 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
الحركة
بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
إن أي إستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية في السودان لكي يخرج من دائرة الإنقلاب العسكري ... ويصير ثورة بالمعنى الإصطلاحي للكلمة ... لا بد أن يحسم القائمون عليه الطرفين الفاعلين الأساسيين في السياسة السودانية منذ إستقلال البلاد ... وهما: الطائفية السياسية والقوات المسلحة.
ولكي يفعل "التنظيم الثوري" الذي إستولى على السلطة ذلك ... لا بد أن يخرج من البداية مُظهِرآ نفسه ومُبديآ وجهه الحقيقي غير هيّاب ولا خجِل ... ولا متخفيآ وراء وآجهة زائفة - كالقوات المسلحة - مثلآ ... فكما يقول المثل السوداني "البرقص ما بغطي دقنه". وذلك لكي تكون الأمور واضحة منذ البداية , ولا تختلط الأوراق ... أو تتزاحم الأدوار ... فيدعي "العسكر" في وقت لاحق - أنهم هم الذين نفذوا الثورة وإستولوا على السلطة!! ... بل ينبغي أن يُلزِم "التنظيم الثوري" العسكر عند حدهم منذ البداية! فالجيش فصيل وآحد فقط من فصائل قوى الثورة الحاشدة التي نفذت الثورة وإستولت على السلطة!! قال الله تعالى: "يمنُّون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليَّ إسلامكم, بل الله يمُن عليكم إن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين".
وهكذا ينبغي أن يستمر الضغط على العسكر وترويضهم بشتى الوسائل حتى يتمَّ تأطيرهم بالكامل في جهاز الدولة المتناسق والمنسجم!! ومن ثم يعودوا إلى ثكناتهم ... ويصير الجيش 1- جيشآ وطنيآ, 2- جيشآ مهنيآ, 3- تحت سيطرة السلطة التنفيذية بالكامل.
والنموذج التركي وآضح وجليّ في هذا الشأن ... فحزب العدالة والتنمية التركي منذ صعد إلى السلطة قبل ثلاثة عشر عامآ فقط!! رسم معالم تجربة وطنية جديرة بالإقتداء ... فالحزب "الديمقراطي / الثوري" تناول المؤسسة العسكرية التركية - والتي كانت تمثل دولة داخل الدولة ... وتمارس "حق النقض" على الحكومات التركية المتعاقبة – تناولها بالتاديب والترويض حتى صارت قوى أليفة وآدعة تتناغم وتنسجم مع أجهزة الدولة التركية الأخرى ... ولا تستطيع - بل لا تفكر- أن تتجاوز السلطة التنفيذية بأية حال من الأحوال!!!
أما الطائفية السياسية: أعني الأحزاب التقليدية المعروفة, والتيارات الإسلامية المتعاطفة معها والتي لحقت بها وتحالفت معها ... كتيار غازي صلاح الدين والطيب مصطفى والشخصيات الإسلامية المتعاطفة معها كمصطفى عثمان إسماعيل وغيره ... هذه قوى فاقدة الصلاحية للسياسية ... لقد إنتهت صلاحيتها السياسية ... سواءً كان ذلك للحكم ... أو للمعارضة بصورة إيجايبة.

لقد تاسست الأحزاب التقليدية نتيجة لمكر الإستعمار البريطاني ودسائسه ... وأيضآ لغفلة مؤتمر الخريجين الذي كان يمثل القوى الحديثة السودانية يومئذٍ ... الإستعمار أراد أن يورط السياسة السودانية في الدين الزائف غير ذي المضمون ... وبذلك يعملق التناقض بين شمال وجنوب السودان ... واراد أيضآ أن يحقن شمال السودان بحقنة الكساح والشلل قبل إنطلاقة الإستقلال!! فتدخل البلاد في صراع طائفي/سياسي يقعدها عن النهضة والتقدم ... ويظل بالتالي السودان - وبعد رحيل الإستعمار - تابعآ للإستعمار يدور في فلكه سياسيآ وإقتصاديآ وثقافيآ.
أما مؤتمر الخريجين فقد بدأ وإنطلق في أوآخر الثلاثينات من القرن الماضي ... بداية صحيحة ومتعافية ... جمع فيها كل القوى الحديثة السودانية في تنظيم سياسي وآحد ... على غِرار حزب المؤتمر الهندي, وظل مؤتمر الخريجين طيلة العشر سنوات الأولى من تكوينه مهيمنآ على الساحة الوطنية سياسيآ وثقافيآ وإجتماعيآ ... وموجهآ وحيدآ لنضال الشعب السوداني.
ولكن نتيجة للغفلة وعدم الحذر ذهبت مجموعات من مثقفي المؤتمر وناشطية إلي الزعماء الطائفيين بهدف جذبهم وجماهيرهم إلى ساحة النضال الوطني ... فوقعوا أسرى في فخّ الطائفية ... ومن ثمّ تفرقوا بين الزعامات الدينية المتعددة ... فإنفرط عقد مؤتمر الخريجين وذهبت ريحهم وتفرق جمعهم ... وتكونت بديلآ له الأحزاب الطائفية.
لقد آن الأوان أن نصحح أخطاء أسلافنا ... ونعيد وضع السياسة السودانية في سياقها الصحيح ... ونُجهِز على الطائفية السياسية - التي ضعٌفت وتآكلت - مرة وآحدة وإلى الأبد!!!
إن الجماعات التي تحمل السلاح الآن في السودان وتخوض حرب عصابات ... إنما إنطلقت من الأقاليم البعيدة حيث جماهير الأحزاب الطائفية ... سواءً كان ذلك في غرب السودان "دارفور وكردفان" أو جنوب السودان, أعني جنوب كرفان وجنوب النيل الأزرق ... ففي هذه البقاع عشعشت الطائفية وزيّفت إرادة الجماهير من دون أن تستفيد هذه الجماهير شيئآ ولو يسيرآ من التنمية والخدمات ... فتراكمت هذه المظالم نصف قرن تقريبآ ... فملّ الناس الإهمال وسئموا التهميش ... فإنتفضت جماهير هذه الأقاليم تريد حقوقها المشروعة في العدالة والمساواة!!
ولن تقف حروب العصابات في هذه الأقاليم حتى تكون حركات هذه الأقاليم هي البديل الطبيعي للأحزاب الطائفية ... وتصير قيادات هذه الحركات هي الممثل الوحيد لأهلها في الريف ... لا قيادات الطائفية الزائفة!!!
لقد فشلت الحركة الإسلامية السودانية منذ البداية في توصيّف ثورتها توصيّفآ علميآ صحيحآ ... توصيّفآ ينسجم ويتطابق مع المرحلة التاريخية والتنموية التي يمر بها السودان .... وكان الأولّى بالحركة الإسلامية أن توصف ثورتها بأنها ثورة إجتماعية جاءت لكي تحرر الطبقات الشعبية والوسطى السودانية إقتصاديآ وإجتماعيآ وثقافيآ بعد التحرر السياسي الذي جاء عقب الإستقلال!!
