على مشارف مدينة كادقلي تسلقت عناصر من الحركة جبلاً وكتبوا عليه بالخط العريض «الحلو أملنا».. فكانت إشارة صريحة إلى سعيها وبكل قوة لإقصاء أحمد هارون وركل حزبه الوطني بعيدًا عن دائرة صنع القرار بالولاية.. كانت أعلام الحركة في كل مكان بعد أن ضخَّت مليارات الجنيهات لكسب الانتخابات التي تسببت في تعطيلها لمدة عام كامل بتشكيكها في التعداد السكاني الذي تمّت إعادته في سابقة هي الأولى من نوعها.. في مقابل ذلك وضع هارون خطة محكمة ضمنت له الفوز وكانت فيها تفاصيل أشبه بالسير على حبل مشدود فالدوائر ال «32» كانت «10» منها في المناطق التي تغولت عليها الحركة قبل السلام وبالتالي راهن الوطني على «22» منها فكان له ما أراد حيث عول على المنطقة الشرقية والتي تضم «8» دوائر اكتسحها بالكامل رغم أنها مناطق نفوذ عبد العزيز الحلو أهله بأبي كرشولا ولذلك دشن حملته من مدن تلودي ورشاد وأبو جبيهة، وكانت النتائج كالآتي نال هارون في العباسية «11524» مقابل «3152» للحلو، وفي رشاد «10207» صوتًا مقابل «7133» للحلو، وفي أبو كرشولا «11338» صوتًا و «7483» للحلو، وفي أبو جبيهة «9402» لهارون مقابل «4971» للحلو، أما فى الترتر فحاز هارون على «10249» والحلو على «689»، وفى السراجية كان نصيبه «9457» صوتًا والحلو «1047»، والدوائر الثلاث الأخيرة تقع في محلية أبو جبيهة التي على رأسها المعتمد موسى كجو القيادي بالحركة، وقد ترشح في أبو جبيهة وسقط بفعل المجهود الخارق الذي بذله الوطني كما وجه الوطني ذات الضربة للحركة في دائرتي كلوقي نال هارون «7390» والحلو «2786» وتلودي حيث صوت «7801» لهارون مقابل «3176» للحلو، وهاتان الدائرتان بمحلية تلودي وعلى رأسها المعتمد محمد كمال «حركة شعبية» وقد ترشح وسقط مع أن المحليات الشرقية لم تشهد تنمية تغري بالتصويت للوطني. المسألة الثانية بعد الرهان على المحليات الشرقية كان الاعتماد على محلية القوز شرق الولاية التي بها دائرتان وهناك رتَّب هارون الأمر منذ ما يقارب العام حيث قام بتعيين معتمد للمحلية ورئيس للوطني بها قبل عشرة أشهر من الآن وهو من المجاهدين الذين أبلوا بلاءً حسنًا في العمليات د. عبد الرحمن الشريف عبد الرحمن الذي أدار الانتخابات بعقل تنظيمي حيث قسم الدائرتين إلى شعب وأسر حصدت لهارون «15677» صوتًا تعادل الأصوات التي حصل عليها في أربع من المحليات الغربية بينما نال الحلو «1792». لكن قمة ذكاء هارون هو خداعه للحلو الذي وقع في الفخ حيث أوصل له رسالة مفادها أن الرئيس البشير شخصيًا سيقود حملته ومعه قيادات الوطني وبالمقابل أعلنت الحركة قيادة سلفا كير شخصيًا لحملتها وقيادات الحركة، وفات على الحلو أن ميارديت لن يحضر فالزيارة الأولى لسلفا للولاية في 2009 تمت بمبادرة من هارون الذي غادر بطائرة خاصة مع الحلو للجنوب لإقناع سلفا وقد حدث.. وقد تسبب غياب سلفا في إحباط قواعد الحركة خاصة بعد الادعاء بضعف التأمين مع أن الرئيس ونائبه سبقاه إلى هناك.. كما أن الآخرين باتوا غرباء مثل ربيكا قرنق وجيمس واني.. ولكن شطارة هارون تجلّت عندما دفع البعض ليُقنعوا عرمان بتناول موضوع الجنائية وقد قالها لنا هارون في مؤتمر بمنزله يوم السبت الماضي أن الحركة ارتكبت خطأين وكان غارقًا في الضحك وهو يتحدث الأول إتيانها بالجنوبيين وذاكرة مواطن الولاية تحفظ لهم الدمار، والثاني استغلال كرت الجنائية حيث قال مولانا هذا الكرت منحنا قوة دفع.. وفيما يبدو أن عرمان لم يعِ الدرس وحقّ لهارون أن يقول إن تجربته وقفت في «سنة تانية جامعة الفرع» فبحسب مصدر موثوق فإن منصور خالد عقب ترشح عرمان للرئاسة نصحه بعدم تناول الجنائية في خطابه الانتخابي وقال له إن ذلك الأمر «يخربش وجدان الشعب السوداني». كذلك من أسرار فوز هارون معرفته العميقة بالطريقة التي يفكر بها الحلو خاصة وأنه تخصص في قراءة نفسيات قيادات الحركة فتربطه صداقة قوية بباقان وعرمان حتى إن الأول عندما استوزر بمجلس الوزراء ظل هارون قريبًا منه لدرجة أنه كان يصطحبه معه في المناسبات الخاصة فعرف كيف تفكر الحركة، ولذلك قال هارون في مؤتمر صحفي إن المعركة لم تدرها معنا الحركة التي نعرفها وإنما الحزب الشيوعي وبقايا كيان الشمال، كما أن هارون حرّك آليات الحزب لتناول قضية اعتقال تلفون كوكو باعتباره أحد أبناء الولاية وكسب بذلك مؤيدين جددًا من قبيلة تلفون لا تربطهم صلة بالوطني. بجانب اهتمامه بشريحة الشباب التي ناصرته حتى من خارج حزبه، أما الحديث عن التنمية التي أحدثها فهذا شأن أخر ولكن كل هذه التدابير اتخذها هارون لعلمه بضعف حزبه في المنطقة الغربية التي خسر الوطني دوائرها ولكن تمكن من الدفع بمرشحين أربكوا صفوف الحركة لدرجة أن الفارق في دائرة كان «35» صوتًا. نقلا عن صحيفة الانتباهة بتاريخ :18/5/2011