ما من شك لدي كل متابع للمواقف الفرنسية تجاه السودان أن باريس تتخذ – وباستمرار- مواقف معادية من السودان. ولكي لا يختلط الأمر علي المراقبين فان فرنسا ظلت تتخذ مواقف تستهدف بها الدولة السودانية- أرضاً وشيعاً وحكومة- حيث لا تقتصر معاداتها للسودان علي السلطة الحاكمة فيه, ففرنسا تستضيف متمرداً دارفورياً معروفا بتعنته وإصراره علي عدم الجلوس للتفاوض وهو عبد الواحد محمد نور الذي ظل وما يزال ومنذ أكثر من ثلاثة سنوات ينعم بضيافة فرنسية تطورت لتصبح ضيافة إضافية في تل أبيب حيث جري استدراج المتمرد القليل الخبرة ليفتتح مكتباً لحركته في قلب الكيان الإسرائيلي وهو تصرف هدفت من ورائه فرنسا, التي ينتمي كل من رئيسها ساركوزي ووزير خارجيته برنركوشنير إلي ذات العقيدة الإسرائيلية وذات الأيدلوجية والتوجيهات إلي ربط إقليم دارفور- بصورة أو بآخري –بالمصالح الإسرائيلية ومن الواضح أن هذا السلوك الفرنسي معادي للسودان كله كدولة لاسيما بعد أن تعقدت أوضاع الحركات المسلحة, وتعثرت المفاوضات لسنوات بسبب هذا الدور الفرنسي وتسعي فرنسا لا عاقتها باستمرار. أمر أخر معادي للدولة السودانية قامت به فرنسا وهو معاونتها لمنظمة أرش ذودي قبل عامين في اختطاف أطفال من دارفور وتهريبهم إلي باريس سراً, حيث تم اكتشاف الجريمة الفاضحة في تشاد, واضطرت تشاد لإجراء محاكمات (صورية) للمتهمين الفرنسيين, ثم قامت بترحيلهم إلي فرنسا بضغط من الحكومة الفرنسية وبعد أن حضر الرئيس الفرنسي ساركوزي بنفسه إلي أنجمينا وكانت هذه الجريمة البشعة تهدف الي المتاجرة بأطفال سودانيين ونزعهم من أسرهم ومجتمعهم وربما استخدامهم مستقبلاً في عمل معادي لأهلهم وبلادهم وهو سلوك استخباري إسرائيلي معروف رضيت فرنسا بأن تلعب فيه رأس الرمح. وكانت اللعبة من الوضوح بحيث وضحت كل أبعادها حين جري إطلاق سراح المتهمين المدانين بالخطف بمجرد إيصالهم إلي فرنسا. ثم جاءت مؤخراً تصرفات أكثر عدائية علي السودان عقب إطلاق فرنسا لقمر اصطناعي تجسسي ليحوم ويحلق فوق إقليم دارفور لأغراض تجسسية واضحة تخص المصالح الفرنسية الإسرائيلية, وقبل أن ينتهي أمر هذا القمر إذا بباريس وعبر رئاستها تقوم بالضغط علي الحكومة المصرية لتمنع حضور الرئيس السوداني المشير البشير للقمة الإفريقية الفراتكفونية المقرر انعقادها في القاهرة ولما لم يجد الضغط نفعاً, ضغطت باريس باتجاه (ترحيل) القمة إلي باريس نفسها تحي تقطع الطريق تماماً علي الرئيس البشير لحضورها, تحت زعم أنها رفعت الحرج عن الحكومة المصرية. وهكذا فان ملف العلاقات السودانية الفرنسية يعج بصورة واضحة بعشرات المواقف المعادية للسودان من جانب فرنسا هدفها واضح ومعروف, وقد تحلت الحكومة السودانية- طوال هذه السنوات- بقدر وأخر من الصبر والمثابرة متجنبة الدخول في تعقيدات في علاقاتها مع فرنسا ومتجنبة إفساد هذه العلاقة لحسابات وأسباب قدرتها في حينها غير أن صبر الحكومة السودانية علي المواقف الفرنسية يبدو أنه نفد تماماً أو في سبيله لكي ينفد, فقد أصبحت هذه المواقف الفرنسية تؤثر علي المصالح الحيوية السودانية, ولا تجد لها الحكومة السودانية مبرراً, ولعل المحاولة البائسة التي قامت بها تشاد مؤخراً بإلصاقها لتهمة خطف موظفي اليوناميد الفرنسيين بالحكومة السودانية, تنضاف إلي سجل فرنسا الحافل بالخبائث فهي تريد استباق الأشياء بإلصاق التهم المسبقة لكي تبرر أفعالها اللاحقة.. غير أن الأمر أصبح واضحاً ومن المؤكد – كما أكدت مصادر دبلوماسية سودانية مطلعة- أن الحكومة السودانية قد قررت وضع حد لهذا.