تمامآ كما فعلت ثورة يوليو الناصرية!! طرحآ كهذا كان سيقرِّب "ثورة الإنقاذ" من الأقاليم التي حمل أبناؤها السلاح ضدها ... كما كان سيقربها من - اليسار السوداني الذي تحظى الثورة الإجتماعية بحظ وآفر في برنامجه السياسي - والذي يحاول الآن أن يتحالف مع حركات الأقاليم المسلحة!!
إن البون ليس بشاسع والشقة ليست ببعيدة بين الإسلاميين " الوطنيين" واليساريين "الملتزمين"!! لقد كان لينين معجبآ بالنبي محمد (صلعم) ... كقائد وطني تخطى جدار القبلية السميك في ذلك الزمن السحيق ... ووحّد الأمة العربية في دولة مركزية واحدة ... وكزعيم سياسي فجّر ثورة إجتماعية فريدة من نوعها ... ساوت بين جميع الإثنيات والشعوب, وأحترمت الثقافات المختلفة في إطار المبادىء والقيم الإسلامية ... ومن فرط إعجابه بالإسلام وروحه الثورية ومضامينه الإجتماعية المتقدمة ... أجرت الثورة البلشيفية إتصالات سياسية ودبلوماسية مع معاصرها الثائر في شبه الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز آل سعود عندما سطع نجم هذا الأخير في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي!!!
ومن عجب أن يهّرول عميد الطائفية السياسية الصادق المهدى إلى الحركات المسلحة ... بعد طول عداء لها, ومكر بها, وتخابث عليها ... أن يسرع للتحالف والائتلاف معها في جبهة للمعارضة ... ظنآ من المهدي أن زمان الحرب والقتال قد ولىَّ ... ولم يبق إلا خيار الحوار والتفاوض ... وبالتالي فإن الموسم - في نظر المهدي - موسم حصاد ... حصاد ما زرعته الحركات المسلحة بنضالها ... وهو المهدي أولى السياسيين وأجدرهم بقطف ثمار ما زرعته الحركات ... عن طريق التحاور والتفاوض "أليس هذا هو الإقطاع السياسي بعينه, بعد الإقطاع الإقتصادي الذي مارسته عائلة المهدي في الجزيرة أبا ومشاريع النيل الأبيض ودائرة المهدي التي تجمع الزكاة من الأقاليم المختلفة لكي توردها في أم درمان ... تاركة مستحقي الزكاة في الأقاليم صفر الأيادي من حقهم الشرعي؟". والأعجب من هرولة المهدي أن يرحب به "مناوي" ودكتور "جبريل" معارضآ ثوريآ في صفوفهم!! أين الحس الثوري الفطري يا دكتور جبريل ويا مناوي؟؟ وأين الأصالة الفكرية والنقاء الثوري, وهل تتحالف الضحية مع جلاّدها أو الشاة مع جزارها؟؟؟
وحيَّ الله عبدالواحد نور زعيم حركة تحرير السودان ... الذي رفض التحالف والائتلاف مع المهدي ... ونأى بنفسه عن "نداء السودان" الذي يعترف بالمهدي معارضآ أصيلآ في صفوف المعارضة ... وكشف الأستاذ عيدالواحد نوايا المهدي الخبيثة في إنتحال قضية الحركات العادلة .... لتوظيفها لأهدافه الأنانية!!!
نحن القوى الثورية في غرب السودان لا نتحالف مع المهدي ولا نتكامل معه في مشروع واحد ... بل نحن نقيض واضح للرجعية والدجل الذي يمثلهما المهدي ... فالحركات الثورية الأصيلة والجديرة بهذا الوصف ... مع المهدي ... نقيضان, ينفي أحدهما الآخر ...
وفي هذا الصدد - يزكرني تحالف المهدي مع الجبهة الثورية ببيتّي شعر للشاعر الغزلي عمر بن أبي ربيعة الذي ولد يوم قُتِل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. فقال نقاد شعره فيما بعد عن مفارقة ميلاده ومقتل عمر!!! أيٌّ حقٍ رُفع وأيٌّ باطل وُضع!!
قال شاعر الغزل متهكمآ ممن زوَّج محبوبته "ثريا" من رجل يُدعى "سُهيل" ... ومتسائلآ أنه إذا إجتمع كوكب ثريا الشمالي المدار بكوكب سهيل الجنوبي المدار ... فإن الزواج سوف ينجح ... أما إذا إستحال لقاء الكوكبين ... فكيف لهذا الزواج أن يستمر؟؟
أيها المنكح الثريا سهيلآ ***** عمرك الله - كيف يجتمعان
هي شامية إذا ما إستقلت ***** وسهيل إذا استقل يماني؟؟
فنحن القوى الثورية في غرب السودان ... نحن البديل الحديث والديمقراطي والشرعي والأصيل المعبرين بصدق - عن مطالب وطموحات أهلنا وجماهيرنا في غرب السودان ... لا المهدي ولا أبناء المهدي ... وفي فجر الإستقلال ردد الإتحاديون بفطرتهم السليمة ووطنيتهم الحقّة شعارهم الداويّ "الكهنوت مصيره الموت" ... وهي نبوءة عفوية من نفوس صافية وضمائر نقية ترفض الدجل والتجديف في العقيدة والدين, والآن قد حان وقت موت الكهنوت سياسآ على الأقل!!!
لقد تراجع السودان من دولة كانت محورية في شرق أفريقيا إبان الحقبة الإستعمارية ... إلى دولة تابعة ورديفه - في حقبة الإستقلال- تدور في فلك مصر ... أو في فلك إثيوبيا حينما تتوتر علاقاتها مع مصر!! وحدث ذلك كله بسبب حكم الطائقية السياسية والعسكر الذين تناوبا على حكم البلاد منذ الإستقلال وإلى اليوم هذا ... مرة بإسم "الديمقراطية" وتارة بإسم "الثورة" والثورة والديمقراطية معآ منهما براء!!
إن الطائفية السياسية مؤسسة عقيمة محدودة الأفق ... بل لا أفق لها ... فهي منكفئة على ذاتها ... لا ترى إلا مصالحها العائلية والطبقية المحدودة!! ولا ترى مصلحة الوطن السوداني الواسع والعريض ... أرضآ وشعوبآ وقبائل!!
وما يحدث في السودان منذ عقود ستة ... هو شىء شديد الشبه بما حدث في إمبراطورية إثيوبيا الحبشية في الربع الأخير من القرن الماضي, حيث ثارت شعوب الإمبراطورية الإثيوبية مجتمعة على إثنية الأمهرا ... التي حكمت إثيوبيا منذ قرون ... ثارت شعوب الإمبراطورية الإثيوبية عندما إستنارت وتفتّح وعيها السياسي على طبقة وإثنية الإمهرا ... فكان ما كان من سقوط الدكتاتور منغستو هيلامريام ... ثم إنفصال إرتيريا ... وإنتقال الحكم من إثنية الأمهرا إلى الشعوب والإثنيات الإثيوبية الأخرى.

