المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية يوليو الكبرى (8): الفصل الأخير في حياة القائد الوطني (1) .. عرض/ محمد علي خوجلي


عرض/ محمد علي خوجلي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
"لم نمنع اعتقال عبدالخالق وبكل السبل وقد كان ذلك ممكناً في تلك الظروف سياسياً وجماهيرياً ولو أدى ذلك الى مواجهة مع السلطة فضلاً عن امكانية اخفائه. فنوايا السلطة لتعطيل دوره القيادي معروفة لدينا منذ اعتقاله الأول في ابريل 1970م سواء بتوجيه ضربات للحزب في شخص عبدالخالق أو تصفية دوره السياسي والفكري أو تصفيته جسدياً. كان منع اعتقال عبدالخالق في ذلك اليوم على الأقل ضرورياً ولازماً" (تقرير قيادة الحزب الشيوعي يناير 1996م).
وهذا التقرير أغفل كل الفترة قبل 16 نوفمبر 1970م لذلك لم يتعرض للاعتقال الأول في ابريل 1970م (من قرارات المؤتمر الخامس استكمال تقرير يوليو) خاصة وان محاولات تعطيل الدور القيادي بدأت منذ 1965م وتوالت من بعد 25 مايو 1969م (الاعتقال, الابعاد من القيادة, النفي وحتى الاغتيال).
والسهام وجهت أيضاً نحو الحزب كما عبدالخالق: محاولات تذويب الحزب, واعتقالات الشيوعيين وفصلهم من الخدمة وحتى الانقسام الكبير.
أنظر الى الشيوعيين المايويين
أوردت صحيفة الأيام السودانية بتاريخ 25 يوليو 1971م تصريحاً لجعفر نميري (الرئيس القائد) في مقابلة اذاعية يوم 24 يوليو "بأن أحمد سليمان ومعاوية سورج وفاروق ابوعيسى كانوا في الحزب الشيوعي قبل ثورة 25 مايو, إلا أنهم انسلخوا منه بعد الثورة وأصبحوا مايويين".
وذات واقعة الانسلاخ والتحول سجلها فؤاد مطر في كتابه (الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر) وان نميري ذكرها للصحفيين المرافقين لنائب الرئيس المصري حسين الشافعي عنذ استقبال نميري له.
أنظر: العروض التي رفضها عبدالخالق
قال فاروق أبوعيسى في مقابلة صحفية حاول نفيها بعد ذلك:
ان النميري عرض باسم مجلس قيادة الثورة على عبدالخالق خلال لقاء بينهما شهده معظم أعضاء اللجنة المركزية أن يقبل الحزب واحداً من ثلاث عروض:
الأول: أن يغير الاسم بحيث لا تبقى كلمة "شيوعي" فتستفز كل القوى اليمينية والمحافظة والطائفية دفعة واحدة. فاذا ما اتخذ الحزب اسماً جديداً أعطى ترخيصاً برغم أن ذلك استثناء مكشوف.
الثاني: أن يتحول من حزب طليعي الى حزب جماهيري فيفتح أبوابه لكل العناصر التقدمية وعندها ينتسب اليه كل أعضاء مجلس قيادة الثورة, ويصبح هو نفسه التنظيم الشعبي للثورة. وفي هذه الحال يمكن أن يكون الحزب الأصلي بمثابة القلب والمحرك لهذا التنظيم.
الثالث: أن يتغير اسم الحزب فيرخص لنا بالعمل العلني ويكون رأينا هو الأساسي في كيفية قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية التي تغدو من ثم وعاء التنظيم الشعبي العتيد.
ورفض عبدالخالق محجوب – والكلام لا يزال لفاروق ابوعيسى – هذه العروض برغم ان أكثرية أعضاء اللجنة المركزية قالوا بقبولها "الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر – فؤاد مطر".
