كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    أيهما تُفَضَّل، الأمن أم الحرية؟؟    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتفاع سعر الدولار .. تعدد الأسباب بين النفسية والاقتصادية
نشر في الصحافة يوم 13 - 06 - 2013

الخرطوم : رجاء/اشراقة/ تهاني / ولاء: واصل السوق الموازى للدولار ارتفاعه على خلفية اغلاق انبوب النفط فى وجه المنتج الجنوبى بعد تفاقم الاحداث بين دولتى السودان ليلقى ذلك التوتر بظلاله على حركة السواق، وكان الدولار اول ما طاله التوتر اذ ارتفع بشكل مفاجئ ليصل الى 7,400 جنيه ظهر امس فاتحا الباب للمضاربات فى السعر ليستند تجار السوق الموازى على تخوفات اقتصادية حقيقية ومتوهمة .
ماهي الاسباب الحقيقية وراء حالة التصاعد الجنوني في اسعار الدولار ؟ هل هي نتيجة معطيات اقتصادية واقعية ام هي حالة دولاروفوفيا تدفع البعض الي الحصول علي اكبر كمية من الدولار قبل مزيد من التدهور للعملة الوطنية ؟ «الصحافة » وضعت الامر امام عدد من الخبراء العاملين في القطاع الاقتصادي والمصرفي وعلماء النفس خاصة ان البعض يري بان الارتفاع الاخير له دلالات نفسية قبل ان تكون اقتصادية.
الخبير الاقتصادى واستاذ الاقتصاد والعلوم المالية بجامعة الاحفاد الدكتور السمانى هنون قال ان الدولار يتحرك وفق اسس معروفة اما لاسباب اساسية او فنية كالقرارات الرئاسية او الاقتصادية التى تصدر من وزارة المالية والبنك المركزى والمؤسسات الاقتصادية الاخرى المعنية باداء الاقتصاد اما الناحية الفنية مرتبطة بالاداء التاريخى لسعر الدولار، مشيرا الى ان القرارات السياسية كايقاف ضخ النفط هي التي تتحكم في اسعار الدولار اضافة الى سياسات بنك السودان ، ومن المؤثرات وجود المضاربين وهم السبب الرئيسى فى تحرك الدولار بجانب حركة الصادر وتدفقات تحويلات المغتربين والاستثمار الاجنبى المباشر كل هذه العوامل تتحكم فى اسعارالدولار في ظل تصاعد الدولار خلال الايام القادمة .
استاذ الاقتصاد بجامعة النيلين الدكتور حسن بشير محمد نور قال ان ما يوجد فى السودان الان هو اقتصاد حرب محاط بمجموعة كبيرة من الأزمات بتعقيداتها وعواملها الداخلية والخارجية وهنا يمكن الاستنتاج فى الاجابة على السؤال من الذى يتحكم فى سوق الدولار ؟ اذ لايوجد سوق للنقد او رأس مال والدليل على ذلك التذبذب الكبير فى سعر الجنيه او السعر التبادلى للجنيه السودانى مقابل العملات الاجنبية اضافة الى تشوه مكونات ميزان المدفوعات سواء كان فى الحساب الجارى او حساب رأس المال مشيرا الى ان الغياب التام للتمويل انعكس على عرض النقود فى الجهاز المصرفى بشكل لا يسمح من الناحية الاقتصادية بتحديد القاعدة النقدية او بتحديد دقيق للقياس ما يسمى بمضاعف النقود نسبة لعدم ثبات العوامل المكونة له وبالتالى ما يحدث فوضى نقدية شاملة وانفلات فى هذا المجال بشكل لايسمح بتسميته بالسوق ولاتجدى اى توقعات ولايصلح اى تحليل اقتصادى الا بالاعتماد على نظريات الفوضى فى المحصلة النهائية.