عندنا في السودان إنفصل جنوب السودان بذات الأساليب والإجراءات التي إنفصل بها إقليم أرتيريا من الدولة الإثيوبية ... فلم يحل إنفصال جنوب السودان المشكلة ... ولا زالت الثورة مستمرة في أقاليم السودان المتعددة ... ولا زال الحِراك متواصلآ!! ربما يخبو لهب الثورة حينآ ويتوارى إضطرابه ... ولكن بذرة الثورة كامنة في "اصل المشكلة" ... من يحكم السودان, ولمصلحة من يحكمه؟؟ نحن الآن في السودان تحكمنا طبقة وإثنية واحدة ... فما لم تُذَوّبَ هذه الطبقة وهذه الإثنية لتحل مكانها مؤسسة قومية تحكم البلاد لصالح كل العباد ... لن تقف الحرب ولن يهدأ الصراع!!
وقديمآ صَكّ أجدادنا الطيبون وجداتنا الطيبات مثلآ شريدآ ... ظل لاصقآ بالذاكرة الشعبية ... فقالوا:
"حلآ باليدين ... ولا ... حلآ بالسُنُونِ!!"
والمثل الشعبي أعلاه هو فهم سليم وتشبيه عبقري مُجسِد لقول الله تعالى " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم , وإتقوا الله لعلكم تُرحمون". وقوله تعالى "فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"... وكل حلٍ دون "العدل" وأقلّ من "القسط" ... هو خِداعٌ للجماهير وخِداعٌ للنفس أيضآ!!
إن الرئيس البشير وصاحبيه علي عثمان طه ونافع علي نافع منذ أن صعدوا إلى سُدة الحكم ... أقبلوا على السلطة بحرص وتعاطوها بنهم وشراهه ... فوكلهم الله إلى "أنفسهم" ولم يعنهم ... كما جاءت بذلك الأحاديث النبوية الشريفة - في من كانت هذه صفته في تعاطي السلطة!!
ويمكنك أن تتصور - أخي القارىء - حال من وكَلَه الله الى نفسه ولم يعنه ولم يسدده ولم يبارك له في سعيه, حالٌ صورها شاعرٌ حكيم في قوله:
إذا لم يكن من اللهِ عون للفتى * فأول ما يجني عليه إجتهاده
وهكذا جاء إجتهاد البشير وصاحبيه!!
- محاولة إغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا ... كم صُرِف عليها من المال والجهد؟؟ وكم روح بريئة أُزهِقت بسببها!!
- تبديد مال البترول في شراء ورشوة الدول والحكومات!!
- شراء ورشوة "الخواجات" ورؤساء الإستخبارات النافذين ... كم يا ترى ثمن الخواجة الهولندي أو رجل إستخبارات كموسى كوسه الذي كان يجلس على كنوز القذافي؟؟
والقائمة طويلة ... ونزع الله البركة حتى من القرارات الصائبة التي إتخذوها ... فجاءت بنتائج غير تلك التي كانوا يرجونها ... مثال ذلك إتفاثية السلام الشامل مع جنوب السودان ....فبإغتيال قرنق أُغتيل معه كل أمل في بقاء السودان وطنآ وآحدآ موحدآ!!
لقد آن الأوان أن تأخذ الحركة الإسلامية - كتنظيم ثوري/مؤسسي - زمام أمرها بيدها ... ولا تفرط فيه مرة أخرى لزعيم فرد كائنآ من كان ... ولا لشرذمة قليلين, ويكفي الحركة الإسلامية فضلآ ويزينّها شرفآ أن تطلّع بدور الثورة السودانية الوطنية".
وأدناه أحصي وأوضح ملامح الثورة السودانية الوطنية - ثورة غير أيدولوجية في مراحلها الأولى:
أ- تصفية الطائفية السياسية
ب- ترويض الجيش والعسكر
ج- إستئصال البلطجية والبلطجيات من الساحة السياسية
د- عقم مؤسسة الجلابة ... تذويبها ... وبلورة مؤسسة قومية وطنية بديلآ عنها
ه- تشكيل حكومة ثورية ... تأتي بالسلام وتوقف نزيف موارد السودان البشرية قبل المادية.

إسماعيل إدريس نوّاي
رئيس فصيل / حركة القوى السودانية الثورية الديمقراطية
والعضو المؤسس لحركة تحرير السودان
جيبوتي - 24 أبريل 2016

بسم الله الرحمن الرحيم
الحركة الإسلامية السودانية: مطالعة فى سجلها كثورة (2/2) .. بقلم: إسماعيل إدريس نواي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
إن أي إستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية في السودان لكي يخرج من دائرة الإنقلاب العسكري ... ويصير ثورة بالمعنى الإصطلاحي للكلمة ... لا بد أن يحسم القائمون عليه الطرفين الفاعلين الأساسيين في السياسة السودانية منذ إستقلال البلاد ... وهما: الطائفية السياسية والقوات المسلحة.
ولكي يفعل "التنظيم الثوري" الذي إستولى على السلطة ذلك ... لا بد أن يخرج من البداية مُظهِرآ نفسه ومُبديآ وجهه الحقيقي غير هيّاب ولا خجِل ... ولا متخفيآ وراء وآجهة زائفة - كالقوات المسلحة - مثلآ ... فكما يقول المثل السوداني "البرقص ما بغطي دقنه". وذلك لكي تكون الأمور واضحة منذ البداية , ولا تختلط الأوراق ... أو تتزاحم الأدوار ... فيدعي "العسكر" في وقت لاحق - أنهم هم الذين نفذوا الثورة وإستولوا على السلطة!! ... بل ينبغي أن يُلزِم "التنظيم الثوري" العسكر عند حدهم منذ البداية! فالجيش فصيل وآحد فقط من فصائل قوى الثورة الحاشدة التي نفذت الثورة وإستولت على السلطة!! قال الله تعالى: "يمنُّون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليَّ إسلامكم, بل الله يمُن عليكم إن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين".
وهكذا ينبغي أن يستمر الضغط على العسكر وترويضهم بشتى الوسائل حتى يتمَّ تأطيرهم بالكامل في جهاز الدولة المتناسق والمنسجم!! ومن ثم يعودوا إلى ثكناتهم ... ويصير الجيش 1- جيشآ وطنيآ, 2- جيشآ مهنيآ, 3- تحت سيطرة السلطة التنفيذية بالكامل.
