أكد مصدر إعلامي سوداني أن الدعوة التي وجهها حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان إلى قادة القوى السياسية للتشاور مساء غد الخميس (19/8) مع الرئيس عمر البشير بشأن الاستفتاء ودارفور، لازالت قائمة، وإن قاطعتها الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي. وأوضح المصدر الإعلامي السوداني المطلع، الذي تحدث ل"قدس برس"، وطلب الاحتفاظ باسمه، أن الاجتماع سيتم مع حزبي الأمة والاتحادي، لكنها قالت: "المشكلة أن هذه الاجتماعات والمشاورات تأتي في الوقت الضائع تماما، وهي مشاورات لا معنى لها على الأرض، ذلك أن الانفصال أصبح أمرا واقعا، ولم يبق منه إلا الإعلان عنه رسميا. والمشاورات التي ستجري هي للاستهلاك السياسي لا أكثر ولا أقل، ذلك أن الحركة الشعبية تعتبر الطرف الفاعل في الجنوب، ولا تستطيع بعوضة واحدة أن تتحرك في الجنوب من دون علمها، والحركة الشعبية مع الانفصال، والرئيس عمر البشير نفسه لا يستطيع محاسبة حاكم واحد في الجنوب، وكذلك المؤتمر الوطني في الشمال يعتبر هو القوة الرئيسية صاحب الكلمة الفصل". وأضاف: "لو أنفقت حكومة الخرطوم كل أموال النفط على الجنوب لن تستطيع أن تجعل من الوحدة خيارا جاذبا، حيث أن الجنوبيين يحملون الشمال السوداني مسؤولية تخلف الجنوب وضعف بنيته التحتية. ثم إن الخلاف بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ليس فقط خلاف حول المصالح السياسية والاقتصادية وإنما هو خلاف فكري وعقائدي وحتى عرقي". وذكر المصدر أن هناك صعوبات كبيرة أمام امكانية قيام الاستفتاء في موعده المقرر في كانون ثاني (يناير) المقبل، منها الصعوبات المناخية، ذلك أن الأمطار في فصل الخريف تجعل من حركة النقل في الجنوب أمرا بالغ الصعوبة حتى نهاية تشرين أول (أكتوبر) المقبل، وبالتالي فإن الفترة الزمنية المتبقية قد يكون إتمام أمر الاستفتاء فيها مستحيلا. وأضاف: "أما مسائل الحدود والجنسية والديون والموارد الطبيعية والهوية وغيرها من القضايا الخلافية فهي ليست ذات قيمة لدى الحركة الشعبية، وهي قضايا سيتم النقاش فيها بعد الاستفتاء الذي تصر الحركة الشعبية على إجرائه في موعده المقرر، ولوحت بامكانية اللجوء إلى خيارات أخرى منها إعلان الانفصال من برلمان الجنوب.وقد بدأت تتحدث عن علاقات إيجابية مع المؤتمر الوطني لأنها ستكون دولة صديقة. والزائر لمدينة جوبا عاصمة الجنوب، يلاحظ أنها مدينة تتزين لاستقبال الحدث الأبرز في تاريخ السودان الحديث والمعاصر، أي الاستقلال، وسيكون سيلفاكير مثل أسياس أفورقي الذي جاء باستقلال أريتريا عن أثيوبيا". وحول الزيارة التي بدأها المبعوث الأمريكي للسودان الجنرال سكوت غرايشون بالأمس الأربعاء (17/8) إلى الخرطوم، قال المصدر: "لن تقدم زيارة الموفد الأمريكي غرايشون إلى السودان ولن تؤخر في أمر الانفصال شيئا، فالإدارة الأمريكية تبدو في السودان مناصرة للانفصال، وترى أن مصالحها الاستراتيجية أكثر أمانا لو انفصل الجنوب". واستبعد المصدر أن يتكرر نموذج العلاقة بين الشمال والجنوب في دارفور، وقال: "لا توجد هناك أي امكانية لتكرار نموذج الجنوب السوداني في دارفور، فالأمور مختلفة تماما، ذلك أن دارفور لا يميزها عن شمال السودان أي شيء، والخلافات الموجودة قابلة للحل السياسي". وأشار المصدر، الذي يعتبر واحدا من القيادات الإسلامية الأولى في السودان، إلى أن شعورا بالاحباط والأسى ينتاب قيادات ورموز العمل السياسي الإسلامي الذين استولوا على الحكم عام 1989، لأنهم سيكونون شهداء على انقسام تاريخي بين جنوب السودان وشماله، لكنه قال: "يشعر الإسلاميون عامة سواء في المؤتمر الوطني أو الشعبي بحالة من الاحباط واليأس بسبب الانفصال الذي يبدو الأقرب للحدوث على الأرض، لكنهم في المقابل يفخرون بأنهم أوقفوا حربا دموية ذهبت بآلاف الأبرياء، ويرون بأن انفصالا بدون قتال أفضل من وحدة مع استمرار للحرب والقتال". واستبعد المصدر إمكانية حدوث حرب جديدة بين الشمال والجنوب سواء حصل الانفصال أو لم يحصل، وقال: "لا توجد مؤشرات لا سياسية ولا عسكرية لاندلاع حرب بين الشمال والجنوب، فلا توجد رغبة لدى الجيش الحكومي ولا لدى الحركة الشعبية لخوض حرب جديدة سواء حصل الانفصال أو لم يحصل، والتلويح بالحرب هي للتخويف لا أكثر ولا أقل"، على حد تعبيره.