الخبير الاقتصادى دكتور محمد الناير يري ان الذى يتحكم فى سوق الدولار حاليا هم تجار العملة والمواطنون الذين يحصلون على الدولار كمخزن للقيمة وليس للحاجة الفعلية، مبينا انه لو ترك تجار العملة المضاربات فان الاقتصاد لن يتأثر سلبا بايقاف تصدير نفط الجنوب وتدفقات النقد الاجنبى تكفى الحد الادنى من احتياجات البلاد من السلع الاساسية والضرورية وما يؤكد ذلك هو ان التصريحات المختلفة خلال الفترة الماضية باعتماد التصدير ادت الى انخفاض سعر الدولار الى 6 جنيهات فى السوق الموازى ، ان بنك السودان لم يضخ كمية من النقد الاجنبى وكان سبب انخفاض قيمة الدولار محاولة التخلص من النقد الموجود بحوزة التجار والمواطنين الذين يستخدمون النقد الاجنبى كمخزن للقيمة وعندما نتحدث عن التصريحات الاخيرة التى وجه من خلالها رئيس الجمهورية بايقاف ضخ نفط الجنوب زاد الطلب على النقد الاجنبى من نفس الفئة المذكورة انفا وشىء مؤسف ان يرتبط سعر الصرف بالتعامل مع دولة اخرى و الوضع الطبيعى ان تكون هناك اجراءات داخلية و سياسات تحفيزية لتدفقات النقد الاجنبى لبناء احتياطى يجعل بنك السودان قادرا على تحقيق استقرار في سعر الصرف.
الامين العام لاتحاد الصرافات السابق عبد المنعم نور الدين قال ان ما حدث من ارتفاع سببه بعض المضاربين الذين توقعوا زيادة الاسعار الامر الذي ادى لزيادة الطلب على السوق الموازي و ارتفاع اسعار الدولار وهو امر مؤقت سببه العوامل النفسية وقد اسهمت تطمينات الجهات الرسمية بعدم تأثير قفل انابيب النفط على الاقتصاد اليومي في عودة السعر الى ما كان عليه قبل الاغلاق، ووصف نورالدين ما يدور في الساحة نتاج هلع وعوامل نفسية لا علاقة لها بالعوامل الاقتصادية واضاف ان أي بلد يواجه بمشاكل امنية واقتصادية يلجأ فيه المواطن لملاذ آمن حفاظا على ما يملك من عملة فيقوم بشراء العقارات اوالذهب و البعض يفضل النقد الاجنبي لسهولة الحصول عليه والتخلص وساهم في الارتفاع عدم مقدرة الصرافات علي استقطاب اموال السودانيين العاملين بالخارج .
من جانبه قال الخبير المصرفي ورئيس مجلس ادارة البنك السوداني الفرنسي السابق دكتور عز الدين ابراهيم ان هناك تذبذبا في الدولار الامر الذي يدل على وجود استقرار في الاسعار في حدود 7 جنيهات مفسرا الامر بوجود عرض وطلب، واضاف ان الطلب على الدولار ليس بغرض الاستيراد فقط مشيرا الى وجود طلب داخلي للحفاظ على قيمة المدخرات الا انه قال هناك تشويش على العرض والطلب عبر المضاربة مشيرا الى اعتقاد بعض الناس ان المضاربة تفسر هبوط ونزول الدولار، واعتبر المضاربة كالضوضاء والازعاج لكنه اعتبر العرض والطلب هما الاساس
وعدد مدير القطاع الاوسط ببنك الادخار عمر حسب الرسول الاسباب التي تؤدي لارتفاع اسعار الدولار خاصة كمية الطلب عليه اذا زاد الاستيراد وفاق حجم التصدير واضاف يقل الطلب اذا قل الاستيراد وارجع الزيادة الاخيرة الى القرار باغلاق الانابيب امام بترول الجنوب فيلجأ السودان لاستيراد البترول فيزيد الطلب على النقد الاجنبي وقال اذا تم فتح الانابيب يصبح لدى الدولة وفرة من الدولار وتصبح قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها من السلع. دخول الشركات وجشع التجار وراء اهتزاز أسعار السوق الموازي للدولار
صغار تجار العملة انهم جزء اساسي من منظومة السوق الموازي ، الذي يشهد هذه الايام قفزة مهولة في اسعار الدولار وصلت الي 7.400جنيه في مقابل سعر الدولار وفق اسعار الامس في السوق الموازي ، وان كانت متوقعة ولكنها غير مبررة من الناحية الاقتصادية ووفق مقتضيات الحال ، ولكن حديث تجار العملة « للصحافة » ابان بان الدولار قد تجاوز كونه اوراقا نقدية الي دخوله كسلعة رابحة ترهل سوقها في الفترة الاخيرة بعد اتجاه الكثيرين الي وضع الدولار في قاع الخزانات الي حين حدوث متغيرات سياسية .