قيادة المديرية: الاعتقال عمل موجه ضد الحزب
صحيح ان نوايا السلطة المايوية معروفة للحزب منذ اعتقال ابريل 1970م كما جاء في تقرير القيادة 1996م, لكن موقف أغلبية اللجنة المركزية كان مع الاعتقال "الإبعاد من القيادة" وكان الحزب في الحقيقة حزبان, وتيار عبدالخالق أقلية. والمعلوم:
× اجتمعت اللجنة المركزية في اليوم الثاني بعد الاعتقال. وفي ذلك الاجتماع أفصح أحمد سليمان ومحاسن عبدالعال "قدمت طلباً لاستعادة عضويتها قبل المؤتمر السادس": ان اعتقال عبدالخالق أسبابه "شخصية" ولا علاقة له بالحزب. ليس ذلك فحسب بل هددا بعدم الالتزام بأية قرارات تصدرها اللجنة المركزية بهذا الخصوص كإصدار بيان يهاجم السلطة.
وبالفعل اكتفت اللجنة المركزية ببيان "تناشد" فيه السلطة "إعادة النظر" في قرارها.
× استفز بيان المركز الضعيف الشيوعيين, فتصدت قيادات الحزب بالخرطوم "المديرية" للقيام بالخطوة السليمة وأصدرت بياناً آخر أكدت فيه "ان اعتقال عبدالخالق عمل موجه ضد الحزب, وانه رد فعل لمذكرة الحزب لمجلس قيادة الثورة حول الجزيرة أبا "18 مارس 1970م" وان اعتقال عبدالخالق يكشف التطور الجديد لاساليب المخابرات كما يكشف غفلة الحزب "قيادة الحزب" تجاهلها.
ومعروف ان الاعتقال تزامن مع قرارات السلطة بحل اتحاد الشباب السوداني والاتحاد النسائي السوداني.
اعتقال نوفمبر 1970م
ملاحظة قيادة الحزب في مقدمة المقال تقود مباشرة للتعرف على الوضع الحقيقي للعمل القيادي وضعف قدراته وامكانياته في تأمين السكرتير العام قبل الاعتقال أو منع الاعتقال "ولاحقاً الفشل في تأمينه بعد تحريره من الاعتقال وحمايته من بعد 22 يوليو".
ومن أسباب الضعف الآثار السالبة المؤثرة لانقسام الكادر قبل حوالي ثلاثة شهور من هجمة السلطة على الحزب والتي كان من خلفها عدد من قيادات الانقسام في المناصب الكبيرة في الدولة. اضافة لأثر الكوادر التي توجهت للعمل بأجهزة الأمن. وهي بالاضافة الى ما قدمته من تدريب ورفع لقدرات الجهاز "الدراسات والمحاضرات" فإنها خرجت ومعها أسرار الحزب ومنها أدوات عمله السري ومنازل العمل السري لدرجة أن أكبر المصاعب التي واجهت الحزب في تنفيذ خطة تحرير عبدالخالق من معتقله, المنازل التي يتم اخفاءه فيها بعد التحرير.
وتزامن الاعتقال الأخير مع اعتقالات للشيوعيين "جماعة عبدالخالق" وإبعاد بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمد الله من مجلس قيادة الثورة بحجة تسريب أسرار وتفاصيل اجتماعات المجلس للحزب. وقد تكشفت لجهاز الأمن القومي بعد حوالي عام الحقيقة وهي ان مضابط اجتماعات المجلس كانت تتسرب عن طريقين:
الأول: بواسطة شابين كانا مكلفين بتسجيل وقائع الاجتماعات وحفظها في الأمانة العامة التي كان يتولاها المقدم صلاح عبدالعال مبروك. وعين النميري الشابين بنفسه لهذه المهمة لثقته فيهما وبحكم صلات القربى التي تربطه بهما "اعفاءهما نميري بسبب ذلك وعينهما ضابطين في جهاز الأمن القومي".
الثاني: عن طريق رجال نميري في مجلس الثورة خلال جلساتهم الخاصة مع وزراء الحكومة وغيرهم.
راجع: كتبت مقالاً بصحيفة الأيام السودانية بتاريخ 10 اغسطس 2008م مشيراً لمصدر المعلومات في كتاب "الامام والروليت" ص 44 وناشدت صلاح عبدالعال ومأمون عوض ابوزيد اثبات الحقيقة (!) وان مستندات جهاز الأمن القومي المتحفظ عليها تفيد في هذا الأمر. ولم يعلق أحد "2008-2016م".