والنموذج التركي وآضح وجليّ في هذا الشأن ... فحزب العدالة والتنمية التركي منذ صعد إلى السلطة قبل ثلاثة عشر عامآ فقط!! رسم معالم تجربة وطنية جديرة بالإقتداء ... فالحزب "الديمقراطي / الثوري" تناول المؤسسة العسكرية التركية - والتي كانت تمثل دولة داخل الدولة ... وتمارس "حق النقض" على الحكومات التركية المتعاقبة – تناولها بالتاديب والترويض حتى صارت قوى أليفة وآدعة تتناغم وتنسجم مع أجهزة الدولة التركية الأخرى ... ولا تستطيع - بل لا تفكر- أن تتجاوز السلطة التنفيذية بأية حال من الأحوال!!!
أما الطائفية السياسية: أعني الأحزاب التقليدية المعروفة, والتيارات الإسلامية المتعاطفة معها والتي لحقت بها وتحالفت معها ... كتيار غازي صلاح الدين والطيب مصطفى والشخصيات الإسلامية المتعاطفة معها كمصطفى عثمان إسماعيل وغيره ... هذه قوى فاقدة الصلاحية للسياسية ... لقد إنتهت صلاحيتها السياسية ... سواءً كان ذلك للحكم ... أو للمعارضة بصورة إيجايبة.

لقد تاسست الأحزاب التقليدية نتيجة لمكر الإستعمار البريطاني ودسائسه ... وأيضآ لغفلة مؤتمر الخريجين الذي كان يمثل القوى الحديثة السودانية يومئذٍ ... الإستعمار أراد أن يورط السياسة السودانية في الدين الزائف غير ذي المضمون ... وبذلك يعملق التناقض بين شمال وجنوب السودان ... واراد أيضآ أن يحقن شمال السودان بحقنة الكساح والشلل قبل إنطلاقة الإستقلال!! فتدخل البلاد في صراع طائفي/سياسي يقعدها عن النهضة والتقدم ... ويظل بالتالي السودان - وبعد رحيل الإستعمار - تابعآ للإستعمار يدور في فلكه سياسيآ وإقتصاديآ وثقافيآ.
أما مؤتمر الخريجين فقد بدأ وإنطلق في أوآخر الثلاثينات من القرن الماضي ... بداية صحيحة ومتعافية ... جمع فيها كل القوى الحديثة السودانية في تنظيم سياسي وآحد ... على غِرار حزب المؤتمر الهندي, وظل مؤتمر الخريجين طيلة العشر سنوات الأولى من تكوينه مهيمنآ على الساحة الوطنية سياسيآ وثقافيآ وإجتماعيآ ... وموجهآ وحيدآ لنضال الشعب السوداني.
ولكن نتيجة للغفلة وعدم الحذر ذهبت مجموعات من مثقفي المؤتمر وناشطية إلي الزعماء الطائفيين بهدف جذبهم وجماهيرهم إلى ساحة النضال الوطني ... فوقعوا أسرى في فخّ الطائفية ... ومن ثمّ تفرقوا بين الزعامات الدينية المتعددة ... فإنفرط عقد مؤتمر الخريجين وذهبت ريحهم وتفرق جمعهم ... وتكونت بديلآ له الأحزاب الطائفية.
لقد آن الأوان أن نصحح أخطاء أسلافنا ... ونعيد وضع السياسة السودانية في سياقها الصحيح ... ونُجهِز على الطائفية السياسية - التي ضعٌفت وتآكلت - مرة وآحدة وإلى الأبد!!!
إن الجماعات التي تحمل السلاح الآن في السودان وتخوض حرب عصابات ... إنما إنطلقت من الأقاليم البعيدة حيث جماهير الأحزاب الطائفية ... سواءً كان ذلك في غرب السودان "دارفور وكردفان" أو جنوب السودان, أعني جنوب كرفان وجنوب النيل الأزرق ... ففي هذه البقاع عشعشت الطائفية وزيّفت إرادة الجماهير من دون أن تستفيد هذه الجماهير شيئآ ولو يسيرآ من التنمية والخدمات ... فتراكمت هذه المظالم نصف قرن تقريبآ ... فملّ الناس الإهمال وسئموا التهميش ... فإنتفضت جماهير هذه الأقاليم تريد حقوقها المشروعة في العدالة والمساواة!!
ولن تقف حروب العصابات في هذه الأقاليم حتى تكون حركات هذه الأقاليم هي البديل الطبيعي للأحزاب الطائفية ... وتصير قيادات هذه الحركات هي الممثل الوحيد لأهلها في الريف ... لا قيادات الطائفية الزائفة!!!
لقد فشلت الحركة الإسلامية السودانية منذ البداية في توصيّف ثورتها توصيّفآ علميآ صحيحآ ... توصيّفآ ينسجم ويتطابق مع المرحلة التاريخية والتنموية التي يمر بها السودان .... وكان الأولّى بالحركة الإسلامية أن توصف ثورتها بأنها ثورة إجتماعية جاءت لكي تحرر الطبقات الشعبية والوسطى السودانية إقتصاديآ وإجتماعيآ وثقافيآ بعد التحرر السياسي الذي جاء عقب الإستقلال!!
تمامآ كما فعلت ثورة يوليو الناصرية!! طرحآ كهذا كان سيقرِّب "ثورة الإنقاذ" من الأقاليم التي حمل أبناؤها السلاح ضدها ... كما كان سيقربها من - اليسار السوداني الذي تحظى الثورة الإجتماعية بحظ وآفر في برنامجه السياسي - والذي يحاول الآن أن يتحالف مع حركات الأقاليم المسلحة!!
إن البون ليس بشاسع والشقة ليست ببعيدة بين الإسلاميين " الوطنيين" واليساريين "الملتزمين"!! لقد كان لينين معجبآ بالنبي محمد (صلعم) ... كقائد وطني تخطى جدار القبلية السميك في ذلك الزمن السحيق ... ووحّد الأمة العربية في دولة مركزية واحدة ... وكزعيم سياسي فجّر ثورة إجتماعية فريدة من نوعها ... ساوت بين جميع الإثنيات والشعوب, وأحترمت الثقافات المختلفة في إطار المبادىء والقيم الإسلامية ... ومن فرط إعجابه بالإسلام وروحه الثورية ومضامينه الإجتماعية المتقدمة ... أجرت الثورة البلشيفية إتصالات سياسية ودبلوماسية مع معاصرها الثائر في شبه الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز آل سعود عندما سطع نجم هذا الأخير في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي!!!
