انتابتي شعور مختلف ومتنوع وانا اتلقى دعوة لحضور تنوير من مدير جهاز الامن والمخابرات الفريق اول مهندس صلاح عبد الله قوش، وانا في طريقي الى مكان التنوير جالت في رأسي العديد من الاسئلة الحائرة على شاكلة الاسئلة التي لا اجابة لها في الاوضاع العادية، الا انني كنت على ثقة بأن التنوير سيجيب عنها وسيزيل اي لبس في رأسي عن الازمة وعما يدور. وهذا ما كان.. فإلى تفاصيل ما وجدته من صيد في جوف الفراء من لقاء قوش. خلية الموساد اعلن مدير جهاز الامن والمخابرات الفريق اول صلاح عبد الله قوش تورط خلية تتبع لحركة عبد الواحد تم تجنيدها بواسطة الموساد في اعمال التخريب التي انتظمت عدداً من المدن، كاشفاً عن تشكيل تلك الخلية لغرف التخريب في دنقلاوعطبرة وود مدني والحاج يوسف والكلاكلات، في ذات الأثناء التي اكد فيها قوش قبضهم (7) من افراد الخلية في عطبرة، وتم ضبط رئيس الخلية في دنقلا وبعض منسوبي الخلية، بينما اقر قوش في ذات الوقت بوجود ازمة اقتصادية، وقال انهم لن يدفنوا رأسهم في الرمال، وفيما اشار الى ان ازمة السيولة ستنتهي جزئيا منتصف يناير قطع بأن الازمة ستنجلي كلياً في ابريل، وفي غضون ذلك اكد قوش ان الامن لا يقف مع حجب موقع التواصل الاجتماعي مرجعاً توقفه خلال اليومين الماضيين لقرار من مؤسسات أخرى، في ذات الوقت الذي اكد فيه ان لا رفع للدعم عن الدقيق وعن بعض المحروقات، وتعهد بالتعامل بحسم شديد مع التخريب في التظاهرات، الا انه جزم بعدم صدور اي قرار من الامن بالتعامل بعنف مع التظاهرات. وفيما اقر بأن الامن لم يرصد اي حراك للقوى السياسية على الرغم من أن الوضع مشحون، اشار الى انها لم تبدأ الاحداث لكنها تحاول الآن ان يكون لها دور. أعمال صبيان وقدم قوش تنويراً لقادة الاجهزة الاعلامية امس حول التظاهرات التي تنتظم عدداً من المدن وعن الازمة التي تواجهها الدولة، واشار الى اندلاع مظاهرات امس في كل من عطبرة وسوق ابو جهل في الابيض وفي ربك وكوستي ومحاولات وصفها بالخفيفة في الخرطوم في سوق ستة الحاج يوسف وفي جامعة السودان الصحافة زلط، واوضح انه بخلاف ما ذكره تعتبر اعمال (صبيان) لا ترقي ان تكون حدثاً، وارجع قوش تلك التظاهرات الى المشكلة الاقتصادية ووجود شح في العملة المطلوبة، الا انه اكد ان لا مشكلة في تغطية الاحتياجات الاساسية، ورجع وقال ان الاحتياج اكبر من الطلب لكن المسافة ليست بعيدة. خريطة الحريق وفي ذات السياق رسم مدير جهاز الامن خريطة لعمليات التخريب التي تمت واماكنها ومقدارها، وقال ان الخلية التي تتبع للموساد كان توجيهها حرق دور المؤتمر الوطني، واشار الى ان المتظاهرين حرقوا ثلاث عربات تتبع للمواطنين في عطبرة، فضلاً عن حرق محلية عطبرة واجهزتها ومبنى التأمين الصحي ومبنى السكة حديد، وتم حرق اتحاد العمال وحرق جزئي لوزارة المالية، واوضح ان التخريب في الدامر امتد لامانة الحكومة وعربة بوكس، وحرق مكاتب تتبع لوزارة الثروة الحيوانية، وتم حرق مكاتب الحكم المحلي والوحدة الادارية للزيداب، اما في بربر فقد تم حرق دار الوطني والمحلية وجزء من التشريعي. واوضح قوش ان الحرق في القضارف شمل اتحاد الطلاب وديوان الزكاة، وكانت هناك محاولة للهجوم على بنك السودان وبنك الخرطوم وبنك فيصل . اما بالنسبة لدنقلا فقد تم تخريب امانة الحكومة وديوان الزكاة كما حدث حريق في كريمة. واشار قوش الى حرق دار الوطني في ربك وبنك العمال وبنك الادخار، واكد قوش ان كل هذه الحرائق تمت ولم تطلق الشرطة اية رصاصة الا بعد الهجوم على مركز يتبع لها. نيقرز في الحدث واماط قوش اللثام عن وقوع اشتباك بالسلاح الابيض في سوق ستة في الحاج يوسف من النيقرز ، واشار الى توجيههم بالتعامل بحسم شديد حتى لا يتم الاعتداء على الآخرين. وفي