من السجن الحربي الى مصنع الذخيرة
وصفت قيادة الحزب في تقرير مشروع تقييم 19 يوليو الاعتقال الأخير كالآتي:
"اقتيد عبدالخالق الى القيادة العامة وهناك وجد نفسه أمام اجتماع لمجلس الثورة أشبه بالمحكمة العسكرية برئاسة نميري الذي وجه لعبدالخالق قائمة اتهامات شملت: معارضة ثورة مايو ووضع العراقيل في طريقها قبل وبعد انتصارها, معارضة ضرب الجزيرة أبا, معارضة التأميم والمصادرة, معارضة ميثاق طرابلس.. الى آخره وأبلغ نميري عبدالخالق بقرار مجلس الثورة باعتقاله وقال له: انك لن ترى الشمس بعد اليوم.
ثم طلب مأمون عوض ابوزيد من عبدالخالق أن يكشف لمجلس الثورة ما لديه من معلومات عن مؤسسات وممتلكات الحزب. فزجره عبدالخالق بالقول: يسهل على لساني أن يقطع من أن يكشف أسرار الحزب. وبدأ ابوالقاسم محمد ابراهيم حديثاً سوقياً مبتذلاً تجاهله عبدالخالق.
وضع عبدالخالق في السجن الحربي القديم المهجور, مكان قصر الشباب والأطفال الحالي, وفي اليوم التالي لاعتقاله أصيب بنزلة حادة وساءت صحته فزاره النقيب طبيب عبدالرحمن الدرديري وأسعفه ببعض الأدوية وطلب نقله فوراً للمستشفى. وعندما رفض طلبه أصر على نقله لأي مكان آخر تتوفر فيه ظروف صحية. وهدد بنشر حقيقة حالة عبدالخالق ومكان اعتقاله للناس.
وعلى اثر ذلك نقل عبدالخالق الى الحبس الانفرادي بمصنع الذخيرة, ومنعت عنه الزيارة والصحف والكتب والمذياع. وصدرت الأوامر لجنود الحراسة بعدم التحدث معه.
خطة تحرير عبدالخالق
عملية تحرير عبدالخالق كانت بقرار من الحزب. وخلال الفترة مارس يونيو 1971م عقد مركز الحزب أربعة اجتماعات مع العسكريين الشيوعيين والتي لم تتطرق بحسب قيادة الحزب أبداً لتحرك عسكري للشيوعيين ويتخلص موجز موضوعات الاجتماع في الآتي:
1-تقديرات العسكريين عن الخطر على حياة عبدالخالق بعد خطاب نميري في 12 فبراير 1971م "في هذا الخطاب أعلن نميري الحرب على الشيوعيين واتهمهم بممارسة أبشع أنواع التخريب والتصدي لمعارضة أي هدف نبيل, وتوزيع المنشورات المعادية ومحاولة تصوير الوضع في السودان بأنه مختل ودعا الى تحطيم كل سوداني ينتمي الى الحزب الشيوعي" وكان آخر منشور أصدره الحزب قبل خطاب نميري هو الذي ندد فيه بزيارة رئيس زائير الديكتاتور "موبوتو".
2-اتساع نشاط المجموعات اليمينية داخل الجيش.
3-خطورة ترك عبدالخالق "ابريل 1971م" تحت رحمة نميري. وأحاط الحزب العسكريين بمواصلته خطواته لتحرير عبدالخالق, وان هذه المهمة يتولاها الحزب ولا داعي لتدخل العسكريين فيها.
4-وصول معلومات لمركز الحزب "يونيو 1971م" ان جهاز الأمن القومي والاستخبارات العسكرية يفرضان رقابة لصيقة على هاشم العطا ومجموعته. ومعلومات العسكريين أن نميري ومجلس الثورة يشتبهان أن الحزب قد تمكن من خلق صلة مع عبدالخالق في معتقله. وبدأ التفكير في ترحيله الى مكان آخر. وكان تقدير العسكريين ان مكان الاعتقال قد يكون في جهة نائية أو في الجنوب تمهيداً لتصفيته. واقترحوا على الحزب "الاسراع بتهريبه".
