إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تعليل. ما يجري)    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان أزمات معقدة متشابكة (معارضة /نظام/وساطة دولية) .. بقلم: حافظ إسماعيل محمد
نشر في سودانيل يوم 25 - 08 - 2016

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
تمر دولة السودان بمرحلة حرجة في تاريخها الحديث بعد انفصال جنوبها بسبب الحروب وحصوله علي صفة أحدث دولة في العالم فى عام 2011 بإعتراف الأسرة الدولية فقد إستمرت الحروب بذات شعارات حرب الجنوب في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور ولم تنعم ما تبقي من الدولة بالسلام فقد أظهر إنفصال الجنوب وإستمرار الحرب الأزمة الإقتصادية الطاحنة بصورة غير مسبوقة ونسبة لفشل السياسات الاقتصادية لنظام المؤتمرالوطني والكلفة الباهظة للحروب في جنوب السودان الجديد (جنوب كردفان والنيل الأزرق ) ودارفور وميزانية أمن النظام الضخمة وعدم وجود موارد وإنعزال النظام عن الشعب وقضاياه والمعاناة المتطاولة للشعب وتذمره الذي ينبيء بخروجه إلي الشارع حاول النظام فك عزلته بمحاولات الانفتاح داخليا وخارجيا حتي يتمكن من رفع الحصار الاقتصادي المفروض عليه منذ ان اضافته الولايات المتحدة لقائمة الدول الداعمة للارهاب 1998م .
حاول النظام فك العزلة الداخلية والخاجية ضمن محاولات أخري بإستحداث ما سمي بالحوار الوطني في يناير 2015 وهو إعتراف صريح بالإزمة والفشل من خلاله يسعي النظام لإستمالة قوي المعارضة وتوحيد الجبهة الداخلية ولكن يرفض النظام الوفاء بأهم استحقاقات الحوار المتمثل في خلق المناخ الملائم للحوار بالغاء القوانين المقيدة للحريات والمكبلة للممارسات الديمقراطية المتمثلة في حريات التعبير والتنظيم و لذلك الحوار حتى الآن لم يبرح مكانه
اصدر مجلس الامن والسلم الافريقي عدة قرارت وموجهات لدعم العملية السلمية في السودان بإصدار إعلانات منها في اجتماعاته رقم 456,539 وضمن احد من بنودها عقد مؤتمر تحضيري في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا بين الحكومة والمعارضة بمكوناتها المدنية والعسكرية تمهيدا لتحويلهم الي الداخل بعد الاتفاق علي الخطوات التي تقود الى حوار جاد ومثمر لكن حكومة المؤتمر الوطني رفضت المشاركة في ذلك المؤتمر وأصرت علي قيام الانتخابات في ابريل 2015.
في مارس 2016 تقدمت الوساطة الدولية ممثلة في الآلية الافريقية الرفيعة بخارطة طريق رفضتها قوي نداء السودان المتمثلة في حزب الأمة والحركات المسلحة وهي حركة العدل والمساواة , حركة تحرير السودان (مناوي) والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ووقعت عليها الحكومة السودانية بصورة منفردة مما شكل ضغط شديد علي قوي نداء السودان المعارضة وبدأت محاولات ماكوكية للمبعوثين الدوليين لأجبار قوي نداء السودان علي التوقيع بالمقابل حظيت الحكومة بدعم كبير من المجتمع الدولي مما شكل ضغط علي قوي نداء السودان للتوقيع عليها في أغسطس 2016علي ان تبدأ جولات مفاوضات في محورين الأول بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة لترتيب وقف العدائيات وتوصيل المعونات الإنسانية والثاني للترتيبات الخاصة بالحاق قوي نداء السودان بالحوار داخل السودان
. لقد نجحت الضغوط الدولية في إجبار قوي نداء السودان للتوقيع علي خارطة الطريق هل ستنجح تلك الضغوط في اقناع الأطراف للاتفاق علي محاور التفاوض الأخرى و الذهاب الي حوار الداخل ونسبة لتعقيدات القضايا المطروحة للتفاوض في مرحلة مابعد خارطة الطريق في التوصل الي اتفاق ليس بالسهل خاصة بالنسبة لحركة تحرير السودان شمال والحكومة .
