في إطار تحركه الدبلوماسي، في أعقاب الغارة التي أودت بحياة اثنين من مواطنيه، ببورتسودان، الثلاثاء الماضي، شرع السودان في تقديم شكوى ضد إسرائيل، أمام مجلس الأمن، وسيتخذ مندوب السودان بجنيف إجراءات مماثلة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في حين تعقد وزارة الخارجية سلسلة اجتماعات ولقاءات مع سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وسفراء المجموعات الجغرافية المختلفة لشرح طبيعة العدوان الإسرائيلي بشرق البلاد، واطلاع الدول المعنية بالمعلومات الضرورية والأدلة الثابتة حول ذلك العدوان. وبحث وزير الدفاع، الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، مع قادة الأجهزة الأمنية بولاية البحر الأحمر، كافة الترتيبات والتدابير اللازمة لمنع تكرار العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الثلاثاء الماضي سيارة مدنية ببورتسودان، ما أدى إلى مقتل مواطنين سودانيين كانا بداخلها، وتعهد بأن القوات المسلحة ستقوم بحماية البحر الأحمر رغم طول ساحله، وجدد الوزير الذي تفقد مكان الحادثة أمس الأول، والتقى بأسر الضحايا، موقف الحكومة الواضح من القضية الفلسطينية والإسلامية، وقال: "إننا ضربنا لأننا نرفع راية الشريعة الإسلامية، لذلك كان استهدافنا "، مضيفا: إن دماء الشهيدين لن تضيع هدرا، وأن الحكومة شرعت في خطوات للتصدي للحادثة بأبعادها المختلفة، وأن العمل يمضي في كافة النواحي، كما وعد بالاستجابة لمطالبات المواطنين بالتصدي لتجاوزات جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد في شرق البلاد. وكانت وزارة الخارجية قد كشفت، تفاصيل العدوان الإسرائيلي على منطقة بورتسودان، وأوضحت الإجراءات والخطوات التي اتخذتها لحفظ حقوق البلاد وصون سيادتها، وذكر بيان صادر من الخارجية، أنه في تمام الثامنة وخمس دقائق من مساء الثلاثاء الماضي هاجمت طائرتان إسرائيليتان من طراز أباتشي A64-AH أمريكية الصنع سيارة من طراز (سوناتا) على بعد (15) كيلو متراً جنوب مدينة بورتسودان، كان المواطنان السودانيان على متنها (عيسى أحمد هداب) من مواطني مدينة بورتسودان يسكن حي سلالاب مربع (4) جوار نادي الأمل وهو من قبيلة الأمرأر فرع العالياب، والمواطن (أحمد جبريل حسن) من أبناء العبابدة يسكن حي المطار مربع، وقال البيان: إن الشهيدين كانا يستقلان سيارة (سوناتا) بالرقم (42913 خ 3)، ودمرت السيارة تدميراً كاملاً وتفحمت جثتا الشهيدين جراء الاعتداء الإسرائيلي الذي أستخدم القوة المفرطة لاستهدافهما مما يعكس الرغبة العارمة في الاغتيال والتصفية الجسدية التامة. وأوضح أن الطائرتين أطلقتا وابلاً من الصواريخ والرشاشات على السيارة اشتملت على رشاشات أمريكية من طراز (30) ملم و(230) ملم و(16) صاروخا هيل فاير hell fire وصواريخ AGM 114، ووجد في مكان الحادث ثلاثة صواريخ لم تنفجر وعدد كبير من المقذوفات، والقذائف المضادة للدبابات والبشر، وكذلك رشاش أمريكي الصنع عيار (30) ملم. كما استخدمت الطائرات الإسرائيلية المعادية التي جاءت من جهة البحر الأحمر مجال الطيران الدولي المدني قبالة مطار بورتسودان، واستعملت تقنيات متقدمة للتشويش على الرادارات السودانية المنصوبة في المنطقة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية خالد موسى: إن الوزارة بدأت إجراءات تقديم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن، كما أن البيان أكد أن السودان يملك الآن أدلة مادية مقنعة تثبت اتهام إسرائيل بالتورط في العدوان الغاشم. وأن الصحف الإسرائيلية حملت اعترافاً غير