Central Intelligence Agency (CIA) Director Michael Hayden testifies before the Senate Select Intelligence Hearing on Capitol Hill in Washington, DC, on February 5, 2008. CIA director Hayden for the first time admitted publicly Tuesday that the agency had used "waterboarding," or simulated drowning, in interrogations of three top Al-Qaeda detainees nearly five years ago. AFP PHOTO/SAUL LOEB (Photo credit should read SAUL LOEB/AFP/Getty Images) مايكل هايدن: لنواجه الحقيقة، الآن لدينا في هاتين الدولتين السابقتين الدولة الإسلامية والقاعدة والأكراد والسنة والشيعة والعلويون. لبنان دولة فاشلة وليبيا إلى نفس المصير باريس أعلن مايكل هايدن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) اختفاء العراقوسوريا رسميا من على خريطة الدول العربية، في تصريح ربما يتجاوز في دلالاته ما هو مجرد توصيف لوضع جغرافي تعيشه المنطقة، إلى الكشف عن حقيقة أن ما كان مخفيا من مشاريع التقسيم الأميركية للمنطقة أو ما اصطلح عليه البعض في وقت ما ب"سايكس بيكو الثانية"، قد صارت أمرا محتوما وان الولاياتالمتحدة قد نجحت اخيرا في جني ثمار هذه المشاريع التي اشتغلت عليها منذ عقود، بدعم حقيقي من ثورات "الربيع العربي". وزعم هايدن أن اتفاقيات سايكس بكيو التي ظهر بمقتضاها هذان البلدان لم تقسم المنطقة وفقا لواقعها الطائفي والعرقي، وإن المنطقة بما تشهده من أحداث عنف وحروب ماساوية، تتجه ذاتيا الى الانقسام وفقا لهذا الواقع الذي كان على الدول الأوروبية واضعة اتفاقية سياكس بيكو أن تتنبه اليه في الحين. وقال هايدن "لنواجه الحقيقة: العراق لم يعد موجودا ولا سوريا موجودة، ولبنان دولة فاشلة تقريبا، ومن المرجح أن تكون ليبيا هكذا أيضا". وأضاف لدينا الآن الدولة الإسلامية والقاعدة والأكراد والسنة والشيعة والعلويون، في ما يسمى سابقا سورياوالعراق. وأضاف في تصريحات لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية: اتفاقيات سايكس بيكو الّتي وضعت هذه الدول على الخارطة بمبادرة من القوى الأوربية في عام 1916 لم تعكس قط الوقائع على الأرض. واتفاقية سايكس بيكو كانت تفاهما سريا بين فرنسا والمملكة المتحدة (بريطانيا) بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بينهما لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الامبراطورية العثمانية التي كانت تسيطر على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى. وقسمت هذه الاتفاقية وما تبعها، سوريا الكبرى أو المشرق العربي إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها، لتظهر دول العراقوسوريا والأردن ولبنان وفلسطين. ولمح هايدن إلى أن الأحداث الجارية الآن تؤكّد حقيقة فشل اتفاقية سايكس بيكو في تقسيم المنطقة على نحو "سليم" ومستقرّ في إشارة إلى أن التقسيم كان ينبغي ان يكون على اساس طائفي وعرقي، حتى لا تنفجر مثل هذه الصراعا ت المحتدمة اليوم. وتعيد تصريحات أحد أبرز المسؤولين الأمنيين الأميركيين الذين صنعوا السياسات الخارجية للولايات المتحدة في مرحلة قريبة، الحديث عن مشاريع تقسيم المنطقة (مشروع الشرق الاوسط الجديد نموذجا) وهي مشاريع عاد الحديث عنها بقوة بعد احتلال العراق في بداية العشرية الأولى من القرن العشرين. ويعلق بعض المراقبين على هذا الموقف بالتأكيد على أن الولاياتالمتحدة التي تقود منذ نشاتها سياسة هجومية للسيطرة على العالم والتحكم فيه وتوجيه سياسات دوله بشكل شديد الضبط، كانت ستجد أسبابا أخرى لتقسيم المنطقة وإخضاعها، لو فرضنا جدلا ان سياكس بيكو قد اوجدت دولا متناسقة عرقيا وطائفيا ولا انقسامات فيها، لاسيما وأن المحدد الرئيسي للسياسة الاميركية في المنطقة هو الأمن الاسرئيلي تحديدا. كما تعيد نفس التصريحات الى دائرة الضوء كل ماقيل عن حقيقة ما كان يعرف بالربيع العربي الذي اشتعل في المنطقة قبل اربعة سنوات ليكون الشرارة القوية التي اشعلت الحروب في أكثر من دولة عربية وصفها هايدن بأنها اندثرت فعليا مثل العراقوسوريا أو هي في طريقها الى هذا المصير مثل لبنان وليبيا. ويقول محللون إن الصيغة التي بدا عليها خطاب المسؤول الاستخباراتي الأميركي السابق قد تبدو للوهلة الأولى مجرد توصيف لحقيقة ماثلة للعيان، لكن ايضا ليس مستبعدا أن يكون الرجل بصدد "شرح" موقف رسمي لبلاده، معناه أن الولاياتالمتحدة، التي لم تساهم في عشرينات القرن العشرين في بلورة وثيقة سايكس بيكو التي ينتقد نتائجها اليوم، عملت من جانبها كما ظلت تشير إلى ذلك التقارير منذ عقود على تغيير جغرافية العديد من دول المنطقة صنيعة الاتفاقية الاوروبية في سياق إعادة هيمنتها على المنطقة، وبهدف حماية حليفها الاسرائيلي، عبر تفتيت المفتت بفعل اتفاقية سايكس بيكو الأوروبية. وعلى مدى عقود ظل العديد من الخبراء العرب يحذرون من مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي تسعى الولاياتالمتحدة إلى تحقيقه بمساعدة الدول الغربية وإسرائيل، من خلال إعادة تشكيل المنطقة مرة أخرى وتجاوز مخلفات سايكس بيكو التي تجاوزتها الأحداث. وروجت الكثير من مراكز البحث الأميركية إلى أن تقسيم الدول العربية الشرق أوسطية سكون أفضل وسيلة لإضعاف العديد من الدول في المنطقة، كما ان "الدول لجديدة التي ستنشأ ستكون موالية تماما للإدارة الأميركية اعترافا لها". ويقول مراقبون إنه وبقطع النظر عن دلالت تصريح مدير "سي آي إيه" السباق فإن الواقع يبين أن العراقوسوريا يوجدان اليوم في وضع صعب وشديد الخطورة مع انقسام طائفي وعرقي حاد بين المكونات الاساسية لشعبيهما. وإن هذا الوضع، مع احتدام الحرب بين مختلف مكونات مجتمعي الدولتين ودخول الإرهاب كعامل تفرقة وخطر يتهدد الجميع، من الصعب بل يكاد يكون من المستحيل أن يسمح (الوضع) للبلدين بالعودة الى ماكانا عليه قبل انفجار الاوضاع، أي كدولتين مركزيتين قويتين وقادرتين على ضبط الأطراف وفرض سيطرة حكومة مركزية يدين اليها الجميع بالولاء. وقال مايكل هايدن إن المنطقة العربية ستبقى في حالة عدم استقرار في السنوات العشرين أو الثلاثين القادمة. ميدل ايست أونلاين