إسحق أحمد فضل الله يكتب: (وفاة المغالطات)    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية يوليو الكبرى (8): الفصل الأخير في حياة القائد الوطني (1) .. عرض/ محمد علي خوجلي


عرض/ محمد علي خوجلي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
"لم نمنع اعتقال عبدالخالق وبكل السبل وقد كان ذلك ممكناً في تلك الظروف سياسياً وجماهيرياً ولو أدى ذلك الى مواجهة مع السلطة فضلاً عن امكانية اخفائه. فنوايا السلطة لتعطيل دوره القيادي معروفة لدينا منذ اعتقاله الأول في ابريل 1970م سواء بتوجيه ضربات للحزب في شخص عبدالخالق أو تصفية دوره السياسي والفكري أو تصفيته جسدياً. كان منع اعتقال عبدالخالق في ذلك اليوم على الأقل ضرورياً ولازماً" (تقرير قيادة الحزب الشيوعي يناير 1996م).
وهذا التقرير أغفل كل الفترة قبل 16 نوفمبر 1970م لذلك لم يتعرض للاعتقال الأول في ابريل 1970م (من قرارات المؤتمر الخامس استكمال تقرير يوليو) خاصة وان محاولات تعطيل الدور القيادي بدأت منذ 1965م وتوالت من بعد 25 مايو 1969م (الاعتقال, الابعاد من القيادة, النفي وحتى الاغتيال).
والسهام وجهت أيضاً نحو الحزب كما عبدالخالق: محاولات تذويب الحزب, واعتقالات الشيوعيين وفصلهم من الخدمة وحتى الانقسام الكبير.
أنظر الى الشيوعيين المايويين
أوردت صحيفة الأيام السودانية بتاريخ 25 يوليو 1971م تصريحاً لجعفر نميري (الرئيس القائد) في مقابلة اذاعية يوم 24 يوليو "بأن أحمد سليمان ومعاوية سورج وفاروق ابوعيسى كانوا في الحزب الشيوعي قبل ثورة 25 مايو, إلا أنهم انسلخوا منه بعد الثورة وأصبحوا مايويين".
وذات واقعة الانسلاخ والتحول سجلها فؤاد مطر في كتابه (الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر) وان نميري ذكرها للصحفيين المرافقين لنائب الرئيس المصري حسين الشافعي عنذ استقبال نميري له.
أنظر: العروض التي رفضها عبدالخالق
قال فاروق أبوعيسى في مقابلة صحفية حاول نفيها بعد ذلك:
ان النميري عرض باسم مجلس قيادة الثورة على عبدالخالق خلال لقاء بينهما شهده معظم أعضاء اللجنة المركزية أن يقبل الحزب واحداً من ثلاث عروض:
الأول: أن يغير الاسم بحيث لا تبقى كلمة "شيوعي" فتستفز كل القوى اليمينية والمحافظة والطائفية دفعة واحدة. فاذا ما اتخذ الحزب اسماً جديداً أعطى ترخيصاً برغم أن ذلك استثناء مكشوف.
الثاني: أن يتحول من حزب طليعي الى حزب جماهيري فيفتح أبوابه لكل العناصر التقدمية وعندها ينتسب اليه كل أعضاء مجلس قيادة الثورة, ويصبح هو نفسه التنظيم الشعبي للثورة. وفي هذه الحال يمكن أن يكون الحزب الأصلي بمثابة القلب والمحرك لهذا التنظيم.
الثالث: أن يتغير اسم الحزب فيرخص لنا بالعمل العلني ويكون رأينا هو الأساسي في كيفية قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية التي تغدو من ثم وعاء التنظيم الشعبي العتيد.
ورفض عبدالخالق محجوب – والكلام لا يزال لفاروق ابوعيسى – هذه العروض برغم ان أكثرية أعضاء اللجنة المركزية قالوا بقبولها "الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر – فؤاد مطر".
