ازالت عقارب الساعة لم تكمل نصف الوقت الذي حددته تلك الطالبة في عامها الجامعي الأول ليكون لحظة دخولها لعالم الإجرام من أوسع أبوبه دون علمها ، لم تكن تعلم ماهية الحوار الذي سيدور بعد اللقاء الثاني مع تلك الفتاة الجميلة ، كان كل همها أن تكسر أجواء الجامعة المملة للتغيير عن نفسها فهي لم تعتد بعد علي الإنحباس بين حوائط صماء فهذا عامها الاول في الجامعة لم تتصور حقيقة مجتمع الجامعة تعاملت على حسب طبيعتها البدوية مع الواقع ، أخذت فرصة إحتفالها بعيد ميلادها التاسع عشرة موعدا للتعرف علي شابة تدرس معها في نفس الجامعة وهي تلك الفتاة الجميلة كما ذكرت ، علي الرغم من انها تنتمي لأسرة بسيطة لكن ملامحها وملابسها توحي لمن يشاهدها بانها من اسرة ثرية.. تقول الطالبة (ع) بدأت اتودد اليها واقترب منها حتي توطدت علاقتي بها.. ودفعتني الي السير معها في طريق الإنحراف في البداية تعلمت تدخين السجائر ثم تطور الامر بعد ذلك الي تدخين البانجو وادمان انواع كثيرة من المخدرات. بعدها بدات اتعرف علي شباب واسهر معهم كل يوم وعرفت قدماي الطريق للشقق المفروشة .. كل هذا يحدث وأبي كأنه في غيبوبة.. لايعلم عني شيئا.. وهو على الرغم من عملة المتواضع إلا انه لم يقصر في توفير الحد الأدني من متطلباتي فهو يقطن بولاية بعيدة عن العاصمة لذلك هو بعيد عني .. تعلمت الاتجار في المخدرات بحجة أن مصاريف البيت لاتفي بطموحاتي الشخصية فكنت ابيع للزبائن ومعظمهم من الطلاب .. ثم قررت الهروب من بيت عمي لأتخلص من قيود الرقابة التي يفرضها على بحجة أن زوجة عمي لاتحبز وجودي معها .. فقمت باستئجار شقة مكونة من غرفتين اقيم بها أنا وصديقتي ولا يعلم عمي أنني إستأجرت شقة كل الذي يعلمه انني أقطن في داخلية البنات .. حبي الشديد للمال دفعني للتفكير في زيادة دخلي.. فقمت بجعل شقتي ملهى ليلي يجتمع فيه بعض الشباب .. ثم تطور الأمر اكثر مما اتخيل واتصور حتي سقطت في الهاوية ، ربما تكون التفاصيل تفوق التصور من طالبة في العقد الثاني من عمرها تتصدر المشهد الإجرامي في جامعة كان محورها تخريج شباب يقدمو رسالة إنسانية للمجتمع ، بكت بشدة لكنها سرعان ما عادت من صمتها وواصلت كلامها قائلة: عرفت طريق الشقق المفروشة وحصلت علي مبالغ مالية كبيرة من بعض راغبي المتعة الحرام.. لكن لكل شيء نهاية وسكة الحرام نهايتها السجن دائما فكان السجن محطتي الثانية بعد الجامعة لايدري أهلي بالمصيبة فكل التفاصيل التي تحيط بي انني مجرد فتاة بريئة جاءت للتعليم في جامعة مرموقة ، لكنني عكس ذلك مجرد مجرمة لم تكتشف حقيقتها إلا بين حوائط السجن الصماء .. كان ذلك ملخص لمشهد من الجامعات السودانية التي تحتضن أكثر من شئ بين جمباتها فواقع الجامعات يكذب الإحصائيات الرسمية التي تخرج بين الفينة والأخرى لتطمئن البعض عما يدور بداخلها ، فالكثير من المجرمون وجدوا حظوتهم في تلك البيئة الخصبة والتي تعج بالمراهقين الذين لم يكملو مرحلة الإدراك الحقيقي ، لذلك من المنطقي أن نرى الدراسات التي يقدمها المحللون كوقاية من تلك الظواهر لاتجد حظها من المسؤولين بالمتابعة والمعالجة ، الفرضيات التي تتخذها تلك الظواهر هي النمو السرطاني كاساس لتحقيق ذلك النشاط ، فكل شئ يبدو طبيعي إن لم نتعمق في بيئته الحقيقة ، فالخطر لاينذر المستهدفين ببعض العينات بل يستمر في الخفاء حتى يكتشفه المتابعون بعد تفشي مرضه ، لذلك نجد الجامعات تتصدر قوائم الأجهزة الأمنية في الأونة الأخيرة فهي أصبحت معترك لكبار تجار المخدرات بإستخدام الطلاب كمناديب بعد إرغامهم لذلك لحوجتهم للمال والقليل من (الشرخة) كما يسميها البعض ، الضغوط العائلية والمشكلات النفسية تلقي بظلالها على ذلك الجانب بالأخص إن كان الطالب لم يصل لمرحلة المسؤلية كماترى الخبيرة الإجتماعية ثريا إبراهيم وتقول أن الكثير من الحالات الشاذة التي يخرج منها ذلك النوع من العينات الشبابية أصبحت المخيفة كما وصفتها الخبيرة الإجتماعية حسب الإحصائيات الأخيرة لمراكز الدراسات الإجتماعية ، وترى ثريا أن المروجون يلجأون للكثير من الحيل للإيقاع بالطلاب عن طريق تصوير المحششون بأنهم أذكى الطلاب وأنهم يعيشون أجواء ليست عادية بل يصبح الطالب يتصور تلك الأشياء بدافع التجربة والخوض في غمار تلك التجربة وتقول أن الدافع المادي وكثرة الحاجيات وتتابع الموضة يجعل الطالب في عالم لايقوى عليه إلا باللجوء لتلك الأشياء حتى يصبح كما الأخرين لذلك نجد أن أغلب الطلاب الوافدين هم ضحايا لإولئك الذئاب البشرية فالعامل الأخلاقي والتربية السليمة لها أثر في تحصين أفكار الطلاب كما أن التوعية والتحذير من ذلك الجاب يلقى بظلاله عليهم بل سياسة الترشيد في الجامعات له أكبر الدور . للأسرة دور كبير في إحداث تغيير في المجتمع كما للجامعة دور أيضاً فتكامل الأدوار وحده مايؤثر في مكافحة تلك الظواهر الشاذة عند الشباب والتي إنتشرت في الأونة الأخيرة بصورة أشبه بالخطيرة تستهدف مجموعات بعينها ينتقيها المروجون ليكونوا ضحاياهم في المستقبل لذلك نجد أن طلاب الشهادة العربية وأبناء الرأسماليين أول المستهدفين في تلك الدوامة لسهولة الإيقاع بهم التعريف بالخطر من أساسيات إجتنابه فهو بمثابة الدليل لكل الشباب المقبلون على الجامعات ، فالكثير يوقعه حب الإستطلاع في دوامة الإجرام ليصبح معترفاً في تلك المهنة أو كما يسمية المروجون بالمعلم ، فالأساليب متعددة للدخول لذلك العالم لكن الهدف لايكون هو المراد لذلك نجد أن الشاب أكثر تفاجئا عندما يجد نفسه جزء من ذلك العالم المظلم دون تخطيط مسبق فكل الضحايا لم يعوا بالمقصد الحقيقي من أول (شرخة) لذلك نجدهم أكثر حسرة عند وصولهم لأول طريق للهداية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.