مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يلتقي السيدة هزار عبدالرسول وزير الشباب والرياض المكلف    وفاة وزير الدفاع السوداني الأسبق    بعد رسالة أبوظبي.. السودان يتوجه إلى مجلس الأمن بسبب "عدوان الإمارات"    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمام الحرم المكي (باب النجار مخلّع) .. بقلم: المثني ابراهيم بحر
نشر في سودانيل يوم 03 - 11 - 2016

تشرفت منابر السودان الأعلامية قبل أيام بأستقبال شخصية مهمة علي الصعيد الديني , ذات جاذبية لوسائل الأعلام, أحد أكبر الوجوه السلفية , وفوق كل ذلك أمام الحرم المكي, أكبر منبر أسلامي علي مستوي العالم قبل ,وحظيت الزيارة بأستقبالات حاشدة لما للجماعات السلفية من وجود مؤثرفي هذه البلاد, وصاحبت الزيارة جدالا بشأن زيارة إمام الحرم المكي الشريف الى الطريقة الكباشية في الخرطوم أحدثت ضجيجا وسط الجماعات السلفية، حللها البعض بأن الزيارة قد تكون بداية انتقال للملكة العربية السعودية الى منهج معتدل لمواجهة خطر الارهاب الديني ,بينما اعتبرها مراقبون نقلة نوعية كبيرة في فكر الدولة السعودية الوهابية, وأن الانفتاح على الصوفية ربما يمهد للانتقال من النهج السني السلفي المتطرف الى الاعتدال بعد انتقادات وجهت للمملكة العربية السعودية في دعم الارهاب عبر رافده الفكري. وعلي العموم بغض النظر عن الأراء المتباينة فالزيارة أحدثت ضجيجا داخل الجماعات السلفية , وأن لم يراه الناس بالعين المجردة, وهي رأيها معروف تجاه الفكر الصوفي الذي يجد مناهضة حادة تصل الي درجة وصمه بالبدع والضلال والي التكفير، علي العموم هذا ليس موضوعنا فقد يحتاج الي مقال كامل للحديث بأقتضاب
ولكن موضوعي في هذا المقال بخصوص زيارة أمام الحرم المكي الي دارفور, التي كانت جزءا من برنامجه الي السودان تناقلتها وسائل الأعلام بكثافة , وظلّت أذاعة البصيرة تردد عبر أثيرها يوميا خطاب أمام الحرم المكي تجاه أهل دارفور, وقد جاء في وسائل الأعلام : دعا إمام الحرم المكي (الشيخ خالد الغامدي) قبيلتي المعاليا والرزيقات وأهل دارفور عامة، أن يوقفوا الحروبات والاقتتال فيما بينهم، وأن يتجهوا لإصلاح ذات البين لأنها من أعظم وسائل الجهاد في سبيل الله، وأن لا يعودوا للاقتتال مرة أخرى، وقال الغامدي خلال زيارته إلى محلية أبي كارنكا بشرق دارفور أمس إنه يسعى للتوسط بين الطرفين لإيجاد حل للنزاع بين الطرفين، والتعرف على مسببات الصراع القبلي بين المعاليا والرزيقات، وكان الشيخ الغامدي قد وضع بأبي كارنكا حجر أساس لأكبر مجمع إسلامي بغرب السودان لتلقي علوم الدين بتمويل من المملكة العربية السعودية، ورافقه في الزيارة التي وصفت ب»التاريخية» للمحلية والي شرق دارفور أنس عمر ومجموعة من الأئمة والدعاة.28 أكتوبر سونا للأنباء, وعلي الصعيد الشخصي أندهشت وانا اطالع دعوة امام الحرم المكي للمتنازعين في دارفور وحديثه عن أصلاح ذات البين الذي لم يكن موفقا فيه علي الأطلاق, وقد كررته الكثير من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة حديثه الموجه الي أهل دارفور, فقد يكون معقولا ان يعلن ان سبب الزيارة هو وضع حجر الاساس لاكبر مجمع اسلامي بالبلاد بتمويل من حكومة المملكة السعودية ,هذا عمل يستحق الأشادة لا غبار عليه , ولكن الدهشة كانت في انه يسعي لاصلاح ذات البين بين الطرفين المتنازعين , وقد أنتقده أحد ضيوف برنامج في قناة الشروق يتناول موضوع الزيارة بأن امام الحرم المكي لم يمكث في دارفور أكثر من ثمانية ساعات ....!
