تعيش بلادنا هذه الأيام أفراحا متتالية ما بين إعلان الإستقلال في 19/12 قبل 54 عاما مضت ، من داخل قبة البرلمان حيث كان يجلس نواب الشعب ، وما تلاها من رفع علم السودان فوق سارية القصر إيذانا بميلاد دولة جديدة مستقلة إسمها السودان. نعم مرت أكثر من 54 عاما علي تلك المشاهد ، وحدث كثير من التغييرات منذ ذلك التاريخ شملت حتي القيم والأخلاق ، بل صار السودان اليوم شعبا ودولة ووطن أكثر خوفا وهلعا وترقبا من مصير مجهول ومستقبل قاتم تلفه ضبابية ونفق مظلم لاتري له نهاية ولا شعاع يترك بصيصا من الأمل والتفاؤل لغد مجهول. نعم يعيش الوطن حالة من الترقب وفق معطيات حمي إنتخابات لم تأت طوعا ليختار الشعب عبر صناديقها من يمثلونه ويقودون سفينة الوطن إلي حيث شاطيء الأمان ، بل هي إحدي إستحقاقات نيفاشا ودستور 2005 والتي تسبق إستفتاء حق تقرير المصير لوطن صار مستقبله مجهول، وهل يبقي وطنا واحد موحد أرضا وشعبا في حدود المليون ميل ، أم أن الغيب يحمل في جوفه بذور دويلات كما في البلقان أو الصومال لا يعلم عددها إلا الخالق، وهل حتي بعد ذلك ستخمد نيران الحرب إلي الأبد بين إخوة الأمس فرقاء الغد دول المجهول، وهل ستتغير تلك الخارطة في الأطلس لتأتي أجيال لاحقة لتقول ، كان هنا دولة إسمها السودان ، تم تقسيمها وساعد علي ذلك المؤتمر الوطني والحركة الشعبية شريكي الحكم المتشاكسين وقتئذ. بالأمس كان يقول أهلنا أكلوا توركم وأدوا زولكم ، ولكن نقول لهم اليوم التور تورنا ، لكن الزول ما زولنا، والشعب وصل مرحله من النضج الفكري والثقافي والسياسي ما يجعله يميز ما بين الصالح والطالح ، ما بين الخبيت والطيب ، ما بين الغث والسمين ، بل أدرك الشعب أن الزبد يذهب جفاء ويبقي ما ينفع البلاد والعباد مهما كانت الشعارات المفعمة بالأمل والوعود البراقة والكلمات المنمقة حاملة في ثناياها وعظ وإرشاد وتدين ، ولكن الشعب إدرك إنها أمور دنيا لادين وأفعال حكم وسياسة، بل صار الشعب يتساءل عن حقه في: هل يحق له أن يختار من يمثله إختيارا حرا نزيها دون شرط أو قيد، دون ترغيب أو ترهيب أو وعد ووعيد وفق إنتخابات نزيهة يتساوي فيها جميع المواطنون حقوقا وواجبات؟ هل يحق للشعب أن يحاسب من يختاره ويعاقبه بل ويعزله متي مارأي ذلك أنفع وأصلح للعباد والوطن؟ هل يحق للشعب أن يصلح إعوجاج من يمثله دون قيود ؟ الشعب يدرك أنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة ، والشعب لايرغب في نائب يعطي شعبه الفضل من الوقت ، والشعب لايرغب في نائب ينام فوق آلام شعبه ومعاناتهم و عوزهم وفقرهم وجهلهم ومرضهم ، هل يدرك من يرغبون في تمثيل المواطنين في تلك الدائرة قول الخليفة العادل عمر : لو عثرت بغلة بالعراق لكان عمرا مسئولا عنها لم لم يسوي لها الطريق، ولكن كيف بمن يسوي الطريق لقريته فقط دون أهل المنطقة كلها؟؟ هل يحق لأهل المنطقة أن ينتخبوه ليمثلهم؟ وكما يقول أهلنا الداب رقبتو قصر ، والمصطفي عليه أفضل الصلاة والتسليم يقول : خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي . نعم حمي الإنتخابات تستعر ويشتد لهيبها في كل ربوع الوطن ، والجميع يمنون أنفسهم بجزء من تلك الكيكة المغطاة بما لذ وطاب من مستورد الفواكه والتي لم يرها أو يسمع بها كثير من أفراد الشعب السوداني إلا عبر كتب المطالعة، كيف لا ونحن نستورد حتي بصل التوم والكركدي والطماطم والكبكبي والبلح بل حتي النبق الأيراني، والأدهي والأمر إستوردنا الفراخ ، وما لايمكن فهمه نصدر السكر ونستورد السكر ، بل عرجنا علي لعيبة الكرة إستيرادا وتجنيسا ، وحتي عمال المطاعم والأفران وعمال المنازل وعمال اليومية وسائقي البصات وعمال النظافة ، وعبر كل ذلك تسللت