لا يختلف اثنان مطلقاً على أن أهم نقطة ارتكاز محورية ارتكز عليها الاتفاق الذي تم بين الوطني والحركة في أديس أبابا – الاثنين الماضي – بواسطة من الرئيس أمبيكي بشان منطقة أبيي هو الأقدار – مبدئياً أن أبيي شمالية. هذا الأقدار بالطبع لم يتم اصطناعه أو خلقه في أديس ولكن كانت الأزمة طوال الفترة الماضية تعمل على طمر ودفن هذه الحقيقة مع أنها هي أصلاً الحقيقة التي قام عليها بروتوكول ابيي في العام 2004 أن أبيي منطقة شمالية تابعة لكردفان ويجري فيها استفتاء لتحديد تبعيتها النهائية برغبة أهلها. ولعل أسطع دليل على ذلك أن ابيي ظلت طوال فترة الانتقال وستظل الى حين التوصل إلى تسوية نهائية تابعة لرئاسة الجمهورية. لعل إيضاح هذه النقطة المهمة المحورية هو خير مدخل لقراءة اتفاق أديس المشار إليه فالاتفاق نص على خمس نقاط أساسية هي: شمالية أبيي أي إنها تتبع لشمال السودان حالياً قبل تقرير مصيرها. وانسحاب قوات الطرفين منها وإحلال قوات إثيوبية تستمد تفويضها من الاتفاق نفسه وليس من الأممالمتحدة، وجعل المنطقة منزوعة السلاح، ثم تشكيل إدارية – يتفق عليها الطرفان – كل منهما بعضوين لإدارة المنطقة لحين تحديد مصيرها أو تسوية الأزمة بشأنها. هذه النقاط الخمس التي وردت في الاتفاق والذي قالت وكالات الأنباء أن مجلس الأمن قد أقره ورحب به ورحبت به أيضاً القوى الدولية الكبرى هو في الواقع إقرار لحقائق الواقع، فمنطقة أبيي – في الأصل تقع ضمن حدود شمال السودان وتتبع له وهذا يفسر – قانونياً ودستورياً – لماذا بسيط الجيش في 19 مايو الماضي – سيطرته على المنطقة بعد محاولة الجيش الشعبي فرض واقع جديد. أن هذه الحقيقة ضرورية لأنها تحرر النزاع وتضع أساساً لكيفية النظر إلى أصل النزاع ومن ثم كيفية مواجهة فقد ضللت الحركة الشعبية الرأي العام طوال الفترة الماضية بادعائها أن أبيي جنوبية وجري إلحاقها بالشمال !! كانت هذه إستراتيجية دعائية انتهجتها الحركة لتدويل الأزمة وتحسين موقفها. أما فيما يتعلق بالقوات الأثيوبية فان النص على أنها تستمد تفويضها من الاتفاق وحده دون سواه أمر بالغ الأهمية فالاتفاق هو مرجعية – وجود وبقاء أو ذهاب هذه القوات حتى لا تصبح مثل اليونيميس يثور الجدل بشان بقائها من عدمه. وغني عن القول أن تشكيل إدارية جديدة ونزع سلاح المنطقة يساعدان في تهيئة الأجواء المناسبة لإجراء الاستفتاء التي لابد من إجرائها وفاءً للاتفاقية. وهكذا يمكن يمكن القول أن اتفاق أديس هذا – بالنقاط التي وضعها فوق الحروف – مهد الطريق باتجاه الحل النهائي وأماط اللثام عن الحقائق الأساسية المهمة لإدارة الصراع والأزمة على ضوء من الوقائع المتفق عليها ولهذا فان مؤشرات الحل تبدو أكثر اقتراباً وليس من المستبعد في هذا الصدد ان يتوصل الطرفان إلى حل نهائي انطلاقاً من هذا الحل المبدئي !