من الواضح ان الحكومة تريد ان تحقق لها المفاوضات ما فشلت في أن تحققه بقوة السلاح وهونشر قواتها في الحدود بين جمهورية جنوب السودان وولاية جنوب كردفان تحت دعوى السيادة وذلك يعني قطع خطوط امداد الحركة الشعبية شمال والاتفاق علي جدول زمني لنزع سلاح الحركة الشعبية وهذين الشرطين لا يمكن الاتفاق حولهما في ظل تعسر عملية التسوية في بقية الملفات السياسية الأخري وحتي لو وافق الوفد المفاوض للحركة الشعبية علي صيغ في هذا الإطار فمن الصعب تسويقها الي الجيش الشعبي لانه سيرفضها , فأي كلام عن تجريد الجيش الشعبى شمال من سلاحه دون تسوية الملفات السياسية من غير الوارد قبوله وكيف لمفاوض الحكومة ان يصدق أنه يمكن تمرير مثل تلك الشروط من خلال المفاوضات دون هزيمة الجيش الشعبي او التوصل الى اتفاق حول كل القضايا السياسية.
وكل ذلك يؤكد حقيقة واحدة هو ان استرتجية الحكومة تقوم على تقوية تشبثها بالسلطة والاستفادة من العلاقات الدولية الجديد والمصالح المشتركة مع المجتمع الدولي وبالتحديد أمريكا والاتحاد الأوربي لتقوية موقفها في السلطة دون دفع مستحقات التحول الديمقراطي و السلام المستدام والمشاركة الحقيقية في إدارة شئون البلاد.
اصبح خيار القوة العسكرية الذي ظلت تتبعه الحكومة غير ذي جدوي حيث فشلت كل الحملات العسكرية في جبال النوبة والنيل الأزرق و في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية المراهنة علي الحل العسكري سوف تفشل أيضا
لكن قوي المعارضة ليست في الوضع الجيد أيضا حيث انها مختلفة فيما بينها في نداء السودان وقوي الاجماع ....الخ وليست لديها القدرة علي إحداث الحراك الجماهيري الذي يمكن ان تقود بها النضال المدني الذي تراهن عليه, بالنسبة للحركات المسلحة فإن إستمرار العمليات العسكرية في جبال النوبة والنيل الأزرق لا يمكن ان يفرض التغير في الخرطوم فطالما الحرب بعيدة عن مواقع اتخاذ القرار سوف يظل النظام في الخرطوم يدفع بمجموعات مختلفة الي مناطق النزاعات دون الإكتراث الي ما يسببه ذلك من مآسي إنسانية ومعاناة لأهل تلك المناطق , في نفس الوقت لا يمكن الرهان على الخيار العسكرى لفترة طويلة حيث ان هناك ظروف جيوسياسية قد تتغير في نفس الوقت ليس من العدل ان يظل موطنى مناطق النزاع يدفعون استحاقات التغير الباهظة دون غيرهم.
إن قوي المعارضة مختلفة فيما بينها في مسائل عديدة بالنسبة لقوي نداء السودان تم الاتفاق علي الهيكلة واختلفوا علي من يشغل تلك المناصب وهم مازالوا في المعارضة وذلك يعطي إشارات سالبة جدا للمجتمع الدولي والمحلي حيث لا يعول كثيرا علي المعارضة كبديل معد نفسه في حالة سقوط النظام في نفس الوقت يعتبر المجتمع الدولي الخيار العسكري لاسقاط النظام غير مناسب حاليا لانه من أخطر الخيارات حتي لوتمكنت المعارضة المسلحة من الوصول الي الخرطوم فانهم يعتقدون ان تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات الاصولية الأخرى سوف تجد مرتعا خصبا لها في السودان أسوة بما تم في العراق وسوريا وليبيا حيث ان ذلك سوف يكون له آثار كارثية إقليميا ودوليا
مؤخرا صار الغرب يعتبر النظام السوداني من الشركاء المهمين في قضية محاربة الهجرة غير الشرعية حيث ان السودان يعتبر معبر أساسي لتجارة البشر عبر الصحراء الشمالية الي ليبيا وأيضا عبر حدوده الشرقية وتلك تعتبر بالإضافة الي قضايا مكافحة الإرهاب من قضايا الأمن القومي والقضايا الداخلية لدول الغرب وذات تأثيرانتخابي معتبر .
