يستضيف برنامج "اصحاب القرار" اليوم وزير خارجية السودان علي كرتي الذي تطرق الى التطورات الاخيرة في السودان والوضع في المنطقة: س- السيد الوزير، إذن فلنبدأ مباشرة بموضوع الاستفتاء. هل هو مقلق لكم في الخرطوم؟ ج- أنا أعتقد أن الذي يتابع الأمور عن قرب، قلقه أقل. الذي يسمع بالأخبار، والذي يسمع التخوفات، وأحياناً بعض التصريحات النارية من بعض الأطراف التي ربما لا تكون سعيدة بان تنتهي اتفاقية السلام بسلام، هؤلاء يهيجون بعض المشاعر. انا اقول ونحن قريبون من مكان اتخاذ القرار بالتاكيد هناك عزيمة قوية جداً، على الأقل هذا ما أؤكده من ناحية الشمال، أنه لا عودة للحرب. ونتمنى أن لا تحدث أسباب تؤدي إلى نزاع، نحن مررنا بفترة عصيبة خلال فترة تنفيذ اتفاقية السلام، لم يكن يسيراً تنفيذ الكثير من بنود اتفاقية السلام بسبب أنها تفاصيل كثيرة جداً وتحتاج إلى تفاهم بين طرفي الاتفاقية وتحتاج إلى ثقة عالية. مررنا بفترات عدم ثقة ومررنا بفترات اقول أحياناً سوء فهم في بعض المسائل وتحتاج ثانياً بعض النصوص إلى الفهم السليم لها فيما يقتضيه السياق والنص والنصوص القانونية. هذه المسائل عبرنا منها وكان الظن دائماً خلال هذه الفترات العصيبة أن الحرب ستعود. هذا ماكان يبشر به حتى بعض المبعوثين الأمريكيين، خرجوا من السودان وهم يظنون أن الحرب ستعود حالما تنطلق طائراتهم في الجو، وتمضي الأيام ويكتشفون أن في السودان شيئاً آخر. س- لكن يبدو أن الامريكيين الآن معنيون جداً بان لا يسود السلام فقط في السودان وإنما ان يتحقق الطلاق بطريقة حضارية، هل تعتقدون أن ذلك يستند إلى مصالح مقبلة لواشنطن وحلفائها في الجنوب؟ ج- نعم بالتأكيد، يعني بصراحة أقول لك اخي، من دعم الحرب عشرات السنين، ومن صرف الأموال ،ومن آوى ومن فتح أبواب دولته، ومن سخر مؤسساته السياسية من اجل الضغط على الطرف الآخر، ومن سخر مؤسساته السياسية في الترويج للإشاعات والأكاذيب والكثير جداً مما كان يرمى به الشمال ، ومن انفق كل هذه الكلف المالية والسياسية؟ . هل تظن أن ذلك يحدث في العالم بلا فوائد. هؤلاء ينتظرون الفوائد التي صرفوا من اجلها ذلك الثمن. الدول الغربية ليس لديها هذه الاخلاق التي تتعامل بها، مساندة الشعوب هكذا وبلا سبب. وفي تقديرنا أن هنالك رغبة في استقرار الجنوب في الفترة القادمة بسبب أن هنالك رغبة في البحث عن قيمة ما صرف سابقاً ، هنالك موارد ضخمة في جنوب السودان كما تعلم وهنالك أيضاً جهات أخرى تظن أن الجنوب إذا استقر ستكون لها أيضاً اليد العليا فيه مثل بعض دول الجوار الجنوبي. س- وهل تعتقدون فعلاً أن الاستقرار سيكون من حظ الجنوبيين على خلفية وجود قبائل ونزاعات ومعروف أن النزاعات في السودان غالباً ما تبدا بنزاعات قبلية وحتى أسروية ثم تكتسب طابعاً اكبر وتأخذ منحى سياسياً؟ ج- هذا هو الحال قد يكون في الشمال أن تبدأ بعض النزاعات في القبيلة أو الأسرة ويظل نزاعاً مهما كان في نهاية المطاف، لكن في منطقة مثل الجنوب، الجميع يعرفون، أن القبيلة لها اليد العليا والقبيلة هي مالكة الارض وهي مالكة الماشية، والقبيلة لها سلطان والسلطان له حدود والسلاطين يعرفون هذه الحدود. نحن نامل ان تتجاوز القيادة الموجودة في الجنوب الآن الأطر السياسية المعروفة التي كانت تتعامل بها مع الشمال، الشمال صبر كثيراً وتحمل كثيراً من الأرزاء حتى في فترة تنفيذ الاتفاقية. ونحن نامل أن ينظر هؤلاء الاخوة إلى بعضهم البعض، وأن ينظروا إلى الحال الذي عليه أهلهم، حتى يمكن أن تؤسس علاقات جديدة في ججنوب السودان تساعد على في أخذ هذا الواقع في الحسبان وهم يتعاملون في مجال الثروة والتعامل بثروات هي في ملك القبائل وأراضي القبائل وهم يتعاملون في مجال السلطة والمال ويتعاملون في مجال الأمن، لأن هذه القبائل أيضاً لها حدودها ولها تأمينها ونحن نامل أن يستفيدوا من تجربة التعاون مع الشمال. س- ألا يوجد بين قادة الشمال وحدويون، واستطراداً الدعوة التي أطلقها أحد قادة الحركة الشعبية وقال فيها أنهم مستعدون إذا قدمت الخرطوم عرضاً مغرياً هو تبادل الرئاسة وإلخ. الا يعتبر هذا تياراً مهماً ام انه تيار يعزف على وتر منفرد؟ ج- اولاً أنا أقول لك، الشمال ظل يسعى للوحدة من أول يوم للاستقلال لكن هذا الامل لم يكن يقابل من الطرف الآخر دائماً إلا بالحرب وبالمواجهة بالسلاح وبالكثير جداً من المؤامرات وكل ما حدث خلال 20 سنة السابقة لاتفاقية السلام كان يدل باستمرار على أن الشمال كان يسعى إلى السلام وإلى الوحدة، وأن قادة الجنوب، أنا لا أقول كل الجنوب، بعض القادة الجنوبيين، هم الذين يؤسسون لهذا الانفصال وإلى توتير العلاقات بين الشمال والجنوب. لكن قادة الشمال حتى لو كانوا على قلب واحد منهم في امر الوحدة، القرار الآن ليس بيد قادة الشمال القرار هو قرار المواطن الجنوبي إما لقاعته الشخصية بأنه هناك ضرورة للانفصال بسبب الإعلام المضاد للشمال وبسبب كل التأثيرات الغربية عليه والقيادات الموجودة أو بإكراه لا قدر الله ان يتم عليه ويصوت للانفصال وبالتالي من يملك قرار الانفصال هو طرف آخر ليس هو قائد شمالي. أنظر إلى الرئيس البشير وهو بكل هذا التفويض الذي تم في الانتخابات الماضية ويملك هذه الرغبة القوية في وحدة السودان لكنه لا يملك إلا أن يدعو لها ويقدم ما استطاع يعني اكثر مما نصت عليه الاتفاقية أكثر من 2 مليار دولار تم صرفها في الفترة الماضية على الجنوب فوق ما يستحقه الجنوب من عائدات وموارد حسب الاتفاقية ولكن ذلك لم يوقف التيار الجارف لهؤلاء الذين جاؤوا ومن خلفهم جهات تريد ان تستفيد من الجنوب. س- وذوي الأصول الجنوبية الذين يعيشون في مدن الشمال ما هو مصيرهم اولاً؟ وهل تعتقدون بأنهم سيصوتون لصالح الوحدة؟ ج- الجنوبيون في الشمال هم أكثر ميلاً للوحدة لأنهم جربوا العيش في الشمال وجربوا فرص العمل المتاحة وفرص السكن والتعليم والصحة كل هذا يدعو الغالبية منهم للوقوف مع الوحدة ولكن ليس بأيديهم. أنظر إلى الطريقة التي تعاملت بها بعض القيادات الجنوبية مع هؤلاء جاؤوا لهم في اللحظات الأخيرة ويقولون لا بد أن تخرجوا من هذا المكان المستقبل ليس لكم سيضربونكم سيمنعونكم من التواصل والعيش هنا، يعني حدث نوع من تهييج المشاعر واستخدام وسائل كثيرة جداً بما في فيها بعض الإمكانات لهم إما ليصوتوا للانفصال بدعوى أنهم يمكن أن يصوتوا للانفصال ويظلوا موجودين في الشمال ويستمتعون بخيرات الشمال، او أن يتم ترحيلهم وهذا ماجرى لعدد غير قليل من الناس تم تجميعهم وترحيلهم على عجل. ولكن اقول أن المواطن لو ترك ليقرر بنفسه فسيفهم تماماً أن فرصه هذا المواطن الذي يعيش في الشمال فرصه في أن يعيش في وطن واحد شمال أو جنوب هي افضل له من فرص المستقبل يعني هنالك هاوية مظلمة لا يدري أين تهوي به. الذين جربوا خلال الفترة الانتقالية أن يعودوا للجنوب ذهبوا للجنوب ولم يجدوا شيئاً وعادوا مرة أخرى. س- السيد الوزير ألا تعتقدون أن الطابع الإسلامي لنظام حكومة الإنقاذ هو واحد من المنفرات التي أدت إلى تعزيز روح الانفصال لدى الجنوبيين؟ ج- أنا أقول أن هذا الأمر ليس له علاقة بالانفصال لأن اتفاقية السلام، مثلاً، كانت تنص ولا تزال تنص على ان للجنوب الشريعة الإسلامية تطبق في الشمال وأن الجنوب له الحق في أن يختار التشريعات التي يختارها... - هذا في دستور 2005 - هذا في الاتفاقية أولا، وفي الدستور بعد ذلك. وبالتالي ليس هناك حديث عن أن هذه الحكومة تفرض على الجنوبيين نظام دستوري معين أو نظام قانوني معين. ثانياً الحديث حول تبادل القيادة، يعني الرئاسة، يعني كيف يستقيم لحركة كانت تظل تدعو دائماً إلى التحول الديموقراطي، وتريد أن تمكّن الشعب من ان يحكم.. هكذا كانت تقول. الشعب باغلبيته تريد حكماً بعينه، وهو الذي أيد هذا الحكم والذي وقف مع الرئيس البشير في يواجه المحكمة الجنائية الدولية ويعلم أن الرئيس البشير لديه هذه التوجهات وهو يدافع عنها والشعب هو الذي صوت للرئيس البشير في الشمال بأغلبية كاسحة فاقت 90% من تصويت الشماليين الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة. يعني هذه الرغبة الشعبية القوية أليس لها تقدير ولها احترام في الديموقراطية نفسها التي تدعو لها هذه الحركة. كيف يقال لنا الآن أن هنالك فرصة للوحدة إذا تركتم الأقلية تحكم الأغلبية، هل هذا يستقيم مع النظم الديموقراطية؟ والتحول الديموقراطي الذي تدعو له هذه الحركة؟ أنا أقول أن مثل هذه الأشياء، الحديث عن الشريعة الإسلامية، الحديث عن تبادل الرئاسة هو نوع من محاولة الخروج من الاتهام بأن هؤلاء هم الذين دعوا إلى انفصال الجنوب. لأن انفصال الجنوب لم يكن أساساً من ادبيات هذه الحركة حينما قامت وفي "المنفيست" البيان الرئيسي الذي نعلمه جميعاً عن هذه الحركة وفي دعوة قائدها جون غارنغ لم تكن ابداً مسألة الانفصال واردة عند هذه الحركة.