التطوّرات الدراماتيكيّة، والتفاعلات التي تعتمل في جسد السلام العادل، بقيادة الرجل صاحب الرمزيّة والحضور والجدل في سوح السياسة والاجتماع، الباشمهندس الطيب مصطفى، هذه التطوّرات مازالت تتسارع وتيرتها، ولا يزال الحراك محتدماً، وحرائقه يغذّي أوار لهيبها جبهات الإعلام ومجموعات شتى؛ منها ما هو داخل المنبر، وفي فروعه بعدد من الولايات، وحتّى في قطاع السياسة بالحزب الحاكم، بشارع المطار. لسان الحريق امتدّ مؤخّراً إلى داخل أروقة وردهات صحيفة الحزب (الانتباهة)، أو بالأحرى؛ خزانة أموال المنبر، ولسان الحزب ذي الصوت الصخّاب.. في هذه المقابلة جلسنا إلى الطيب مصطفى، ونقلنا له اتهامات الفصيل الإصلاحي من عضويّة حزبه التي رماه بها، واستفسرناه عن تحليلاته لما حدث، كما قلّبنا معه الرؤى الاستشرافيّة في محاولة لاستقراء المقبل، وما سيحدث في قادم الأيام.. لن نستفيض، دعونا نطالع إفاداته. * ما الذي يجري في منبر السلام، وفي صحيفة الانتباهة، المنبر الناطق باسم حزبكم؟ - الآن نحن صرنا محطّ أنظار السلطة الحاكمة والمؤتمر الوطني، ونلاحظ أن الهجمة على المنبر زادت بعد أن اتخذ المنبر موقفه ضد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة.. كذلك نشاط المنبر الظاهر ضمن تحالف القوى الإسلامية والوطنية.. وتعلم أن الفترة التي أعقبت القرارات الاقتصادية الأخيرة تم استهداف الانتباهة خلالها أكثر من مرة بالإيقاف، ثم أوقفت في فترة لاحقة لأجل غير مسمى، وعلمنا أن السلطات تطلب بعض التنازلات حتى تعود الصحيفة من جديد. * ما هي طبيعة هذه التنازلات؟ - نكتب خطابا بفك الارتباط التحريري بين المنبر والانتباهة، ثم تنازلي كرئيس للمنبر عن رئاسة مجلس إدارة الصحيفة برغم امتلاكي (55%) من أسهمها، وبالفعل تنازلت عن رئاسة مجلس الإدارة، وفي اليوم التالي مباشرة من التنازل ذهب رئيس مجلس الإدارة الجديد وعمد إلى تغيير الأسهم، وتم بيع بعضها - 6 أسهم - وتخصيص أخرى.. للأسف قام مسجل عام الشركات بإلغاء (53%) من أسهمي، بل إنّهم فصلوني في فترة لاحقة من عضوية مجلس الإدارة، كما فصلوا الفريق إبراهيم الرشيد من منصب المدير العام للصحيفة، وقاموا بتعيين من بيعت له الأسهم في مكانه. * ما هي قصة الأسهم ال(55%)؟ - عندما أسسنا الشركة التي أصدرت الانتباهة - المنبر- ساهم عشرة أشخاص بمائة سهم، وعندما دار جدل حول الملكية وعلاقة الصحيفة بالمنبر فرزنا (50%) من الأسهم للحزب والأخرى تم توزيعها على المساهمين العشرة بالتساوي. * لكن أثيرت شبهات حول هذه الأسهم ال(55%)؟ - أنا وبمجرد أن اقترحت إحدى الشخصيات - التي تقود عملية الاستيلاء على الأسهم هذه الأيام - أن يتم وضع الأسهم ال(50) التي خصصت للحزب باسمي لأنها رأت أن ذلك عملا استثماريا في السوق، لديه تعاملات، وأن الحزب يمكن أن يؤمم في أي لحظة - وقد كان - أنا بمجرد ذلك وفي نفس اليوم قمت بالتنازل عن الأسهم ال(50) والخمس التي تخصني عبر تنازل قانوني موثق للحزب على يد محامي الصحيفة ومستشارها القانوني الأستاذ مامون عباس. * وما هو الهدف من ذلك؟ - الهدف وقف تمويل الحزب من الدخل الذي توفره صحيفة الانتباهة ومحاصرته بالأزمات المالية. * ما هو المعدل الذي توفره الصحيفة لتمويل نشاط المنبر؟ - بدأت المبالغ تتصاعد بشكل كبير بعد الانتشار الكبير للصحيفة لتصل في الفترة الأخيرة إلى (200) ألف جنيه شهريا. * الصحيفة كانت المصدر الوحيد لتسيير أنشطة الحزب؟ - لا.. هناك تبرعات قليلة من بعض الأعضاء. * هل ترصد المبالغ التي تبرعت بها من مالك الخاص للمنبر أو للصحيفة؟ وكم هي قيمتها؟ - هي مبالغ كبيرة.. والمجموعة التي تتآمر على المنبر أدرى الناس بها، وأنا شخصيا لا أميل إلى التحدث عمّا قدمته من دعم للمنبر، وأنا أتحدى أي شخص يقول إن الطيب مصطفى أدخل قرشا واحدا من أموال المنبر في حسابه، فحتى فاتورة هاتفي التي تتجاوز قيمتها الألفي جنيه في بعض الأشهر أدفعها من جيبي وغالبها يصرف في محادثات خاصة بالحزب والصحيفة. هم يعلمون بكل ذلك لكنهم يكذبون.. لكنني حزين من خيانتهم بعد أن أكلنا معا الملح والملاح، لكن هذا يثبت أننا نعاني من أزمة أخلاق في كل ضروب معاملاتنا.. هولاء ليسوا جديرين بأن يصبحوا قيادات سياسية في هذا البلد. * رئيس التحرير في الانتباهة وعدد من أعضاء المنبر فيها هل أوضحوا مواقفهم مما يجري؟ - أعلم أن كثيرين لا يعجبهم التراجع الكبير في محتوى وموقف الصحيفة. * ورئيس التحرير؟ - لم نطالبه ببيان موقفه لأننا نرى أن صراعنا القانوني سيعيد الانتباهة إلى أهلها. * هل ترتب لصحيفة جديدة؟ - نعم.. وستكون ملكية خاصة وليست للمنبر وستكون هي الانتباهة الجديدة. * هل تتوقع أن تتواصل الحملات ضدكم في الفترة المقبلة؟ - أعتقد أن المؤامرة على المنبر ستستمر، وقبل فترة التقى القياديان بالقطاع السياسي للمؤتمر الوطني حسبو عبد الرحمن وعبد المنعم السني بشخصين من المكتب القيادي، وعندما علمنا بذلك اتخذنا الإجراءات التي تنص عليها لوائح الحزب ضدهم وأنهم خرجوا عن ثوابت الحزب - خصوصا أنه من حق المكتب القيادي بموجب النظام الأساسي أن يفصل كل من يفعل ذلك - وهو ما قد فعلناه، وأصدرنا قرارا بفصلهما.. ونحن علمنا أن الحزب الحاكم قد تكفل بإقامة المؤتمر الصحفي الذي عقدته المجموعة، وأرجو أن أجد إجابة عن سؤالي من شخص أعتقد أنه شيخ ولا يكذب هو سعد أحمد سعد: (من الذي التزم بإيجار السيارة التي تتحرك بها هذه المجموعة في هذه الأيام)؟ وأنا ظللت أنتقد الأحزاب التي تدعي العمل السلمي بالخرطوم ولها علاقات عبر قياداتها بالخارج مع الحركات المسلحة مثل التوم هجو وعلي محمود حسنين من الحزب الاتحادي ونصر الدين الهادي المهدي من حزب الأمة وألومها على عدم العمل من خلال ثوابت واضحة، فكيف يكون في حزبنا من لا يحترمون ثوابت حزبهم؟ * ما هو مدى الخطر الذي يمكن أن تشكله تحركات هذه المجموعة عليكم وعلى حزبكم؟ - نعلم أنهم اتصلوا على عدد من عضويتنا بالولايات المختلفة لحشد عضوية مجلس شورى الحزب وإقامة اجتماع بالمقر الدائم للمعسكرات يغيرون بموجبه المكتب القيادي وينفذون انقلابا وانشقاقا بالتعاون مع حزب برع في شق الأحزاب بل إنهم غازلوا بعض أمناء الولايات بمناصب دستورية.. غازي ومجموعته بعد فصلهم من المؤتمر الوطني اتجهوا إلى تأسيس حزب جديد، أما هذه المجموعة بعد فصلها من حزب المنبر فتصر على شق الحزب، فليذهبوا ويؤسسوا حزبا جديدا. ولابد من الإشارة إلى أن من ضمن المجموعة شخصيات فصلت قبل فترة سنوات عبر قرارات من المكتب القيادي قدرها في ذلك الوقت وأجازها مجلس الشورى بسبب أخطاء تنظيمية تنشط مع العضوين الذين ذكرتهم سابقا. * وهل راجعتم عضوية مجلس الشورى؟ فلربما نجحت في تمرير الانقلاب؟! وما هو عددهم؟ - هم حوالي (118) عضوا، وأوضحنا لهم أن هذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، ولنا تجارب كثيرة شقّ بها المؤتمر أحزاب الأمة والاتحادي. * المجموعة اتهمتك بالدعوة لموالاة إسرائيل في الاجتماعات؟ - هذا حديث مضحك.. أين هو في مضابط ومحاضر الاجتماعات وقرارات منبر السلام العادل؟ أنا أكثر من كتب في معنى الآية (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا). * قال وقيع الله شطة إنك توجه في الاجتماعات بعدم كتابة المجريات التي تخرج فيها عن الثوابت - مثل هذا الحديث - حتى لا يكون وثيقة إدانة عليك؟ - قال هذا الكلام حتى لا يسأل أحد عن الدليل.. وأين هو في قرارات ووثائق ومواقف الحزب؟ ولماذا لم يخرج شطة من الحزب ويعلن عن موقفه من ذلك وقتذاك، وانتظر حتى فصلناه قبل أسبوعين بسبب لقاءاته مع المؤتمر الوطني؟. * وماذا تقول عن اتهامهم لك بوصف رجال الجبهة الثورية بالشرفاء؟ - أنا أعلنت في مؤتمر صحفي رفضي وإدانتي لدعوة المؤتمر الشعبي وحزب الأمة للتنسيق مع الجبهة الثورية.. لا يوجد شخص هاجم الجبهة الثورية والحركة الشعبية وعرمانها وباقانها أكثر مني. * باشمنهدس؛ كثيرون يعتقدون أن الحزب تماهى بحسب معادلات الوضع السياسي في الوقت السابق مع الحزب الحاكم خصوصا في ظل الصراع مع الحركة الشعبية، لكن الآن، وبعد الانفصال انتفى الأمر، والحكومة تسعى لتحسين علاقتها مع الجنوب، وهذا جعل الخط بينكم وبين الحكومة والسلطة متوازيا، فاشتعلت الحرب، وانتفى سبب وجود المنبر نفسه! ما هو رأيك في هذا الاعتقاد؟ - هذا غير صحيح، وإذا كان صحيحا، فالجبهة الثورية لا تزال موجودة، وهذا يجعلني أطرح سؤالا: هل هذا الوطن هو ملك للمؤتمر الوطني فقط؟ ومن الذي خدم الوطن أكثر منّا؟ ومن الذي أعطاهم هذا الحق؟ المؤتمر الوطني يحاربنا بهذا الشكل لأنه لا يريد منافسة شريفة لأنهم يريدون أن (يكنكشوا) إلى الأبد، وهم خربوا الممارسة السياسة، وأرهقوا البلاد. * هل هناك وساطات بينكم وبين المؤتمر الوطني؟ - لا نريد أي حديث معهم.. هؤلاء (عملوا عمايل)؛ صادروا الحريات، يحذرون الناس من خرق الدستور والقانون ويخرقونه في وضح النهار، وما أدل على ذلك إلا إقرراهم لتجنيب بعض المؤسسات للإيرادات.. أنا أرى أن المؤتمر الوطني هو الذي استنفذ أغراضه تماما. * مناداتك بالانفصال جعلتك تخوض العديد من المعارك، وجلبت لك أعداء كثرا في مختلف الاتجاهات.. بحرب المؤتمر الوطني زادت جبهاتك واحدة؟ - أنا لا أكترث لمن يعادونني كثيرا من السياسيين، لكنني أقيس مقبولية طرحي على تفاعل الشعب السوداني معه عبر احتفاله بصحيفة الانتباهة، وهذا ما أزعج المؤتمر الوطني، الذي نرى أن صحفه تبور وتختفي من الوجود. * وأخيرا.. هل تتوقع الاعتقال؟ - نعم.. الاعتقال وأيّ شيء. اليوم التالي