ذات السياق ابان قوش ان هناك تنسيقاً محكماً بين الجيش والامن والشرطة في هذه الاحداث بكل الولايات. وجزم بأن الازمة ستنجلي خلال اليومين القادمين وسيتم تجاوزها، واوضح ان اي تخريب سيتم التعامل معه بحسم شديد. شرارة التظاهرات نسيت ان اذكر ان مدير الامن حاول ان يطوف بنا قبل سيل المعلومات السابقة حول بدايات الازمة وما يحدث حقيقة، وعن اندلاع شرارة حدوث التظاهرات، واوضح ان ما حدث كان في البداية بسبب ازمة الخبز، واشار الى ان البداية كانت في البحر الاحمر، حيث قامت حكومة الولاية بتسعير الرغيفة بثلاث جنيهات، وتحرك الطلاب احتجاجاً وتم احتواء الامر. وطرح قوش سؤالاً: هل هناك مشكلة دقيق ووقود ؟؟ وهل هناك معالجة من الحكومة ؟؟ وارجع كل ما يحدث لشح العملة الحرة. رجال أعمال بالعصي وذكر مدير الامن ان رجل الاعمال في السودان يحقق ارباحاً لا يحققها اي رجل اعمال في اي مكان آخر، ودلل على ذلك بان اي رجل اعمال يعمل في مجال النفط مثلاً ان تكون لديه ناقلة نفط او مصفى او مخزن، اما في السودان الوضع مختلف، وقال: (اي شخص بعصاتو يبقي تاجر بترول)، وزاد ضاحكاً: (وانا بعصاتي بقيت تاجر بترول) ويشير الى ان الربح في باخرة النفط الواحدة يصل للتاجر (5) ملايين دولار، وقال: (وقس على ذلك في السكر والدقيق والقمح)، ويجزم قوش بأن القطاع الخاص في السودان يحتاج لنقلة ثقافية في العمل. احتراق المواطن ويطوف بنا مدير الامن في موضوع التحرير الاقتصادي ويقول انه عند انتقال الدولة للسوق الحر يجب ان تبقي موارد الدولة كافية وفائضة حتى لا ينفلت السوق ويحترق المواطن، ويشير الى ان البداية الصحيحة في المحافظة على سعر الصرف، ويتابع قائلاً: (اذا تركنا الدولار يتصاعد المواطن سيدخل في جحيم اكبر). كيف تفكر الحكومة؟ ويكشف قوش عن الطريقة التي تفكر بها الحكومة الآن لتوفير العملة الحرة، فيقول ان الحكومة فكرت في الاستثمار في الجنوب حتي لا تعتمد على قروض او مساعدات خارجية قد لا تأتي ، ويشير الي انهم جلسوا مع الحكومة هناك وقالوا لها ان مصلحتها زيادة الاستثمار في مجال النفط ، واوضح ان الامر لن يتم دون مقابل، ويوضح انهم اكدوا وشرعوا فوراً في توفير البناء وفي التأمين واعادة ما دمرته الحرب، ويقول: (بدأنا في تأهيل حقول الجنوب)، ويقفز مباشرة قوش بنا للنقطة التي نقف حالياً فيها، وهي انه نتاج ذلك كان الجنوب سيصدر الآن من بورتسودان، ونصيب السودان فيها (26) دولاراً في كل برميل، (ناخذها قروش او بترول) وبين ان الحكومة ستواصل الاستثمار في حقول الجنوب لتمزيق فاتورة المحروقات. دخلنا المعمعة ويواصل مدير الامن تطوافه الشيق بنا حول معالجات سعر الصرف ويقول ان ارتفاع الدولار ل70 جنيهاً او 90 جنيهاً مجرد شائعة تسبب فيها (قروب) لتداول سعر الصرف عبر مضاربات تحديد سقف محدد للسعر في (القروب)، ويوضح لنا حقائق تكشف لاول مرة حول طريقة تأثيرهم في سعر الصرف، ويشير الى ان الحكومة اتجهت لشراء الذهب لتضارب به في العملة، وهذا ما نجحت فيه وستستمر إلى ان ينخفص السعر لشيء معقول لا يضر بالمصدرين. الكبار ويواصل سرده حول طرق تخفيض سعر الصرف، ويشير الى انهم جلسوا مع (الكبار) الذين يشترون الدولار من السوق الاسود وطالبوهم بشراء الذهب. وقال ان هذه الطريقة قادت لخروجهم من الطلب على العملة. العبور العجالة واللحاق بزمن المطبعة جعلني استعجل كتابة ما لدي للحاق بشيء لا يصبر، ولكن ما سيأتي خلال الايام القادمة وضحت ملامحه من تنوير قوش الوافي الذي نقل الحدث لنا دون خلط او مخالطة … وتكفي صراحته الغريبة عندما قال ( الآن توجد ازمة )… واتمنى ويتمنى الكثيرون غيري من الحادبين على مصلحة البلاد ان تنجلي كل الازمات وان نعبر بسلام!! إعداد: كمال عوض الانتباهة