يثور الجدل منذ أشهر وحتى هذه اللحظة عن ضعف أو قوة الاقتصاد السوداني وهو يودع شطره الجنوبي بعد أن قرر مواطنوه في الاستفتاء الذي جرى في التاسع من يناير الماضي الانفصال وإنشاء دولتهم الخاصة. ومع أن من الصعب التنبؤ بما سوف يؤول أليه الوضع الاقتصادي في الشمال في المستقبل القريب أو البعيد نظراً للتطورات الاقتصادية المعروفة الجارية على نطاق العالم، إلا أن من السهل أيضاً أن نلتمس جزءاً من المعطيات الاقتصادية المتاحة حالياً لمعرفة المآلات. يقول خبير اقتصادي سوداني كان يشغل منصب وكيل وزارة المالية السودانية وهو حالياً نائب بالبرلمان السوداني (من الحزب الوطني) الشيخ الملك أن من الضروري – على المدى القريب والحالي – المحافظة – على ما أسماها شراكة أكبر بين الشمال والجنوب في البترول بالنظر إلى أن الشمال هو الذي استخرج البترول وهو الذي سيتولى تصديره لعدم وجود منافذ وموانئ في الجنوب، وأشار الملك أيضاً إلى أمكانية استمرار هذه الشراكة في ظل تكامل يمتد داخل فترة انتقالية مطولة نسبياً (ما بين 3 -4) سنوات. وأضاف أن هناك فاقداً سوف يطال ميزان المدفوعات وهو ما يستلزم رفع الصادرات السودان إلى نسبة 95%. على صعيد آخر فان خبراء آخرين في وزارة المالية السودانية أشاروا إلى أن التركيز على مشروع النهضة الزراعية ((بالأسس التي تجري الآن)) وبالرعاية المباشرة والمهمة من نائب الرئيس السوداني من شأنها أن تحقق الفاقد في موازنة الدولة جراء خروج البترول، ويشيرون – داعمين رؤاهم بأرقام وأمثلة – إلى أن الاقتصاد السودان عرف البترول في بحر العشرة أعوام الفائتة فقط وقبلها كان الاقتصاد يعتمد على الإنتاج الزراعي والتعدين ومن شان المشروعات التعدينية الجديدة التي ظهرت خاصة فيما يخص تعدين الذهب أن ترفد الاقتصاد السوداني بالكثير . خبيراً اقتصادياً آخر بالبرلمان السوداني طلب عدم إيراد أسمه في هذه المرحلة قال أن الشمال السوداني (لديه مفاجآت اقتصادية) كبيرة سوف تظهر للناس في وقت قادم قريب مؤكداً على أن المخططين الاقتصاديين في الدولة – وعلى العكس مما يشيع البعض – عكفوا على وضع بدائل وخطط اقتصادية منذ سنوات الغرض منها مجابهة الموقف حال انفصال الجنوب، ورفض الخبير الإفصاح عن التفاصيل ولكنه أشار إلى أن الانتهاج الزراعي هو جزء مهم منها وهناك إعداد تقني عالي جرى الاتفاق حوله مع جهات دولية عديدة بما يجعل من القاع الزراعي هو القطاع رقم (1) في المرحلة المقبلة. ولعل من المهم هنا ان نشير وفقاً لمتابعاتنا إلى أن ما يعكر صفو المخططين في السودان هو عبء الدين الخارجي الذي تنؤ تحته البلاد في ظل وعود من جانب الدول الدائنه والبنك الدولي بالعمل على معالجتها، فلو أن السودان نجح في التخلص من ديونه التي تتجاوز ال (40) مليار دولار فانه بوسعه دون ادني شك القفز في صدارة الدول ذات الإنتاجية العالية التي يعتمد عليها العالم بأسره كسلة غذاء.