فرنسا هذه الدولة الأوربية التى لا يرتبط السودان معها بلغة فى تاريخه او استعمار ، لكنها تستميت أن تجعله تحت نفوذها دون مراعاة لما حدث فيه من تطور أفقى ورأسى فى قدراته فضلا عن مكنوز انسانه ، فى الوقت الذى تتراجع فيه مملكتها وكانتوناتها الاستعمارية فى افريقيا فيما يعرف بالحزام الفرانكفونى الفاشل بعد نهبها لخيراته وترك هذه الدول ترزح فى دماء مذابحه المهولة فى منطقة البحيرات العظمى !. هذه الدولة المستبدة بما تقوم به من استعمار أوربى حديث تحت ستار حقوق الانسان والحريات المدنية وتاريخها الحديث يدوس على هذه القيم !، هى من تسعى لقيادة موقف عدائى أحادى شبيه بالموقف الأمريكى القديم الجديد تجاه السودان ، وقد برز هذا الدور وتشكل بصورة واضحة منذ اصرارها على نقل ملف دارفور من قبة الأممالمتحدة الى الجنائية عبر القرار 1593 ، ومن ثم هى من تصدرت الحملة السياسية للمحكمة الجنائية الدولية ومدعيها فى استهدافها لرئيس البلاد بكل ما يحمل من رمزيات ، وسعيها المحموم لاعلاء سقف الجنائية ومنح مشروعية لمخططها التآمرى على السودان !. وحسنا أن يتطور العلم فى بلادنا ويتجاوز الاستخبارات والسياسة ، ويتعافى فى استخدام التكنولوجيا على نحو يجعل علماء سودانيين هم من يتابعون و بوسائل علمية مختلفة – مسارات وتحركات القمر الإصطناعى التجسسى الذى أطلقته فرنسا مؤخراً مستهدفة به اقليم دارفور غربى السودان، وهو غزو جديد طويل المدى له أكثر من بعد ودلالة ! . وقد تسترت باريس على اطلاقه فى بداية الأمر وموهت بأنه لمراقبة مصالحها فى مناطق فلكها بافريقيا ولكن مصادر علمية بوزارة العلوم والتقانة فى السودان أوردت ، ان فرنسا فيما يبدو – مدفوعة من الكيان الاسرائيلى المسيطر على واقعها السياسى الراهن ، تستهدف أمراً ما ، لم يحن بعد وقت الكشف عنه فى اقليم دارفور وأن السلطات المختصة فى السودان رغم ما قد يتبادر الى ذهن البعض من أنها قد لا تملك وسائل مضادة لهذا العمل ، وضعت خططاً لمواجهتها بحيث تحد من أهمية العملية . ويضيف المصدر ان الخطأ الفرنسى تمثل فى اعتقاد خاطئ توصلت إليه أجهزتها الاستخبارية مفاده أن السودان لا يستطيع مقاومة هذا العمل أوفضحه وإفشاله ! . وحرصت المصادر على عدم الكشف عن الوسائل التى إعتمدتها فى هذا الصدد وهذا محمود ؟ . وعلى الجانب الآخر أوردت مصادر دبلوماسية مطلعة فى باريس أن القمر التجسسى يواجه ما أسمته مصاعب مناخية ، وصعوبات تتعلق بطبيعة المدار الذى سوف يدور فيه ، حيث تبدو الحسابات التى بنى على اساسها القمر لم تستصحب تقديرات المتغيرات المناخية ، والطبيعة الطبوغرافية للمنطقة . وما من شك أن فرنسا وهى تقوم بهذا العمل تمضى بإتجاه افساد علاقتها تماماً بالسودان وهى علاقة ظلت موضعاً للتأرجح والشد والجذب منذ مجىء حكومة الرئيس الحالى ساركوزى ، ووضوح ارتباط حكومته بالكيان الإسرائيلى ، ولا ينتطح عنزان فى أن باريس هى من تقف وراء تعقيد العلاقات بين السودان و تشاد ، وظلت مصدر تغذية للتوترات القائمة بين البلدين – والشواهد فى ذلك أكثر من أن تحصى ، حيث التدخل الفرنسى المستمر فى أكثر من شأن سودانى – وهى من تعمل على تعقيد علاقة الحكومة بمتمردى دارفور بإستضافة باريس للمتمرد الدارفورى المعروف عبدالواحد محمد نور وتوظيف وجوده لمنع اكتمال سلام دارفور !. وعبر دعمها لتشاد وادارتها للشأن الأمنى هناك هى من سهلت لتشوين وامداد التمرد لضرب الاستقرار فى السودان ، وهى من قامت بخطف أطفال دارفور وهربتهم الى باريس فى أحدث قرصنة ومتاجرة بشر يشهدها التاريخ وعدائها وتحريضها فى ازدياد مستمر !. ولعل آخر عمل عدائى قامت به فرنسا ضد السودان قبل اطلاق القمر الصناعى التجسسى هو اصرارها على نقل القمة الفرنسية الإفريقية من القاهرة حيث كان مقرراً انعقادها الى باريس حتى تقطع الطريق على الرئيس البشير لحضورها ، وكان الأمر المثير حقاً للدهشة أن الرئيس الفرنسى ساركوزى – شخصياً – تبنى هذه الخطة ومارس ضغطاً غير أخلاقى على القيادة المصرية للموافقة على عقد القمة فى باريس لأنها اصرت على موقفها بضرورة السماح للرئيس البشير لحضور القمة . والسؤال هو ، ماذا تريد فرنسا من السودان ؟ والى أين تقود علاقاتها به ؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القليلة المقبلة ! ودول الجنائية وفرنسا ترى سقوط مشروع القوات الافريقية والأممية فى تمكينها من دارفور !. وما تقول به الهيئة القومية للاتصالات في الخرطوم بأنها دفعت بطلب رسمي للاتحاد الدولي بجنيف بمدها بمزيد من المعلومات التفصيلية الدقيقة عن القمر الصناعي الفرنسي الذي تم إطلاقه الشهر الماضي للتجسس على دارفور ، فهذا ليس بالرد الكاف على هكذا تمادى فى الاستهداف !. رغم أنها لم تحصل على أية معلومات بسجل الاتحاد يكشف عن أبعاد المؤامرة الأوربية وازدواجية معاييرها فى السماح بعمل تقنى استخبارى دون ضوابط كهذا يمس سيادة وأرض وفضاء بلد ويهدد أمن مواطنيه من بوابة دارفور التى عجزت كل أجهزة المخابرات الدولية ، ووكالات الأممالمتحدة ، وشبكات التجسس التى تعمل من خلالها المنظمات الغربية والأمريكية الموجودة بدارفورمن أن تحيط وتوفر المعلومة التى تفيد المخطط ( الأوربى – الأمريكى – الاسرائيلى ) لتفتيت البلاد بعد أن فشلت كل الضغوطات التى مورست عليه !؟، وحيال هذا الاستكبار الذى يتطور فى سلوكيات دولة كفرنسا ازاء البلاد ، بتحديث لآليات المواجهة والحرب التقنية وما يتلوها من خطى لا نستطيع الاحاطة بكنهها ، قد لا تجدى مجرد الشكوى التى تعتزم الهيئة السودانية للاتصالات القيام بها لدى الاتحاد الدولى ، فى الوقت الذى تغيب فيه أدنى مطلوبات العدالة وسيادة الدول وما يكفله القانون الدولى فى هذا الخصوص !. حتى لو توفرت المعلومات الكافية باعتبار أن ما قامت به فرنسا من تخصيص دارفور وإطلاق هذا القمر يعد تعدٍ على حرمة وسيادة البلاد ، ولا يعوز مثل هذه الدولة ايجاد التبريرات والالتفاف على ما أقدمت عليه من عمل اجرامى هو بداية لحرب أوربية مفتوحة تجاه السودان تستخدم فيها وسائط وأدوات قدرت هذه الجهات عدم قدرة السودان على الاحاطة بعقليتها ومراميها على نحو دقيق !. وقد كان خبراء في مجال الفضاء قد كشفوا النقاب عن إطلاق فرنسا لقمر صناعي من طراز اريان للتجسس من جويانا الفرنسية. وحسب الخبراء فإن إطلاق الصاروخ أريان حاملا القمر الصناعي هيليوس 2 بي الى الفضاء، من موقع الاطلاق التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في كورو في جويانا الفرنسية على الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا الجنوبية، وهو الأول من نوعه في عهد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، سيساعد على اعداد مهام وتقدير المخاطر بالاضافة الى رسم الخرائط للمناطق غير المأهولة في أفغانستان والعراق وتشاد واقليم دارفور السوداني !.هذا القمر الذى أرسلت به فرنسا هو واحدة من سلسلة حلقات كبرى تتشابك مع بعضها تقودها فرنسا باسناد أمريكى أوربى ، بعد موت مخطط الجنائية ، تدفعه لوبيات ومصالح صهيونية وكنسية تعمل لاستعادة انتاج الأزمة فى دارفور ، وليس ببعيد عن ذلك الفلم الذى تنتجه الدنمارك من كينيا تحت عنوان (الانتقام ) والذى يهدف للمزيد من تعميق الجراح وضرب تماسك النسيج المجتمعى والسلمى فى دارفور!. التسامح مع هكذا حملات مدمرة باتت مفضوحة فيما ترمى اليه من غايات خطيرة ، والعلاقات مع انجمينا تمضى الى الأمام وسط زيارات متبادلة بحوار مباشر وصريح بين البلدين يقدر مصالح وعمق ما يجمع شعبى السودان وتشاد من روابط تملى عليهما التطبيع الكامل وعودة العلاقات الى سابق عهدها ، ومصالح فرنسا تصادم حدوث أى تقارب بين الجارين لذلك يكمن مغزى التجسس !. وجولة الدوحة على الأبواب وهى خطوة ان نجحت ستسقط ورقة عبد الواحد فى يد باريس ورهانها الكذوب عليه ، وهى التى تعمل على الدوام لحجبه وجعل اتفاق سلام دارفور منقوصاً !. والانتخابات تمضى برامجها دون دعم فرنسى وأحزاب ملتقى جوبا التى تترنح باتجاهها (أحزاب سروال لبنى الحسين ) ونصيرتها فرنسا تحتاج من قيادة الدولة أن تتخذ قراراً شجاعاً وجرئيا باتجاه باريس التى تسعى لتقويض بنائنا الوطنى، وتدمير ما تبقى من نجاحات عزيزة وغالية فى دارفور وسلام الجنوب عجزت عنه كل مكايدات وسهام أوربا وأمريكا من أن توقفه أو كسر شوكة الانقاذ وتماسكها !. فالدولة سبقت بمواقفها الرائدة والقوية تجاه أمريكا وبريطانيا على عظمتهما عندما تجاوتا الخطوط الحمراء فى الاضرار بمصالح وطننا وأمتنا ، ولا يضرنا أن نمضى فى ارسال اشارات عزة وثبات تغر أعين سيد الشهداء الزبير وصحبه فى مراقدهم الطاهرة ، وفرنسا أولى بهذه الخطوة توقف هذا التعدى على حركاتنا طالما تولت باريس كبر المواجهة واعداد ساحتها عبر التجسس العلنى فى هذا التوقيت المفصلى من تاريخنا !؟. adam abakar [[email protected]]