أغلقت الولاياتالمتحدة الباب مجدداً أمام ما يسمى عملية السلام التي تستأثر بها وتدّعي رعايتها، وأظهرت مرة أخرى أن الدولة العظمى لن تكون إلا إلى جانب الطرف الإسرائيلي، وأنها لن تنظر إلى المنطقة وقضاياها إلا من خلال العين الإسرائيلية، وأن على الآخرين أن يتعلموا من تكرار مطالباتهم لتغيير هذا النهج الأميركي. (الفيتو) الأخير الذي حمل الرقم 43 ضد مجرد قرار في مجلس الأمن لإدانة الاستيطان، هو الأول في عهد الرئيس أوباما، لكنه كان تحدياً لرغبة دولية، إذ إن 14 عضواً في المجلس أيدوا قرار إدانة الاستيطان بمن فيهم أعضاء فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والبرازيل وغيرهم، وظهرت الولاياتالمتحدة في هذا الموقف صوت النشاز الوحيد، ومع ذلك اتبعت أسلوب المواربة نفسه في الدفاع عن قرارها (الفيتو) عندما قالت سوزان رايس: ينبغي ألاّ يساء فهمنا بأننا نؤيد سياسة الاستيطان، بل إننا نوافق على حل النزاع على أساس الدولتين من خلال المفاوضات المباشرة.. وهذا يعني أن الولاياتالمتحدة ترفض مجدداً أي دور لمجلس الأمن ولا لأي جهة دولية أخرى، ويعني أيضاً أن الولاياتالمتحدة أكدت مجدداً أنها لن تكون راعياً نزيهاً لعملية السلام من خلال إصرارها على ألعوبة المفاوضات المباشرة التي تُجيّر دائماً لمصلحة إسرائيل. والغريب أن تسويغ الرفض الأميركي للقرار هذه المرة عزته رايس إلى رفض الطرف العربي جملة الحوافز والإغراءات التي عرضتها عليه إدارة أوباما للتراجع عن مشروع القرار. الولاياتالمتحدة بدت معزولة في هذا الاختبار الجديد لنيّاتها وتوجهات سياستها التي طالما تشدقت بالسلام وبالحلول وبضرورات العدالة.. إلخ. فمشروع قرار إدانة الاستيطان أعدته مئة دولة وأشرفت عليه من مختلف النواحي القانونية والإدارية مندوبة البرازيل ماريا لوبيزا فيوتي رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، حتى إن المندوب البريطاني في المجلس السيرمارك غرانت قال: (إن رؤانا موحّدة حول الاستيطان بما في ذلك القدس وهي أن هذا الاستيطان غير قانوني بموجب القانون الدولي ويجب أن يتوقف فوراً). وبعد.. هل يمكن الرهان على دور أميركي بنّاء في المستقبل؟.. لا والمثال الذي يقول: (من جرّب المجرّب فعقله مخرّب) ينطبق تماماً على أي موقف عربي من السياسة الأميركية، فالولاياتالمتحدة لن تلعب دوراً نزيهاً في عملية السلام أو في استرجاع أي حق من الحقوق العربية، ومن ير عكس ذلك فلا بد أنه يراهن على سراب. المصدر: تشرين السورية 21/2/2011