كل المؤشرات وقرائن الأحوال تمضي نحو ترتيبات جديدة خاصة بوضعية آبيي المتنازع عليها وربما اتفاق جديد حسب توقعات العديد من المتابعين لتطورات الأحداث في المنطقة . والناظر لما يدور في الساحة السياسية يلحظ حراكا محموما ومتسارعا نحو هذه العقبة الكؤود التي استنادا الي إيقاع زمن الفترة الانتقالية يجب ان تحدث تسوية بشأنها قبل حلول التاسع من يوليو المقبل حيث يصبح ما للشمال للشمال وما للجنوب للجنوب بعد نتائج استفتاء الجنوب الأخيرة ولم يستبعد المراقبون حدوث اختراق ايجابي لهذا الملف الذي تتضح أوراقه عدة جهات إقليمية ودولية هذه الأيام بل انه علي المستوي المحلي ومنذ الأحداث الأخيرة التي أدت لاستقرار الجيش في المنطقة بدأت مشاورات سياسية وأهلية قد تمتد لمشاورات في مؤسسة الرئاسة وبالرغم من تعنت الحركة الشعبية وإصرارها علي ان آبيي جزء من الجنوب وفقا لتقرير الخبراء وتحكيم لاهاي من جهة وتمسك المسيرية بان آبيي شمالية ولا مجال في ذلك للنقاش او المساومة من جهة أخري إلا ان هذا الحراك الذي حرك جمود هذا الملف قد يحمل فرصا قوية لإحداث تفاعل ايجابي بين طرفي النزاع في الجانب السياسي والعسكري . ويشير مسؤول ملف آبيي في المؤتمر الوطني الدرديري محمد احمد الي احترام حزبه لاتفاقية السلام الشامل وبروتوكول آبيي لكنه أكد ان آبيي شمالية الي ان يقرر سكانها الأصليون في الاستفتاء الخاص بمصيرها غير ذلك باختيارهم البقاء في الشمال او الانضمام للجنوب ،وتأتي زيارة نائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار وقادة الجيش الشعبي للخرطوم التي بدأت أمس لتؤكد ان المشاورات في آبيي حول تطورات الأوضاع الأمنية قد بلغت مرحلة متقدمة اذا تم فيها التفاوض بعين ثاقبة وافق استراتيجي يراعي مصلحة الشمال والجنوب يمكن ان تؤدي الي انفراج كبير في الأزمة ولكن التسوية السياسية المحتملة قد لا تلبي طموح أبناء المسيرية الذين هم في الأصل رافضين لمبدأ الاستفتاء والتداول حول القضية سواء من جانب السياسيين أو الوسطاء أو مجلس الأمن فهم يعتبرونها حقا تاريخيا أصيلا مسنودا بالوثائق والمستندات والواقع علي الأرض وهنا تبرز تعقيدات هذا الملف . ويري النائب البرلماني المستقل عن دوائر جنوب دارفور عماد بشري ان عدم التزام أي من الطرفين ببروتوكول آبيي والاتفاقية المتعلقة بالمنطقة وتحكيم لاهاي سيقود لمزيد من التوتر ويشير الي ان لجنة الخبراء ولجنة تحكيم لاهاي فشلتا في إيجاد حل جذري مقبول للطرفين لذلك من الأجدي فتح الحوار حولها من جديد ولكن قبل هذا الحوار يجب حسم جدلية حق التصويت للمسيرية في استفتاء آبيي وهو ينظر الي اتخاذ الصفقة كمساومة سياسية بين الشريكين باعتباره وقودا للحرب التي يجب ان تكون الخيار الأبعد والمرفوض للطرفين أيا كانت نتائج الحوار والمشاورات . اللواء معاش محمد مركزو كوكو رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني بدا متفائلا للحوار الذي يجري بين الشريكين حاليا وقال في حديثه ل(التيار ):الحكومة منذ وقت بعيد أكدت عدم ممانعتها للحوار ،وصحيح ان القوات المسلحة دخلت المنطقة ولكن لأجل حسم التفلتات لذلك فانا اعتقد ان الحكومة تسعي لترتيبات جديدة وأتوقع ان تكون نتائج الحوار حلا مرضيا لكافة الأطراف لان هناك مرونة واضحة ورغبة في تسوية هذا الملف . عموما فان لم تكن نتائج الحوار المرتقب قد بدت ماثلة بالتفاصيل الحقيقية لأنه لم يبدأ بعد لكن مبدأ الجلوس في طاولة التفاوض بين القيادات السياسية ممثلة في نائبي رئيس الجمهورية وحكومة الجنوب من جهة وبين القيادات العسكرية للجانبين من جهة أخري والنظر في المقترحات التي دفعت بها جهات دولية ووساطة افريقية يعتبر مؤشرا لانفراج قادم ورغبة في تجاوز مطبات هذه القضية العصية .. نقلا عن صحيفة التيار بتاريخ :30/5/2011