"من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس السوداني ل "الشرق": الحرب ردنا على ضم أبيي إلى الجنوب
نشر في سودان سفاري يوم 22 - 05 - 2011

يقف السودان على مشارف لحظة تاريخية حاسمة وحافلة بعشرات التساؤلات حول المصير والمستقبل والانعكاسات والتداعيات.. تساؤلات بحجم الهواجس والقلق من تاريخ لا يرحم ومن واقع ضاقت فيه الخيارات عندما غاب او تغيب الجار الشقيق الاكبر قسرا، فكان الخيار الصعب تجنبا للأصعب.. يقترب السودان من لحظة انفصال جنوبه عن شماله وساحته ترزح تحت وطأة اشكالات تنخر في جسد هذا الاقليم او ذاك فيما الوطن العربي تجتاحه ثورات التغيير من مشرقه حتى مغربه..
في هذه اللحظة الحاسمة جاء حوار الشرق مع فخامة الرئيس السوداني عمر حسن البشير، فكان حديثه شاملا وجريئا وصريحا وصادقا أماط فيه اللثام عن كثير من الامور التي تشغل بال المواطن السوداني وتستأثر باهتمام المواطن العربي.. لقد تحدث فخامته بلغة القائد المسؤول عن كل الامور بدون مواربة فكان الحوار تاريخيا بحجم اللحظة التاريخية في السودان.
يحدد الرئيس البشير 9 يوليو موعدا لمرحلة فاصلة سيدخلها السودان مع انفصال الجنوب واستقلاله عن الشمال بعد مائة عام من الوحدة.. وهو انفصال واقع لا محالة ولا تراجع عنه لكنه مكلف وله اثمان باهظة وابرزها خسارة عائدات النفط الجنوبي التي كانت رافدا مهما للاقتصاد الوطني، فضلا عن القضايا العالقة التي ما زالت قيد الحوار مثل ترسيم الحدود والعملة واقليم ابيي.
السودان هذه الايام منشغل — كما يقول الرئيس البشير — بتصفية تركة السودان القديم لانجاز عملية الانفصال وهي تركة ثقيلة قد لا تنتهي قبل موعد الانفصال، ولذلك ستستمر انطلاقا من حرص الشمال على دعم الجنوب بالامكانات والخبرات والحفاظ على افضل العلاقات معه.. لكن الرئيس يحذر من ان الامر سيأخذ منحى آخر فيما حاول الجنوب فرض امر واقع بشأن ابيي، مؤكدا رفضه لاي حل يقضي بضم ابيي الى الجنوب، معلنا استعداده لخوض حرب لاجل هذا الهدف.
اما احتمال ان يتحول الجنوب الى قاعدة للغرب واسرائيل، فان الرئيس البشير لايستبعده مطلقا، نصيحة وتحذير في ان واحد، فالنصيحة تقول ان مصلحة الجنوب في العلاقات الجيدة مع الشمال اما التحذير فهو ان الجنوب سيكون الخاسر الاكبر فيما لو تحول الى شوكة في خاصرة السودان.
لحظة الانفصال لم تحجب لهيب الثورات العربية في دول الجوار لكن الرئيس البشير يقول بثقة المدرك للواقع والمعطيات ان السودان ليس محصنا تحصينا تاما لكنه بعيد عن الثورات لانه قريب من نبض الشارع ومتاح للجماهير حرية التعبير وابداء الرأي استنادا الى الدستور الذي يكفل الحريات للاحزاب التي يفوق عددها 80 حزبا، مشيرا الى ان الشعب السوداني يعبر عن نفسه بحرية وقد شهد العالم بنزاهة الانتخابات التي جرت العام الماضي.
ويضيف الرئيس السوداني ان الاصلاح هدف دائم، حيث المشاورات تجري مع جميع القوى السياسية والاحزاب والعلماء والمفكرين لاعداد دستور دائم يعبر عن تطلعات وآمال الشعب السوداني.
ولعل أبرز مقومات الإصلاح هو التجديد في الحكم وتداول السلطة، ولذلك يعلن الرئيس البشير قراره النهائي بالعزوف عن الترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة، حيث ان 26 عاما في الحكم مدة اكثر مما يجب، كاشفا انه يدعم ترشيح احد الشباب لان السودان غني بالكوادر الشبابية المؤهلة للحكم.