في أواخر يونيو 1971م كان العقيد فاروق عكود يتولى قيادة سلاح الذخيرة إنابة عن العقيد اورتشي الذي كان خارج البلاد. وكان النقيب "وقتها" اسحق ابراهيم عمر ضابط استخبارات السلاح وهو المكلف بالاشراف على حراسة عبدالخالق وكانت أوامره الدائمة هي:
-عدم التحدث مع المعتقل ومن يخالف الأمر يعرض نفسه لعقوبة صارمة.
-ان طلب المعتقل شيئاً لا ينفذ بواسطة الحرس أمام بابه, بل يستدعى الأخير الحكمدار الذي يقوم بدوره باخبار الضابط النبطشي وهو المسئول عن تلبية طلبات المعتقل.
-تلاوة الاوامر على الوردية المسائية يومياً. وعند التلاوة تتم قسمة الحرس الى قسمين أربعة لكل قسم.
-يحظر جمع كل القوة لتلاوة الأوامر وعند المخالفة يحاسب الحكمدار المسئول.
-تتكون الوردية من ستة عساكر مسئول عنهم عريف ثم الضابط النبطشي.
خطة التحرير
1-طلب عبدالمجيد النور شكاك "المسئول المركزي عن تنظيم الصف والجنود, والذي استلم الاشراف على مصنع الذخيرة من عبدالقادر عباس تمساح قبل انقلاب مايو 1969م" من العريف عثمان الكودة "مسئول الحزب بالذخيرة والذي التحق بالحزب في 1966م وصلة التنظيم بالحزب" التحضير لاجتماع طاريء.
2-انعقد الاجتماع في يونيو 1971م لعدد من تنظيم الحزب بالذخيرة. ونقل شكاك للاجتماع قرار الحزب باخراج الزميل كرار "الاسم الحركي لعبدالخالق" من المعتقل وعلى تنظيم الحزب بالذخيرة دراسة الخطة وتكليف الزملاء الذين يقع عليهم الاختيار واخطار الحزب قبل البداية.
وحضر الاجتماع الى جانب شكاك عبدالجليل عثمان "ابوالرجال" من مكتب أمن الحزب "عضو اللجنة المركزية بالمؤتمر السادس" بالاضافة الى صديق احمد علي, فرح ابوزيد, بشرى يحيى, عثمان علي طه والطاهر ابوالقاسم من الذخيرة "عثمان الكودة مؤامرة 19 يوليو الفاشلة ص 44".
3-وضع تنظيم الحزب بالذخيرة بحسب موجهات المركز شروطاً محددة يجب توافرها لمنفذ العملية وكان بالتنظيم أكثر من شخص بالمواصفات المطلوبة وتم تحديد المكلفين بالتنفيذ وهم:
1/ العريف/ عثمان الكودة "مسئول التنسيق والصلة".
2/ العريف/ عثمان محمد عبدالقادر "حكمدار الحراسة المسئول عن ترتيبات خروج عبدالخالق".
3/ رقيب أول/ الطاهر ابوالقاسم "المسئول التنظيمي للحزب بالذخيرة ومهمته استقبال عبدالخالق خارج المصنع وتوصيله للسيارة بكلمة السر عمرو بن العاص".
4-تحديد ساعة الصفر العاشرة مساء الاربعاء 29 يونيو 1971م.
5-انعقدت على ذلك عدة اجتماعات "الكودة/ عثمان عبدالقادر/ شكاك" ناقشت امكانيات نجاح وفشل المحاولة ووضع الترتيبات والتأمين حتى الاتفاق على التنفيذ ساعة الصفر.
6-وفي يوم 29 يونيو وقبل وقت وجيز من التنفيذ:
1/ استلم الكودة مذكرة من شكاك الى عبدالخالق ومعها مبلغ ثلاثة جنيهات.
2/ جاء عبدالخالق بكمية من القصاصات الصغيرة والأوراق وكتيبات صغيرة بالانجليزية من داخل الحمام وطلب من الكودة إبادتها. وتم ذلك.