وداخل احد المكاتب التي اتخذت من اسمها الخارجي غطاء لنشاطها في سوق العملة التقت « الصحافة » باحد التجار والذي قال في بادرة حديثه : ان سوق الدولار في الوقت الراهن به وفرة كبيرة في الورق وان الارتفاع الراهن يعود الي اعتباره سلعة تجارية اكثر من كونه ورقة نقد ، اضافة الي ان السوق اصبح مفتوحا بخلاف ما كان عليه في السابق ودخل السوق العديد من تجار البضائع الذين يعملون حاليا علي حفظ اموالهم ومضاعفتها عن طريق بيع الدولارات .
واضاف تاجر آخر قائلا : ان سعر سوق الدولار وانخفاضة وارتفاعه تتحكم فيه الاشاعات والجو النفسي العام وهو لا يخضع لاي معايير اقتصادية وحتي الزيادة الاخيرة لا يوجد لها أي مبرر ، ولكن عدم وجود متغيرات دقيقة في سوق الاوراق المالية وخضوع البورصة الي معايير السوق العالمي خلقت مساحة لتأثير ادني متغير علي اسعار الدولار مقابل الجنية السوداني ، ونفي ان يكون التجار هم المتحكمون في الاسعار والقي اللائمة علي السياسات الاقتصادية بالبلاد وعدم وضع استراتيجيات وخطط وحلول اقتصادية مسيطرة علي استقرار العملة واستشهد في حديثه بما شهده سوق الاقتصاد السوداني بعد توقيع اتفاقية 2005م مع الجنوب من استقرار ، قبل ان يعاود اضطرابه بعد الانفصال بما يؤكد خروج هذا الملف عن سيطرة الدولة .
وقال احد التجار بان سعر الصرف يقوم علي عشوائية مبنية علي السماع والسياسات واكثر ارتباطه اصبح مع متغيرات العلاقة مع الجنوب ، وتحدث عن دخول الحكومة عبر افراد ومؤسسات ووضع يدها علي السوق وهو ما يؤدي الي تغييرات سعر الصرف في السوق الموازي وخفض قيمة الجنية السوداني . وليس بعيدا عما اورده التاجر السابق اكد تاجر آخر بان تغيير وتذبذب اسعار الدولار مرتبط بسياسات الدولة الاقتصادية وهو اكبر مؤشر علي عدم وجود خطط واضحة ، وقال ما لم تشجع الحكومة وتسند بضائع السوق الصادر من الثروة الحيوانية والصمغ والمحاصيل النقدية واعتماد خروج البترول عن سياسات الاقتصاد تماما لن يحدث استقرار في سعر الدولار .
وفي رأي آخر يبدو مناقضا لما اورده سابقوه يقول احد صغار التجار ان المتحكمين في سوق العملة هم تجار السوق الاسود وهم المسيطرون علي احتياجات البلاد والحكومة ومسيطرون علي الاسعار في رفعها وخفضها والسعر الحالي بالتأكيد ليس سعر الدولار الحقيقي ، وقال ان وفرة الدولار في السوق هي التي تحدد اسعاره مع سياسات العرض والطلب في السوق ، والآن السوق به ندرة وشح واضح والسياسة الجديدة قائمة علي الاحتفاظ بالدولارات داخل الخزن وعدم وضعه في البنوك وتبديل العملة المحلية بالدولار وبذلك تتضاعف اوراق النقد داخل الخزانة ، ويضيف بان عدم توفير بنك السودان لما يفي باحتياجات السوق يعني بان له اليد الطولي في عدم ثبات سعر الشراء ، كما اشار الي ترهل سوق الدولار باتجاه المواطنين الي شراء الدولارات وتخزينها الي حين مما جعل القاعدة السفلي عريضة اذا ما اعتبرنا بان السوق هرم يجلس في قمته كبار التجار ، وقال ان الحكومة دخلت كمنافس في سوق الدولار عبر افراد وشركات مما احدث تدنيا في سياسات البلاد الاقتصادية ، والآن من يملكون في ايديهم دولارات في ظل الوضع الراهن حتي وان كانت لديهم التزامات مالية لن يتصرفوا فيها وسيتعاملون بقاعدة التأجيل الي حين ارتفاع سعر الدولار الي اكثر من ذلك .
