قال نائب الرئيس الأمريكي (جو بادين) – الأربعاء الماضية – أن بلاده تشعر بما أسماه (قلقا تجاه الأوضاع الأمنية في دارفور). وأضاف بايدن أنهم في واشنطن يعتقدون أن هذه الأوضاع تشهد تدهوراً منذ بضعة أشهر . من جانبه استنكر الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني التصريحات الاميريكية وقال نافع للصحفيين (ليس هناك ما يبرر القلق .. الوضع في دارفور مستقر منذ وقت طويل). وبالطبع لا يمكن أن نقرأ تصريحات نائب الرئيس الأمريكي – في التوقيت الراهن- بمعزل عن محاولات يقوم بها بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي لعرقله رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية . الأوضاع في دارفور وردت ضمن شروط الأعضاء الثلاثة من مجلس الشيوخ الذين طالبوا واشنطن بإلزام السودان لاستيفائها أولاً قبل رفع العقوبات عنه. بايدن يبدو أنه يقف في هذا الصف ويريد أن (يمثل) وجهة النظر المتشددة في واشنطن حيال تطبيع العلاقات بين البلدين, أو أن هناك (طبخة) ما شارفت علي النضوج لإدراج الأزمة في دارفور كأزمة تالية لأزمة الجنوب ضمن إستراتيجية أمريكية تستهدف جعل السودان وباستمرار في حالة أزمات بغية إحكام السيطرة عليه والحد من تقدمه ونهوضه. ولو لم يكن الأمر كذلك فان إثارة قضية تردي الأوضاع في دارفور في هذا القوت – وبلا مناسبة واضحة- أمر يبعث بالفعل علي التساؤل فالأوضاع في دارفور تشهد استقراراً ملحوظاً, ليس فقط الآن أو قبل بضعة أشهر وإنما منذ أكثر من عامين ودليلنا علي ذلك التقرير الواضح الشهير الذي سبق وأن قدمه قائد البعثة المشتركة السابق (اليوناميد) وهو الجنرال مارتن لوثر أقواي وقال فيه ان أعمال العنف في الإقليم قد تراجعت كثيراً. لوثر قدم هذا التقرير منذ أكثر من عامين وكان أبلغ دليل وتأكيد علي تقريره بعد ذلك أن الانتخابات العامة التي جرت في السودان في ابريل 2010 جرت وشملت إقليم دارفور بولاياته الثلاثة دون أن يعوقها عائق أو تصحبها أحداث عنف علي شاكلة ما كان يقع في الماضي . لقد كان من المستحيل تماماً قيام انتخابات في دارفور لو لم تكن الأوضاع مستقرة, ولعل مما لا يخفي علي واشنطن أن الحركات الدارفورية المسلحة وصلت حالياً إلي أدني درجات العنف بفقدانها للمأوي والدعم, ولكنا يري كيف انحشرت أقدام زعيم حركة العدل والمساواة في المستنقع الليبي وصار يبحث عن وسيلة يخرج بها من هناك, وكيف أيضاً حار الدليل بحركة ميناوي ما بين جوبا وكمبالا. أما اذا كان بايدن يبدي تعاطفاً مع الضربات التي تلقتها حركة خليل وفقدانها لمعسكرها الرئيس بشمال دارفور فهذا أمر مرتبط بحق الجيش السوداني في بسط سلطانه علي الأرض والبعثة المشتركة شاهد علي ذلك. أن تصريحات بايدن لم تكن موفقة ولم تتطابق مع حقائق الأرض والواقع, والرجل فيما يبدو بمهد الطريق بأسلوبه الخاص (لحظة ما) تعتزم إدارته إنفاذها بشأن هذا الملف.