واذ يعترف الرئيس البشير بوجود مشاكل اقتصادية جراء الازمة العالمية، يؤكد ان الدولة اعدت برنامجا للانقاذ ثلاثي الابعاد لمواجهة التداعيات الاقتصادية لانفصال الجنوب ابرز خطواته خفض الانفاق الحكومي بنسبة 30 % وزيادة الصادرات لتغطية العجز في الميزان التجاري.
وتترافق هذه الخطوات مع مبادرة طيبة لجذب المستثمرين لانعاش الحركة الاقتصادية، حيث اعلن الغاء وزارة الاستثمار وتشكيل مجلس اعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية.
ويتحدث الرئيس البشير بكثير من الفخر والاعتزاز على قدرة السودان على مكافحة الفساد معلنا تحديه لاي جهة تثبت ان هناك مسؤولا حكوميا مرتشيا، مشيرا الى ان السودان يمتاز عن غيره من الدول بوجود تشريعات ومؤسسات تحمي المال العام، حيث ان المراجع العام يقدم تقريره المالي سنويا للبرلمان.
وعندما يأتي الحديث الى ثورة 25 يناير المصرية والعلاقات مع مصر يتحدث الرئيس البشير بفخر كبير، لان التغيير في مصر لمصلحة السودان مائة بالمائة، خصوصا وان غياب مصر عن دورها المعهود قبل الثورة كان ابرز اسباب انفصال جنوب السودان. وذلك باعتبار ان الامن القومي السوداني يمثل الضمانة الاساسية للامن القومي المصري، مؤكدا ان العلاقات مع مصر تتقدم على علاقات السودان مع سائر الدول.
وأما التطورات في ليبيا فيرى فيها الرئيس البشير انها خففت كثيرا من المشاكل التي عانى منها السودان مبشرا بانعكاسات ايجابية للتغيير المرتقب في ليبيا. لكن ما يجري في اليمن يثير هواجسه محذرا من ضياع اليمن لانها ستتحول الى بؤرة عدم استقرار في المنطقة. اما التطورات السورية فقد اعلن فخامته ان وجه جملة نصائح للقيادة السورية اخذ بجزء ولم يؤخذ بالكثير منها، مؤكدا وجوب المضي بالاصلاح واتاحة الفرصة للمواطنين.
ولدى انتقال الحوار الى العلاقات القطرية - السودانية يصبح للحديث طعم آخر فهو الحديث عن اهل الدار حيث يغدق فخامة الرئيس عبارات التقدير والثناء لقطر اميرا وحكومة وشعبا، منوها بدورها الداعم للسودان ولسائر القضايا العربية.
الحوار مع الرئيس البشير كان بحق حوار اللحظة التاريخية وهذا نصه:
* فخامة الرئيس قبل ان نبدأ بالحوار نبارك لكم تدشين مشروع السجل المدني وهو ما يعد انجازا جديدا للسودان الشقيق.
نشكر لكم بداية هذا اللقاء.. السودان كما تعرفون يمتلك حدودا مفتوحة على كل الدول، وتداخلا قبليا قديما خاصة في غرب افريقيا حيث تجد كل القبائل لها وجود هناك، كون السودان كان في القديم يمثل طريق الحج، والكثير من هذه القبائل عندما تصل الى هناك تستقر في تلك المنطقة.
الآن حتى القوات الافريقية الموجودة بالسودان باتوا يشجعون اهلهم للهجرة الى السودان، فدارفور التي يتحدث العالم انها غير آمنة هي بالنسبة لهم آمنة جدا ويأتون باهلم للاستقرار بها، هذا الامر جعل اي شخص يأتي من غرب السودان يجد له اصولا في تلك المناطق، وقد يدعي انه مولود بالسودان، وقد يأتي بوثائق تثبت ان له اقارب وابناء عمومة، فوجود هذا السجل المدني مهم جدا.
نحن كانت لدينا مشكلة قبل انفصال الجنوب في ما يتعلق بالسجل المدني، لأن البطاقة العائلية تغلق لما الشخص يتوفى، لكن في الجنوب الشخص لا يموت، فاذا مات وهو طفل فانه عندما يصل سن الزواج يتم تزويجه واذا توفى زوجاته تورث لابنائه.. وهكذا، فمعنى ان الوفاة لا تغلق السجل المدني في الجنوب، الآن بالطبع انحلت بعد الانفصال.
