الأسبوع ما قبل الماضي سبق و أن أشار الدكتور قطبي المهدي مسئول المنظمات فى الحزب الوطني الحاكم فى السودان الى أن نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك كان يمثل – على نحو أو آخر- واحداً من أهم المهددات الأمنية القومية للسودان. لأنه كان يدعم بعض المتمردين و كان فى أيامه الأخيرة و حين بدأت تلوح توجهات الحركة الشعبية نحو الانفصال يحاول خلق (معادلة جديدة) في علاقة القاهرة بكل من جوبا و الخرطوم أغلب الظن أنها كانت بعيدة عن مصالح السودان. بذات القدر فان الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني مسئول ملف دارفور أشار هو ايضاً من جانبه - بدقته المعهودة - الى ان الأوضاع فى الجماهيرية و ما يجري فيها الآن يؤثر سلباً أو ايجاباً على إقليم دارفور على وجه الخصوص ، ولم يزد صلاح الدين على ذلك و لكن كان من السهل إدارك ما وراء تصريحاته ، فالنظام القائم ألان فى طرابلس نظام العقيد القذافي لعب دوراً كبيراً سالباً بشأن استقرار الأوضاع فى دارفور بدعمه المعروف و الموثق للحركات الدارفورية كان أوضحها و أشهرها عملية غزو أم درمان التى قادها زعيم حركة العدل و المساواة الدكتور خليل فى العاشر من مايو من العام 2008م. يضاف الى ذلك فان الوضع الحالي فى الجماهيرية – المواجهات الدامية الجارية بين قوات العقيد القذافي و المواطنين المحتجين من شأنه ان يلقي بظلال سالبة دون شك على دارفور المحاددة للحدود الليبية لأن حركة السلاح سوف تزدهر ، وفرار بعض المرتزقة و المتمردين الى مشارف الاقليم كله من شأنه ان يؤثر على الوضع الأمني فى دارفور ، وهو ما يبدو ان القوات المسلحة السودانية والتى أشار ناطقها الرسمي العقيد الصوارمي خالد الى ذات الأمر تحسبت لذلك ، واتخذت التدابير المناسبة. و غني عن القول إن من شأن انجلاء الموقف فى الجماهيرية – وهو لا بد منجلي- لصالح الاحتجاجات الشعبية و التى يتزايد التعاطف معها اقليمياً و دولياً جراء الطريقة الوحشية البشعة التى يواجهها الزعيم الليبي ،إذ انجلي الموقف لصالح الشعب هناك ، فقد يسهم ذلك حاضراً و مستقبلاً فى الحد من أنشطة المتمردين الدارفوريين الى درجة كبيرة للغاية ، ولعل هذا ربما يكون ما عناه الدكتور غازي ولم يشأ الإفاضة فيه تفصيلاً ، فسوف تجد الحركات الدارفورية صعوبة فى الحصول على الدعم الذى كانت تجده فى السابق ؛ كما أنها فقدت من قبل دعم الرئيس التشادي ، وهنا فى الجنوب تراجعت حكومة الجنوب – لأسباب جدية و واقعية – عن إيواء هذه الحركات المسلحة الأمر الذى من المحتم ان يصب فى مصب إنجلاء الأزمة فى دارفور .