بعد أيام من خطاب أمام الحرم المكي لأهل دارفور أندلعت مواجهات قبلية مؤسفة في ولاية سنارفي منطقة كوكري, وهكذا لو مكث أمام الحرم المكي أياما أخري بهذه البلاد لرأي بعينه ما يشيب له شعر الرأس بهذه البلاد التي يرفع ولاتها رايات الأسلام , فهذه الثمانية ساعات التي مكثها في دارفور لا تكفي للصلح بين زوجان متخاصمان فيما بينهما ناهيك عن قبيلتان بهذا الحجم أسباب نزاعهما قبلية في ظاهرها وسياسية في جذورها البعيدة , أضافة الي أن هذه المسائل لا تنفع فيها المناشدات بقدر ما تحتاج الي خطوات عملية, وقد أندهشت بسؤاله الأستنكاري عن أنه يسعي للتعرف علي مسببات الصراع القبلي...! بينما الأمر لا يحتاج الي عناء جهد عبر محرك البحث قوقل في زمن العولمة والمعلومة الحاضرة ....ّ فأشكالات الصراعات في العالم الأسلامي جميعها نسخة بالكربون لا تحتاج الي عناء جهد اذ تتمحور جلّها في اطار الصراع علي السلطة , ولكن المهم لماذا كل هذ الأهتمام في هذه اللحظة من أمام الحرم المكي بدارفور, وبلاده تتزعم طائفة من الطرفين المتقاتلين في ما يسمي بعاصفة الحزم, فمن هو الأولي بالصلح القريب ام البعيد....؟ أضافة الي أن العالم الاسلامي ينوء بالاشكالات الدامية دون ان يكون لأعلي منبر أسلامي علي مستوي العالم ادوار ايجابية للمساهة في رأب ذات البين و الحد من تلك الاشكالات التي تضّر بالمجتمعات الاسلامية
و(تشّوه) صورتها
دور المنابر الأسلامية المؤثرة كمنبر الحرم المكي والأزهر الشريف ينبغي أن يكون لها دورها الريادي لأصلاح أحوال المسلمين, فلم نسمع من قبل بمبادرة من امام الحرم المكي تجاه المتنازعين في سوريا أو الصومال ,أو حتي في اليمن باعتبار أن بلاده طرفا أصيلا فيها...! اليس من الأولي من امام الحرم المكي أن يصلح ذات البين او يتبني مبادرة بين الاطراف المتقاتلة في اليمن ضد حلف عاصفة الحزم التي تتبناها بكل اسف الدولة التي اتي منها امام الحرم المكي, فالطرفان من المسلمين كان من الواجب ان تتسارع اعلي منبر ديني في العالم الاسلامي للمبادرة بأعلان اصلاح ذات
البين بين الطرفان, فأذا نجح في مسعاه لن نتردد جازمين بأن مبادرته
تجاه حسم النزاعات في دارفور ستمضي في طريق النجاح, فالمثل العربي يقول (باب النجار مخلّع) كان من الاولي من امام الحرم المكي أن يرمم أبواب داره ليطمئن الأخرين, فحرب اليمن عكست صورة مشوهة للدين الاسلامي , وقد كانت الفضيحة الكبري عندما اكتشفت الامم المتحدة عن الجريمةالمدوية ونقلا عن "بي بي سي11اكتوبر" أن السعودية أقرت بشكل سري بأن إحدى طائرات التحالف الذي تقوده قد قصفت مجلس عزاء في العاصمة اليمنية صنعاء يوم السبت الماضي، مما أدى إلى مقتل مئة وأربعين شخصا على الأقل.وبدأت الرياض تحقيقا في القصف الذي أثار غضبا دوليا واسع النطاق. وكان مفوض حقوق الانسان الدولي، الأمير زيد رعد الحسين، قد دعا إلى تحقيق مستقل في انتهاكات حقوق الانسان في اليمن، بينما طالب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب ما وصفها بجرائم الحرب في ) هذه الفضيحة التي كشفت عن (قانا جديدة) موت مرعب وجثث ممدة بلا حساب مجذرة دموية كانت كفيلة بأن تلفت نظر أكبر منبر أسلامي بالعالم لييمم وجهه بأتجاه رأب الصدع بين الطرفين , ولكن يبدو ان ان هذه الاعداد المهولة للضحايا الذين قضوا ارواحهم بهذه الطريقة البشعة لم تستوقف احدا, وبالتالي السؤال هل امام الحرم المكي مؤهل لأصلاح ذات البين في السودان....؟
