"دعه يعمل دعه يعبر" هي من أكثر العبارات التي غيرت تاريخ البشرية، وأرخت للحقبة جديدة من حقب تطورها؛ فأصبحت اختيارات الفرد لها وزنها في عالم لم يكن يعترف بحق أحد في اختيار الرقعة التي يريد أن يقيم فيها، ولا المهنة التي يريد أن يعمل بها؛ وهذا النظام، وعلي علاته التي أنتجها، إلا أنه يعتبر قفزة كبيرة على المسلمات المجتمعية في ذلك الوقت، بادخاله لثقافة تجريب خيارات جديدة . على شاكلة مقولة: دعه يعمل.. دعه يمر. اختزلت مقولة: دعه يحب... دعه يجرب، في مواجهة سوق الوصفات الجاهزة للوقوع في الحب، أو الخروج منه بأقل الأضرار. فسوق الكتب والوصفات الجاهزة للحب والسعادة أصبح من الأسواق ذات الرواج العالي جدا؛ فأرفف المكتبات مملوءة بعناوين مختلفة كلها تصب؛ في النهاية، في مصب أن تتعلم المرأة: كيف توقع بالرجل في شباك حبها، ويتعلم الرجل كيف يجعل المرأة متعلقة به، لاتطيق له فراقا، فمثلت هذه الكتب طوق نجاة يتعلق به الكثيرون، عندما تتعرض حياتهم العاطفية لهزة كبيرة؛ فكل ما يفعله البعض حينها؛ بناء على نصيحة مقدمة من صديق مجرب، هو أن يذهب إلى المكتبة الفلانية، ويشتري الكتاب العلاني، أو يبحث عن هذا الكتاب في الشبكة العنكبوتية، ثم يقوم بقرائته، ليحس بعدها أن مشكلته العصية ماعدت عصية على الحل، أو التجاهل، ويحس أنه قد نبتت له "جوانح" ستمكنه من الطيران. لكن عند أول محاولة لبعض الباحثين عن الحب لتحليق عاليا؛ بناء على ارشادات كتب تعليم الحب، قد يسقطون ولا تقوم لك بعد ذلك قائمة، لانهم في غمرة احتافئهم بالكتاب، ينسون أو يتناسون أن الحب فعل لا إرداي، لايمكن اخضاعه للتوجيهات، والارشادات المعددة مسبقا. فبفضل هذه الكتب تحول المحبين لمجرد كائنات آلية، تطبق نصائح مكتوبة بحذافيرها، فيفقد الحب مشاعره التلقائية، ويبقى خاضعاً لقواعد واجبة التطبيق؛ فيتم ثني عنق المشاعر لإدخالها في القالب الذي أوصى به الكتاب؛ فيحدث عندها مالا يحمد عقباه. لذا قبل أن نفكر في اقتناء كتاب لنتعلم منه الحب، يجب أن نقف لنسأل أنفسنا سؤالاً حول: هل يمكن أن أدير علاقتي مع من أحب عن طريق كتاب؟ وعن: هل كل تجارب الحب وشخوصه وظروفهم تتشابه، لدرجة أن قواعد كتب تعلم الحب تكون صالحة لتطبيق على الجميع؟ أكيد؛ لو فكرنا بهذه الطريقة و أرجعنا النظر كرتين باتجاه هذه المؤلفات، سوف تقفز إلى أذهاننا الإجابة الصحيحة المبنية على الفطرة السليمة، التي تقول: إن الحياة لاتقرأ.. الحياة تعاش فقط. وكذلك الحب. لذا تبقى النصيحة الوحيدة التي يمكن أن تكون ناجعة في مثل هذه الحالات، هي: دعه يحب... دعه يجرب؛ فيصنع قصته المعاشة لا المكتوبة. ملحوظة نحن لانختار؛ حين نحب وحين نموت. حاجة أخيرة كيمياء الحب، سر غامض، يجعلك تندفع نحو آخر لايشبه تصورك لفارس أحلامك.