قيادة المديرية: الاعتقال عمل موجه ضد الحزب
صحيح ان نوايا السلطة المايوية معروفة للحزب منذ اعتقال ابريل 1970م كما جاء في تقرير القيادة 1996م, لكن موقف أغلبية اللجنة المركزية كان مع الاعتقال "الإبعاد من القيادة" وكان الحزب في الحقيقة حزبان, وتيار عبدالخالق أقلية. والمعلوم:
× اجتمعت اللجنة المركزية في اليوم الثاني بعد الاعتقال. وفي ذلك الاجتماع أفصح أحمد سليمان ومحاسن عبدالعال "قدمت طلباً لاستعادة عضويتها قبل المؤتمر السادس": ان اعتقال عبدالخالق أسبابه "شخصية" ولا علاقة له بالحزب. ليس ذلك فحسب بل هددا بعدم الالتزام بأية قرارات تصدرها اللجنة المركزية بهذا الخصوص كإصدار بيان يهاجم السلطة.
وبالفعل اكتفت اللجنة المركزية ببيان "تناشد" فيه السلطة "إعادة النظر" في قرارها.
× استفز بيان المركز الضعيف الشيوعيين, فتصدت قيادات الحزب بالخرطوم "المديرية" للقيام بالخطوة السليمة وأصدرت بياناً آخر أكدت فيه "ان اعتقال عبدالخالق عمل موجه ضد الحزب, وانه رد فعل لمذكرة الحزب لمجلس قيادة الثورة حول الجزيرة أبا "18 مارس 1970م" وان اعتقال عبدالخالق يكشف التطور الجديد لاساليب المخابرات كما يكشف غفلة الحزب "قيادة الحزب" تجاهلها.
ومعروف ان الاعتقال تزامن مع قرارات السلطة بحل اتحاد الشباب السوداني والاتحاد النسائي السوداني.
اعتقال نوفمبر 1970م
ملاحظة قيادة الحزب في مقدمة المقال تقود مباشرة للتعرف على الوضع الحقيقي للعمل القيادي وضعف قدراته وامكانياته في تأمين السكرتير العام قبل الاعتقال أو منع الاعتقال "ولاحقاً الفشل في تأمينه بعد تحريره من الاعتقال وحمايته من بعد 22 يوليو".
ومن أسباب الضعف الآثار السالبة المؤثرة لانقسام الكادر قبل حوالي ثلاثة شهور من هجمة السلطة على الحزب والتي كان من خلفها عدد من قيادات الانقسام في المناصب الكبيرة في الدولة. اضافة لأثر الكوادر التي توجهت للعمل بأجهزة الأمن. وهي بالاضافة الى ما قدمته من تدريب ورفع لقدرات الجهاز "الدراسات والمحاضرات" فإنها خرجت ومعها أسرار الحزب ومنها أدوات عمله السري ومنازل العمل السري لدرجة أن أكبر المصاعب التي واجهت الحزب في تنفيذ خطة تحرير عبدالخالق من معتقله, المنازل التي يتم اخفاءه فيها بعد التحرير.
وتزامن الاعتقال الأخير مع اعتقالات للشيوعيين "جماعة عبدالخالق" وإبعاد بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمد الله من مجلس قيادة الثورة بحجة تسريب أسرار وتفاصيل اجتماعات المجلس للحزب. وقد تكشفت لجهاز الأمن القومي بعد حوالي عام الحقيقة وهي ان مضابط اجتماعات المجلس كانت تتسرب عن طريقين:
الأول: بواسطة شابين كانا مكلفين بتسجيل وقائع الاجتماعات وحفظها في الأمانة العامة التي كان يتولاها المقدم صلاح عبدالعال مبروك. وعين النميري الشابين بنفسه لهذه المهمة لثقته فيهما وبحكم صلات القربى التي تربطه بهما "اعفاءهما نميري بسبب ذلك وعينهما ضابطين في جهاز الأمن القومي".
الثاني: عن طريق رجال نميري في مجلس الثورة خلال جلساتهم الخاصة مع وزراء الحكومة وغيرهم.
راجع: كتبت مقالاً بصحيفة الأيام السودانية بتاريخ 10 اغسطس 2008م مشيراً لمصدر المعلومات في كتاب "الامام والروليت" ص 44 وناشدت صلاح عبدالعال ومأمون عوض ابوزيد اثبات الحقيقة (!) وان مستندات جهاز الأمن القومي المتحفظ عليها تفيد في هذا الأمر. ولم يعلق أحد "2008-2016م".