لم يختلف الداعية الأشهر الشيخ العريفي عن أخيه أمام الحرم المكي ,فهو ايضا زار السودان العام الأسبق في محاضرة القاها الشيخ الدكتور محمد العريفي في زيارته الاخيرة للسودان عقب وصوله مباشرة مساء يوم الجمعة الموافق الرابع من شهر أكتوبر 2015م وكان لدى استقباله بصالة كبار الزوار بمطار الخرطوم الدولي فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف نائب رئيس هيئة علماء السودان, وتوجه فضيلته فور وصوله مباشرةً إلى قاعة الصداقة الدولية ليلقي محاضرة دعوية قيمة لأفراد هيئة الجمارك السودانية وجاءت المحاضرة تحت عنوان (ضع بصمتك).وتحدث ضيف البلاد فضيلة الشيخ الدكتور محمد العريفي في البداية عن حبه للسودان وأهله مشيراً إلى أن السودان بلد الشجاعة والمرؤة والشهامة والخلق وأوضح فضيلته أن قلبه على الدوام متعلق بهذا البلد داعياً المولى عز وجل أن يحفظ السودان وأهله وأن يحفظ قلوبهم بما يرضي الله سبحانه وتعالى. كما لم يفوّت فضيلته الحديث عن شجاعة الجنود السودانيين المشاركين في التحالف العربي لعملية عاصفة الحزم في الأراضي اليمنية، وكشف فضيلته أن أشهر الطيارين الحربيين المشاركين في العملية العسكرية هو سوداني الجنسية، يتحدث عنه الجميع في المملكة العربية السعودية وعن مدى شجاعة هذا الجندي الذي لا يخشى مضادات الطائرات بتحليقه على مدى قريب من قوات الأعداء،وقال أنه لم يستغرب هذا الأمر بعد أن علم أن هذا الطيار سوداني الجنسية لأنه من بلد تربى على الشجاعةالمصدر: شبكة المشكاة الإسلامية5/12/2015,
ولكن الشيخ العريفي بمدحه للجندي السوداني المشارك في حرب اليمن,قدّم فتوي مجانية بأباحة الحرب بين طائفتين من المسلمين, فكان من الاولي ان يقدم النصيحة لحكومته بتقديم الصلح علي الحرب, وهذا يعني انه مؤيد لقتال طائفتين من المسلمين,وبذلك يفتح باب الترغيب للجندي السوداني ,وهي بمثابة فتوي مجانية من عالم ديني له شهرته الواسعة , وبمعني اخر انها تحريض علي الحرب والكراهية بين طائفتين من المسلمين في سقطة مدوية, متناسيا ان عليه كعالم ديني أن يدعو ويحرض علي كل ما من شأنه الصلح بين طائفتين من المسلمين , فلقد ضاع الاسلام تحت ركام هائل من الضلالات والتفسيرات واقوال الفقهاء وشطحات الدعاة وفقه الترغيب والترهيب ,فقد سافر من قبل القرضاوي الي مصر ابان احداث ثورة يناير , ومعلوما انه كان قد طرد منها كرأس من رؤوس الفتنة الطائفية ,وصلي بالناس في ميدان التحرير , ولو كان الشباب المصري حينها يعلم شيئا عن دور القرضاوي في مأساة الشعوب السودانية المغلوب علي امرها لما صلي الناس خلفه .وما يدعو للدهشة أن من كثيرين من دعاة المسلمين حاليا ينادون بالتعايش بين الاديان وخصصت لذللك دراسات وبحوث مطولة,وخطوات عملية , ولكن بكل أسف نحن كمسلمين نحتاج قبل ان نتعايش مع الأخرين, مطلوب منا أن نقبل أنفسنا و نتعايش مع انفسنا كمسلمين, لأن ما يحدث بين المسلمين اليوم حيث يقتلون بعضهم البعض, خاصة بين الطوائف المختلفة سنة /شيعة , أو المذاهب المختلفة المدارس الاصولية والسلفية مع غيرها أمر مؤسف للغاية