من المواطن السوداني القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة والصدق والأمانة والنزاهة وإنعدمت الوطنية، وعندما تنعدم الوطنية يموت الضمير وعندها تتعفن الجته و يفر منها الجميع حتي الجن، ولهذا صار السودان دولة منبوذة عالميا ومجلس الأمن والدول الكبري سيفها مسلط علي رقاب من فضل من الشعب السوداني . نعم حمي الإنتخابات تنتشر ويكثر الحديث هنا وهنالك والأقاويل وحمي الإشاعات عن قصد ودون قصد تنتشر لجس نبض هذا ومعرفة وسبر أغوار آخر ويكثر الأخذ والعطاء ، وفاقا وأئتلافا وإتفاقا وتحالفات وتكثر الوعود والزيارات والتطمينات والمؤتمرات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية وزيارة أهل السجادة شرقا وغربا ووسطا وجنوبا وتلمس موطيء قدم هنا وهنالك وتغيير قوانين ، ومن ينفع في تلك الدائرة أو تلك الولاية ومن هو الأوفر حظا ، إبنها الذي إكتوي بنارها منذ مولده، أو أن نستورد لها من المركز من يدعمه الحزب أو القبيلة أو غير ذلك؟ نعم حمي الإنتخابات يشتد أوارها ، ولهيبها يزداد توهجا ولمعانا ، ولكن هل يدرك الجميع أن اليوم ليس كالأمس ، هل يدركون أن الدنيا لن ترحم لا الكبير ولا الصغير ، لن ترحم لا الخفير ولا الوزير ، لن ترحم لا المفلس ولا الغني ، ونقول لن يبقي التور كما كان بالأمس ولن تجدوا الزول كما كان بالأمس ، ويبقي الإنسان الذي كرمه الله وكما قال الإمام العادل عمر بن الخطاب : متي إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، نعم المواطن السوداني اليوم حر في إختيارمن يمثله ، فإذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ففساد الرأي أن تتردا ، وفساد الرأي يقود إلي دولة ضعيفة والدولة الضعيفة حصنها و سياجها سيكون الكبت والإرهاب والبطش ، ولكن الدولة القوية حصنها و سياجها العدل، أعدلوا هو أقرب للتقوي، والدولة القوية بقوة نوابها وممثلي الشعب الجالسون تحت قبة البرلمان لا يخافون ولا يخشون إلا الله ، وتبقي في الدولة القوية القيم والمثل والتقاليد والديمقراطية والجهر بالحق أمام السلطان، أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر ، مهما كان جبروته وقوته لأنه أتي عن طريق الشعب ويحكم بإسم الشعب ومن أجل الشعب ويحاسبه الشعب، لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيفنا هذا ، صدقت إمرأة وأخطأ عمر ، هكذا الدولة العادلة وهكذا يصدع الحاكم والمحكوم بالحق فكلهم جميعا سواسية أمام القانون. نسأل ونقول لأهلنا في الدائرة 7 الحصاحيصا(دائرة منطقة الحلاوين) ألا يوجد في هذه الدائرة بين بناتها وأبنائها من يملك مقومات القيادة والريادة ليمثل المنطقة تمثيلا يليق وماضيها التليد ومستقبلها المشرق ، ليسلمه أهل المنطقة الرسن عن قناعة راسخة ومبدئية وليس إنقيادا أعمي لتوجيهات عليا أو إرث تاريخي أو قبلي أو حزبي ، بل القوي الأمين الذي يمكن له أن يمخر بسفينة المنطقة من أجل تنميتها وإنسانها. نعم سئم أبناء المنطقة الإملاءات أي كانت ، ولهذا فعلي الجميع أن يفكروا بالقوي الأمين بغض النظر عن توجهه وفكره وحزبه وموقعه الجغرافي في المنطقة،ولهذا: ألا يحق لأهل المنطقة أن يتواثقوا علي من يرونه الأصلح والأنفع للمرحلة القادمة دون إملاءات ومزايدات ونعرات تفرق أكثر مما تجمع؟ أن يختاروا القوي الأمين الذي يؤمن بمبدأ تنمية المنطقة وإنسانها، يؤمن بالتوزيع العادل للثروة والسلطة وفق إحسان ترتيب الأولويات لكل الوطن دون خيار وفقوس. معظم أهل المنطقة أفنوا أعمارهم في خدمة من لايستحق البته ، وحصدت المنطقة الهشيم الذي تركته الرياح وصارت كما منسيا ، ولو تم إزالة أعمدة الكهرباء من كل المنطقة ، لعادت المنطقة كما كانت في 1956 مع شموع تضي هنا وهناك بفضل بعض أبنائها , وبفضل مال الخدمات الإجتماعية لمشروع الجزيرة ، وأخيرا لابد من وقفة مع الدكتورة الإنسانة د.