تلقف بعض قادة القوى السياسية الذين لم يحظوا بثقة الناخبين السودانيين عبارة المعايير الدولية للإنتخابات من أفواه بعض المراقبين الاجانب ليجعلوا منها مطيتهم للطعن فى شرعية الانتخابات و زعزعة الثقة فيها ، و على الرغم من أن أحد لم يقل حتى الآن – بما فى ذلك حزب المؤتمر الوطني نفسه- ان العملية الانتخابية جاءت كاملة و مبرأة من كل عيب ، إلا ان قادة القوى المعارضة المنهزمة التى استبقت النتيجة ،وجدوا ضالتهم فى الحديث عن عدم نزاهة الانتخابات و فقدانها المعايير الدولية . و الواقع أننا و بنظر متجرد وبعيداً عن تبني رؤية اى حزب نلاحظ غياب المسلك الحضاري – بالمعايير الدولية ايضاً – فى ممارسات القوى المعارضة التى لم تنل ثقة الناخبين ، إذ ان الذين أعلنوا عن عدم قبولهم بالنتيجة و إدعوا ان العملية لم تكن سليمة اطلقوا العنان لألسنتهم و تحدثوا أحاديث سياسية مرسلة وصلت الى ذهن الناخبين السودانيين تحت مفهوم (المغالطة) فقط ولم يأخذها الناخبون على اية محمل آخر لماذا ؟ لأنه لو كان هؤلاء المرشحين يمتلكون القدرة الكافية التى تجعلهم محل احترام الناخبين أولاً لأحكموا رقابتهم جيداً جداً على العملية و تفرغوا لها تفرغاً تاماً حتى يفوتوا الفرصة على اى شئ يحدث ينتقص من حقوقهم لأن صاحب الحق عليه ان يمشي خلفه و يحافظ عليه ، لا أن ينتظر الآخرون – مهما كانوا متجردين – للمحافظة على حقوقه . و ثانياً كان بوسعهم – فى ظل وجود نيابات خاصة و محاكم انشأت خصيصاً للعملية الانتخابية ان يبادروا للجوء اليها فى كل حالة يرون أنها تمثل خرقاً للعملية ، و من صلاحيات و سلطات المحاكم المنشأة لهذا الغرض الفصل الناجز فى الشكوي ، بسرعة شديدة و تصل سلطاتها الى حد وقف الاقتراع فى مركز من المراكز ، أو تجميد العلمية او اتخاذ أية تدابير تمنع وقوع الخروقات. و لم يقل لنا حتى الآن ولا نعتقد ان أحداً سيقول لنا انه قدم شكوي مدعمة بأدلة الى هذه الجهات العدلية مما يشير الى ان هؤلاء المحتجين او على الأصح المغالطين هم ايضاً من جانبهم لم يلتزموا بالمعايير الدولية فى سلوكهم ،وذلك ان وجود شكاوي مدعمة بأسانيد ،و مقدمة فى حينها و بجدية تامة كان كفيلاً بإعطاء هذه الاتهامات و المغالطات طابعاً جدياً جديراً بالاحترام و لعل ما تجاهله هؤلاء أنهم قللوا من الحس و الوعي السياسي العالي القدر الذى يتمتع به الناخب السوداني ، إذ من المستحيل تماماً على الناخبين السودانيين الاستماع الى انتقادات تلوكها الألسن فقط وليس لها وجود حقيق أمام منضدة العدل و حتى لو استمعوا اليها فهم لن يصدقوها و لو صدقوها – و هذا ما بات مستحيلاً – فإنهم غير مستعدين للتعامل مع أمر كهذا بأثر رجعي ، فالنسب التى ظهرت حتى الآن تشير الى قناعات الناخب السوداني و لا يجوز اذا كان هذا الناخب محترماً التشكيك فى قناعاته !