ومن عجب أن يهّرول عميد الطائفية السياسية الصادق المهدى إلى الحركات المسلحة ... بعد طول عداء لها, ومكر بها, وتخابث عليها ... أن يسرع للتحالف والائتلاف معها في جبهة للمعارضة ... ظنآ من المهدي أن زمان الحرب والقتال قد ولىَّ ... ولم يبق إلا خيار الحوار والتفاوض ... وبالتالي فإن الموسم - في نظر المهدي - موسم حصاد ... حصاد ما زرعته الحركات المسلحة بنضالها ... وهو المهدي أولى السياسيين وأجدرهم بقطف ثمار ما زرعته الحركات ... عن طريق التحاور والتفاوض "أليس هذا هو الإقطاع السياسي بعينه, بعد الإقطاع الإقتصادي الذي مارسته عائلة المهدي في الجزيرة أبا ومشاريع النيل الأبيض ودائرة المهدي التي تجمع الزكاة من الأقاليم المختلفة لكي توردها في أم درمان ... تاركة مستحقي الزكاة في الأقاليم صفر الأيادي من حقهم الشرعي؟". والأعجب من هرولة المهدي أن يرحب به "مناوي" ودكتور "جبريل" معارضآ ثوريآ في صفوفهم!! أين الحس الثوري الفطري يا دكتور جبريل ويا مناوي؟؟ وأين الأصالة الفكرية والنقاء الثوري, وهل تتحالف الضحية مع جلاّدها أو الشاة مع جزارها؟؟؟
وحيَّ الله عبدالواحد نور زعيم حركة تحرير السودان ... الذي رفض التحالف والائتلاف مع المهدي ... ونأى بنفسه عن "نداء السودان" الذي يعترف بالمهدي معارضآ أصيلآ في صفوف المعارضة ... وكشف الأستاذ عيدالواحد نوايا المهدي الخبيثة في إنتحال قضية الحركات العادلة .... لتوظيفها لأهدافه الأنانية!!!
نحن القوى الثورية في غرب السودان لا نتحالف مع المهدي ولا نتكامل معه في مشروع واحد ... بل نحن نقيض واضح للرجعية والدجل الذي يمثلهما المهدي ... فالحركات الثورية الأصيلة والجديرة بهذا الوصف ... مع المهدي ... نقيضان, ينفي أحدهما الآخر ...
وفي هذا الصدد - يزكرني تحالف المهدي مع الجبهة الثورية ببيتّي شعر للشاعر الغزلي عمر بن أبي ربيعة الذي ولد يوم قُتِل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. فقال نقاد شعره فيما بعد عن مفارقة ميلاده ومقتل عمر!!! أيٌّ حقٍ رُفع وأيٌّ باطل وُضع!!
قال شاعر الغزل متهكمآ ممن زوَّج محبوبته "ثريا" من رجل يُدعى "سُهيل" ... ومتسائلآ أنه إذا إجتمع كوكب ثريا الشمالي المدار بكوكب سهيل الجنوبي المدار ... فإن الزواج سوف ينجح ... أما إذا إستحال لقاء الكوكبين ... فكيف لهذا الزواج أن يستمر؟؟
أيها المنكح الثريا سهيلآ ***** عمرك الله - كيف يجتمعان
هي شامية إذا ما إستقلت ***** وسهيل إذا استقل يماني؟؟
فنحن القوى الثورية في غرب السودان ... نحن البديل الحديث والديمقراطي والشرعي والأصيل المعبرين بصدق - عن مطالب وطموحات أهلنا وجماهيرنا في غرب السودان ... لا المهدي ولا أبناء المهدي ... وفي فجر الإستقلال ردد الإتحاديون بفطرتهم السليمة ووطنيتهم الحقّة شعارهم الداويّ "الكهنوت مصيره الموت" ... وهي نبوءة عفوية من نفوس صافية وضمائر نقية ترفض الدجل والتجديف في العقيدة والدين, والآن قد حان وقت موت الكهنوت سياسآ على الأقل!!!
لقد تراجع السودان من دولة كانت محورية في شرق أفريقيا إبان الحقبة الإستعمارية ... إلى دولة تابعة ورديفه - في حقبة الإستقلال- تدور في فلك مصر ... أو في فلك إثيوبيا حينما تتوتر علاقاتها مع مصر!! وحدث ذلك كله بسبب حكم الطائقية السياسية والعسكر الذين تناوبا على حكم البلاد منذ الإستقلال وإلى اليوم هذا ... مرة بإسم "الديمقراطية" وتارة بإسم "الثورة" والثورة والديمقراطية معآ منهما براء!!
إن الطائفية السياسية مؤسسة عقيمة محدودة الأفق ... بل لا أفق لها ... فهي منكفئة على ذاتها ... لا ترى إلا مصالحها العائلية والطبقية المحدودة!! ولا ترى مصلحة الوطن السوداني الواسع والعريض ... أرضآ وشعوبآ وقبائل!!
وما يحدث في السودان منذ عقود ستة ... هو شىء شديد الشبه بما حدث في إمبراطورية إثيوبيا الحبشية في الربع الأخير من القرن الماضي, حيث ثارت شعوب الإمبراطورية الإثيوبية مجتمعة على إثنية الأمهرا ... التي حكمت إثيوبيا منذ قرون ... ثارت شعوب الإمبراطورية الإثيوبية عندما إستنارت وتفتّح وعيها السياسي على طبقة وإثنية الإمهرا ... فكان ما كان من سقوط الدكتاتور منغستو هيلامريام ... ثم إنفصال إرتيريا ... وإنتقال الحكم من إثنية الأمهرا إلى الشعوب والإثنيات الإثيوبية الأخرى.

عندنا في السودان إنفصل جنوب السودان بذات الأساليب والإجراءات التي إنفصل بها إقليم أرتيريا من الدولة الإثيوبية ... فلم يحل إنفصال جنوب السودان المشكلة ... ولا زالت الثورة مستمرة في أقاليم السودان المتعددة ... ولا زال الحِراك متواصلآ!! ربما يخبو لهب الثورة حينآ ويتوارى إضطرابه ... ولكن بذرة الثورة كامنة في "اصل المشكلة" ... من يحكم السودان, ولمصلحة من يحكمه؟؟ نحن الآن في السودان تحكمنا طبقة وإثنية واحدة ... فما لم تُذَوّبَ هذه الطبقة وهذه الإثنية لتحل مكانها مؤسسة قومية تحكم البلاد لصالح كل العباد ... لن تقف الحرب ولن يهدأ الصراع!!
وقديمآ صَكّ أجدادنا الطيبون وجداتنا الطيبات مثلآ شريدآ ... ظل لاصقآ بالذاكرة الشعبية ... فقالوا:
"حلآ باليدين ... ولا ... حلآ بالسُنُونِ!!"
والمثل الشعبي أعلاه هو فهم سليم وتشبيه عبقري مُجسِد لقول الله تعالى " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم , وإتقوا الله لعلكم تُرحمون". وقوله تعالى "فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"... وكل حلٍ دون "العدل" وأقلّ من "القسط" ... هو خِداعٌ للجماهير وخِداعٌ للنفس أيضآ!!
إن الرئيس البشير وصاحبيه علي عثمان طه ونافع علي نافع منذ أن صعدوا إلى سُدة الحكم ... أقبلوا على السلطة بحرص وتعاطوها بنهم وشراهه ... فوكلهم الله إلى "أنفسهم" ولم يعنهم ... كما جاءت بذلك الأحاديث النبوية الشريفة - في من كانت هذه صفته في تعاطي السلطة!!