ما يحدث في السودان او الصومال أو اليمن أو سوريا أو العراق أو أيران هي العنوان الابرز لأزمة الصراع علي السلطة في العالم الاسلامي, ولا تحتاج معرفة أسبابها لعناء جهد كما أشار امام الحرم المكي عن أزمة دارفور ,فما تزال السلطة في العالم الاسلامي كما كانت قبل الف سنة في نظرية العصبية (لابن خلدون ) فقد اعتمد الامويون علي تأييد ومساندة القبائل القحطانية ضد الطامعين في السلطة من ابناء عمومتهم الهاشميين, واعتمد العباسيون علي علي الاعاجم علي الاعاجم من الفرس والترك والديلم الذين كانوا يعانون من النهميش لكنهم لا يتطلعون الي الخلافة ,( ومن هذه النقطة ساند الايرانيون اخوتهم الحوثيين في اليمن الذين يعانون من التهميش لتحقيق اغراضهم التي وجدوا لها بيئة خصبة ), واعتمدت الانقاذ في السودان علي القبائل العربية واستعانت بها في حربها علي الحركة الشعبية ولتحقيق مبتغاها في دارفور , فتحولت الحرب من تمرد ضد الدولة الي حرب دينية وعرقية وانهارت الدولة القومية , ولذلك ثمن تدفعه الشعوب المقهورة والمغلوب علي امرها في السودان وايران لصالح الانظمة المتسلطة علي حساب امنها واستقرارها , فالنخب المتسلطة في اليمن كررت نافس السيناريو الذي جري في السودان , عندما اجازت حكومة الاحزاب برئاسة الصادق المهدي في الديمقراطية الثالثة قانون الدفاع الشعبي الذي تبناه نواب من الجبهة الاسلامية في البرلمان(لشيء في نفس يعقوب) لان هذا القانون يعني تسليح القبائل , وبذات النسق استعانت الحكومة اليمنية بالمليشيات القبلية المسلحة في حربها ضد الحوثيين الذين استفادوا من هذه الميزة , وتحولت مطالب الحوثيين بتحقيق دولة العدل والمساواة الي حرب قبلية ومذهبية بعد ان كانت مطلبية في باديء الامر , والمدهش بعد كل هذه الاشكالات الواضحةفي بنية تلك الدول تنسب العواقب والتبعات الي المؤمرات الامريكية والصهيونية والامبريالية والنصرانية الحاقدة ....!
المعركة التي تجري في اليمن وتتزعم أحدي أطرافها المملكة العربية السعودية التي ينحدر منها أمام الحرم المكي تحكي عن المفارقات المدهشة التي حدثت في العام 1990 وتعبر بجلاء عن أشكالات العالم الأسلامي, هذا التاريخ أرّخ لتجربتين هما انهيار سور برلين الذي أرّخ لنهاية الحقبة السوفيتية, وعمليا لاعادة توحيد المانيا بعد 45 عاما من القطيعة , والعام نفسه شهد وحدة اليمنين , وهما الجمهورية العربية اليمنية في الشمال , وجمهورية اليمن الديمقراطية في الجنوب , وبعد أكثر من 25 عاما فأن صورة الوحدة في المانيا تختلف بشكل مدهش عن صورتها في اليمن, ففي المانيا كانت الوحدة بين (شطر) غربي عريض الثراء ومتقدم تقنيا وعلميا وحضاريا تسوده قيم الحرية واحترام حقوق الانسان, و(شطر) شرقي فقير بائس ومتخلف حضاريا يغله ارث الدكتاتورية , ولكن ما هي الا سنوات معدودات حتي تغير وجه المانيا الشرقية من الناحية الاقتصادية , وعلي الجبهة السياسية سارت عملية الاندماج علي قدم وساق بفعل الشفافية وعدم التميز , حتي أعتلت احدي (بنات) (الشق) الشرقي اول رئيسة حكومة في تاريخ المانيا (انجلينا ميركل) المستشارة الالمانية , وهذهي قصة وحدة المانيا التي مضت منذ بداياتها علي طريق الرسوخ الفعلي بلا شعارات اوضوضاء
