كما كان منتظراً ومتوقعاً, فقد فعلت الحركة الشعبية فعلتها ومارست عادتها القديمة في استخدام القوي السودانية المعارضة قاطبة لتحقيق مصالحها الخاصة ومن ثم وفور فراغها من هذا الاستهلاك الشبيه بمناديل الورق, سارعت بالقائها في أول سلة مهملات صادفتها. ولعل الأمر المهم هنا بالنسبة لنا ليس هذا اللعب المعروف مسبقاً والمتوقع, اذ لا يملك أحد أن يسمع اذان القوي المعارضة الصماء نصحاً سياسياً, فهي هكذا, موجودة في الملعب السياسي منذ عقود تارة حاكمة وتارة معارضة, ولكنها لم تنس شئياً ولم تتعلم شئياً ومن البديهي ألا ننتظر منها أن تتعلم شئياً في المستقبل ولكن المهم لدينا هنا, هو أن لعبة الانتخابات نفسها بدت محسومة مسبقاً وذلك بعد أن قررت الحركة الشعبية, وبمعزل عن بقية قوي ملتقي جوبا خوض الاستحقاق الانتخابي المقرر له ابريل من العام المقبل 2010 بل ولاثبات جديتها فقد اختارت الرمز الانتخابي لها, ومن المدهش أن كل ذلك جري بسرعة البرق وفي خضم أزمة اجازة قانون الأمن الوطني الجديد للعام 2009, بل ان بعض قوي مؤتمر جوبا فغرت فاهاً, وهي تري الحركة الشعبية تتخذ هذا الموقف في الوقت فيه يقام فيه مأتماً وعويلاً علي اجازة قانون الامن الوطني وكما أشار أحد قادة هذه القوي المعارضة (همساً طبعاً) فان الحركة بدت كمن يستغرق في ضحك وسرور داخل سرادق عزاء وأثناء ارتفاع أصوات العويل والنواح! وبالطبع- لو أن كان هؤلاء القادة يعتبرون- فان الحركة الشعبية لم تأت بجديد, فقد فعلت بهم ذات هذه الفعله في أواخر التسعينات حين انخرطت في مفاوضات متعددة مع حكومة الانقاذ حتي أفضت الي اتفاق نيفاشا 2005 تاركة كل هؤلاء القادة تجافي عينهم النوم في فنادق العواصم الخارجية الفخيمة بعد أن باعتهم بثمن بخس. وقد تلاحظ أن السيد الصادق زعيم حزب الأمة القومي, اكتفي بالصمت, في حين أن بقية القوي, تحاول ايجاد (صيغة) ما, للخروج من مأزقها. أما زعيم المؤتمر الشعبي د. الترابي فقد كان منذ البداية متشككاً في نوايا الحركة حين قال في تصريحات معروفة ان قرار مقاطعة الانتخابات اذا لم يشمل الحركة الشعبية فهو غير مجدي! وهكذا يمكن القول أن الحركة دقت اخر مسمار في نعش قوي مؤتمر جوبا حين فارقتهم باتخاذ موقف منفرد بدخول الانتخابات, وحين تمكنت وراء الابواب الموصدة من حلحلة كافة قضاياها ومشاكلها مع شريكها, وهي تدرك أن (نجاحها وفلاحها) يبدأ وينتهي, بل يدور وجوداً وعدماً مع وجودها من عدمه مع شريكها المؤتمر الوطني, ولعل القارئ الكرير يتذكر, تلميحات أمين عام الحركة السيد باقان أموم التي قال فيها ان حركته (لن تمانع) في التحالف مع المؤتمر الوطني لخوض الانتخابات!! بما يشير الي أن كل ما فعلته الحركة في الايام القليلة المنصرمة لم يكن يتعد المناورة, ومخادعة القوي المعارضة الأمر الذي أظهر هذه القوي المعارضة بمظهر بالغ الضعف والاذلال وجعلها الان (تفكر وتدبر) في كيفية مواجهة الموقف, هل تظل تحت جناح الحركة (علي هون) أم تدس نفسها في التراب؟!