السودان مع نبض الشارع
فخامة الرئيس.. تسارع الحديث في الوطن العربي خلال الاشهر الماضية عن الإصلاحات السياسية، وشهد العالم العربي ثورات في اكثر من دولة.. اين هو موقع السودان بالنسبة للاصلاحات السياسية؟
لو دققنا في كل دولة شهدت هذه الاحداث لوجدنا ان هناك اسبابا حقيقية لتحرك الشارع، وربما اهم عنصر هو بعد القيادة عن نبض الجماهير في كل شيء، سواء قضاياهم الداخلية او الاقليمية او الدولية، فالانفصام هو الذي خلق حالة من التذمر والغليان، وهنا اضرب مثالا بسيطا عندما حدثت احداث غزة والعدوان الاسرائيلي على غزة في نهاية 2008 كان الشارع العربي كله عنده موقف واحد وهو الوقوف الى جانب اهل غزة وتقديم الدعم لهم، لكن في المقابل الكثير من الانظمة العربية كان لديها موقف مغاير تماما لشعوبها، بدليل ان هذه الانظمة رفضت حتى عقد قمة للتشاور حول ما يدور في غزة، فهذا نموذج واحد لحالة الانفصام بين الشعوب والانظمة.
نحن في السودان ظللنا في تقييم مستمر كان آخرها الانتخابات التي جرت العام الماضي تحت رقابة دولية واقليمية ومحلية، والجميع اكد على نزاهتها وشفافيتها والحرية التي تمت خلالها، الشعب السوداني من المهم لديه التعبير عن نفسه، ويقول ما لديه.
اذن هل نستطيع القول ان السودان بمنأى عن هذه الثورات؟
لا يمكن القول ان السودان محصن تحصينا تاما، وبالمناسبة فان السودان اول من خرج شعبه لتغيير النظام وكان ذلك في اكتوبر 1964 حيث خرجت الجماهير وانحازت لها القوات المسلحة وتم تغيير النظام، وفي ابريل 1985 تكرر نفس المشهد، فالشعب السوداني عندما تكون هناك اسباب موضوعية للنزول الى الشارع يقوم بذلك.
نحن لا نقول اننا محصنون، لكن نحن نقول اننا لسنا بعيدين عن نبض الجماهير ومتاح امام الجميع التعبير عن آرائهم في مختلف وسائل الاعلام بالداخل والخارج ايجابا او سلبا تجاه الحكومة.. لدينا دستور يتيح الحريات ويكفلها للجميع، لدينا حرية تنظيم الاحزاب، حيث لدينا اكثر من 80 حزبا.
هل هي احزاب فاعلة ام مجرد ديكور؟
ليست جميعها فاعلة، عندما فتحنا باب تسجيل الاحزاب تم تسجيل العديد من الاحزاب، لكن عندما جاءت الانتخابات اتضح ان الكثير من هذه الاحزاب مجرد لافتات وليست احزابا حقيقية، لكن لديها عضوية ولها دورها وتملك حرية التعبير والتنظيم والانتخاب والمشاركة في كل المجالات.
مرحلة جديدة
في ما يتعلق بالاصلاحات السياسية فخامة الرئيس.. الى اين وصلت هذه الاصلاحات؟.. هل هناك اصلاحات جديدة تعتزمون القيام بها خلال المرحلة المقبلة؟
نحن داخلون مرحلة جديدة بعد 9 يوليو القادم وهو الموعد المحدد لقيام دولة الجنوب، وهي مرحلة جديدة بعد الانفصال..، ثم اننا الآن نحن في حوار مع القوى السياسية، والاصلاح يبدأ بالدستور، حيث سيتم التشاور مع هذه القوى حول الدستور الدائم للسودان خلال المرحلة المقبلة بعد 9 يوليو، وهذا ستشارك فيه كل القوى السياسية او القوى المجتمعية، بمعنى ليس بالضرورة ان يكونوا بالاحزاب، لان الحكومة عريضة جدا وهناك اشخاص مؤثرون بالساحة، وهناك العلماء والمفكرون واساتذة الجامعات ليسوا بالضرورة منتمين للاحزاب.. هذا التشاور سينتج عنه اعداد دستور يعبر عن تطلعات وآمال الشعب السوداني، هذا بداية الاصلاح.