"المعروف ان الشهيد عبدالخالق كتب وثيقة "حول البرنامج" داخل معتقله في الذخيرة".
7-بعد اكتمال العملية, ركب عبدالخالق عربة مع هاشم العطا ذهبت به الى القصر الجمهوري وركب عثمان محمد عبدالقادر العربة الأخرى التي كان يقودها مقدم/م محجوب ابراهيم ذهبت به الى منزل بالخرطوم "3" وكانت هناك عربة تقف أمام الباب فنزل عثمان عبدالقادر وانتقل الى العربة الأخرى والتي كان يقودها حسن قطان وذهبت به الى الدويم.
"معلوم ان هاشم ومحجوب مبعدان من الجيش".
8-تم اكتشاف خروج عبدالخالق في الخامسة صباح يوم الخميس 30 يونيو 1971م.
قرار الحزب نفذه العسكريون
1-"في 29 يونيو 1971م تم تهريب عبدالخالق من معتقله في مصنع الذخيرة في الخرطوم وكانت عملية جسورة دبرها العسكريون الشيوعيون" (تقرير قيادة الحزب 1996م). و"أحاط الحزب العسكريين بمواصلته خطواته لتحرير عبدالخالق, وان هذه المهمة يتولاها الحزب ولا داعي لتدخل العسكريين فيها" (تقرير قيادة الحزب المذكور) وقرار الحزب يتحمل الحزب مسئوليته ومن ذلك تأمين السكرتير بعد تحريره.
2-الرائد م/ عبدالله ابراهيم الصافي "كتاب شهادتي للتاريخ" سلط ضوءاً عندما كتب (علمت من الزملاء فيما بعد أن عبدالخالق أرسل ثلاث رسائل خلال شهرين الى الحزب يقترح فيها اتخاذ خطوات عملية لتحريره من معتقله. وجاء رد قيادة الحزب انه لا تتوافر الامكانيات لتأمين مكان لاختفائه في حالة تحريره من الاعتقال.. لكن العسكريين الشيوعيين بادروا وأبدوا استعدادهم للمشاركة في خطة التحرير مع توفير مكان آمن لاختفائه. واعتمدت الخطة على مقدم/ م محجوب ابراهيم الضابط السابق بسلاح الذخيرة وعلى عضوية الحزب من الصف والجنود التي كانت كبيرة في مصنع الذخيرة).
3-انتقل عبدالخالق من مكتب ابوشيبة الى مكان اختفائه يوم 9 يوليو 1971م.
ان الصف والجنود أحبوا عبدالخالق وكانوا يحرصون على نوبة الحراسة التي أطلقوا عليها "المحاضرة" كما أطلقوا على المعتقل "الأستاذ".
فماذا جرى في الضفة الأخرى؟
اشارة
من التعليقات على عملية يوليو الكبرى (7) أفادني ضابط شرطة متقاعد, ان هناك ضباط صغار من القوات المسلحة, ضمن ضباط 19 يوليو لم يقدموا لمحاكم الشجرة بل تقرر محاكمتهم جنائياً "بلاغات بالقانون الجنائي م/96 وغيرها" وكانوا تحت حراسة الشرطة "ملازم/ متوكل محمد الحسن خشم الموس نموذجاً" ولكن لم يتم تقديمهم لمحاكم وأحيلوا دون الطرد من الخدمة والتجريد من الرتبة. ونواصل البحث معاً لاستكمال التوثيق بشأن أسباب وطبيعة المحاكمات أو عقد العزم عليها خارج معسكر الشجرة.
المراجع
1-تقرير السكرتارية المركزية 1996م.
2-تقرير لجنة التحقيق "علوب" جزئي في أحداث 19 يوليو.
3-محمد سعيد القدال – تداعيات تاريخية.
4-عثمان الكودة – كتاب الحزب الشيوعي ومؤامرة 19 يوليو الفاشلة.
5-فؤاد مطر – الحزب الشيوعي السوداني نحروه أم انتحر؟
6-عثمان محمد عبدالقادر – جريدة الصحافة بتاريخ 22 يوليو 2004م.
29 سبتمبر 2016 الخميس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.