في السوق الموازي وتحديدا في شوارع الخرطوم القديمة في الجهة الجنوبية لبرج البركة والغربية منه ، تجدهم يقفون كمن ينتظر احدا بينما هم يتصيدون مستبدلي العملة وفق لغة واشارة معينة تبديها اصابع يدهم ، انهم بعض صغار تجار العملة ، وهم لاعبون اساسيون في منظومة السوق الموازي ، الذي شهد قفزة مهولة في اسعار الدولار وصلت الي 7.400جنيه.
وداخل احد المكاتب التي اتخذت من اسمها الخارجي غطاء لنشاطها في سوق العملة التقت « الصحافة » باحد التجار والذي قال في بادرة حديثه : ان ارتفاع الدولار يعود الي ان السوق اصبح مفتوحا بخلاف ما كان عليه في السابق ودخل السوق العديد من تجار البضائع الذين يعملون حاليا علي حفظ اموالهم ومضاعفتها عن طريق بيع الدولارات .
واضاف تاجر آخر ان ارتفاع سعر الدولار وانخفاضه تتحكم فيه الاشاعات والجو النفسي العام وهو لا يخضع لاي معايير اقتصادية وحتي الزيادة الاخيرة لا يوجد لها أي مبرر ، و عدم وجود متغيرات دقيقة في سوق الاوراق المالية وخضوع البورصة الي معايير السوق العالمي خلقت مساحة لتأثير ادني متغير علي اسعار الدولار مقابل الجنيه السوداني ، ونفي ان يكون التجار هم المتحكمون في الاسعار ملقيا باللائمة علي السياسات الاقتصادية بالبلاد وعدم وضع استراتيجيات وخطط وحلول اقتصادية مسيطرة علي استقرار العملة، واستشهد في حديثه بما شهده سوق الاقتصاد السوداني بعد توقيع اتفاقية 2005م مع الجنوب من استقرار.
وقال احد التجار بان سعر الصرف يقوم علي عشوائية مبنية علي السماع والسياسات واكثر ارتباطه اصبح مع متغيرات العلاقة مع الجنوب ، وتحدث عن دخول الحكومة عبر افراد ومؤسسات ووضع يدها علي السوق وهو ما يؤدي الي تغييرات سعر الصرف في السوق الموازي وخفض قيمة الجنيه السوداني . وقال تاجر ثالث ان تغيير وتذبذب اسعار الدولار مرتبط بسياسات الدولة الاقتصادية وهو اكبر مؤشر علي عدم وجود خطط واضحة .