ان بوابة البحر الأبيض المتوسط أصبحت المصدر الأساسي للمهاجرين غير الشرعيين و هنالك أنباء عن استغلال تنظيم الدولة الإسلامية لهذه المعابر لإدخال بعض عناصره لتهديد الامن القومي الأوربي وطالما ظل الغرب يغض النظر عن سجل النظام في حقوق الانسان ومنعه إيصال الإغاثات الإنسانية للمتضررين من الحروب والإكتفاء بإصدار بيانات لا تسمن ولا تغني من جوع حيث ويرفض النظام تنفيذ قرار مجلس الامن2046 ويجد المساندة من مجلس الأمن والسلم الافريقي وقبل ذلك رفضه لعدة قرارات صادرة من مجلس الأمن الدولي . وحيثما إستمر الإتحاد الافريقي داعما للنظام بلا حدود فالوضع مرشح ان يستمر في التعقيد حيث ان الوضع الحالي هو افضل خيارات النظام في ظل المهددات العديدة التي قد تعصف به.
ظل النظام يكرس جهده لتفتيت وتمزيق قوي المعارضة لأجل الإستمرار في الحكم ففي عام1999بعد ان وقع مع حزب الامة( الصادق المهدي ) علي اتفاق نداء السودان في جببوتي وقرر علي أساسه حزب الأمة الرجوع الي الخرطوم عمل النظام علي تفكيك حزب الامة الي خمسة أحزاب وظل يمارس سياسة تفكيك أحزاب وقوي المعارضة حتي مع تلك التي أبرمت معها تسويات سياسية والتحق بالسلطة مثل حركة التحريروالعدالة التي وقعت علي وثيقة الدوحة في 2011 والتي انقسمت الي حركتين رئيستين وعدة فصائل وفرعيات رقم انها لم تكن تشكل أي خطر علي النظام .
.
الأحزاب والحركات المنضوية تحت تحالف نداء السودان اغلبها ضغيف في البنية الهيكلية ويفتقر الي الموسسات اغلبها الدمقراطية التي يحتكم اليها و(أي محاولة لهيكلتها علي أساس دمقراطي سوف ووتفتقد الى dynastyنظيمات اسرية تؤدي الي انشقاقات وسطها .في نفس الوقت سوف تكون عرضة لممارسات البيع والشراء التي غالبا ماتمارس من قوة المركز المسيطرة علي المال والسلطة لزمن طويل..
وذالك أيضا ينطبق علي معظم الاحزاب السودانية ذات القيادات التاريخية ما عدا حزب المؤتمر السوداني الذي التزم بلواىحه و قام بتغير قيادته وفق لذالك..
من الواضح ان خارطة الطريق عبارة عن تسوية سياسية لإستيعاب المعارضين في النظام القائم مع الإبقاء علي مؤسساته ويبقي السؤال هل ستوقف ما تعرف بعملية الهبوط الناعم هذه الحروب المشتعلة في الهامش السودانى ومن الواضح التغيب المتعمد لأ صوات أهل تلك المناطق و في هذا الخصوص تجتمع كل قوى المركز معارضة و نظام و قد ظلت النخب في المركز مسيطرة علي كل مفاصل الحكم في السودان سواء في النظم الديقراطية أو الأنظمة الشمولية لذلك ظلت مناطق كثيرة من الهامش السوداني مشتعلة مما أدي الي إنفصال الجنوب وإستمرار الحروب والصراعات في أغلب مناطق الهامش وأن أي معالجة لا تقوم علي أسس الديمقراطية اللبرالية الصحيحة وتسمح بالتعدد الثقافي وتفويض السلطات من المركزالاقاليم و دعم ذلك بالموارد اللازمة لتنمية تلك الأقاليم لن تغير الموازين القوى و يظل أي تغير عبارة عن عملية تجميلية .
