لتلك العملية أسفرت عن نيل الوطني ثقة الناخبين على كافة تلك المستويات بما جعله المسئول الأول عن حكم السودان مركزاً وولايات بأغلبية مريحة. البعض – من الخاسرين في تلك العملية – ادعي تزوير العملية ولكن كانت المفارقة أن أحداً ممن أدعي التزوير وقتها بل والي الآن لم يقدم ولو جزءاً من دليل على عملية التزوير هذه ومن ثم فان من الصعب بل من المستحيل على أي مراقب أو محلل سياسي أن يقتنع بوجود عملية تزوير لأن من المستحيل تماماً أن نتصور ارتكاب جرائم تزوير على مستوي السودان بهذه الكثافة بما يجعل من العملية (جريمة كاملة) يتعذر اكتشافها!! لا توجد في الأعراف الجنائية في كل هذه الدنيا جريمة كاملة تستعصي على الاكتشاف . ومن جانب ثان فان فشل الذين ادعوا التزوير في الكشف عنه هو في حد ذاته بمثابة دليل دامغ على أن هؤلاء المدعين لا يصلحوا لنيل ثقة الناخبين ومن ثم تحمل المسئولية لإدارة بلد طالما أنهم بهذا القدر من العجز والقعود وعدم القدرة على التفاعل مع معطيات قائمة أمامهم. الآن تمكن الحزب الوطني أيضاً من اكتساح انتخابات جنوب كردفان التكميلية والتي كان قد تم ارجاؤها ولم تجر مع الانتخابات العامة لمطاعن واعتراضات صدرت من جانب الحركة بسبب الإحصاء السكاني الخاص بالمنطقة. وقد أدعت الحركة الشعبية أيضاً في هذه المرة أن الوطني مارس عمليات تزوير ولكنها أيضاً لم تقدم دليلاً واحداً على ادعائها. يمكننا أن نستخلص من خلال كل ذلك أن الوطني على أية حال بهذه المعطيات صار خيار الناخبين السودانيين بامتياز ولهذا فان السؤال الذي حاولنا الإجابة عليه هو لماذا أصبح الوطني هو خيار الناخبين السودانيين على هذا النحو؟ الواقع أن الإجابات قد تتعدد وتختلف في هذا الصدد، فالحزب له مؤيدين وله معارضين وهنالك أيضاً من يقفون منه موقف الحياد ولطن ما لا يمكن الاختلاف حوله أن الوطني – على الأقل – هو الحزب الوحيد الأدق تنظيماً والمسلح بإرادة سياسية تجعله ينفد ما يراه متسقاً مع مصالح البلاد ، ولعل الأهم من كل ذلك أن الوطني نال خبرة سياسية وإدارية يصعب الاستهانة بها (أكثر من عشرين عاماً) وقد ألف الناس سياساته وطريقة تعاطيه مع الأمور ومن المؤكد أن ما يميزه ليس متوفراً على الأقل في الوقت الراهن ولعقود قليلة قادمة في حزب آخر من الأحزاب الحالية الموجودة في الساحة ولهذا فان الناخبين السودانيين يختارونه مع أمل يخالجهم أن يجري إصلاحات وتغييرات بداخله وفي جهازه الذي يدير به الدولة لينصلح الحال أكثر، وهو خيار أفضل بكثير من ان يغامر الناخبون باختيار أحزاب تضعضعت وضعفت وتشرزمت وسبق أن تمت تجربتها أو أحزاب (مثل حركات دارفور والحركة الشعبية) حادة الطرح بما يصادم وجدان السودانيين لها ارتباط بقوى أجنبية معادية مثل إسرائيل. الناخبون السودانيين يختارون الوطني لأن الآخرون لم يحاذوا كتف الوطني ليصبحوا ضمن الخيارات والبدائل.