اما عن تجربة الوحدة اليمنية التي تمت في نفس عام انهيار سور برلين بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي , فبعد4سنوات وفي العام 1994 وقعت حرب دامية بين (الشطرين) تم فيها سحق المعارضة الجنوبية المسلحة, واليوم وبمناسبة الازمة التي تشهدها اليمن , فأن جذور الازمة مردها الغبن والتهميش ثم اخذت تنموا في اتجاهات اخري لتجاهل النخب المتنفذة مطالب اهل اليمن الجنوبي ,فكان لا بد ان تستغل ايران هذا المناخ (الاسن) واستغلال هذه السانحة لتنفيذ اجندتها ,واين كانت دول الخليج والعالم العربي كل ذلك الوقت ولم تدخل من اجل (رأب ذات البين) بين الاطراف المتصارعة في اليمن , فالانقسام الان يحل في الافق ويعود مرة اخري ويبدو هذه المرة صارخا بين (الشطرين) علي مستوي القيادة والجماهير, ومهما يكون من شيء فأن الفارق الشاسع بين التجربتين الالمانية واليمنيةتعود لاختلاف المفاهيم والقيم وليس تفاوت الامكانيات المادية كما يظن البعض ,لأن التألف والتوحد بين الناس لا يتم بالاموال والامكانيات المادية , او بوحدة العرق واللغة وغيرها , وانما بقيم العدالة والمساواة , ويتجلي ذلك في قوله تعالي مخاطبا سروله الاكرم (صلي الله عليه وسلم) لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بين قلوبهم ) صدق الله العظيم , وتوفرت للتجربة الالمانيةالمفاهيم الصحيحة حول الوحدة وركائزها , وقبل كل شيء قيم العدالة والمساواة تشهد عليها تطبيقات مقنعة علي ارض الواقع , ولا يأتي ذلك الا بالوصول الي النظرة الانسانية المتحررة من المحسوبية والتحيز للأثنية والقبلية او العشيرة او الاقليم هذا ما كان في تجربة الوحدة الالمانية , اما في التجربة اليمنية وبالرغم من وحدة الدين واللغة والدم الا ان سيادة العقلية القبلية والعشائرية كانت كفيلة بأفراز المحسوبية والفساد ما افضي لما هو عليه الحال الان الذي لا يجدي معه الانكار
لم يكن لمحمد بن القاسم الثقفي فضل في نشر الاسلام في شبه القارة الهندية أوعبدالله بن أبي السرح في نشر الاسلام في السودان بل كانت الحرب دعوة للكراهية وانهار الاسلام في الاندلس لأن المسلمين كانوا غزاة ومستعمرين وليسوا دعاة كما يزعمون ولولا أن الاسلام أصبح (سوبرماركت) يرتزق منه الكثيرون وأداة للقهر والاستبداد لما تراجع امام المسيحية في أفريقيا , وأتذكر في أحدي حلقات الاتجاه المعاكس أستضافت الاستاذ المحامي ساطع الحاج مع الطيب مصطفي ذكر الطيب مصطفي أن التعدد في الشمال يجمعه الاسلام فرد عليه مقدم الحلقة في ان لماذا يتقاتل المسلمون في دارفور ويقتل بعضهم بعضا....؟ ولماذا لم يحل الاسلام مشاكل الاكراد في العراق وتركيا وأيران والامازيغ في الجزائر ....؟فقضية االتعايش الديني أضحت مأزومة جدا ولا يمكن حسمها بأليات الحسم الظرفي والطلاء التنظيري المثقفاتي علي طريقة امام الحرم المكي وبات من الضرورة مناقشة الواقع بوضوح ان اريدت الحقائق كاملة , وبعض التيارات الأسلامية أصبحت عقبة وحجرعثرة امام التسامح الديني حتي لا يصبح الاسلام حقلا للتجارب الدخيلة والفطيرة في استيطان قيم الاسلام الجوهرية كالعدالة والمساواة والاستقامة ومكارم االاخلاق والالتزام بها حتي لا تسيء للدين الاسلامي قبل كل شيء فضلا عن كلفتها السياسية أضحت باهظة للغاية ومهددا للتماسك الوطني والتعايش الديني بشكل جدي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.