تصفية تركة السودان
كيف تسير خطوات استحقاق الانفصال؟
العمل الاساسي تم وهو الاستفتاء، وخرجت النتيجة وقبلنا بها، واصبح الامر واقعا، وفي 9 يوليو ستنشأ دولة في جنوب السودان، الفترة التي نحن بها الآن هي الفترة التي يمكن وصفها بأنها فترة تصفية تركة السودان القديم، فليس كل القضايا وصلنا فيها الى حل، فهناك قضايا معلقة جار الحوار حولها مثل قضية ابيي وترسيم الحدود والقضايا الاقتصادية في ما يخص العملة والبترول وقضايا الجنسية.. وغيرها من القضايا المعلقة، وهناك لجان مشتركة تتحاور حول هذه القضايا، وسيستمر الحوار وما يتم الاتفاق عليه سيتم تطبيقه وما لم يتم الاتفاق عليه سيتم الاستمرار في الحوار بشأنه.
وماذا اذا ما حاولت الحركة الشعبية فرض امر واقع حيال بعض القضايا المختلف بشأنها مثل قضية ابيي؟
العودة للحرب
هذا معناه العودة للحرب، فنحن لن نقبل فرض امر واقع، ونحن اعلنا انه اذا حاولوا فرض امر واقع في ابيي مثلا والادعاء بقرار منهم انها جنوبية، ونحن قررنا انها شمالية الى ان يتم حسمها عن طريق الاتفاق بين الطرفين.
وفي حال عدم التوصل الى اتفاق؟
ستظل شمالية لانها هي اصلا جزء من الشمال، فالحدود بين الدولتين هي حدود 1/1/1956، والمكان الوحيد الذي فيه تغيير هو منطقة ابيي، فلابد ان يتم الاتفاق وحل بالتراضي بين الطرفين ونرفض اي حل يضم ابيي الى جنوب السودان غير ذلك.
نصيحة لأهل الجنوب
البعض يرى ان الجنوب قد تكون شوكة في خاصرة السودان، او انها تتحول الى قاعدة اسرائيلية.. في حال حدوث مثل هذا الامر كيف سيكون التعامل مع هذه الدولة؟
نحن ننصح اخواننا في الجنوب بانه مصلحتهم في علاقات مع الشمال، فالترابط الموجود بين الطرفين لا يوجد بين اي دولتين اخريين، فنحن كنا دولة واحدة لاكثر من 100 عام والآن اصبحنا دولتين، نشترك في اطول حدود، واكبر تداخل اجتماعي قبلي واقتصادي هو بين الطرفين، واي توتر في هذه العلاقة سيخسر الطرفان، والجنوب سيكون الخاسر الاكبر، فمصدر الدخل في الجنوب هو البترول، وهذا البترول لابد ان يمر عبر شمال السودان، واي محاولة لنقله عبر اثيوبيا الى جيبوتي او كينيا، فان عملية النقل ستكون مكلفة جدا، لان الضخ سيكون لاعلى، بينما هو العكس باتجاه الشمال حيث سيكون باتجاه انسياب المياه، فالمياه تأتي من الجنوب نحو الشمال، وبالتالي فان الانحدار الطبيعي هو شمالا، وبالتالي ستكون اقل تكلفة، كما ان بناء المنشآت اللازمة سيكون على حساب الدولة، فشركات البترول لن تتحمل التكلفة، وبمجرد ان يكون هناك انتاج تجاري تكون التكلفة بالكامل على الدولة، والجنوبيون حتى يشيدوا منشآت ستكون بتكلفة عالية جدا، وعملية الضخ اليومي ستكون بتكلفة اعلى، والبترول كما نعلم هو ثروة ناضبة قد يكون ما تبقى من البترول لا يكفي تكلفة المنشآت.
لكن قد يجدون دعما غربيا امريكيا فخامة الرئيس؟
ليس هناك دعم لوجه الله ودون مقابل، فالدعم سيكون له ثمن.
قاعدة مناهضة للشمال
المقابل استخدام الجنوب كقاعدة لتحركات الدول الداعمة بالمنطقة؟
احتمال وارد وكبير جدا، واحتمال دفع فواتير، نحن لا ننسى ان التمرد في الجنوب منذ بدايته كان مدعوما تماما من الغرب، دفعت فيه اموالا طائلة جدا، وجد دعما سياسيا وعسكريا قويا، وبالطبع هذا ليس لوجه الله، انما هي فواتير في النهاية تدفع، وفي الغالب فان هذه الفواتير لن تكون في صالحنا نحن في الشمال، فاحتمال استخدام الجنوب كقاعدة لخلق مشاكل للشمال وارد، لكن بنفس القدر الجنوب سيكون خاسرا ايضا.