في ظل تباعد المواقف بين الحكومة والمعارضة الممثلة في قوة نداء السودان وقوة الاجماع الوطني وبتحديد التفاوض حول المنطقتين في ظل بقاء الازمة السودانية والخلاف المستمر حول توصيل الاغاثات ومحاولات الحكومة السودانية المستمرة ربط توصيل الاغثات بعملية نزع سلاح الحركة الشعبية ذالك دليل واضح علي المحولات المستمرة لاستخدام المدنين من النساءوالاطفال رهاين في نفس الوقت استخدام الغذاء والدواء كاحدى الأسلحة في الحرب الدائرة وذلك في يتعارض مع التزامات الدولة وفق القانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية التي صادقت عليها .
يجب فصل المسارين الإنساني والسياسي فصلا تاما وهنالك سوابق في تاريخ السودان الحديث أحدهما اتفاقية وقف اطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية التي وقعت في يناير 2002 في سويسرا والخاصة بمنطقة جبال النوبة والتي من خلالها تم تكوين الآلية للمراقبة المشتركة وكانت تلك من انجح اتفاقيات وقف العدائيات وأستمرت حتي يناير 2005 تاريخ اتفاقية السلام الشامل اذا حاولت الحكومة ربط المساعدات الإنسانية بالمعالجات النهائية للأزمة فذلك سوف يطيل من امد الحرب وربما يطور اجندتها في ظل تصاعد الغبن وسط أهل تلك المناطق وتفاقم احساسهم بالاستهداف علي أساس عرقي وقبلي في نفس الوقت تصاعدت النزاعات الانفصالية في أوساطهم , وعلى النظام ان يكون مرنا في مثل هذه المواقف لان معظم سكان هذه المناطق ليس لديهم دور مباشر في قيام الحرب أو إستمرارها وهولاء مواطنين في الدولة السودانية وهي مسؤولة عن سلامتهم وأمنهم ويجب ان يتم التعامل معهم بقدر من المساواة والعدل لان هذه التراكمات قد لا يحمد عقباها.
وعلي المجتمع الدولي أيضا مسؤولية وفقا للقانون الدولي الانساني ومسؤولية أخلاقية ولا يمكن ان يظل في موقع العاجز عن تنفيذ كل القرارت الاقليمية والدولية الخاصة بحماية المدنيين وإغاثتهم ويجب الا تكون تلك المبادي الإنسانية محل مساومة وتحقيق مكاسب أخرى ذات علاقة بمصالح تلك الدول .
دور الوساطات الدولية والاقلمية
لقد ظلت الوساطات الدولية و الإقليمية تلعب دورا محوريا في عملية صنع السلام في السودان وللولايات المتحدة الدور المحورى واستطاع المبعوث الأمريكي دانفورث تسهيل توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في إقليم جبال النوبة بين الحركة الشعبية و الحكومة فى سويسرا في 19 يناير 2002 و لعبت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (ايقاد) دورا هاما في مفاوضات السلام التي أفضت الى اتفاقية السلام الشامل 2005 وتم ذلك بمعاونة مجموعة أصدقاء الايقاد التي تضم الولايات المتحدة , بريطانيا , النرويج كما لعب الاتحاد الافريقى دورا مقدرا في مفاوضات ابوجا التي انتهت باتفاقية سلام دارفور في 2006 بين حركة تحرير السودان مناوى والحكومة و وأيضا كان لقطر دور كبير في توقيع وثيقة الدوحة لسلام دارفور 2011.
و يسعى المبعوث الامريكى دونل بوث للتوصل الى إتفاق قبل إنتهاء ولاية الرئيس أوباما في يناير 2017 و الحكومة السودانية تعول على ذلك كثير حتي تضمن رفع للعقوبات الأمريكية و لو جزئية في ظل الازمة الاقتصادية الطاحنة المستمرة و لم تنجح إتفاقية الدوحة لسلام دارفور ما بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة من تحقيق المكاسب إقتصادية أو سياسية المرجوه في ظل إحكام الحصار الإقتصادي علي السودان وفى سبيل تحقيق ذلك على الحكومة تقديم بتنازلات بالتحديد في مسألة المساعدات الإنسانية. ودفع عملية الحوار حتى تحقق التحول المنشود.
