كثيرةٌ هي الأشياء التي تجعل العيد ناقص المذاق، حتى نكاد لا نميزها، ولكن الخلاصة أنها تعكر صفوه، وتجعلنا نلوك العلكة ذاتها كل مرة فنبكي ونشتكي أين ذهب وتوارى العيد ؟، ولماذا لا يشبه أعياد طفولتنا؟ ذلك التحسر الذي نتوارثه أباً عن جد، فالجميع واثقون أن أعياد زمان هي الأحلى والأجمل.. ولكلٍّ (زمانه) الخاص طبعاً، كلٌّ يبكي على عيده المخبوء في دفاتر الأحلام الغضة تلك..، وأغلب الظن أن المسألة تتلخص في أن العيد دائماً جميل في نظر الأطفال..، وأننا غالباً سعدنا بأعيادنا ونحن أطفال..!، فالطفولة يسعدها القليل، غير مثقلة بالهموم، ودقات قلوب الأطفال السريعة تنشد الفرح والجري والانطلاق، فالعيد معنى هائل في عيونهم، وانتظار يشوبه التشوق، فلا تجعلوا تبدله عليكم يشحن أطفالكم وأطفال الآخرين بطاقة سلبية، وحاولوا أحبتي أن تجعلوا أعيادكم تضج بالفرح، عطروها بذاك الفرح البرييء ولو إلى حين، وإن غلبتكم المحاولة..فاحرصوا على أن يكون عيد الأطفال الذين حولكم جميلاً بالعطاء وباللين وبالحب وبالرعاية، وبمسح الدموع وإدخال الفرحة على القلوب، كلٌّ بقدر ما يستطيع، حتى نسهم في جعلهم يختزنون تلك الذكرى لأيام قادمة ربما تكون أقل إبهاجاً، وستسري بهجتهم وتسعدنا غصباً عن مساحات الهواجس التي تسكننا، من "بكرة" ابدأوا بالأقارب والأرحام والجيران، ووسعوا الدائرة بقدر ما تتمكنون، والأهم أن تفعلوا ذلك بحب؛ لأن العطاء بمحبة له فعل السحر، فهناك أناس فقط يتمنون لو أن هناك من يشعر بهم، من يدري بحالهم، وأن هناك كائناً على وجه البسيطة يهتم بأمرهم، يحترم إنسانيتهم، وقد يفرحون لمجرد أن هناك من يسأل عنهم مهما كان ما يقدمه متواضعاً، فقيمة العطاء تكمن في الشعور بالآخر، فهناك أناس يحتاجون فقط للمسات حانية، وتفقُّد رقيق، وكلمة تطيِّب خاطرهم المكسور بفعل الفقر والحاجة، هناك أطفال يتمنون أن يحتضنهم أحد..أي أحد،! لأنهم لم يجربوا أحضان الأمهات ولم يعرفوها !، هناك مرضى غارقون في بحور الأسى والتشاؤم يتمنون الموت ليخلصهم حتى لا يرون نظرات مَن حولهم وهي تنطق بقلة الحيلة !، أمهات يحاولن بكل جهد أن يجمعن أطفالهن تحت جناح مهيض بفعل أب غاب أو مات، أو أعيته الحاجة، هناك وهناك و هناك..، لا تغرنك البيوت المغلقة في ذاك الشارع الضيق، فتظن أن كل شيء على ما يرام، فقط تلفت حولك بإمعان وابحث، ستجد ألف من يدلك على أن تفعل الخير، وألف ألف من يستحقه، فلا تتردد ولا تنتظر..وكل عام وقلوبكم عامرة دوماً بحب العطاء.. البعض والبعض نحبهم لأن مثلهم لا يستحق سوى الحب ولا نملك أمامهم سوى أن نحب فنتعلم منهم أشياءً جميلة ونرمم معهم أشياءً كثيرة ونعيد طلاء الحياة من جديد ونسعى صادقين كي نمنحهم بعض السعادة "جبران خليل جبران"