ويمكنك أن تتصور - أخي القارىء - حال من وكَلَه الله الى نفسه ولم يعنه ولم يسدده ولم يبارك له في سعيه, حالٌ صورها شاعرٌ حكيم في قوله:
إذا لم يكن من اللهِ عون للفتى * فأول ما يجني عليه إجتهاده
وهكذا جاء إجتهاد البشير وصاحبيه!!
- محاولة إغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا ... كم صُرِف عليها من المال والجهد؟؟ وكم روح بريئة أُزهِقت بسببها!!
- تبديد مال البترول في شراء ورشوة الدول والحكومات!!
- شراء ورشوة "الخواجات" ورؤساء الإستخبارات النافذين ... كم يا ترى ثمن الخواجة الهولندي أو رجل إستخبارات كموسى كوسه الذي كان يجلس على كنوز القذافي؟؟
والقائمة طويلة ... ونزع الله البركة حتى من القرارات الصائبة التي إتخذوها ... فجاءت بنتائج غير تلك التي كانوا يرجونها ... مثال ذلك إتفاثية السلام الشامل مع جنوب السودان ....فبإغتيال قرنق أُغتيل معه كل أمل في بقاء السودان وطنآ وآحدآ موحدآ!!
لقد آن الأوان أن تأخذ الحركة الإسلامية - كتنظيم ثوري/مؤسسي - زمام أمرها بيدها ... ولا تفرط فيه مرة أخرى لزعيم فرد كائنآ من كان ... ولا لشرذمة قليلين, ويكفي الحركة الإسلامية فضلآ ويزينّها شرفآ أن تطلّع بدور الثورة السودانية الوطنية".
وأدناه أحصي وأوضح ملامح الثورة السودانية الوطنية - ثورة غير أيدولوجية في مراحلها الأولى:
أ- تصفية الطائفية السياسية
ب- ترويض الجيش والعسكر
ج- إستئصال البلطجية والبلطجيات من الساحة السياسية
د- عقم مؤسسة الجلابة ... تذويبها ... وبلورة مؤسسة قومية وطنية بديلآ عنها
ه- تشكيل حكومة ثورية ... تأتي بالسلام وتوقف نزيف موارد السودان البشرية قبل المادية.

إسماعيل إدريس نوّاي
رئيس فصيل / حركة القوى السودانية الثورية الديمقراطية
والعضو المؤسس لحركة تحرير السودان
جيبوتي - 24 أبريل 2016

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
إن أي إستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية في السودان لكي يخرج من دائرة الإنقلاب العسكري ... ويصير ثورة بالمعنى الإصطلاحي للكلمة ... لا بد أن يحسم القائمون عليه الطرفين الفاعلين الأساسيين في السياسة السودانية منذ إستقلال البلاد ... وهما: الطائفية السياسية والقوات المسلحة.
ولكي يفعل "التنظيم الثوري" الذي إستولى على السلطة ذلك ... لا بد أن يخرج من البداية مُظهِرآ نفسه ومُبديآ وجهه الحقيقي غير هيّاب ولا خجِل ... ولا متخفيآ وراء وآجهة زائفة - كالقوات المسلحة - مثلآ ... فكما يقول المثل السوداني "البرقص ما بغطي دقنه". وذلك لكي تكون الأمور واضحة منذ البداية , ولا تختلط الأوراق ... أو تتزاحم الأدوار ... فيدعي "العسكر" في وقت لاحق - أنهم هم الذين نفذوا الثورة وإستولوا على السلطة!! ... بل ينبغي أن يُلزِم "التنظيم الثوري" العسكر عند حدهم منذ البداية! فالجيش فصيل وآحد فقط من فصائل قوى الثورة الحاشدة التي نفذت الثورة وإستولت على السلطة!! قال الله تعالى: "يمنُّون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليَّ إسلامكم, بل الله يمُن عليكم إن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين".
وهكذا ينبغي أن يستمر الضغط على العسكر وترويضهم بشتى الوسائل حتى يتمَّ تأطيرهم بالكامل في جهاز الدولة المتناسق والمنسجم!! ومن ثم يعودوا إلى ثكناتهم ... ويصير الجيش 1- جيشآ وطنيآ, 2- جيشآ مهنيآ, 3- تحت سيطرة السلطة التنفيذية بالكامل.
والنموذج التركي وآضح وجليّ في هذا الشأن ... فحزب العدالة والتنمية التركي منذ صعد إلى السلطة قبل ثلاثة عشر عامآ فقط!! رسم معالم تجربة وطنية جديرة بالإقتداء ... فالحزب "الديمقراطي / الثوري" تناول المؤسسة العسكرية التركية - والتي كانت تمثل دولة داخل الدولة ... وتمارس "حق النقض" على الحكومات التركية المتعاقبة – تناولها بالتاديب والترويض حتى صارت قوى أليفة وآدعة تتناغم وتنسجم مع أجهزة الدولة التركية الأخرى ... ولا تستطيع - بل لا تفكر- أن تتجاوز السلطة التنفيذية بأية حال من الأحوال!!!
أما الطائفية السياسية: أعني الأحزاب التقليدية المعروفة, والتيارات الإسلامية المتعاطفة معها والتي لحقت بها وتحالفت معها ... كتيار غازي صلاح الدين والطيب مصطفى والشخصيات الإسلامية المتعاطفة معها كمصطفى عثمان إسماعيل وغيره ... هذه قوى فاقدة الصلاحية للسياسية ... لقد إنتهت صلاحيتها السياسية ... سواءً كان ذلك للحكم ... أو للمعارضة بصورة إيجايبة.

لقد تاسست الأحزاب التقليدية نتيجة لمكر الإستعمار البريطاني ودسائسه ... وأيضآ لغفلة مؤتمر الخريجين الذي كان يمثل القوى الحديثة السودانية يومئذٍ ... الإستعمار أراد أن يورط السياسة السودانية في الدين الزائف غير ذي المضمون ... وبذلك يعملق التناقض بين شمال وجنوب السودان ... واراد أيضآ أن يحقن شمال السودان بحقنة الكساح والشلل قبل إنطلاقة الإستقلال!! فتدخل البلاد في صراع طائفي/سياسي يقعدها عن النهضة والتقدم ... ويظل بالتالي السودان - وبعد رحيل الإستعمار - تابعآ للإستعمار يدور في فلكه سياسيآ وإقتصاديآ وثقافيآ.
أما مؤتمر الخريجين فقد بدأ وإنطلق في أوآخر الثلاثينات من القرن الماضي ... بداية صحيحة ومتعافية ... جمع فيها كل القوى الحديثة السودانية في تنظيم سياسي وآحد ... على غِرار حزب المؤتمر الهندي, وظل مؤتمر الخريجين طيلة العشر سنوات الأولى من تكوينه مهيمنآ على الساحة الوطنية سياسيآ وثقافيآ وإجتماعيآ ... وموجهآ وحيدآ لنضال الشعب السوداني.
