رسمياً ووفقاً لنطاق تفويضها فان مهمة بعثة الأممالمتحدة التى كلفت بمراقبة عملية السلام بين الشمال والجنوب والمعروفة اختصاراً ب(اليوناميس) قد انقضت بانقضاء عملية الاستفتاء و الفترة الانتقالية التى نصت عليها الاتفاقية، غير ان بعض القوى الدولية (الولاياتالمتحدة على وجه الخصوص) كانت قد حاولت قبل إجراء الاستفتاء الضغط على الشمال لقبول بقاء هذه القوات وتمديد فترتها وتفويضها. وكلنا يتذكر كيف قدم رئيس حكومة الجنوب طلباً أمام أعضاء مجلس الأمن فى زيارتهم لمدينة جوبا العام الماضي ببقاء اليوناميس لحراسة الحدود بين الشمال والجنوب، واصطدام الطلب الجنوبي وقتها بعدم وجود (طلب مماثل له) من الشمال، إذ أن التمديد يشترط موافقة الطرفين. ولما كان الجنوب وحده هو الذى أبدي رغبته فى بقاء اليوناميس فان مجلس الأمن فى قراره رقم (1978) الصادر فى مطلع هذا العام قرر إنشاء بعثة جديدة - بناء على طلب جنوب السودان - تتمركز فى الجنوب و تنشأ على أصول ومعدات اليوناميس . وتشير متابعات (سودان سفاري) الى أن اليوناميس و ابتداءً من طلع مايو الحالي بدأت خطوات الإجلاء عن الشمال ولوحظ أنها بدأت بنقل المعدات والآليات من مناطق بورتسودان والخرطوم وجنوب كردفان والنيل الأزرق والأبيض باتجاه عاصمة الجنوبجوبا. غير انه وعلى الرغم من هذا العمل التمهيدي للإجلاء إلا أن عدم اتخاذ مجلس الأمن – بعد – لقرار فى هذا الخصوص ربما يجعل البعثة تتلكأ و تظل محتفظة ببعض موظفيها ومكاتبها فى الشمال، ذلك ان القانون الدولي- والبعثة على إدراك تام بذلك - يمنحها فترة ستة أشهر للإجلاء ، و يبدو ان القوى الدولية تعمدت وتتعمد التلكؤ والتباطؤ فى هذا الصدد ربما سعياً لفرض وجودها على نحو أو آخر . والواقع انه لا توجد على الارض مسوغات لبقاء اليوناميس سواء بتفويضها الحالي أو أى تفويض آخر مستحدث ، فطوال السنوات الصعبة الست المنقضية لم يكن لها أى دور و لا كانت لها حاجة لهذا الطرف أو ذاك ، والآن لا يوجد ايضاً ما يدعو لوجودها . ومن المؤكد ان إصرار اليوناميس على البقاء رغم إرادة الدولة بعد التاسع من يوليو المقبل سيضعها أمام محك صعب ، إذ انه و وفقاً ايضاً للقانون الدولي وقانون البعثات الدبلوماسية ، فان البعثة تفقد الحصانة الدبلوماسية و يصبح أى من منسوبيها أجنبياً تتعامل معه الحكومة السودانية وفقاً للقانون وهو وضع سوف يخلق تعقيدات لا تبدو هنالك حاجة إليها، فالتفويض انقضي و ما من مبررات لوجود البعثة .