الفرق بين التمرد في جنوب السودان والتمرد في دارفور والشرق هو ان تمرد الجنوب علي قواعد شعبية بين الناس العاديين ووجد الدعم الخارجي كعامل أضافي وفر له منعة واستدامة ..نجد بالمقارنة ان تمرد دارفور بدا من خارجها دربت الحركة الشعبية المرحوم بولاد كما دربت وسلحت عبد الواحد محمد نور أثناء مفاوضاتها مع الحكومة لتوقيع اتفاقية السلام الشامل .غير عبد الواحد اسم حركته من تحرير دارفور الي تحرير السودان بتوجيه من الحركة الشعبية ..أما حركة العدل والمساواة فان قواعدها الشعبية الحقيقة توجد خارج حدود السودان لأنها استندت علي جماعة عرقية واحدة لا يعيش منها في دارفور إلا ثمانية بالمائة فقط من السكان .وهي لا ترغب في أية انتخابات لأنها لا يمكن ان تفوز بأكثر من دائرة واحدة وليس خافيا أنها قاتلت في قطر مجاور تعتبر نفسها جزءا من نسيجه الاجتماعي والسياسي كما أنها أعلنت عن نفسها في المانيا وليس دارفور . تدرب متمردو الشرق في الجنوب وفي دولة مجاورة وهجموا علي البلدات التي استهدفوها قادمين من الخارج لا منبثقين من الداخل . بيد ان الحركة الشعبية لم تفلح في فتح جبهتي دارفور والشرق لان التمرد المدفوع من الخارج وجد أرضا مؤتية وتذمرا حقيقيا . اعترف بهذه الحقيقة د.مصطفي عثمان إسماعيل مستشار الرئيس والمسؤول عن ملف الشرق حينما التقي ببعض أبناء شرقي السودان في لندن واستمع الي أصواتهم العتبة والغاضبة يوم 9مارس الماضي . سألوا عن الحكمة في اقتصار التعامل مع "جبهة الشرق "وحدها ولماذا أعطت الحكومة وزنا لحاملي السلاح وحدهم وأهملت غيرهم ؟..سألوا عن قلة بل انعدام التنمية في الشرق . قال د.مصطفي عثمان إسماعيل ان الشرق مهمش وان هذه ينبغي ان تكون نقطة البداية للحوار لننطلق الي النقطة الثانية وهي :ما العمل ؟ كان استتباب السلام أساسيا لان التنمية لا يمكن ان تنجح دون سلام وتعاملت الحكومة مع جبهة الشرق بعد ان استشارت العمد والشيوخ والنظار فنصحوا بذلك لرغبتهم جميعا في إعادة متمردي الشرق المقيمين في دولة مجاورة . قال ان الشرق به الآن ثلاث جامعات وان ثلاثة طرق تربط الشرق بالدول المجاورة وتشجع علي تجارة الحدود وتم تدريب أربعة آلاف من الفنيين ونشر مظلة التامين الصحي والحرص علي ان يحكم أبناء الشرق ولاياته وتوضع خطط لتمييز ايجابي يضمن زيادة تمثيل أبناء الشرق في كل المواقع والمؤسسات . تحدث د.مصطفي بعد ذلك بإسهاب عن مؤتمر تنمية الشرق الذي انعقد بالكويت في شهر أكتوبر الماضي ..حيث قال ان مبالغ رصدت لإنشاء مرافق محددة خلال جدول زمني معلوم خصصت الكويت وحدها نصف مليار دولار لذلك . ستحفر ابر جوفية ..وستجلب آلات تحلية ماء البحر الأحمر ومعدات لترشيح الماء ..رصدت أكثر من ثلاثمائة مليون دولار لشبكة كهرباء الشرق ومبالغ لمستشفيات ريفية ومدارس ثانوية ولمشروع نقل المياه من بربر بأنابيب وحصاد المياه في موسم الأمطار . ذكر مشروع سد ستيت الذي سيوفر نصف مليون فدان للزراعة ومشروع حلفاالجديدة ..لم ينس التحيات فذكر ان جبهة الشرق تأخرت في العودة للوطن عدة أشهر ..مشاكل المسكيت في طوكر التي لا حل لها الا بتصدي المزارعين عندما ما يمتلكون الأرض ويحرثونها ..هناك ألغام مزروعة منذ معارك الحرب العالمية الثانية وألغام زرعتها قوات الحركة الشعبية وخرائطها غير متاحة لكي تزال بمنهجية . أما عزوف الناس عن التعليم بالذات تعليم البنات فان بعض الحلول قد عرضت وأنتجت عند التجربة ما يبشر بالخير تمنح التلميذات بعض الطعام في نهاية اليوم الدراسي فتدرك الأسر ان مواصلة الدراسة تعني استمرار الطعام المجاني ...كما نجح مشروع رعاية الأيتام في الشرق . قال أيضا ان أبناء الشرق لا يميلون لعمل الشرطة أو الجيش ...وان مجهودا ينبغي ان يبذل لزيادة عددهم . الشرق ليس فقيرا بل هو غني بموارده اذا استثمرت فهناك السياحة التي قال د.مصطفي عثمان إسماعيل أنها بانتظار الإنعاش والتطوير ..وهناك التعدين وله تاريخ عريق في الشرق .وذكر د.مصطفي ان اتفاقية الشرق كانت انجازا سودانيا خالصا بدون مشاركة وسطاء خواجات ،وان مؤتمر الكويت لتنمية الشرق اشتركت فيه الولاياتالمتحدة (وان لم تتبرع ).كان حوار أبناء الشرق مع د.مصطفي صريحا مباشرا وبلا مجاملة وان ساده الاحترام المتبادل .المفتاح الحقيقي هو خطط التنمية المرتبطة بجدول زمني وبمبالغ حقيقية مرصودة بالفعل من شانها ان تغير صورة الشرق جذريا وتضع حدا للتذمر الذي وفر ظروفا ملائمة للتمرد ،الواجب الآن هو متابعة إنفاذ قرارات مؤتمر المانحين الذي انعقد بالكويت في أكتوبر الماضي حيث استضافت السفارة الحوار وإدارة السفير محمد عبد الله التوم . نقلا عن صحيفة آخر لحظة بتاريخ :9/5/2011