علي مشارف التاسع من يوليو 2011, الموعد المضروب للإعلان الرسمي لدولة الجنوب الوليدة, وانقضاء الفترة الانتقالية التي نصت عليها اتفاقية نيفاشا 2005, بدأت قوي المعارضة السودانية في الحديث عن شرعية الحكومة السودانية بعد هذا التاريخ. حديث الشرعية هذا, حديث قديم متجدد, ظل يتجدد كلما حان موعد من مواعيد استحقاقات الاتفاقية, فبعد انجاز اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا 2005, فان قوي المعارضة سرعان ما اعتبرتها (عهداً جديداً) ومن ثم فلا شرعية فيه للحكومة, ويومها وعلي الرغم من أن اتفاقية السلام تلك كانت ذات بعد ثنائي (الوطني والحركة), آلا أن قوي المعارضة طالبت بإشراكها في الأمر وإسقاط شرعية المؤتمر الوطني, جري ذلك مع أن الحركة الشعبية كانت – في ذلك الحين- وثيقة الصلة بقوي المعارضة ويضمها وعاء التجمع الوطني . في التاسع من يوليو 2009 أعادت قوي المعارضة مرة أخري الحديث عن عدم شرعية الحكومة حينما لم يتسن إجراء الانتخابات العامة المنصوص عليها في صلب اتفاقية السلام وتم تأجيلها فمجرد التأجيل حملته المعارضة محمل عدم الشرعية وطالبت الحكومة بحل نفسها!! وبالطبع لم يلتفت أي عاقل لما قالته قوي المعارضة ولم يثمرا دعاؤها. في مطلع هذا العام وعقب إجراء الاستفتاء علي تقرير مصير الجنوب في التاسع من يناير المنصرم وحين ترجحت كفة الانفصال, مرة أخري أخرجت قوي المعارضة (من حرابها السياسي) عدم الشرعية وحاججت به السلطة الحاكمة زاعمة أن شرعية الحكومة قد سقطت بانفصال الجنوب مع أن الاستفتاء – بداهة – يحتمل الاثنين الوحدة والانفصال. الآن, تردد قوي المعارضة ذات الموال السياسي المكرور بادعائها عدم شرعية الحكومة في التاسع من يوليو ويزعم فاروق أبو عيسي- دون أن يطرف له جفن – أن انقضاء اجل الفترة الانتقالية وانتهاء الاتفاقية ينهيان شرعية الحكومة !! الشئ الغريب في ادعاءات قوي المعارضة أنها بهذا المسلك تناقض منطقها بنفسها, فادعاء عدم الشرعية يقتضي وجود شرعية سابقة والشرعية السابقة هذه تقتضي هي الاخري وجود مسوغ قانوني أو مرجعية قانونية أو سياسية, فيا تري علي أي مرجعية تسند قوي المعارضة شرعية الحكومة؟ ان المرجعية القانونية الساطعة كالشمس لشرعية الحكومة هي شرعية الانتخابات العامة التي جرت في العاشر من ابريل 2010 وهي شرعية تمتد لأربعة سنوات مقبلة ولن يغير انفصال الجنوب شيئا من هذه الشرعية لأن الاتفاقية قامت أصلا علي أساس إجراء الاستفتاء في ظل حكومتين – شمالاً وجنوباً – منتخبتين لاختفاء شرعية علي العمليتين الانتخابات والاستفتاء وهذا ما تم بالفعل. ان قوي المعارضة في الواقع هي التي تبدو في حاجة ماسة الي شرعية لتتحدث عن طريقها عن شرعية الحكومة!