من السجن الحربي الى مصنع الذخيرة
وصفت قيادة الحزب في تقرير مشروع تقييم 19 يوليو الاعتقال الأخير كالآتي:
"اقتيد عبدالخالق الى القيادة العامة وهناك وجد نفسه أمام اجتماع لمجلس الثورة أشبه بالمحكمة العسكرية برئاسة نميري الذي وجه لعبدالخالق قائمة اتهامات شملت: معارضة ثورة مايو ووضع العراقيل في طريقها قبل وبعد انتصارها, معارضة ضرب الجزيرة أبا, معارضة التأميم والمصادرة, معارضة ميثاق طرابلس.. الى آخره وأبلغ نميري عبدالخالق بقرار مجلس الثورة باعتقاله وقال له: انك لن ترى الشمس بعد اليوم.
ثم طلب مأمون عوض ابوزيد من عبدالخالق أن يكشف لمجلس الثورة ما لديه من معلومات عن مؤسسات وممتلكات الحزب. فزجره عبدالخالق بالقول: يسهل على لساني أن يقطع من أن يكشف أسرار الحزب. وبدأ ابوالقاسم محمد ابراهيم حديثاً سوقياً مبتذلاً تجاهله عبدالخالق.
وضع عبدالخالق في السجن الحربي القديم المهجور, مكان قصر الشباب والأطفال الحالي, وفي اليوم التالي لاعتقاله أصيب بنزلة حادة وساءت صحته فزاره النقيب طبيب عبدالرحمن الدرديري وأسعفه ببعض الأدوية وطلب نقله فوراً للمستشفى. وعندما رفض طلبه أصر على نقله لأي مكان آخر تتوفر فيه ظروف صحية. وهدد بنشر حقيقة حالة عبدالخالق ومكان اعتقاله للناس.
وعلى اثر ذلك نقل عبدالخالق الى الحبس الانفرادي بمصنع الذخيرة, ومنعت عنه الزيارة والصحف والكتب والمذياع. وصدرت الأوامر لجنود الحراسة بعدم التحدث معه.
خطة تحرير عبدالخالق
عملية تحرير عبدالخالق كانت بقرار من الحزب. وخلال الفترة مارس يونيو 1971م عقد مركز الحزب أربعة اجتماعات مع العسكريين الشيوعيين والتي لم تتطرق بحسب قيادة الحزب أبداً لتحرك عسكري للشيوعيين ويتخلص موجز موضوعات الاجتماع في الآتي:
1-تقديرات العسكريين عن الخطر على حياة عبدالخالق بعد خطاب نميري في 12 فبراير 1971م "في هذا الخطاب أعلن نميري الحرب على الشيوعيين واتهمهم بممارسة أبشع أنواع التخريب والتصدي لمعارضة أي هدف نبيل, وتوزيع المنشورات المعادية ومحاولة تصوير الوضع في السودان بأنه مختل ودعا الى تحطيم كل سوداني ينتمي الى الحزب الشيوعي" وكان آخر منشور أصدره الحزب قبل خطاب نميري هو الذي ندد فيه بزيارة رئيس زائير الديكتاتور "موبوتو".
2-اتساع نشاط المجموعات اليمينية داخل الجيش.
3-خطورة ترك عبدالخالق "ابريل 1971م" تحت رحمة نميري. وأحاط الحزب العسكريين بمواصلته خطواته لتحرير عبدالخالق, وان هذه المهمة يتولاها الحزب ولا داعي لتدخل العسكريين فيها.
4-وصول معلومات لمركز الحزب "يونيو 1971م" ان جهاز الأمن القومي والاستخبارات العسكرية يفرضان رقابة لصيقة على هاشم العطا ومجموعته. ومعلومات العسكريين أن نميري ومجلس الثورة يشتبهان أن الحزب قد تمكن من خلق صلة مع عبدالخالق في معتقله. وبدأ التفكير في ترحيله الى مكان آخر. وكان تقدير العسكريين ان مكان الاعتقال قد يكون في جهة نائية أو في الجنوب تمهيداً لتصفيته. واقترحوا على الحزب "الاسراع بتهريبه".
