مع اقتراب انقضاء أجل الفترة الانتقالية التي نصت عليها اتفاقية السلام الشاملة في نيفاشا 2005, والتي من المقرر أن تنقضي رسمياً في التاسع من يوليو المقبل أي بعد حوالي شهر من الآن فان الجدل بدأ يثور بشأن بقاء أو ذهاب قوات حفظ السلام الأممية المعروفة اختصاراً باليوناميس والتي تبلغ زهاء العشرة ألف جندي وافق طرفا الاتفاق – عند التوقيع عليه – علي إحضارها كبعثة عسكرية أممية واجبها الأول – كما ورد في تفويضها – هو مراقبة وقف إطلاق النار والقيام ببعض الشئون ذات الطابع الإنساني والحيلولة دون وقوع حالات صدام بين قوات الطرفين والعمل علي توطيد أركان السلام. قوات اليوناميس تمركزت في مناطق مختلفة من السودان في جنوبي كردفان والنيل الأزرق, والحدود بين الشمال والجنوب ومناطق التماس وفي أرجاء من الجنوب. ويمكن القول أن هذه القوات وطوال فترة وجودها لم تسجل حوادثاً جسمية تذكر فقد كانت الترتيبات الأمنية من انسحاب للقوات, وإعادة انتشار هنا وهناك ووقف إطلاق النار تسير سيراً سلساً لأمن بعض الإشكالات الصغيرة وكانت تجد الحل من الطرفين. الآن وبعد مشارفة فترة الانتقال علي الانتهاء وهو يحسب التفويض – الأجل الذي تنتهي فيه مبررات وجودها وينقضي فيه تفويضها فان الحكومة السودانية وعبر وزارة خارجيتها سارعت بمخاطبة الأمانة العامة للمنظمة الدولية – كما تقضي بذلك بنود ميثاق الأممالمتحدة – طالبة سحبها في التاسع من يوليو المقبل وأن السودان لا يرغب في بقائها بعد هذا التاريخ. الأممالمتحدة من جانبها شرعت في مغالطة الحكومة السودانية بشأن هذا الطلب, ومن ثم ثار الجدل حول الطلب وحول ما اذا كان صحيحاً أن تطلب الحكومة السودانية سحب هذه القوات بعد انتهاء تفويضها أم أن الأمر يتعلق (بما يقرره مجلس الأمن وحده)! فقد قالت الأممالمتحدة أن الأمر (يقرره مجلس الأمن لا الحكومة السودانية) . وبمراجعتنا لميثاق المنظمة الدولية في هذا الصدد, واتفاقية السلام الشاملة ولوائح مجلس الأمن فان هذه القوات جاءت (برغبة طرفي العملية السلمية) ومن ثم فان بقاءها من عدمه يرتكز هو أيضا علي (رغبة الطرفين) بحيث يمكن القول – قانوناً – أن مجلس الأمن ليس له الحق مطلقا في إلزام أي دولة ببقاء قوات حفظ سلام فيها دون رضائها ورغبتها. ولعل أصدق دليل علي ذلك أن جنوب السودان أبدي رغبته في بقائها علي أرضه وحصل علي الموافقة ومن ثم لا مسوغ لا لزام السودان بقبول بقاء هذه القوات رغماً عن إرادته لأنه من ناحية لا يحتاج لبقائها حيث لا مبرر لهذا البقاء ومن ناحية ثانية حتي ولو كان هناك مبرراً للبقا من اضطراب أمني أو عدم استقرار فان هذا يستلزم - وفقاً للقانون الدولي – قبول السودان (صراحة) لبقائها. عليه فان من المحتم أن يتم سحب اليوناميس بتأشيرة خروج سودانية والا تحول الأمر من وجهة نظر القانون الدولي الي احتلال دولي وهو ما سيحول القضية الي وجهة أخري مختلفة تماما!!