وعن البعد الاجتماعي والنفسي لتذبذب اسعار الدولار عزا خبير الطب النفسي والعصبي الدكتور على بلدو ارتباط تذبذب سعر الدولار بالحالة النفسية للمواطنين بعدة عوامل اجملها في ان العديد من المتعاملين مع الدولار ينتابهم شعور عارم بالقلق وهذا يؤدي الى زيادة الحساسية في التعامل مع الارتفاعات او هواجس بالزيادة او النقصان في السعر مما يزيد التوتر النفسي وهذا يؤدي الى اتخاذ قرارات متسرعة في سوق المضاربة تجعل من الصعب التنبؤ بالسعر مما يؤدي الي اشتعال سوق المضاربة وبالتالى ينعكس التوتر وعدم التنبؤ بارتفاع انخفاض الدولار ،ومضي دكتور بلدو في ان الخوف من ارتفاع والتوجس من الفقر كلها محددات نفسية شكلت ما يعرف ب«الظاهرة الدولاريه »التى يلجأ اليها العديد كنوع من الضغط النفسي والخوف من المستقبل والرهبة من الدخول في اشكالات متعلقة بذلك من مشاكل قانونية والبقاء لحين السداد وما الى ذلك وهذا يشكل عبئا نفسيا خطيرا يجعل الكثيرين يتابعون سعر الدولار بكل حواسهم خوفا واستعدادا لاى متغيرات ،ويضيف دكتور بلدو في حديثه للصحافة الى ان الامر لا يتوقف عند ذلك انما يتعداه الى الوسوسة النفسية والاضطراب بصورة دائمة ما يجعل الشخص في حالة من القهر النفسي والشد الذهني وكذلك الشعور لكون المرء تحت رحمة سعر الدولار كحالة تعرف بالوسواس القهري التى تنتشر بين المواطنين والتجار واصحاب الصرافات، مشيرا الى ان هذه الحالة تتحكم في السوق من العرض والطلب والاغراق والاحجام مشكلة واحدة من اساسيات النفس التجاري، واشار دكتور بلدو في حديثه الى ان الخسارة المسبقة وما يليها من الشعور بالاكتئاب تجعل ضحايا الدولار اكثر حرصا على اخباره واخبار الاخرين بها ، وفي منحي اخر يضيف دكتور بلدو بالقول : ان الرغبة في الثراء السريع والجشع واصحاب النفوس الضعيفة وما عداها من اضرابات سلوكية اخرى كالاحتيال والمراهنة وغيرها تضيف الى نار ارتفاع سعر الدولار لهيبا اخر يكوي المواطنين والتجار ، وعن التدخل النفسي والمعالجات المحتملة دعا دكتور بلدو الى اهمية التأهيل النفسي لرجال الاعمال والسماسرة الى جانب اشاعة قيم ومبادئ علم النفس التجاري والتنمية البشرية من اجل التعامل مع الظاهرة الدولارية قبل ان تمتد نار الدولار لتحرق النفوس و الاجساد على حد سواء بعد ان احرقت الاقتصاد قبل ذلك ، مشيرا الى ان هلع الدولار يلقي بظلاله على السلع والخدمات ليثقل كاهل المواطن ليضيف المزيد من الضغط النفسي والاقتصادي والاجتماعي على المجتمع ككل.
ومن جهتها اوضحت اسماء فتح الرحمن استاذة علم النفس بان العوامل النفسية للمواطنين تلعب دوراً هاماً في اسعار صرف العملات ولعل اوضح مثال على ذلك هو ما حدث في فترة الكساد العالمي الكبير«1929-1933» حيث انهارت معظم العملات الرئيسية وخصوصاً الاسترليني وكانت الاسباب السيكولوجية أو النفسية من أهم العوامل التي أدت الى انهيار تلك العملات ولتوضيح كيفية تأثير العامل النفسي في أسعار صرف العملات افترضت دكتورة اسماء أن سعر صرف عملة دولة ما انخفض بمقدار 5% مقابل العملات الأخرى لسبب أو لآخر فانه كثيراً ما تعم الفوضى في الاسواق المالية ويصاب الأفراد بحالة من الهلع والفزع حيث يتوقعون ان يحدث انخفاض أكبر في قيمة العملة الوطنية ومن ثم يسارعون الى التخلص مما بحوزتهم من هذه العملة وشراء عملات اجنبية ، ماضية الى القول بان الاحساس بعدم الاستقرار وتقلب الاوضاع السياسية بالبلاد تخلق حالة هلع ما يدفع العديد الى شراء او بيع ما لديه من عملة لتأمين وضعه وذلك لان الأمن الفكري و الأمن الاجتماعي وحالة البلاد من الاستقرار والأمان تتحكم في تذبذب اسعار العملات الاجنبية مقابل العملة الوطنية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.