ولكن نتيجة للغفلة وعدم الحذر ذهبت مجموعات من مثقفي المؤتمر وناشطية إلي الزعماء الطائفيين بهدف جذبهم وجماهيرهم إلى ساحة النضال الوطني ... فوقعوا أسرى في فخّ الطائفية ... ومن ثمّ تفرقوا بين الزعامات الدينية المتعددة ... فإنفرط عقد مؤتمر الخريجين وذهبت ريحهم وتفرق جمعهم ... وتكونت بديلآ له الأحزاب الطائفية.
لقد آن الأوان أن نصحح أخطاء أسلافنا ... ونعيد وضع السياسة السودانية في سياقها الصحيح ... ونُجهِز على الطائفية السياسية - التي ضعٌفت وتآكلت - مرة وآحدة وإلى الأبد!!!
إن الجماعات التي تحمل السلاح الآن في السودان وتخوض حرب عصابات ... إنما إنطلقت من الأقاليم البعيدة حيث جماهير الأحزاب الطائفية ... سواءً كان ذلك في غرب السودان "دارفور وكردفان" أو جنوب السودان, أعني جنوب كرفان وجنوب النيل الأزرق ... ففي هذه البقاع عشعشت الطائفية وزيّفت إرادة الجماهير من دون أن تستفيد هذه الجماهير شيئآ ولو يسيرآ من التنمية والخدمات ... فتراكمت هذه المظالم نصف قرن تقريبآ ... فملّ الناس الإهمال وسئموا التهميش ... فإنتفضت جماهير هذه الأقاليم تريد حقوقها المشروعة في العدالة والمساواة!!
ولن تقف حروب العصابات في هذه الأقاليم حتى تكون حركات هذه الأقاليم هي البديل الطبيعي للأحزاب الطائفية ... وتصير قيادات هذه الحركات هي الممثل الوحيد لأهلها في الريف ... لا قيادات الطائفية الزائفة!!!
لقد فشلت الحركة الإسلامية السودانية منذ البداية في توصيّف ثورتها توصيّفآ علميآ صحيحآ ... توصيّفآ ينسجم ويتطابق مع المرحلة التاريخية والتنموية التي يمر بها السودان .... وكان الأولّى بالحركة الإسلامية أن توصف ثورتها بأنها ثورة إجتماعية جاءت لكي تحرر الطبقات الشعبية والوسطى السودانية إقتصاديآ وإجتماعيآ وثقافيآ بعد التحرر السياسي الذي جاء عقب الإستقلال!!
تمامآ كما فعلت ثورة يوليو الناصرية!! طرحآ كهذا كان سيقرِّب "ثورة الإنقاذ" من الأقاليم التي حمل أبناؤها السلاح ضدها ... كما كان سيقربها من - اليسار السوداني الذي تحظى الثورة الإجتماعية بحظ وآفر في برنامجه السياسي - والذي يحاول الآن أن يتحالف مع حركات الأقاليم المسلحة!!
إن البون ليس بشاسع والشقة ليست ببعيدة بين الإسلاميين " الوطنيين" واليساريين "الملتزمين"!! لقد كان لينين معجبآ بالنبي محمد (صلعم) ... كقائد وطني تخطى جدار القبلية السميك في ذلك الزمن السحيق ... ووحّد الأمة العربية في دولة مركزية واحدة ... وكزعيم سياسي فجّر ثورة إجتماعية فريدة من نوعها ... ساوت بين جميع الإثنيات والشعوب, وأحترمت الثقافات المختلفة في إطار المبادىء والقيم الإسلامية ... ومن فرط إعجابه بالإسلام وروحه الثورية ومضامينه الإجتماعية المتقدمة ... أجرت الثورة البلشيفية إتصالات سياسية ودبلوماسية مع معاصرها الثائر في شبه الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز آل سعود عندما سطع نجم هذا الأخير في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي!!!
ومن عجب أن يهّرول عميد الطائفية السياسية الصادق المهدى إلى الحركات المسلحة ... بعد طول عداء لها, ومكر بها, وتخابث عليها ... أن يسرع للتحالف والائتلاف معها في جبهة للمعارضة ... ظنآ من المهدي أن زمان الحرب والقتال قد ولىَّ ... ولم يبق إلا خيار الحوار والتفاوض ... وبالتالي فإن الموسم - في نظر المهدي - موسم حصاد ... حصاد ما زرعته الحركات المسلحة بنضالها ... وهو المهدي أولى السياسيين وأجدرهم بقطف ثمار ما زرعته الحركات ... عن طريق التحاور والتفاوض "أليس هذا هو الإقطاع السياسي بعينه, بعد الإقطاع الإقتصادي الذي مارسته عائلة المهدي في الجزيرة أبا ومشاريع النيل الأبيض ودائرة المهدي التي تجمع الزكاة من الأقاليم المختلفة لكي توردها في أم درمان ... تاركة مستحقي الزكاة في الأقاليم صفر الأيادي من حقهم الشرعي؟". والأعجب من هرولة المهدي أن يرحب به "مناوي" ودكتور "جبريل" معارضآ ثوريآ في صفوفهم!! أين الحس الثوري الفطري يا دكتور جبريل ويا مناوي؟؟ وأين الأصالة الفكرية والنقاء الثوري, وهل تتحالف الضحية مع جلاّدها أو الشاة مع جزارها؟؟؟
وحيَّ الله عبدالواحد نور زعيم حركة تحرير السودان ... الذي رفض التحالف والائتلاف مع المهدي ... ونأى بنفسه عن "نداء السودان" الذي يعترف بالمهدي معارضآ أصيلآ في صفوف المعارضة ... وكشف الأستاذ عيدالواحد نوايا المهدي الخبيثة في إنتحال قضية الحركات العادلة .... لتوظيفها لأهدافه الأنانية!!!
نحن القوى الثورية في غرب السودان لا نتحالف مع المهدي ولا نتكامل معه في مشروع واحد ... بل نحن نقيض واضح للرجعية والدجل الذي يمثلهما المهدي ... فالحركات الثورية الأصيلة والجديرة بهذا الوصف ... مع المهدي ... نقيضان, ينفي أحدهما الآخر ...
وفي هذا الصدد - يزكرني تحالف المهدي مع الجبهة الثورية ببيتّي شعر للشاعر الغزلي عمر بن أبي ربيعة الذي ولد يوم قُتِل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. فقال نقاد شعره فيما بعد عن مفارقة ميلاده ومقتل عمر!!! أيٌّ حقٍ رُفع وأيٌّ باطل وُضع!!
