في رمضان أفتح باب الروح على مصراعيه وأبدأ عملية تشديب وتهذيب كالتي يقوم بها المزارعون في حقولهم بعد تحققهم من نوايا المطر فكما يقتلعون الأعشاب التي يمكن أن تصيب المحصول بسوء. أحاول اقتلاع أعشاب الحزن والضيق والهموم لأزرع مكانها بذور التصالح والأمل. أحاول أن أبحث عن أماكن الخير في نفسي أقارع تلك الأمّارة بالسوء أن لامكان لك هنا. في رمضان أعيد إضاءة دهاليز ذاكرتي بلون أبيض لا مكان هنا للسواد أو الحقد، والغفران من نصيب الجميع إذا لا حقد اليوم على أحد. أرمق من غدروا ومروا بمحاذاة اليقين بعين الرضا، أعيد تجميع أشلائهم وأنفخ فيها هواء التسامح فيتحول سوادهم إلى بياض يغمرني فائضهم من العدم منزوعي الخذلان موفوري الوفاء. في رمضان سأعيد ترتيب مائدة القلب والحب هو الطبق الأساسي، سأوزع حبك الذي بداخلي على المحتاجين والمساكين الذين يمنعهم التعفف من السؤال فيقرنون صيام النهار بالليل فقط يفصلونه بجرعات ماء وكسرات خبز لا تسمن ولا تغني من جوع، بينما تزدحم موائد الأغنياء بما لذّ وطاب، ويتصدقون أحيانا بما يفيض من موائدهم بدافع الواجب وليس بدافع الحب. إن وفقني الله للعطاء إن أعطيت القليل سأعطيه بحب كبير، فما يعطى بحب يسد رمق الجوع مهما كانت قلته وما يعطى بلا حب يزيد من الإحساس بالجوع مهما كانت كثرته. فإن أعطينا بحب سنحس بطعم مختلف للحياة، بطعم مختلف للعبادة سيشبع الحب وعندها لن يجوع أحد. في رمضان من قال لك إنني فقط سأكتفي بتوزيع حبي على المحتاجين من حولي، ففي رمضان سأتحمل نفقات غيابك المعلن وحدي، سأتصالح مع فكرة أن لا تضمنا مائدة الإفطار معنا سأصلي كثيرا من أجل أن ينزاح عنك الهم وينكشف عنك الضر وينجلي عنك الحزن لست في حاجة لأن اقول لك في رمضان (سأسامحك على ما فعلته بنا)، فأنت تعلم أنني قد سامحتك قبل ذلك بكثير، فقط في رمضان أرجو أن تقبل اعتذاري لأنني تركتك تفعل ما فعلت دون أن أثنيك عن هذا أرجوك سامحني مدينة لك أنا بهذا الاعتذار!!! في رمضان هي دعوة للسمو الروحي للحب الإلهي وتجربة لأن نعبد الله بحب، دعوة للتسامح المطلق، دعوة لفك أسر من نأسرهم في زوايا مظلمة من زوايا القلب والروح، لأنهم أخطؤوا في حقنا ذات رحيل ومضوا دونما أن ينظروا إلى أرواحنا المبعثرة بعهدهم وإلى قلوبنا التي تئن من وطاة رحيلهم. مضوا كانهم لم يفعلوا شيئا في رمضان، دعوة لأن نغفر وننسى خذلانهم فالغفران بدون نسيان الإساءة يظل فعلا قوليا ليس له علاقة بالفعل وفي الغفران إذا أردت القول فافعل. حاجة أخيرة أفطرت..... لم تبرد الحمى.. اشتاقت العروق لرؤياك على بابك