مباشر بارتكاب الجريمة البشعة، عزتها إلى مصادر غير رسمية، فضلاً عن البينات الظرفية وقرائن الأحوال السابقة، إذ سبق وأن مهدت إسرائيل لهذا العدوان بحملة تضليلية ملفقة زعمت فيها تهريب أسلحة كيمائية من ليبيا عبر السودان إلى دول أخرى، وقالت: إن الدليل الدامغ، فضلاً عن المقذوفات والصواريخ التي عثر عليها في الموقع، هو أن هذا النوع من طائرات الأباتشي أمريكية الصنع لا يملكها في كل المنطقة إلا سلاح الجو الإسرائيلي. وقال البيان: إن السودان يجدد اتهامه لإسرائيل بارتكابها العمل العدواني الجبان ضد سيادته ومواطنيه الأبرياء العزل، ما عده البيان خرقاً ومخالفة شنيعة لأعراف ومبادئ القانون الدولي وانتهاكاً لسيادة البلاد وأمنها، ويؤكد أنه سيتخذ التدابير اللازمة كافة لحفظ حقوقه وصون سيادته وأراضيه وحماية مواطنيه. وفي إطار الحراك الدبلوماسي، تم إبلاغ الجامعة العربية بتفاصيل العدوان الإسرائيلي، وأبلغ أيضا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي بهذا الاعتداء وطلب السودان عقد اجتماع عاجل على مستوى المندوبين الدائمين للمنظمة لمناقشة الاعتداء الإسرائيلي، كما شرع في اتخاذ الخطوات اللازمة لتقديم شكوى ضد إسرائيل أمام مجلس الأمن، وستقوم المندوبية الدائمة للسودان في الأممالمتحدة بتمليك الحقائق والمعلومات حول الاعتداء لدول عدم الانحياز، ورئيس الجمعية العامة، وجميع المجموعات الجغرافية والسياسية، كما ستتخذ مندوبية السودان الدائمة بجنيف، إجراءات مماثلة في مجلس حقوق الإنسان، وستشرع وزارة الخارجية ابتداءً من اليوم في عقد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وسفراء المجموعات الجغرافية المختلفة لشرح طبيعة العدوان وتمليك الدول المعنية المعلومات الضرورية والأدلة الثابتة حول الأمر. وقال: إن السودان ناشد المنظمات والأصدقاء ومحبي السلام وأصحاب الضمائر الحية بإدانة العدوان وتحميل إسرائيل المسئولية السياسية، وحملها لوقف العدوان وكف يدها عن استهداف الدول والمدنيين والأبرياء. كما ناشد البيان كافة الجهات لإدانة العدوان وتحميل إسرائيل المسئولية. ويعتبر السودان من الدول العربية ودول العالم الأكثر تعرضا منذ تسعينيات القرن العشرين للتعدي على سيادته بدءا بالتدخل السياسي، وتسليح وتحريض معارضاته العسكرية، والدفع باتجاه انفصال أجزاء منه، وانتهاء بالغارات المسلحة على أراضيه، وتعتبر الولاياتالمتحدة وإسرائيل نظام الإنقاذ نظاما معاديا وداعما لما تصفانها بالمنظمات الإرهابية. وأدرجت الولاياتالمتحدةالأمريكية، السودان عام 1993 على لائحة الدول الراعية للإرهاب، وكثفت عليه الضغوط السياسية والأمنية ثم العسكرية. وكانت أول ضربة عسكرية تعرض لها السودان يوم 22 أغسطس 1998 حينما قصفت أمريكا بصواريخ كروز مصنع الشفاء للأدوية في العاصمة الخرطوم. وزعمت واشنطن حينها أنه ينتج أسلحة كيماوية وأن له صلة بتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن. ورغم أن السودان لا يرتبط بحدود مباشرة بإسرائيل فإن الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفته بغارتين على الأقل في ثلاث سنوات. ففي بداية 2009م قصف سلاح الجو الإسرائيلي قافلة سيارات قالت مصادر مقربة من إسرائيل: إنها كانت تحمل أسلحة لقطاع غزة، وقالت الحكومة: إنها تعود لمهاجرين تعودوا عبور المناطق المحاذية للحدود مع مصر. وقتل خلال تلك العملية عدد من الأفارقة، واكتفت إسرائيل حينها بالتلميح إلى مسئوليتها عن القصف دون تبنيه رسميا بينما نفى الأمريكيون علاقتهم به. نقلا عن صحيفة الرائد بتاريخ :11/4/2011