قبل أن تتواءم روحه نفسه مع المنصب، وقبل أن يخلق الألفة المطلوبة مع المقعد الوثير بالمركز العام للمؤتمر الوطني، سارع أمين الاتصال السياسي المعين حديثا الحاج آدم يوسف الذي غادر المؤتمر الشعبي قبل أشهر، إلى التشديد على أن برنامج عمله في الوطني يرتكز على توحيد الإسلاميين، وينبني على الانفتاح في الحوار مع القوى السياسية كافة، بهدف الوصول للإجماع الوطني. وابعد من ذلك أكد الرجل ((أن ما يرشح في الصحف عن صعوبة ردم الهوة بين طرفي الحركة الإسلامية المؤتمر الوطني والشعبي محض أحاديث ليس الا )) وقال لصحيفة (الشاهد) أمس: ((نحن لم نجلس معاً حتى الآن، ولكننا سنتحاور مع الدكتور الترابي لتحقيق هدفنا بوحدة الإسلاميين))، ومضي يوسف إلى أن الوحدة المعنية ((ستسهم في تحقيق الوحدة الوطنية بين كل أحزاب)). إذن الحاج آدم يطمح في إحداث اختراق حقيقي في الحوار بين حبه والقوى السياسية كافة، وخاصة المؤتمر الشعبي، بما يقود الى صون الوحدة الوطنية، غير أن هذا الطموح دونه عقبات تبدأ بفشل المحاولات المكرورة للحوار بين حزبه ومكونات العملة السياسية، ولا تنتهي بتمترس الأخيرة وراء حزمة من المطالب ترى من الضرورة بمكان إتمامها من جانب الوطني لتأكيد حسن النيات وإيجاد الثقة الملائمة لابتدار الحوار، على نحو ما ذهب اليه أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي الدكتور بشير آدم رحمة الذي طالب بتوفير ما أسماها ((قولة خير)) تدفع تمهيداً لخطب ود الأحزاب للتوافق على المصلحة الوطنية، قبل أن يشدد رحمة ل ((الأحداث)) أمس على أن حزبه يرفض الحوار الثنائي، مطالباً الوطني بالجلوس لامتحان الحوار والإجابة على سؤال الجدية بتوفير الحريات، إطلاق سراح المعتقلين، حلحلة أزمة دارفور وتكوين حكومة انتقالية لتهيئة الأجواء للتحول الديمقراطي الحقيقي)). اللافت أن الشروط التي أختطها رحمة تعني في أولي تفسيراتها أن الشعبي لا يزال على موقفه القديم، وتعني أيضاً أن التعديلات التي استنها الوطني على هيئته القيادية لن تحرك ساكن الحوار، وأبعد من ذلك تعني أن الأجواء هي ذاتها، بيد أن المحلل السياسي عثمان المرضي يري أن الأجواء شهدت تغيرات في التضاريس والجغرافيا، و وفوق ذلك يعتقد المرضي أن إطلاق سراح الترابي الذي أعقبه إخلاء سبيل (9) من منسوبي الشعبي علاوة على تسمية الحاج آدم يوسف نفسه أمينا للاتصال السياسي، لجهة أن الرجل لم يخرج من الشعبي مغاضباً، كلها تقرأ في سياق إمكانية التقارب بين الوطني والشعبي ((ولو بعد حين))، وقال ل( الأحداث) أمس ان إمكانية تلاقي الإسلاميين واردة، وأن لم تكن عبر حوار ثنانئي فاقلها عبر منظومة تحالف جوبا)) . بيد أن الحديث الذي مضي اليه المرضي عن إمكانية الحوار بين الوطني وقوى المعارضة، لا يبدو رائقاً لعضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي صديق يوسف ما لم يستجيب الحزب الحاكم لمطلوبات الحوار، التي أجملها يوسف في حديثه ل (الأحداث) أمس في ((إرساء الحريات وإطلاق سراح المعتقلين)، منوها إلى أن منظومة أحزاب المعارضة سبق أن دعت للحوار على المبادئ العليا للوطن، كلها لم تجد الاستجابة من المؤتمر الوطني)). وكان أمين لاتصال السياسي بالمؤتمر الوطني الحاج آدم يوسف طالب الأحزاب بعدم ربط الحوار بالمشاركة في الحكم))، وهي المطالبة التي استهجنها صديق يوسف، منوهاً الى أن الوطني ينطلق في حواراته الثنائية من منصة التلويح بكيكة السلطة، ونحن ندعوا – والحديث ليوسف - لحوار لا يستثني أحداً لحلحلة الأزمات السياسية والاقتصادية للوطن)). لكن الطاقة التي ينطلق منها الوافد الجديد للأمانة السياسية بالمؤتمر