تابيتا بطرس وزير الصحة القومي ود .كمال عبد القادر وكيل وزارة الصحة القومية ولمجهوداتهم الخارقة تغيرت الصورة في مجال الخدمات الصحية بالمنطقة. اليوم المنطقة في مفترق طرق ، تبقي وتظل بعزة أهلها ووحدتهم وحسن إختيارهم لمن يمثلهم يحمل راية بناء المنطقة خفاقة عالية من أجل تنمية المنطقة وإنسانها ، ينفذ ويلبي رغبات وتطلعات الجماهير التي إنتخبته ممثلا شرعيا لها ، وأن يسبح مع تيار أهل المنطقة ، فهم من يحق لهم أن يختاروا وفق ديمقراطية حقيقية غير مزورة دون أن ُتملي عليهم آراء فوقية لأنهم هم أهل المصلحة الحقيقية في إختيار من يمثلهم تحت قبة البرلمان. نعم من يتقدم الصفوف يجب أن يكون واعيا مدركا لمقبل الأيام ، عالما بأن المركز ليس له إملاءات فوقية علي جماهير المنطقة أو من يمثلهم، من يتقدم الصفوف عليه أن يدرك أن مشروع التحرر الوطني يبدأ من القاعدة إلي القمة عن طريق إستدراك ماض ُمزريء ، وأخطاء وتجاوزات قاتله أقعدت المنطقة عن النمو والنهضة والعمران ، فصارت كما مهملا منسيا لا يلتفت إليها المركز إلا قبيل الإنتخابات وصناديقها. علي أهل المنطقة عزل حامل أفكار المركز من أجل الإصلاح السياسي للمنطقة بواسطة أهلها لأنهم الأقدر علي العطاء والتضحية، ولكن من يحمل أفكار المركز هم أعداء للمنطقة وهم المتاريس أمام إصلاحها ونهضتها وتنميتها، بل هم أعداء للإصلاح السياسي لأنه يسحب البساط من تحت أقدامهم، هم عون للفساد والإفساد ومشروع للظلم وتقويض الحكم الراشد وفق حقوق المواطنة. علي أبناء المنطقة أن يضعوا أيديهم متشابكة مع بعضهم البعض ، لأن التغيير هو سنة الحياة ، والتغيير قادم لامحالة شئنا أم أبينا ، وعلي أهل المنطقة أن يقفوا صفا واحدا خلف من يرتضونه ممثلا لهم بإجماعهم بغض النظر عن لونه السياسي والقبلي والحزبي ، بل عليهم تقديم من يأنسون فيه الكفاءة والمقدرة والحنكة والرأي السديد والقوة والأمانة والصدق والنزاهة لخدمة المنطقة وإنسانها ومن توفرت فيه هذه الصفات فهو أقدر علي المشاركة في قيادة سفينة الوطن بإقتدار. علينا أن نخوض إنتخابات حرة نزيهة خدمة للوطن والشعب ، لا إنتخابات معروفة نتائجها سلفا ، ولا نكون خلف إنتخابات تجعل من أهل المنطقة تيسا مستعارا وضع في فخ سياسي خطير يكرس لنتائج إنتخابات ادمنت الفشل بإستمرار ، بل قال شاهد من أهلها إنهم مرارا قد زوروها. إذا الشعب يوما أراد الحياة لابد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر. نعم أهلنا في المنطقة ما زالت الفرصة مواتية للتشاور والتفاكر والأخذ والرد برؤية وفكر ثاقب وعين مبصرة وعقل راجح وقلب يوزن بعيار الذهب وصولا لأختيار يتواثق ويتوافق عليه الجميع، إختيار وفق أجندة خدمة المنطقة ومن ثم الوطن ، إختيارا حرا نزيها ، إختيار شخص لا يُعطي الفضل من الوقت لأهله ، بل يكون معهم وبهم ولهم، نعم المؤتمر الوطني مازال في سدة الحكم لأكثر من عقدين من الزمن مضيا، وهذه الدائرة تاريخيا لحزب الأمة في الغالب الأعم ، ومع ذلك فهنالك الكثيرين والذين يمثلون بقية ألوان الطيف السياسي بجميع مسمياتها ، ولكن ما بين هذا وذلك تبقي مصلحة أهل المنطقة من أجل تنمية منطقتهم وإنسانها ، دون أن تكون هنالك إملاءآت فوقية تقود إلي تشرزم وتشتت أهل المنطقة بل هذا سيقود إلي بذر شرارة الفرقة والشتات بين أهلها وعندها لا مفر من خراب سوبا ، ولكن حصافة ورجاحة عقول أبناء المنطقة سترجح كفة القوي الأمين ، ولاشيء غير ذلك,، يديكم دوام الصحة والعافية sayed gannat [[email protected]]