تحليل سياسي ما من شك أن ما يجري الآن فى ولاية جنوب كردفان من تصعيد خطير تقوم به الحركة الشعبية ليس من مصلحتها فى المقام الأول . قد تعتقد الحركة الشعبية – بحساباتها الخاصة – أنها (مسنودة دولياً) وقد تعتقد أنها أصبحت تدير دولة جديدة وليس ضرورياً أن تضع اعتباراً للدولة الأم. كل ذلك قد يكون الدافع وراء هذا التصعيد، و لكن قادة الحركة فى ولاية جنوب كردفان يرتكبون أخطاء إستراتيجية فادحة بهذا التصعيد فقد (فات عليهم) أنهم يحملون سلاحاً غير مشروع داخل دولة الشمال ، وان الحركة كحزب لا تملك الحق فى حمل السلاح دعك من توجيهه لأهداف واستهدافها لقادة ومسئولين. إن هذا الذي وقع فى كادوقلي – الثلاثاء – هو عمل إجرامي مخالف للقانون و ليس صحيحاً انها حرب بين طرفين تتم تهدئتها وتسوية أسبابها و معالجتها . هو عمل إجرامي مخالف للقانون سوف يدفع السلطات الحكومية المسئولة للقيام بحملة واسعة النطاق – مسنودة بقوة القانون – لجمع السلاح ومنع وحظر حمله أياً كانت الجهة التى يتبع لها حامل السلاح خارج اطر القوات النظامية المعروفة. و بالمقابل فان الحركة الشعبية فى جنوب السودان – حتى قبل الإعلان عن ميلاد الدولة رسمياً وانتهاء أجل الفترة الانتقالية فى التاسع من يوليو 2011 لا تملك الحق فى أن تتدخل فيما يجري فى جنوب كردفان و ذلك – و ببساطة شديدة جداً – لأن بنود الترتيبات الأمنية الواردة فى صلب اتفاقية نيفاشا 2005 تلزم الحركة الشعبية بسحب قواتها جنوب حدود 1956 خلال عامين وقد انقضت العامين و من ثم تصبح اى قوات موجودة الآن تحت مسمي الجيش الشعبي أو اى مسمي آخر خارج اطر القوات النظامية هى قوات غير شرعية ولا يجوز لها حمل السلاح و من حق السلطات الحكومية المسئولة بالولاية تجريدها من السلاح سلماً أو عنفاً لأن القانون الجنائي السوداني و قانون الأسلحة والذخيرة يكفلان للسلطات الحكومية هذا الحق . إن من الخطأ بمكان القول ان الحركة الشعبية تحارب الشمال ؛الصحيح أن مليشيات تابعة للحركة الشعبية ترتكب مخالفات صريحة للقانون وتهدد استقرار الشمال دون مبرر و لهذا فان الأمر من المفترض أن تجري معالجته فى اطار قانوني وتفعيل لهيبة الدولة و لعل أسطع دليل على ذلك أن والي النيل الأزرق مالك عقار سارع على الفور و بمجرد وقوع هذه الأحداث للتصريح بأن أحداث جنوب كردفان لن تمتد الى النيل الازرق و تعهد عقار بعدم العودة للحرب قائلاً: طالما أنا موجود فى هذا البلد - يعني الولاية - فلن تطلق رصاصة واحدة. وأضاف و سأكون ضد من يطلق الرصاص حتى ولو كان من الجيش الشعبي ؛ بل إن عقار قال انه على استعداد للتفاوض مع الحكومة المركزية والتوسط لمعالجة ما يجري فى جنوب كردفان! ألا يكفي هذا دليلاً على خطأ الحركة الفادح فى جنوب كردفان؟