لكن مهما عظم دور الوساطة او المبعوثين الدوليين السلام لا يتححق الا بتوفر الإرادة الاسياسية عند الأطراف المتفاوضة ويقع على الموتمر الوطى العب الأكبر لان سياسته خلال السبعة وعشرون سنة الماضية هي االتى أوصلت البلاد الى هذا الدرك. ويبقى السوال الاساسى هل توصل قادة الموتمر الوطنى الى القتاعة بفشل سياساهم و لديهم الاستعداد لدفع الاستحقات التي تحقق السلام االمستدام الذى يعالج جذور الازمات و يسمح بتحول ديمقراطى حقيقي يسمح بتبادل السلطة عبر الانتخاب الحر المباشر. ام ان الموتمر الوطنى يستخدم ذلك لكسب مزيد من الوقت وتعميق ازمات البلاد.
سيناريوهات التغير في ظل الوضع الحالي
الحراك السياسى الراهن من الصعب ان يفضى الي تغير راديكالى يحقق سلام الشامل وديمقراطية مستدامة تتفادى حصيلة اتفاق السلام الشامل في 2005 والذى من المفترض ان يحقق ثلاثة اهداف رئيسة هي:
1- إنهاء الحرب و تحقيق السلام
2- التحول الديمقراطى
3- حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم عبر إستفتاء
لقد نجحت إتفاقية السلام في تحقيق أحد أهدافها و هو تقرير المصير الذى إنتهى بانفصال الجنوب ولم تتوقف الحرب و تمددت بضراوة في جنوب كردفان قبل نهاية الفترة الاتفاقية في 9 يوليو 2011. كما لم يتم التحول الديمقراطى المنشود حىث ظلت دوتة الحزب الواحد و انتخابات صورية محسومة النتايج..
ووفقا للترتيبات الجارية سوف تشارك الحركات المسلحة الثلاثة و حزب الأمة و بعض القوى المنشقة عن حزب المؤتمر الوطنى و تغ عنها مجموعات كبيرة من قوى سياسية فاعلة بالإضافة الى مجموعة كبيرة من المجموعات الشبابية و قوى الهامش المدنية التي لم تجد لنفسها تمثيلا في تلك القوى , حيث ان الأحزاب التقليدية لم تواكب التطورات الاجتماعية لذلك ظلت غير جاذبة لهم ,اذا لم تتطور بشكل عاجل تصبح هناك حوجة لتنظيمات سياسية جديدة تلبى تطلعات تلك الفئات. و الحال ينطبق على الحركات المسلحة حيث انها سوف تتصدم بمتطلبات التحول السلمى الديمقراطى وبناء هياكلها بشكل يستوعب الواقع الجديد.
وفي ظل الوضع الراهن فإن القوي المعيبة و القادرة على صناعة التغير غير منظمة بشكل كامل , لذلك هنالك حوجة لحراك سياسى وسط تلك المجموعات لكى تتاهل لتعلب دور فاعل في المرحلة المقبلة.
قوى الهامش و المستقبل
لقد شهد السودان في العقدين الماضيين تغيرات ديمغرافية و سياسية أوجدت واقع جديد , إن أغلب الأجيال التي نشاءت في عهد حكومة الإنقاذ وما شهده من حروب أدت الى نزوح الملايين خلقت واقع و ثقافة جديدة سوف يكون لها اثر كبير في الواقع السياسى. أغلب القوى السياسية التقليدية لم تتطور بالقدر الذى يلبي تطلعات تلك الفئات .
سوف تشهد فترة ما بعد انهاء الحروب واقع سياسى جديد سوف يفرض التغير رغم انه يحتاج الى ترتيبات من قبل تلك القوى منها بناء تحالف عريض و معالجة الآثار التى ترتبت من جراء الحروب الطويلة .
الواقع الجديد الذى اختفت فيه الطبقة الوسطى واصبح المجتمع السودانى يتكون من سواد اعظم من الفقراء ومحددى الدخل و اقلية تنعم باكثر من80% من الثروة حيث اتسعت الفوراق الطبقية و ارتفعت معدلات البطالة وسط الشباب والخريجين بصور مخيفة. في ظل تدهور القطاعات الأساسية لاقتصادالسودانى خاصة الزراعة التي كانت توظف اكثر من 80% من القوئ العاملة. تلك هي التحديات التي تواجه بناء الدولة في مرحتة ما بعد انهاء الازمات المتعددة.تتطلب قدر كبير من المسوولية من قطاعات المجتمع المختلفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.