الوطني الحاج آدم في نيته الحوار مع الترابي وتحالف المعارضة ربما لا تمكنه من إحداث الاختراق المطلوب، حسبما يري المحلل السياسي عثمان المرضي، معتبراً أن واقع الحال في المسح السياسي يشي بأن ملامسة الممنوع في أجندة حوار الوطني مع القوى السياسي سيكون وبالا على صاحبه، وأردف يقول: ((أن إعفاء قوش ليس مرده لطموحه السياسي فقط، بل أنه انتوي تقديم تنازلات ملموسة في حواره مع القوى السياسية)) منوهاً إلى أن أمين الاتصال السياسي بحاجة إلى ((قوة دفع كافية لإنجاح مهمته)). وكان المؤتمر الوطني أقال الأمين العام لمستشارية الأمن القومي اللواء حسب الله عمر بعدما المح إلى إمكانية التخلي عن حكم الشريعة حال ((توافقت الأحزاب على ذهابها)). وليس بعيد عن هذا المنحي فان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي يعتقد أن صلاح قوش أدار حوار بعقلية منفتحة مع الأحزاب ما قاد إلى إعفائه، وقال المهدي في منتدي الصحافة والسياسة الأربعاء الفائت: ((أن سبب محاسبة قوش مرده لتبنيه رأباً صحيحاً تمثل في دعوته للاتفاق على إستراتيجية بديلة لإخراج الوطن من المخاطر)) وزاد: (( الوطني ضاق ذرعا بحوار قوش فعمل على إقصائه)). إذن الحاج آدم يحتاج – استنادا إلى حديث المهدي والمرضي – إلى قوة دفع حقيقية، لإحداث نقلة نوعية في الحوار مع الأحزاب، وقبل ذلك يحتاج إلى إيجاد أجواء مماثلة لتغيير المفاهيم والأجندة. يقول أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي بشير آدم رحمة: (ينبغي على الوطني تغيير سياسته بالاتجاه إلى الحوارات القومية وليست الثنائية)). وكانت الهيئة القيادية للمؤتمر الشعبي أوقفت الأسبوع الماضي حوار ابتدره بعض منسوبيه بولاية نهر النيل مع المؤتمر الوطني بهدف توحيد الحركة الإسلامية. الشاهد أن دعوة ((رحمة)) إلى تحلل الوطني من عباءة الحوارات الثنائية تروق لأمين الاتصال السياسي بالمؤتمر الوطني الحاج آدم يوسف الذي أكد في ندوة بجامعة بخت الرضا بالدويم أمس أن ((حزبه لا يمانع في وحدة الصف بين الإسلاميين)). بيد أن الحاج ذاته عاد وأكد أن حزبه ليس حريصاً على محاورة الشعبي وحده ويطمح الى الالتقاء بكل القوى السياسية))، وزاد : لا نقر بوجود حزب يملك درجة أكبر من حزب أخر، وتفصلنا عن كل الأحزاب مسافة متساوية)). وكان زعيم الشعبي الدكتور حسن الترابي قطع بان حزبه لن يتحاور مع المؤتمر الوطني منفصلاً، وقال في حوار مع صحيفة حريات الالكترونية أمس: ((يمكن فقط الحوار ضمن الأحزاب الأخرى في قضايا قومية كدارفور، الديمقراطية، اللامركزية، وكلها قضايا قومية والحوار حولها يكون في الجماعة)). معتبراً أن الوطني يهدف من اتصاله بالأفراد للتأثير عليهم بأن الترابي مصدر المشاكل و ((لو عزلناه لاتفقنا)). وزاد: الحوار لن يكون الا عبر منظومة المعارضة ولو قالت)) لا حوار اذن لا حوار)). غير أن تمسك زعيم الشعبي بالحوار ضمن منظومة تحالف المعارضة ربما قوض المساعي لوحدة الإسلاميين، لجهة أن التحالف يطالب – وفقا للقيادي بالشيوعي صديق يوسف – بسلسلة من الشروط ليس اقلها بسط الحريات، وإطلاق المعتقلين والمحكومين سياسيا، وهي المطالب التي شكك المحلل السياسي عثمان المرضي في إيفاء المؤتمر الوطني بواحدة منها، بينما تمني الخبير الاستراتيجي البروفيسور حسن مكي أن يشرع طرفي الحركة الإسلامية في بدء الحوار عقب التغييرات التي نفذها الوطني في هيكله القيادي، وقال ل(الأحداث) أمس: ((أتمني ذلك)). ورأي مكي أن إفادته المقتضبة هذه تكفي لقول كل ما يمكن قوله عن نية الحاج آدم بدء الحوار مع الشعبي لوحدة الإسلاميين. نقلاً عن صحيفة الأحداث 11/5/2011م