تعترى بعض المواطنين شِبه الصالحين أحياناً نوبات من الصَرَع السياسى عندما يدركون أنّ مسارات الاختيار السياسى ضاقت فلم يعد للاختيار معنى غير التصويت على وطن هل نبقى عليه كما بقى أم نترك (الحَرَاك) يدفعه فيستغنى عن ربعه أو ثلثه... أو الاختيار الآخر الأكثر ضيقا وهو أن نننتخب لمستقبلنا القريب حزبين ليحكماننا وحزبين آخرين كى يعارضا الحزبين اللذين يحكماننا! ضاق الاختيار عند هؤلاء الطيبين شِبه الصالحين لأنهم يبحثون عن (ماركة) الحزب وليس عن (ماركة) الدولة التى يريدون... فربّما يكون هذا هو صندوق الاستفتاء الغائب! هل نختار الدولة الوظيفيّة التى تقدم لمواطنيها الخدمات العامة... الدولة التى تمنح امدادا كهربائيا لا مقطوعا ولا ممنوعا... ومياه شرب وصرفا صحيا وطرقا وبنيات تحتية وينتهى دورها بسير المحرّكات على الجسور... دولة البنيات التحتية التى لا تعد نفسها مسئولة عن البنيات الفوقية! أم تختار دولة الرعاية التى تقدّم خدماتها الأساسية ومظلاتها للشرائح الضعيفة والشرائح المنسيّة... ترعى الشيخوخة والطفولة والأمومة والقاعدين... ومن ناحية أخرى ترعى المشرّدين وأبناء السبيل نازحين ولاجئين... وتقف حركة هذه الدولة عند هذه الاشارة التى تظنّ انّها محطّة الوصول! أم تختار دولة الهويّة... الدولة التى تظنّ انّ مشروعها الوطنى يكمن فى حسم أسئلة وعرة من شاكلة: هل هى دولة عربية أم افريقية أم الاثنان معا... اسلامية أم علمانية أم الاثنان معا... دولة يسيّرها المجتمع أم مجتمع تسيّره الدولة أم الاثنان معاً! أم تختار دولة السوق... الدولة التى تفتح أبوابها وأحضانها وقوانينها لرأس المال والأعمال وحكومة رجال الأعمال، شعارها الوطنى: أفلا تستثمرون؟... فتعمل بمبدأ دعه يستثمر دعه يمر... دعه يربح... دعه يسرق! اختر دولة ولا تختر حزباً... أىّ دولة تختار؟،فدولة المواطنة حمّالة أوجه... اختر دولة واحدة فقط من بين أنماط الدول أعلاه... فليست هنالك دولة تستطيع أن تفعل غير نمط واحد... ابحث عن صندوق استفتاء حول (ماركة) الدولة، فقد تتسع امامك الخيارات فتستطيع النوم فى الليل الهادئ بلا حبوب منوّمة، وينجو المواطنون شبه الصالحين من تشنّجات الصَرَع السياسى!! نقلاً عن الرأى العام السودانية 22/3/2011