في أواخر يونيو 1971م كان العقيد فاروق عكود يتولى قيادة سلاح الذخيرة إنابة عن العقيد اورتشي الذي كان خارج البلاد. وكان النقيب "وقتها" اسحق ابراهيم عمر ضابط استخبارات السلاح وهو المكلف بالاشراف على حراسة عبدالخالق وكانت أوامره الدائمة هي:
-عدم التحدث مع المعتقل ومن يخالف الأمر يعرض نفسه لعقوبة صارمة.
-ان طلب المعتقل شيئاً لا ينفذ بواسطة الحرس أمام بابه, بل يستدعى الأخير الحكمدار الذي يقوم بدوره باخبار الضابط النبطشي وهو المسئول عن تلبية طلبات المعتقل.
-تلاوة الاوامر على الوردية المسائية يومياً. وعند التلاوة تتم قسمة الحرس الى قسمين أربعة لكل قسم.
-يحظر جمع كل القوة لتلاوة الأوامر وعند المخالفة يحاسب الحكمدار المسئول.
-تتكون الوردية من ستة عساكر مسئول عنهم عريف ثم الضابط النبطشي.
خطة التحرير
1-طلب عبدالمجيد النور شكاك "المسئول المركزي عن تنظيم الصف والجنود, والذي استلم الاشراف على مصنع الذخيرة من عبدالقادر عباس تمساح قبل انقلاب مايو 1969م" من العريف عثمان الكودة "مسئول الحزب بالذخيرة والذي التحق بالحزب في 1966م وصلة التنظيم بالحزب" التحضير لاجتماع طاريء.
2-انعقد الاجتماع في يونيو 1971م لعدد من تنظيم الحزب بالذخيرة. ونقل شكاك للاجتماع قرار الحزب باخراج الزميل كرار "الاسم الحركي لعبدالخالق" من المعتقل وعلى تنظيم الحزب بالذخيرة دراسة الخطة وتكليف الزملاء الذين يقع عليهم الاختيار واخطار الحزب قبل البداية.
وحضر الاجتماع الى جانب شكاك عبدالجليل عثمان "ابوالرجال" من مكتب أمن الحزب "عضو اللجنة المركزية بالمؤتمر السادس" بالاضافة الى صديق احمد علي, فرح ابوزيد, بشرى يحيى, عثمان علي طه والطاهر ابوالقاسم من الذخيرة "عثمان الكودة مؤامرة 19 يوليو الفاشلة ص 44".
3-وضع تنظيم الحزب بالذخيرة بحسب موجهات المركز شروطاً محددة يجب توافرها لمنفذ العملية وكان بالتنظيم أكثر من شخص بالمواصفات المطلوبة وتم تحديد المكلفين بالتنفيذ وهم:
1/ العريف/ عثمان الكودة "مسئول التنسيق والصلة".
2/ العريف/ عثمان محمد عبدالقادر "حكمدار الحراسة المسئول عن ترتيبات خروج عبدالخالق".
3/ رقيب أول/ الطاهر ابوالقاسم "المسئول التنظيمي للحزب بالذخيرة ومهمته استقبال عبدالخالق خارج المصنع وتوصيله للسيارة بكلمة السر عمرو بن العاص".
4-تحديد ساعة الصفر العاشرة مساء الاربعاء 29 يونيو 1971م.
5-انعقدت على ذلك عدة اجتماعات "الكودة/ عثمان عبدالقادر/ شكاك" ناقشت امكانيات نجاح وفشل المحاولة ووضع الترتيبات والتأمين حتى الاتفاق على التنفيذ ساعة الصفر.
6-وفي يوم 29 يونيو وقبل وقت وجيز من التنفيذ:
1/ استلم الكودة مذكرة من شكاك الى عبدالخالق ومعها مبلغ ثلاثة جنيهات.
2/ جاء عبدالخالق بكمية من القصاصات الصغيرة والأوراق وكتيبات صغيرة بالانجليزية من داخل الحمام وطلب من الكودة إبادتها. وتم ذلك.
