تأسفت وزارة الخارجية السودانية على ما ثبت لديها - وفقاً لعمليات تقصي و تحقيقات قامت بها – على مشاركة بعض منسوبي حركات دارفور المتمردة الموجودة فى الجماهيرية الليبية فى الهجمات التى تشنها السلطات الليبية ضد المحتجين فى التظاهرات الجارية هناك هذه الأيام ، فالأخبار المتواترة منذ بداية الاحتجاجات عن وجود مرتزقة أفارقة تستخدمهم السلطات الليبية فى قمع المتظاهرين، ثبت أنها صحيحة و أن بعض حركات دارفور المسلحة كانت جزءاً من هذا العمل المخزي . و ما من شك ان هذا السلوك الذي يصح وصفه بالإجرامي لا يشبه البتة السلوك السوداني المتعارف عليه ، ولكن الجانب السيئ فيه لا يقتصر على سوء الأخلاق السياسية لدي هذه الحركات المسلحة ولكنه يمتد ليشمل كل استراتيجياتها و طريقة تعاطيها مع أزمة دارفور ، فالأساس الذى قامت عليه هذه الحركات المسلحة هو ان تستعين بالخارج مهما كانت فاتورة الخارج هذه باهظة , ومهما خصمت من رصيدها الوطني و الخلقي ، و لهذا فقد سبق ان رأينا كيف قاتلت حركة الدكتور خليل إبراهيم بضراوة مع قوات الرئيس دبي - قبل سنوات - حين هاجم متمردون تشاديون القوات التشادية و كادوا يسيطرون على الأوضاع فى أنجمينا . د. خليل قاتل وقتها الى جانب صفوف القوات الحكومية التشادية بمنطق (الدفاع عن ملاذه و مأواه) و بمنطق (رد الجميل للجبهة التى تقدم له الدعم) ،و بمنطق المجبر على حماية من يوفر له الحماية، و فى خاتمة المطاف فان ما قام به هو دعم غير مشروع ويقع خارج السياق الوطني السليم و يعتبر وفق القوانين والأعراف الدولية (ارتزاق) صريح بحرفية معني الكلمة. ذات الشئ الآن يتكرر فى طرابلس ، حيث تتواجد بعض الحركات المسلحة و يوفر لها نظام القذافي المأوي و الملاذ و الدعم ، فهي لا تستطيع النأي بنفسها عما يجري و لهذا وقعت ضمن نطاق العمل الارتزاقي . و يستفاد من هذا المشهد ان إدعاء التمرد و حمل قضية وطنية ما ينبغي ان يرتبط بجهات أجنبية خارجية لان الكلفة عادة ما تكون باهظة ولهذا فان من الطبيعي ، بل و الصحيح ان تتبرأ الخارجية السودانية و تستنكر فعلتهم النكراء و من الطبيعي ان يتبرأ منهما ايضاً شعب السودان بأسره لأن ذلك لا يتفق مع طبائع أهله لا من قريب و لا من بعيد . و على أية حالة فهو درس بليغ لمن يبحثون عن قضاياهم لدي الغير فى الخارج و يقبلون أموال الآخرين، فقد اضطروا لدفع ثمن الثمن الذى قبضوه ومن ثم فقدوا روحهم الثورية و تحولوا إلى مجرمي حرب حتى ولو لم تطالهم سيوف العدالة الدولية، فإنهم دون شك طالتهم سيوف الخزي و العار و المهانة !