قال شاعر الغزل متهكمآ ممن زوَّج محبوبته "ثريا" من رجل يُدعى "سُهيل" ... ومتسائلآ أنه إذا إجتمع كوكب ثريا الشمالي المدار بكوكب سهيل الجنوبي المدار ... فإن الزواج سوف ينجح ... أما إذا إستحال لقاء الكوكبين ... فكيف لهذا الزواج أن يستمر؟؟
أيها المنكح الثريا سهيلآ ***** عمرك الله - كيف يجتمعان
هي شامية إذا ما إستقلت ***** وسهيل إذا استقل يماني؟؟
فنحن القوى الثورية في غرب السودان ... نحن البديل الحديث والديمقراطي والشرعي والأصيل المعبرين بصدق - عن مطالب وطموحات أهلنا وجماهيرنا في غرب السودان ... لا المهدي ولا أبناء المهدي ... وفي فجر الإستقلال ردد الإتحاديون بفطرتهم السليمة ووطنيتهم الحقّة شعارهم الداويّ "الكهنوت مصيره الموت" ... وهي نبوءة عفوية من نفوس صافية وضمائر نقية ترفض الدجل والتجديف في العقيدة والدين, والآن قد حان وقت موت الكهنوت سياسآ على الأقل!!!
لقد تراجع السودان من دولة كانت محورية في شرق أفريقيا إبان الحقبة الإستعمارية ... إلى دولة تابعة ورديفه - في حقبة الإستقلال- تدور في فلك مصر ... أو في فلك إثيوبيا حينما تتوتر علاقاتها مع مصر!! وحدث ذلك كله بسبب حكم الطائقية السياسية والعسكر الذين تناوبا على حكم البلاد منذ الإستقلال وإلى اليوم هذا ... مرة بإسم "الديمقراطية" وتارة بإسم "الثورة" والثورة والديمقراطية معآ منهما براء!!
إن الطائفية السياسية مؤسسة عقيمة محدودة الأفق ... بل لا أفق لها ... فهي منكفئة على ذاتها ... لا ترى إلا مصالحها العائلية والطبقية المحدودة!! ولا ترى مصلحة الوطن السوداني الواسع والعريض ... أرضآ وشعوبآ وقبائل!!
وما يحدث في السودان منذ عقود ستة ... هو شىء شديد الشبه بما حدث في إمبراطورية إثيوبيا الحبشية في الربع الأخير من القرن الماضي, حيث ثارت شعوب الإمبراطورية الإثيوبية مجتمعة على إثنية الأمهرا ... التي حكمت إثيوبيا منذ قرون ... ثارت شعوب الإمبراطورية الإثيوبية عندما إستنارت وتفتّح وعيها السياسي على طبقة وإثنية الإمهرا ... فكان ما كان من سقوط الدكتاتور منغستو هيلامريام ... ثم إنفصال إرتيريا ... وإنتقال الحكم من إثنية الأمهرا إلى الشعوب والإثنيات الإثيوبية الأخرى.

عندنا في السودان إنفصل جنوب السودان بذات الأساليب والإجراءات التي إنفصل بها إقليم أرتيريا من الدولة الإثيوبية ... فلم يحل إنفصال جنوب السودان المشكلة ... ولا زالت الثورة مستمرة في أقاليم السودان المتعددة ... ولا زال الحِراك متواصلآ!! ربما يخبو لهب الثورة حينآ ويتوارى إضطرابه ... ولكن بذرة الثورة كامنة في "اصل المشكلة" ... من يحكم السودان, ولمصلحة من يحكمه؟؟ نحن الآن في السودان تحكمنا طبقة وإثنية واحدة ... فما لم تُذَوّبَ هذه الطبقة وهذه الإثنية لتحل مكانها مؤسسة قومية تحكم البلاد لصالح كل العباد ... لن تقف الحرب ولن يهدأ الصراع!!
وقديمآ صَكّ أجدادنا الطيبون وجداتنا الطيبات مثلآ شريدآ ... ظل لاصقآ بالذاكرة الشعبية ... فقالوا:
"حلآ باليدين ... ولا ... حلآ بالسُنُونِ!!"
والمثل الشعبي أعلاه هو فهم سليم وتشبيه عبقري مُجسِد لقول الله تعالى " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم , وإتقوا الله لعلكم تُرحمون". وقوله تعالى "فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"... وكل حلٍ دون "العدل" وأقلّ من "القسط" ... هو خِداعٌ للجماهير وخِداعٌ للنفس أيضآ!!
إن الرئيس البشير وصاحبيه علي عثمان طه ونافع علي نافع منذ أن صعدوا إلى سُدة الحكم ... أقبلوا على السلطة بحرص وتعاطوها بنهم وشراهه ... فوكلهم الله إلى "أنفسهم" ولم يعنهم ... كما جاءت بذلك الأحاديث النبوية الشريفة - في من كانت هذه صفته في تعاطي السلطة!!
ويمكنك أن تتصور - أخي القارىء - حال من وكَلَه الله الى نفسه ولم يعنه ولم يسدده ولم يبارك له في سعيه, حالٌ صورها شاعرٌ حكيم في قوله:
إذا لم يكن من اللهِ عون للفتى * فأول ما يجني عليه إجتهاده
وهكذا جاء إجتهاد البشير وصاحبيه!!
- محاولة إغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا ... كم صُرِف عليها من المال والجهد؟؟ وكم روح بريئة أُزهِقت بسببها!!
- تبديد مال البترول في شراء ورشوة الدول والحكومات!!
- شراء ورشوة "الخواجات" ورؤساء الإستخبارات النافذين ... كم يا ترى ثمن الخواجة الهولندي أو رجل إستخبارات كموسى كوسه الذي كان يجلس على كنوز القذافي؟؟
والقائمة طويلة ... ونزع الله البركة حتى من القرارات الصائبة التي إتخذوها ... فجاءت بنتائج غير تلك التي كانوا يرجونها ... مثال ذلك إتفاثية السلام الشامل مع جنوب السودان ....فبإغتيال قرنق أُغتيل معه كل أمل في بقاء السودان وطنآ وآحدآ موحدآ!!
لقد آن الأوان أن تأخذ الحركة الإسلامية - كتنظيم ثوري/مؤسسي - زمام أمرها بيدها ... ولا تفرط فيه مرة أخرى لزعيم فرد كائنآ من كان ... ولا لشرذمة قليلين, ويكفي الحركة الإسلامية فضلآ ويزينّها شرفآ أن تطلّع بدور الثورة السودانية الوطنية".
وأدناه أحصي وأوضح ملامح الثورة السودانية الوطنية - ثورة غير أيدولوجية في مراحلها الأولى:
أ- تصفية الطائفية السياسية
ب- ترويض الجيش والعسكر
ج- إستئصال البلطجية والبلطجيات من الساحة السياسية
د- عقم مؤسسة الجلابة ... تذويبها ... وبلورة مؤسسة قومية وطنية بديلآ عنها
ه- تشكيل حكومة ثورية ... تأتي بالسلام وتوقف نزيف موارد السودان البشرية قبل المادية.

إسماعيل إدريس نوّاي
رئيس فصيل / حركة القوى السودانية الثورية الديمقراطية
والعضو المؤسس لحركة تحرير السودان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.