عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. السماء زرقاء صافية،تتخللها سحب بيضاء تتحرك للوراء في عجل،من الاسفل،المحيط ايضا ازرق، ترى ايهما انعكاس للآخر،ناقلات النفط العملاقة متناثرة كالبثور على سطح المحيط الذي يبدو هادئا. المطار في غاية الزحام،الشاشات في الصالات تنبي عن عشرات الرحلات الداخلية و بضع رحلات خارجية،تلفت في صالة الوصول،زحام لا يشبه الزحام في المطارت و فوضى في كل شيء، مسافرون يحملون كميات خرافية من العفش و الأغراض. الزي الأفريقي الواسع يوحي بعدم فائدة علم الإقتصاد و التدبير،فالرجل يلبس قرابة العشرين مترا من القماش،زي المرأة اقل من ذلك، الألوان ، قوس قزح او تزيد،بعضها متنافر،الأحمر و الأزرق و الأخضر و الأصفر تتداخل بدرجاتها المختلفة.اكملنا اجراءاتنا الهجرية و خرجنا. الطرقات في غاية الإزدحام و الفوضى،عند تقاطع ما توقفنا قرابة الساعة،مرافقنا قال ان سجلات الخدمة المدنية لا تعرف التأخير عن العمل كما لا تعرف الغياب،فالكل في الطريق.الهواتف النقالة و الرسائل النصية خففت من فداحة الأمر. لاغوس..عاصمة سابقة لدولة نيجيريا،تحوز وبلا منافس لقب اكثر المدن الافريقية زحاما وامنحها لقب اكثر عواصم العالم فوضى. الثراء الفاحش و الفقر المدقع يتساكنان و يتعايشان،بيوت فارهة و احياء كاملة من الصفيح في عاصمة اغنى دول افريقيا و اكثرها في عدد السكان، مائة و خمسة وعشرين مليونا من البشر، نصيب لا غوس خمسة و عشرين مليونا.السيارات فارهة و غاية الفخامة و الطرقات بائسة تنبي عن فساد في مكان ما. لاغوس في الركن الجنوبي الغربي لدولة نيجيريا،سكانها الإيبو و اليوروبا،الفصود التي تمتد في الوجه طوليا من منابت الشعر الى اسفل الحنك،يتجولون بالزي الإفريقي المميز متعدد الألوان،الوانه زاهية،النساء بدينات ، الضجيج و الزحام والفوضى هي طابع الحياة اليومية. الموقع المتطرف للمدينة جعلها اقرب لعواصمبنين و غانا من مدن نيجيريا الأخرى و ارتباطها بالطرق المعبدة جعل الميسورين من اهل غانا و بنين يتجولون في لاغوس بسيارات تحمل لوحات بلدانهم. سكان لاغوس مرحون و يحبون الطرفة،شينوا اجيبي الكاتب الشهير وصديقه اللدود وول شوينكا يتبادلان القفشات و التبكيت، في احدى المقابلات التلفزيونية مع شينوا اشيبي سالوه عن اعظم الكتاب النيجيريين،اجابهم اعظم كاتب نيجيري هو وول شوينكا،الحائز على جائزة نوبل في الأدب، ولما سالوه عن اعظم اعمال وول شوينكا كانت اجباته المرحة الصاعقة المتهكمة : الأشياء تتداعى. مكمن المفاجأة ان تلك الرواية هي من أعمال شينوا اشيبي،الذي يتحدث على الهواء في اشارة الى احقيته بالجائزة العالمية. الجو الحار الرطب و عدم انتظام التيار الكهربائي يجعل التسكع خارج المساكن هو الشيء الوحيد الممكن،نتناول وجبة خفيفة من الأقاشي(شرائح اللحم متبل في الشطة و البهار مشويا على الجمرمضافا اليها بودرة الفول السوداني المحمص) و الطعمية (الفلافل) المصنوعة من اللوبيا البيضاء،تلك وجبة افتقدتها اربعين عاما منذ انتقالي للحياة في الخرطوم حيث تم استبدال اللوبيا البيضاء بالحمص،كانت حجة عشة تتفنن في صناعة الطعمية باضافة البصل و الشمار الأخضر، تطوف طرقات قلع النحل تقدم وجبة زهيدة محببة للجميع نغمسها في الشطة و نحشوها في الرغيف الساخن،نتناول منها بلا حساب و تقبل ما نعطيها بلا حساب،احيانا لا تحصل على شيء ،تعرف مكرنا و الاعيبنا ،تبتسم و تقول الله يخليكم يا عيالي،اللهم ارحمها و اغفر لها. مرة تورطنا في حالة زحام،منذ العاشرة و حتى الثانية ظهرا لم نتحرك شبرا واحدا،مر علينا مئات الباعة المتجولون، يعرضون علينا بضاعتهم و يلحون علينا لتشتري،من امواس الحلاقة و فرشاة الأسنان الى التلفاز و الثلاجة يحملونها على الظهر للبيع في الطرقات عند التقاطعات و مظان الزحام.على جانبي الطريق يمكنك شراء لحم و الدفع به لمن يتولى طهيه وتتناول وجبتك و انت اسير الزحام.أحد مرافقي حاول مرة تناول طعام من أحد الباعة الذين يطبخون في الرصيف،جاءني يهرول مفزوعا،قال ان القدر يحوي لحم البقر و الخنزير و الفراخ و السمك ومخلوقات اخرى و عليك ان تختار ماتريد، قلت له عليكم بالبيض و السمك او الصوم. البعض دبر مولدا كهربائيا ليعرض افلام السينما النيجرية،ذلك يدر دخلا معتبرا في مدينة يتسكع فيها عشرة مليون انسان في سن الصبا و الشباب.السينما النيجيرية تتقدم منافسا للسينما الهندية، انا اتحدث عن الكم و ليس النوع. الزحام دفع الحكام لنقل العاصمة لمكان آخر،اختاروا ابوجا. السفر بالطيران في نيجيريا مدرسة و أي مدرسة،شركات الطيران تبيع من التذاكر اربعة اضعاف حمولة الطائرة و تؤكد الحجز في تذاكر ضعف حمولة الطائرة،لذلك رايت عددا من الركاب يجرون تحت ابواب الطائرة عند هبوطها لينالوا فرصة الصعود للطائرة قبل غيرهم،تساءلت عن اجراءات السلامة و الأمان و سخروا مني وقالو: الفساد لا يعرف استثناء