بقلم :فريق أول ركن /حسن يحيي محمد احمد الإدارة الأمريكية وصفت السودان بأنه يهدد آمنها القومي وإنها لن تسمح له بالاحتفاظ بأراضيه الشاسعة واستغلال ثرواته وموارده الضخمة .تأكيدا لنواياها العدوانية قامت بوضع السودان في قائمتها للدول الراعية للإرهاب ،ثم فرضت عليه حصارا سياسيا واقتصاديا وعسكريا ظالما بقصد تركيعه وخضوعه لإرادتها السياسية .كل هذا تم والسودان دولة من دول العالم الثالث ليس له أي حدود مشتركة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ،كما انهلا ينازعها في قيادتها وسيطرتها علي العالم .والسؤال هنا لماذا هذا العداء الأمريكي السافر للسودان ؟الإجابة بكل بساطة هي ان السودان قد وقف ضد النظام العالمي الجديد الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو الدولة الوحيدة من دولة المنطقة العربية والإفريقية التي قالت (لا )للنظام العالمي الجديد عند تبلوره في حرب الخليج الثانية .ثم قالت (لا)لكل سياساته التي تستهدف المنطقة . من أسباب العداء كذلك ان الولاياتالمتحدةالأمريكية وصفت السودان بأنه (أمريكا الثانية )من حيث الموارد والإمكانات والمساحة وتعدد المناخات وهذا يعني ان السودان يملك مقومات الدولة القومية واذا ما ترك لحاله وتمكن من استغلال ثرواته وموارده الضخمة وموقعه الجيواستراتيجي المتميز فانه يصبح دولة عظمي خارجة علي الإدارة السياسية للولايات المتحدةالأمريكية التي تقود العالم اليوم وفي ذلك تهديد مباشر وصريح لمصالحها الإستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط ومنطقة القرن الإفريقي ومنطقة البحريات العظمي الغنية بمواردها النفيسة .من هذا المنظور وصفت الإدارة الأمريكية السودان بأنه يهدد أمنها القومي .السودان الذي يفهم جيدا إستراتيجية النظام العالمي الجديد الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية وبني إستراتيجيته المضادة لها وحقق نجاحا كبيرا حيث أصبح رقما لا تتخطاه السياسة الدولية وهذا ما أزعج الإدارة الأمريكية ومن هنا جاء التآمر الأمريكي علي السودان الذي كانت بدايته اتفاقية نيفاشا (الكارثة )التي صممت من اجل تحقيق الرغبة الأمريكية المشار اليها أعلاه والخاصة بتمزيق وتفتيت وحدة البلاد التي بدأت الآن بإعلان انفصال الجنوب بأسلوب سلس كما خططت لذلك الإدارة الأمريكية تماما والدائرة تدور حاليا علي بقية المناطق الأخرى المهمشة . تصريحات المسؤولين في عدة مناسبات بعد ان أصابهم اليأس من تحسين علاقات السودان مع الإدارة الأمريكية أشارت تلك التصريحات الي أهمية مراجعة المواقف والمسيرة متى ما رضيت عنا الإدارة الأمريكية .الآن أصبحنا نسمع حديثا أخر يدور عن تطبيع العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية .السؤال هنا هل غيرت الإدارة الأمريكية سياساتها ام غيرت الإنقاذ سلوكها وقدمت صكوك غفرانها ؟!!علي كل حال ومهما كانت الدوافع لهذا التغيير الدراماتيكي فإننا نبارك هذه الخطوة الصحيحة ونشجعها لعدة أسباب :أولا لأيماننا القاطع بأنه ليس هنالك عداء دائم او صداقة دائمة في السياسية الدولية وإنما هنالك مصالح مشتركة دائمة. ثانيا لان الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي تقود العالم اليوم وكل دول العالم تسعي لإقامة علاقات تعاون معها .ثالثا ان الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي تملك مفاتيح الحل لكل مشاكل السودان . التحية هنا للوزير المجاهد الأستاذ علي كرتي الذي احدث هذا الاختراق في العلاقات السودانية الأمريكية واتمني إلا تخذله الإدارة الأمريكية التي فقدت مصداقيتها في كل ما التزمت به من قبل كما حدث عند توقيع اتفاقية السلام الشامل التي هندستها ورعتها حتي أتت آكلها وكما حدث أيضا عند توقيع اتفاقية ابوجا.المتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية مؤخرا ستكون لها انعكاساتها الإقليمية والدولية وتأثيراتها علي السياسة الأمريكية حتي لا تفقد أمريكا كل دول المنطقة .فساد الأنظمة العربية الحليفة للإدارة الأمريكية الذي كشفته وسائل الإعلام العالمية والإقليمية يحتم علي الإدارة الأمريكية البحث عن حلفاء جدد لها بالمنطقة من اجل الحفاظ علي مصداقيتها . كذلك ان اهتمام الإدارة الأمريكية بعدم قيام دولة جديدة فاشلة يحتم عليها التعاون مع حكومة شمال السودان الذي يمثل شريان الحياة لدولة الجنوبالجديدة .ينبغي النظر الي إجراءات تطبيع العلاقات التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية بأنها عبارة عن خطة تكتيكية فرضتها ظروف دولة الجنوبالجديدة التي لا تستطيع الوقوف علي رجليها بدون تعاون شمال السودان معها ،.حيث ان عدم التعاون سيفقدها مصدر إيراداتها الوحيد وهو البترول الذي لا يمكن تصديره إلا عبر شمال السودان في الوقت الحاضر .ان تطبيع العلاقات سيتم حتي إذا لم تغير الإنقاذ سلوكها ،.لان الإدارة الأمريكية هنا أصبحت مجبرة علي ذلك لان كل سياساتها الداخلية والخارجية قد فشلت فشلا ذريعا بعد ان أصبح حلفاؤها الإستراتيجيون بالمنطقة يتساقطون كأوراق الخريف وهي لا تستطيع ان تحرك ساكنا ولهذا ينبغي لها ان تحافظ علي ما حققته من مكاسب متمثلة في انفصال جنوب السودان لان ذلك يعتبر نجاحا لسياستها الخارجية . ختاما :اسأل الله ان يحقق للسودان فتحا جديدا عن طريق الُد أعدائه حتي يخرج من عزلته الدولية المفروضة عليه بواسطة النظام العالمي الجديد .وبالله التوفيق . نقلاً عن صحيفة الاهرام اليوم 2011/2/20