عندما كتب الشاعر الراحل حسن الزبير كلمات أغنية صورتك الخايف عليها؛ التي تغنى بها الفنان المبدع البعيو، لم تكن التكنولوجيا الحديثة قد توغلت بعد في حياة المحبين، مفسدة للكثير من التفاصيل الحميمة التي تربط بينهم؛ كتبادل الصور والخطابات واعتمادهم عليها كوسائل وحيدة للتواصل في ذلك الزمان. وأذكر جيدا عندما كنا أطفالا، كانت أيادينا تمتد نحو الذي لنا والذي لغيرنا دونما اكتراث، وكثيرا ما اخرجنا من خزانات أقاربنا صوراً كانوا يخبؤنها في أماكن بعيدا عن أعين الفضوليين أمثالنا، وتكون الصور عادة لفتاة في مقتبل العمر، وفي وكامل الهندام، وعادة ما يكتب خلف الصورة اهداء على شاكلة: معا إلى الأبد، أو حبيبتك دائما. نقلب الصورة ونتهجأ ماهو مكتوب ونعجز في استيعاب المعنى، ويبقى همنا الأول والأخير أن نعرف من هي صاحبة هذه الصورة؛ فنجري بكل براءة تجاه صاحب الخزانة ونقول: (لقينا صورة في دولابك دي حقت منو)؟ فيكون نصيبنا جلدة معتبرة وتوبيخ شديد اللهجة بسب فعلتنا وتلصصنا على أشياء الغير. وعندما كبرت وبدأت في فهم الأشياء فسرت لوحدي سبب تواجد هذه الصور واحتفاظ اصاحبها بها، وعرفت أنهم عاشقون هزمهم الحب ولم يبقيّ لهم سوى تلك الصور التي برعوا في اخفائها، بعد أن يوهمون حبيباتهم السابقات أنهم قاموا بالتخلص منها وحرقها. قديما أول ما تبدأ العلاقة العاطفية التي تربط بين أثنين في الانهيار يكون هم البنت الأول والأخير هو أن تستعيد خطابتها وصورها التي بطرف حبيبها وعبارة (رجع لي صوري وجواباتي). يمكن تكون من العبارات التي لم يخبرها جيلنا، أما الأجيال السابقة التي اعتمدت على الصور والخطابات كوسائل للتواصل، فهي تعرف هذه العبارة جيدا وتعني بالنسبة لهم أن كل شيء قد انتهى. فالطمائنيةلاتدخل إلى قلب الفتاة إلا إذا التزم محبوبها السابق بوعده، وقام باحضار الخطابات والصور التي بطرفه، أو ذكر لها أنه قد أحرق كل ما لديه من صور وخطابات. عندها تطوى الصفحة وتبدأ صفحة جديدة على أساس أنها متأكدة ألا أحد سيعرف إنها كانت تربطها علاقة عاطفية مع شخص آخر، وهي ضامنة أن لاشيء من ماضي تلك العلاقة سوف ينقِّص عليها علاقتها الجديدة. ويبقى الخوف على الصورة أكثر من الخوف على مشاعر المحبوب الذي في حوذته الصورة، كما عبر عن ذلك الشاعر الراحل حسن الزبير عدنما قال: (صورتك الخايف عليها ونحن ما خايف علينا). فالخوف ليس أن يحتفظ الحبيب بصورة محبوبته، ولكن الخوف من المجتمع الذي يمكن أن يحاكم بسب وجود هذه الصورة بحوزة شخص ربطتك به علاقة حب سابقة؛ فالنظرة المجتمعية التي تؤطرك، هي التي دفعت فتيات ذلك الجيل على الالحاح في طلب صورهن وخطابتهن. ذات الخوف ربما هو الذي يدفع بالكثيرات لأن لا يضعن صورهن على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن غالبية المجتمع لايحبذ هذا السلوك، فالكثيرات تراودهن أفكار وأمنيات أن يضعن صورهن الحقيقية، إلا أنهن في نفس الوقت يردن أن يكسبن الرضا المجتمعي، وما أدراك ما الرضا المجتمعي؛ فالرضا المجتمعي هو الذي يتحكم في حياة البنت في كل مراحلها، فكأنه بعبع يفغر فمه لالتهام كل أشياءنا الصغيرة . ملحوظة أول فرمان ذكوري يصدره واحد خطب واحدة بعد أن تم التعارف اسفريا لمي صورك الخاتها في الفيسبوك دي.