حذرت قوي المعارضة السودانية الحكومة المصرية من ما أسمته (مغبة عقد اتفاقات مع الحكومة السودانية)؛ وقال فاروق أبو عيسي للصحفيين عقب اجتماع أجرته قوي المعارضة مع الوفد المصري الزائر للسودان مؤخراً إنهم طلبوا من المصريين تجنب الاتفاق مع الحكومة فى أى شأن مبرراً ذلك بأن الحكومة الحالية سوف تفقد شرعيتها فى التاسع من يوليو المقبل! و بالطبع لم يعر الوفد المصري بحكم خبرته السياسية و فهمه الاستراتيجي (تحذيرات أبو عيسي) أدني اهتمام و جرت بين الحكومتين العديد من الاتفاقات فى شتي المجالات الزراعية و السياسية وقضايا أخري مشتركة ، بل إن الجانب المصري- وإمعاناً فى توطيد علاقاته بالسودان أكد انه سوف ينأى عن الانضمام للجنايات الدولية، وسوف يسعي لتوحيد مواقفه الدولية كافة مع السودان فى كافة المحافل الدولية . و لم نكن لنهتم أو نضع اعتباراً لتحذيرات أبو عيسي هذه- لأن الرجل سواء بحكم السن أو تلاشي الوجود او انعدام الرؤية و المبدئية - أصبح أسيراً لأوهام سياسية لم تعد تفارقه منذ أن فارق مقعد اتحاد المحامين العرب و لم يعد يجد منبراً مناسباً له لمهاجمة الحكومة، ولكن من المهم أن نرد ما قاله أبو عيسي عليه فى إطار الرد على من (يسيء الى وطنه) أمام أشقاء مصريين تعودوا على عدم احترام من (يسيء الى وطنه) ونشئوا ترعرعوا على ذلك ، كما أن المصريين الذين استضافوا أبو عيسي لسنوات (و عرفوا عنه الكثير المثير) يعرفون ان ما يقوله لا يمهم فى شئ خاصة و أنهم زائرين و وجدوا حرجاً فى أن يردوا بشئ من الغلظة على مضيفهم! لقد كان الأمر الغريب حقاً فيما قاله أبو عيسي يتمثل فى عدد من الأمور: أولاً نصَّب الرجل نفسه (وصياً) على المصريين و مرشداً سياسياً لهم فى علاقاتهم بالسودان وهذا سلوك يتنافي مع الخلق السياسي و الأدب الدبلوماسي المتعارف عليه. الأمر الثاني ان أبو عيسي - دون أدني سند هو رجل قانون - إدعي انتهاء شرعية السلطة القائمة فى التاسع من يوليو المقبل و لم نجد فى الدستور الانتقالي 2005 أو أى وثيقة دستورية سنداً لهذا الزعم. ففي التاسع من يوليو تنتهي الفترة الانتقالية الواردة في اتفاقية سلام نيفاشا ،و لكن لا تنتهي شرعية الحكومة التى جري انتخابها فى ابريل 2010 لأربعة سنوات مقبلة لم يمض منها حتى الآن سوي عام و نيف ، وإدعاء عدم الشرعية هذا لم يكن الأول فقد سبقه من قبل إدعاءين أحدهما فى العام الفائت ، عام الانتخابات 2010م ، والثاني فى التاسع من يناير 2011 التاريخ الذى جري فيه استفتاء جنوب السودان . وفى المرتين كانت النتيجة صفراً. الأمر ثالث و هذا هو الأهم ، ان أبو عيسي – القانوني الضليع – فات عليه أنه حتى ولو افتقدت الحكومة شرعيتها فى التاسع من يوليو 2011 فان من المعروف فى القانون الدولي ان الاتفاقيات و المعاهدات التى تبرم بين الدول لا تتأثر بالتغيرات السياسية و تعاقب الأنظمة ، اللهم إلاّ إن كان أبو عيسي يحذر المصريين من ان يحصلوا على مزايا فى السودان لا تريد لهم القوي المعارضة الحصول عيها.