اذا ما تم التوقيع على اتفاقيات تمثل اضرارا بالامن القومي السوداني بين دولة الجنوب سواء مع دول غربية او دول جوار او اي اطراف اخرى.. ما هو موقفكم في هذه الحالة؟
نحن موقفنا الثابت هو اقامة علاقات حميمية بين الطرفين، علاقات تعاون، موقفنا الثابت ان كل امكانياتنا سنسخرها لدعم اخواننا لاقامة دولتهم بالجنوب، لان نعرف انهم بحاجة الى دعم كبير جدا، خاصة دعم فني وخبرات في بناء دولة، لانه لا توجد دولة حاليا بالجنوب، فالحرب عطلت اي تنمية في الجنوب، وهذه الحرب بدأت عام 1955 اي قبل الاستقلال، واستمرت لمدة 17 عاما، وتوقفت لمدة 10 سنوات ولم تحدث خلالها تنمية حقيقية في هذه الفترة، ثم بدأت الحرب بصورة اعنف من الحرب الاولى لانها جاءت بامكانيات وتسليح اكبر واخطر، وبالتالي فان الجنوب بحاجة الى الاستقرار ومال ودعم فني وخبرات لبناء دولته، ونحن في الشمال الاقرب والاعرف باوضاع الجنوب وعلى اتم الاستعداد لدعم اخواننا في الجنوب.
انتخابات كردفان
اتهمتكم الحركة الشعبية مؤخرا بالتزوير في انتخابات جنوب كردفان.. ما تعليقكم على ذلك؟
اولا هذه الانتخابات جرت تحت رقابة اقليمية ودولية ومحلية، ثم انها تديرها مفوضية مستقلة، ليس للحكومة او وزارة الداخلية اي دخل فيها ولا تديرها، وشارك في تكوين هذه المفوضية كل القوى السياسية الموجودة بالساحة وهي التي تديرها.
ولغاية ما تم الفرز على مستوى الدوائر والمراكز الخاصة بالاقتراع فان مراقبي الحركة انفسهم وقعوا على النتائج، ولما ظهرت النتيجة الكلية ان المؤتمر الوطني هو الفائز قالوا انها مزورة، لكن كل النتائج الاولية والفرز الذي تم على مستوى المراكز ممثلو الحركة وقعوا عليه، والعملية الاخيرة التي تمت ما هي الا تجميع للاصوات من الدوائر المختلفة، وهذه عملية تخص المفوضية فقط، وما كان مطلوبا اصلا حضور ممثلي الاطراف، لانها نتائج سبق ان وقعوا عليها بعد ان شاهدوها، وكون عملية الجمع النهائية اثبتت ان المؤتمر الوطني هو الفائز فان ذلك يمثل سلاح الخاسر دائما.
لا اعتراف بالمحكمة الجنائية
لكن فخامة الرئيس ربما البعض وضع علامة استفهام على قيام حزب المؤتمر الوطني بطرح احمد محمد هارون كمرشح وهو المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية.. فهل هو تحد للمحكمة؟
نحن اصلا غير معترفين بمحكمة الجنايات الدولية، وبالتالي اعمالها لا تسري علينا، وتعرف ان رئيس الجمهورية نفسه مطلوب للمحاكمة.
احمد هارون من الكوادر والطاقات العاملة، وكان واليا لهذه الولاية، اقنع مواطني الولاية من خلال عمله وانجازاته، وكانت فترة ولايته تعد اكبر فترة حدث فيها استقرار وتنمية ضخمة جدا، وبالتالي فان احمد هارون قدم بناء على رغبة المواطنين.
الرئيس مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية.. هل هناك من جديد في هذه القضية؟
القضية هي سياسية، ومدعي المحكمة الجنائية واضح انه ليس قانونيا ولا مدعيا، انما هو ناشط سياسي، لانه يتنقل بين الدول ويعمل الندوات ويسافر لتعبئة الدول الافريقية وغيرها من الدول ضد السودان ورئيس السودان، وهذا ليس عمل المدعي، عمل المدعي داخل المحكمة، هو ناشط سياسي ومتحرك في الاعلام ويعقد الندوات والمؤتمرات الصحفية...
الم يحدث في الفترة الاخيرة اي تواصل مع المحكمة؟
المصدر: الشرق القطرية 22/5/2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.