أمريكا على لسان قنصلها فى جوبا و بحضور ياسر عرمان و عقار و الحلو و باقان وآخر سقط ذكره سهواً أو تجاهلاً عن متن و حواشي الخبر الذى تصدَّر صحافة الخرطوم الأسبوع الفائت ، أمريكا تريد تغيير( بنية النظام) وخرجت علينا الخارجية السودانية لتقول إنها استوضحت الخارجية الأمريكية ، و خرجت علينا السفارة الأمريكية بنفي صريح للخبر و من ثم صمت الناس جميعاً عن الخوض فى هذا التسريب الخطير، وكأن شيئاً لم يكن وهكذا إعلامنا، يزحف خلف السلطان و لم يعد مبادراً و عميقاً وصانعاً للأحداث و حافظاً للبلاد من مؤامرات تطرق تسريباتها بقوة وتفوح رائحتها و نشتمها وتزكم أنوفنا دون ان يعطس أحد ! يجب ألا تنتظر الدبلوماسية لتحل لنا قضايانا ، هي مكبلة بأعراف لن تستطيع الخروج عن مسارها ، و إجراءاتها المعروفة التى لا تخرج عن الاستفسار والاستيضاح و الإدانة كأقصي مرحلة للتصعيد ، ومن بعد ذلك تعود المياه لمجاريها، ليواصل القنصل السير فى الظلام لانجاز خطة التغيير (لبنية النظام) وكما أسلفنا فان الفرق شاسع بين تغيير النظام و تغيير (بنية النظام) . كان على إعلامنا البحث فى مصطلح ( بنية النظام) وفتح حوار واسع حوله باستنطاق العلماء فى مجالات السياسة و الاستراتيجيات و المخابرات و العلوم السياسية لتكتمل عندنا الحقائق كلها، وصولاً الى كافة مكونات بنية النظام الذى يُراد تفكيكه ، ومن ثم بنائه بمكونات أخري لا تبتعد عن المجتمعين بجوبا فى حضرة القنصل الأمريكي. ذات الفكرة التى تطرح الآن ويخطط لها الأمريكيون عبر لافتة (تغيير بنية النظام) طرحت من قبل تحت لافتة (السودان الجديد) وكان رائدها العقيد جون قرنق ولكنها ماتت مع صاحبها ، والآن يحاول تلاميذه و فى حضرة سيدهم طرح الفكرة من جديد . و بما أنه لم يعد ممكناً رفع تلك اللافتة المندثرة (السودان الجديد) ، فإنهم يطرحون هذا الطرح الجديد. كانت خطة (السودان الجديد) تقوم على تغير مكونات النظام السوداني بدءاً بمؤسساته العسكرية التى ستحل محلها قوات الجيش الشعبي بعد تدعيمها بعناصر اخري من الأطراف ، أما الحياة السياسية فان الخارطة الحزبية ستتجاوز الأحزاب السياسية الرجعية والدينية ، وبذلك يضعون حداً للأحزاب مثل الامة والاتحادي و المؤتمرين (الشعبية و الوطني) و بقية أحزاب الشمال ، فتنهض أحزاب جديدة ذات صبغة أخري فى اللون والدين، واللغة، وكذلك تشمل المكونات المرجعيات والثوابت التى يقوم عليها دستور البلاد ونظامها السياسي ، فيتغير طابع الدولة الى دولة علمانية ، وتخرج القوانين كافة من عباءة الشريعة الاسلامية ويشغل كافة المناصب الدستورية و العليا فى الخدمة المدنية و المؤسسات الحساسة طيف آخر من المهمشين والأطراف ، مع الإبقاء على شاغلي هذه المواقع من بناء تلك المناطق و تدعيمهم بآخرين، و هكذا تتمدد خطة (تغيير بنية النظام) حتى مرحلة (تغيير هوية السودان) وهى مرحلة لاحقة يبدأ العمل فيها بعد تحقيق خطة (تغير بنية النظام) و سوف تخدمها برامج و مشروعات ثقافية و اجتماعية واقتصادية وسياسية تنتهي بسودان إفريقي خالص يحمل ثقافة أخري و يتحدث لغة اخري ويتنفس افكاراً أخري . تقوم خطة (تغيير بنية النظام) على سياسة إضعاف الدين وسط مجموعات الهامش و الأطراف - كما يسمونها- التى تعتنق الإسلام ، و ذلك عبر أنشطة عصرية تسوق لحياة منفتحة و محتللة من اى قيود، بالإضافة لاستثمار الصراعات القبيلة و العنصرية بالقدر الذى يسهم فى اتساع الشقة بين العرب من جانب و الزرقة من جانب آخر ، بجانب الاستمرار فى سياسة شد الأطراف . كنت أود ان تنبرى صحفنا و بالذات الصحف التى لها منابر و كذلك مراكز الدراسات و البحوث لتبحث فى هذا المصطلح (بنية النظام) وإجراء قراءة متعمقة لعملية التغيير المفترض فى تصور المجتمعين بجوبا و مشروعهم المدمر لما تبقي من السودان ، ليعلم شعبنا حجم المؤامرات التي التى تنتظره . نقلا عن الأهرام 22/2/2011