ربما كانت احدي تكتيكات الحركة بشأن أبيي هو تدويل الأزمة وإعطاؤها طابعاً دولياً. هذه الآن بالفعل ما حدث – ولكن ماذا بعد أن تم التدويل كيف يمكن أن يتصرف مجلس الأمن وما هي الحيثيات السلمية لما قد يفعله؟ الواقع ان مجلس الأمن الدولي لا يملك – قانوناً- اتخاذ أي خطوة أو قرار تتجاوز بروتوكول أبيي 2004 واتفاقية السلام الشامل. ولكي لا يدخل الكل في مغالطة فان الجيش السوداني انتشر في أرض سودانية بغض النظر عن كونها شمالية أو جنوبية . كما أن الجيش السوداني وفقاً لبنود البروتوكول والاتفاقية له الحق في هذا الانتشار ضبطاً للأمن وترسيخاً للاستقرار. ربما كان الجيش السوداني سيكون مخالفاً للاتفاقية لو أنه أعلن رسمياً ضمه للمنطقة الي الشمال السوداني متجاوزاً فرضية النزاع الدائر حولها وحاسماً للنزاع بهذا التصرف. ولكنه أيان بجلاء أنه تصرف وفقاً لمسئولياته لمقتضيات حفظ الأمن وهو بهذه المثابة ينتظر التوصل الي حل ينهي النزاع – بمعني أن وجوده هناك ليس لأغراض الضم وحسم النزاع بقدر ما هو وجود للمحافظة علي الأمن لهذا فان مجلس الأمن – في مثل حالة كهذي – لا يملك الحق في غل يد الجيش السوداني من بسط سلطانه علي منطقة حدثت فيها تجاوزات أمنية من الطرف الأخر خلو أن الطرف الأخر كان سليم النية ومتحلي بالمسئولية لما غامر بإشعال الحرب والغدر بالطرف الذي ينازعه فيها. وفوق كل ذلك فان كان الأمر يتعلق بلوم طرف, فان الطرف الملام هو الحركة الشعبية اذ أن هذه ليست هي المرة الاولي والوحيدة التي تخرق فيها البروتكول الأمني والاتفاقية في أبيي وتعتدي علي المنطقة من دون وجه حق – لقد تكرر هذا الأمر لثلاث مرات . وهي مؤشرات كافية علي أن الحركة (غير مؤتمنة) بحال من الأحوال علي أمن المنطقة ومن ثم فهي أسس البلاء في المنطقة. من جانب أخر فان مجلس الأمن كذلك لا يستطيع التدخل – عبر قوات تحت الفصل السابع في المنطقة – لأن الأرض أرض سودانية مهما كان حجم النزاع حولها. المجلس كان من الممكن ن يتدخل لو أن النزاع نشب – أساساً – بين دولتين, ولكنه نزاع نشب – من أصله- داخل دولة واحدة ولا عبرة بعد ذلك بما اذا كانت هذه الدولة الواحدة انقسمت لدولتين. مجلس الأمن أيضاً لا يملك الحق في تجاوز آلية الاستفتاء باعتبارها الآلية الوحيدة التي أقرتها الاتفاقية لحسم أنزاع في المنطقة فالشمال لم يأخذ المنطقة من يد الجنوب. المنطقة أصلاً في الشمال وادعي الجنوب أنها تابعة له وارتضي الشمال- ضمن مفاوضات السلام – إجراء استفتاء فيها لتحديد تبعيتها ولهذا لا مجال للقول ان المنطقة مستولي عليها بواسطة الشمال هي أصلاً تحت يده والمطلوب فقط إجراء استفتاء فيها. لكل ذلك فان مجلس الأمن – وفقاً للقانون الدولي وميثاق المنظمة الدولية – لا يملك الحق في أي تدخل خارج هذه الأطر المحدودة.