"المعروف ان الشهيد عبدالخالق كتب وثيقة "حول البرنامج" داخل معتقله في الذخيرة".
7-بعد اكتمال العملية, ركب عبدالخالق عربة مع هاشم العطا ذهبت به الى القصر الجمهوري وركب عثمان محمد عبدالقادر العربة الأخرى التي كان يقودها مقدم/م محجوب ابراهيم ذهبت به الى منزل بالخرطوم "3" وكانت هناك عربة تقف أمام الباب فنزل عثمان عبدالقادر وانتقل الى العربة الأخرى والتي كان يقودها حسن قطان وذهبت به الى الدويم.
"معلوم ان هاشم ومحجوب مبعدان من الجيش".
8-تم اكتشاف خروج عبدالخالق في الخامسة صباح يوم الخميس 30 يونيو 1971م.
قرار الحزب نفذه العسكريون
1-"في 29 يونيو 1971م تم تهريب عبدالخالق من معتقله في مصنع الذخيرة في الخرطوم وكانت عملية جسورة دبرها العسكريون الشيوعيون" (تقرير قيادة الحزب 1996م). و"أحاط الحزب العسكريين بمواصلته خطواته لتحرير عبدالخالق, وان هذه المهمة يتولاها الحزب ولا داعي لتدخل العسكريين فيها" (تقرير قيادة الحزب المذكور) وقرار الحزب يتحمل الحزب مسئوليته ومن ذلك تأمين السكرتير بعد تحريره.
2-الرائد م/ عبدالله ابراهيم الصافي "كتاب شهادتي للتاريخ" سلط ضوءاً عندما كتب (علمت من الزملاء فيما بعد أن عبدالخالق أرسل ثلاث رسائل خلال شهرين الى الحزب يقترح فيها اتخاذ خطوات عملية لتحريره من معتقله. وجاء رد قيادة الحزب انه لا تتوافر الامكانيات لتأمين مكان لاختفائه في حالة تحريره من الاعتقال.. لكن العسكريين الشيوعيين بادروا وأبدوا استعدادهم للمشاركة في خطة التحرير مع توفير مكان آمن لاختفائه. واعتمدت الخطة على مقدم/ م محجوب ابراهيم الضابط السابق بسلاح الذخيرة وعلى عضوية الحزب من الصف والجنود التي كانت كبيرة في مصنع الذخيرة).
3-انتقل عبدالخالق من مكتب ابوشيبة الى مكان اختفائه يوم 9 يوليو 1971م.
ان الصف والجنود أحبوا عبدالخالق وكانوا يحرصون على نوبة الحراسة التي أطلقوا عليها "المحاضرة" كما أطلقوا على المعتقل "الأستاذ".
فماذا جرى في الضفة الأخرى؟
اشارة
من التعليقات على عملية يوليو الكبرى (7) أفادني ضابط شرطة متقاعد, ان هناك ضباط صغار من القوات المسلحة, ضمن ضباط 19 يوليو لم يقدموا لمحاكم الشجرة بل تقرر محاكمتهم جنائياً "بلاغات بالقانون الجنائي م/96 وغيرها" وكانوا تحت حراسة الشرطة "ملازم/ متوكل محمد الحسن خشم الموس نموذجاً" ولكن لم يتم تقديمهم لمحاكم وأحيلوا دون الطرد من الخدمة والتجريد من الرتبة. ونواصل البحث معاً لاستكمال التوثيق بشأن أسباب وطبيعة المحاكمات أو عقد العزم عليها خارج معسكر الشجرة.
المراجع
1-تقرير السكرتارية المركزية 1996م.
2-تقرير لجنة التحقيق "علوب" جزئي في أحداث 19 يوليو.
3-محمد سعيد القدال – تداعيات تاريخية.
4-عثمان الكودة – كتاب الحزب الشيوعي ومؤامرة 19 يوليو الفاشلة.
5-فؤاد مطر – الحزب الشيوعي السوداني نحروه أم انتحر؟
6-عثمان محمد عبدالقادر – جريدة الصحافة بتاريخ 22 يوليو 2004م.
29 سبتمبر 2016 الخميس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.